موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
بعد أكثر من عامٍ من الصراع مع وباء كورونا واستمرار الحظر والتقييد على الحياة الاقتصادية والاجتماعية في اغلب دول العالم، وبالأخص مع ظهور تحورات جديدة للفيروس سببت موجات جديدة من الانتشار، فان هناك بوادر أمل ظهرت في الأفق مع صدور بعض الإحصائيات التي تبشر باحتمال اقتراب السيطرة على الوباء والحد من انتشاره.
فالإحصائيات الصادرة هذا الأسبوع لأعداد الاصابات اليومية والأسبوعية في الدول التي سبقت في عملية التطعيم، مثل بريطانيا والولايات المتحدة، تشير بشكل واضح الى أن اعداد الاصابات انخفضت بشكلٍ ملموس، حيث دلت احصائيات الولايات المتحدة على اصابات اقل بنسبة 69% مقارنة مع شهر يناير الماضي، وبنسبة 29% مقارنة مع الأسبوع الماضي، واحصائيات بريطانيا دلت على هبوط مماثل خلال الشهرين الاخيرين منذ بدء التطعيم، وهناك نسب مماثلة في اليابان وغيرها.
وعلى الرغم من امكانية تعدد الاسباب وراء هذا الهبوط في الإصابات، فانه يعطي بصيصاً من الأمل وسبباً للإيجابية وإلى امكانية السيطرة على الوباء مع قدوم الصيف والبدء بالتفكير في عالم ما بعد الكورونا.
لو افترضنا بدء التعافي الصحي بعد منتصف هذا العام، فكيف يكون في باقي القطاعات؟
ولمحدودية المساحة المتاحة، أتطرق هذا الأسبوع بايجاز الى اول القطاعات الثلاثة المهمة: الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية، على أن اعود إلى القطاعات الاخرى في مقالات لاحقة.
من المتفق عليه أن التعافي الاقتصادي هو الأصعب، فبحسب دراسات للمنظمات الدولية، كالبنك الدولي، فلقد فقد ما يزيد على 250 مليون شخص وظائفهم وافلست آلاف الشركات منذ بدء الوباء، وكذلك ازدادت الديون الحكومية والخاصة في جميع انحاء العالم متجاوزة جميع الخطوط الحمراء التقليدية لما قبل الوباء، بالإضافة إلى تسجيل جميع دول العالم باستثناء الصين انكماشاً اقتصادياً تجاوز 10% في الكثير من الحالات، وكانت الشركات الصغيرة والمتوسطة الضحية الاكبر للوباء، على الرغم من تقديم بعض الدول مساعدات كبيرة لإبقائها على قيد الحياة.
تشير التوقعات الاقتصادية إلى أنه سوف يكون هناك معدلات نمو سريعة في الفترة الاولى بعد فك القيود، وهي فترة ما يسمى بالارتداد الاقتصادي. وعلى الرغم من اهمية هذه الفترة فانها لا تعني تعافياً حقيقياً، حيث ان العودة إلى مستويات نمو مستدامة سوف تحتاج إلى ما لا يقل عن خمس سنوات، حسب الكثير من المحللين الاقتصاديين، ومن المتوقع ان يكون هناك الكثير من المعاناة والصعوبات، خاصة في الدول النامية وتلك ذات الاقتصادات الهشة.
ومن أكثر ما سوف يميز الفترة القادمة هو التفاوت الكبير في النمو الاقتصادي بين الدول، مما سيزيد الفجوة بينها ويعيد العالم الى مستويات قديمة من غياب التنسيق والتعاون.
وعليه، فعلى المؤسسات الدولية ان تبدأ من الآن بإعداد خطط للمساعدة في دعم الدول الأكثر تأثراً والضعيفة اقتصادياً وغير القادرة ذاتياً على التعافي اقتصادياً، وإلا سوف يعاني العالم والدول المتقدمة بالتحديد من موجات جديدة من الهجرة بطريقة لم ترها من قبل في زمن السلم.
(القبس الكويتية)