موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٢ مارس / آذار ٢٠٢٢

في سبسطية كان الشهداء وكانت الشهادة

الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط

الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط

د. ميشال عبس :

 

قصة شهداء سبسطية تشكل احدى نماذج انتصار المجرد من القوة على الأقوى.

 

أربعون كانوا في اعلان انتماءهم الى عقيدة السيد المتجسد، وتهافتوا على الصمود فالشهادة. وعندما وهن أحدهم، ونال نصيب الخانعين، التحق بهم من لم تردعه قساوة الطغاة.

 

شهادة الأربعين في سبسطية ليست الا غيضا من فيض ملاحم الايمان والشجاعة والتضحية. هؤولاء قضوا بردا على الثلج وغيرهم قضى بين انياب الضواري وغيرهم قضى حرقا او ذبحا او تقطيعاً والقائمة تطول.

 

المؤمن الحق يتمتع بعزيمة ماضية وصلابة انتماء لا يؤثر فيها لا الترغيب ولا الترهيب.

 

المؤمن الحق لا يترك عقيدته وايمانه واخلاقه كي ينقذ جسدا باليا لا قيمة له.

 

المؤمن الحق لا يعتذر عن وجوده ولا عن ايمانه.

 

المؤمن الحق حقيقة تفرض نفسها على هذا الوجود.

 

المؤمن الحق منارة تنير درب الانسانية.

 

الى مزبلة التاريخ يُرَحَّل الطغاة والمستبدون.

 

اما الشرفاء والشهداء وأصحاب الايمان الذي لا يتزعزع، فهم تاج على رأس التاريخ الانساني. هم يزينون ماضي البشرية ويلهمون مستقبلها.

 

الطغاة الذين لا يتورعون عن الفتك بمن لا يذهب مذهبهم، قضوا بنفس الطريقة التي بها فتكوا بضحاياهم... لا بل اسوأ.

 

بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين وبالمكيال الذي تكيلون به يكال لكم.

 

هذه ليست بشماتة، انما عبرة تؤخذ من التاريخ.

 

الراسخون في ايمانهم قد زلزلوا الارض وقالوا لهذا الجبل انتقل، فأنتقل.

 

الراسخون في ايمانهم خميرة صلاح تتمدد في عمق المجتمع، فتغيره.

 

الراسخون في الايمان مدرسة وقدوة تلهم اجيالا قد ولدت واخرى لم تولد بعد.

 

الشهداء انتصار للحق على الباطل في معترك الحق الانساني بإلهام إلهي.

 

الشهداء هم الدليل الساطع ان الايمان الحق لا يعرف التراجع.

 

الشهداء هم الذين بدمهم واوجاعهم وارواحهم قد عبّدوا درب الملكوت.

 

نحن ابناء الرجاء، ابناء القيامة، ليس هناك ما يردعنا عن البر بمعتقدنا.

 

نحن ابناء الرجاء، ابناء القيامة، نعرف حق اليقين ان مملكتنا ليست من هذا العالم ونحن مترفعون عن صغائره.

 

نحن ابناء الرجاء، ابناء القيامة، ليس للخوف مكان في معجمنا.

 

أيظن احد انه بعد الجلد والصلب والنزيف على درب الجلجلة وعلى الصليب والطعن بالحربة وشرب الخل ومن ثم القيامة، ان هناك ما يخيفنا؟!

 

نحن ابناء الحياة، المنتصرون على الفناء كما المتجسد الذي غفر. الغفران امضى عناصر قوتنا. هو يتفرع من المحبة.

 

نحن ابناء الحياة الذين نحب اعداءنا ونبارك لاعنينا ونحسن لمن اساء الينا.

 

يقينا ان شهداء سبسطية كانوا يغفرون لمن رماهم في مستنقع التعذيب.

 

لماذا؟

 

لان لا مكان لغير المحبة والغفران في قلوبهم وعقولهم ونفوسهم.

 

شهداء سبسطية، ايقونتكم موجعة ومفرحة في ݴن.

 

موجعة لان اجسادكم قد تعرضت لاقسى انواع التعذيب.

 

ومفرحة لانها الشاهد على صلابة الايمان وغلبته على الحقد.

 

اليست هذه حال شهداء عقيدة المتجسد العصي على العدم؟