موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٤ يناير / كانون الثاني ٢٠٢١

روح وجسد لبث الأمل والطمأنينة

تهاني روحي

تهاني روحي

تهاني روحي :

 

كيف يمكن بث الأمل والطمأنينة للفئات الهشة في ظل جائحة كورونا؟ وما هو دور رجال الدين ومنظمات المجتمع المدني والاعلام والاختصاصيين الاجتماعيين والناشطين المجتمعيين في ترسيخ هذا الأمل في ظل اليأس المستشري في النفوس؟ والحث على التكافل الاجتماعي في وقت تلاشت فيه هذه القيم المجتمعية بسبب انشغالاتنا المستمرة.

 

وقد استمعت لحلقات من برنامج ( روح وجسد) والذي يبث على راديو البلد وهو الراديو المجتمعي الذي يبث برامج هادفة باستمرار. وعودة للروح والجسد والذي اختارته المعدة والمذيعة الاستاذة تغريد الدغمي بعناية، بحيث لم تتطرق أي جهة اعلامية لهذا الجانب من التكامل المادي والروحاني. وبالفعل كان برنامجا موفقا للغاية وقد يكون الأول في القاء الضوء على تلك الفئات الهشة والتي تأثرت بشكل كبير في جائحة كورونا من الناحية النفسية قبل الجسدية، حيث سلطت الضوء على فئة كبار السن واللاجئين السوريين تحديدا.

 

وقد شدد عدد من رجال الدين الذين تمت استضافتهم في الحلقات على دورهم في تسليط الضوء على الخصال الأخلاقية المصاحبة لجائحة كورونا وخاصة فيما يتعلق ببث الأمل والطمأنينة في النفوس، كما أقرت الاعلاميات اللاتي استضافتهن المذيعة بأن الاعلام مقصر في التغطيات الصحفية وأنسنة الأرقام اليومية للاصابات والوفيات الجامدة وتحويلها لقصص انسانية وبث الوعي والأمل بدلا من الهلع والمبالغة. بالاضافة الى دور الاختصاصيين الاجتماعيين والناشطين في توجيه رسائل دعم معنوي لكبار السن الذين يشاهدون الأرقام المرعبة من التلفاز وكأن الرسائل توجه اليهم بأن هذا الفيروس اللعين لن يقضي على حياتهم فحسب، بل يحرمهم من زيارة ومصافحة الأبناء والأحفاد وحتى الأقرباء ابتعدوا عنهم وتركوهم وحيدين في المنزل بحجة الخوف عليهم من الاصابة بالمرض. ناهيك عن اللاجئين السوريين فهم يعانون من قلق مزدوج من حيث قلة الأخبار من اهلهم في بلادهم والتي لا يعلمون عن تطورات المرض فيه من شيء ومن الخوف من الموت او المرض وهم بعيدون عن الاوطان والأهل.

 

اذن هو برنامج يبث الوعي والأمل في وقت تتفاقم فيه الضغوطات النفسية جراء الأزمة الصحية التي خلفها فيروس كورونا، ليدعوا المستمعين أينما تواجدوا ان يتفكروا في مواءمة الروح والجسد للتحلي بالأمل والايمان ويتمعنوا في أنه مهما بلغت صعوبة الأمور في الوقت الحاضر، ومع أنّها شارفت على بلوغ الحدود القصوى لتحمّل بعض الفئات الهشة وتحديدا كبار السن واللاجئين الذين تم اهمالهم اعلاميا، فإنّ الإنسانيّة ستعبُر نفق هذه المحنة في نهاية المطاف، لتظهر على الجانب الآخر وقد اكتسبت رؤية أوضح وتقديرا أعمق لوحدتها المتأصّلة وترابطها المُتبادَل.

عنوان البرنامج يجعلك تسكتشف المفاهيم الأساسيّة والتّطلّعات الشّجاعة التي كانت غائبة إلى حدٍّ كبير عن البرامج الاذاعية. فهي تحمل في طيّاتها إمكانيّةَ أن تُسفر عن لحظةٍ من وعي مجتمعي جماعي، وتجعلك تتساءل في قرارة نفسك، كيف يمكن التركيز على القيم المجتمعية مثل الخير العام، والعدل والرحمة. وما أهمية المسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتق القادة الدينيين والاعلاميين والناشطين.

 

فالأجواء محليا وعالميا ملبدة بما يكفي بسبب تداعيات كثيرة احدثها كوفيد-19، لا سيما على الاقتصاد، ناهيك عن المخاطر الصحية. لذلك فما احوجنا لمعرفة كل منا دوره في بث الأمل في المجتمعات، بدلا من تخويف العامة لا سيما على مواقع التواصل.

 

اذن، فإن هذه الجائحة استطاعت أن توجه تفكيرنا في اسئلة جوهرية كالهدف من حياتنا، وترتيب اولوياتنا، وما هي الجوانب القيمية التي نحتاجها في هذه الأزمة مثل التعاضد المجتمعي. إن نشر ثقافة التفاؤل هو واجب كل شخص، ولا نستطيع أن نكون متفرجين، بحيث لم يعد هناك لم يعد هناك نحن وهم، لم نعد منفصلين، بل جميعنا في مركب واحد مصممين أن نخرج منها وقد اكتسبنا وعينا جماعيا بأن ما يحدث في العالم في مواجهة كورونا تجلى في كيف أصبح العالم قرية واحدة وان مشاكله مترابطة. تحية لراديو البلد ولبرنامج روح وجسد بتذكيرنا بأهمية تغليب البعد العام على الخاص.

 

(الغد الأردنية)