موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
طوبى لكم إذا فجروكم وقتلوكم من أجل ابن الانسان وأنتم مسالمين.. طوبى لكم إذ اخترتم كي تفتدوا اخوانكم وتبعدوا عنهم شر الارهابيين.. طوبى لكم إذ انتقلتم من الخيمة الأرضية المؤقتة، وارتقيتم الى الاقامة الدائمة في نعيم أبيكم السماوي. منذ ان حل المعلم بيننا منذ ما يربو على الألفي عام، أعلمنا وحذرنا ونبهنا إلى أن السير خلفه متعب ومكلف.. وأن اتباع طريقه محفوف بالمخاطر والتحديات.. وأن على كل من يتبعه عليه أن يحمل صليبه كل يوم ويمشي.. وأن من أهلك نفسه من أجله انما يخلّصها.. وقبلنا التحدي وحملنا الصليب طواعية وليس فرضا، وسرنا خلف المعلم اقتناعا وليس اكراها.. فهل نتذمر ونشكو أم نتقبل ونسمو؟ هل نلعن ونكره ونحقد أم نصلي ونحب ونغفر؟ أنتم يا ضحايا كنيسة مارجرجس بطنطا وكاتدرائية مارمرقس في الإسكندرية، ومعكم من سبقكم من ضحايا التفجيرات الارهابية، لقوى الظلام والجهل المنقادة لأفكار جهنمية وتمويلات خليجية ومخططات غربية.. أنتم وحدكم دفعتم ثمن درب الحرية، أنتم وقود حرب على الارهاب.. وهمية. لا تسألوا عن تهريب عناصر العصابات من دولة الى دولة، عن اجتيازهم الحدود بسهولة وانتقالهم من مدينة لأخرى، لا تسألوا عمن يمولهم ويمدهم بالسلاح والزاد والعتاد، لا تسألوا عمن يوفر لهم الرواتب والاجازات ويضمن لهم عيشا فيه الكثير من الملذات، ووعودا بالجنة وأنهار العسل وعديدا من الحوريات.. لا تسألوا ليس من حقكم أن تسألوا، عليكم فقط أن تدفعوا ضريبة كل تلك الترتيبات، وعلى جثثكم تنفذ أبشع المخططات. اعذرونا أننا خذلناكم كمسيحيين.. لأن أول ما نفكر به عند كل محنة هو الرحيل والهجرة، التخلي عن أوطاننا ولغتنا وتقاليدنا وتراثنا وتاريخنا. لأن أول ما نقوله كفى تعبنا، وأول ما نكفر به صليبنا.. وأول ما نتفوه به يناقض تعاليم معلمنا ورسالة السماء لنا.. فما أكثر المسيحيين بيننا وما أقل المسيحية.. سامحونا لأننا غدرنا بكم بعدما أهملناكم وتركناكم تواجهون الارهاب لوحدكم.. اغفروا لنا لأننا تخلينا عنكم وتركناكم في صحراء مصر تائهين. سامحونا اذ ظننا أنكم وحدكم استشهدتم، ونسينا أن اخوة مسلمين لكم شاركوكم ضريبة الدم، سواء في مصر أو سوريا أو العراق واليمن وغيرها. سامحونا اذ لم نستوعب أن ضحايا الصور الاعلامية في خان شيخون غابوا ولم نر جثثهم كجثثكم، ولم نسمع ونشاهد جنازاتهم مثل جنازاتكم، وأنهم كانوا ذريعة لتقوية الارهابيين ومدهم بالترخيص المعنوي والأخلاقي لقصف أرواحكم في يوم العيد.. نعم اغفروا لنا زلتنا أننا خدعنا مثل كل العالم وانشغلنا بأشباح من ضحايا خان شيخون.. ولم ننتبه أنكم تسقطون في بحيرات من الدم، وغيركم نتوهم أنه يموت في عناقيد الغاز.. اغفروا لنا خطيئتنا التي أعمت أبصارنا عنكم في طنطا والاسكندرية، حين سلب عقولنا الكاوبوي الأمريكي الأشقر بفيلم هوليوودي مرعب محكم الاخراج في خان شيخون السورية. اعذرونا أيها الأحبة أننا تغافلنا وتجاهلنا من هو المستفيد من عمليات التفجير الارهابية.. تبارينا في جلد الذات ولعن أنفسنا وتحقير ذواتنا.. نعم لدينا العفن الكثير ومنا الأخطاء والزلات وكل النواقص لدينا.. لكن الشيطان الذي يعبث بنا ويتلاعب بمصائرنا ليس منا.. الشيطان دخل الينا من نواقصنا وعيوبنا وأخطائنا، والبعض منا فتح له الأبواب والطرقات.. وكما جاء الشيطان يجرب في الماضي معلمنا وانهزم، يأتي اليوم الينا حاملا أحابيله ومخططاته وبها ينتصر علينا.. يأتي حاملا الملايين من اليورو والدولار، وبها يشتري النفوس الفقيرة والبائسة في وضح النهار.. وما دخل الارهاب بلادنا من عقولنا وقلوبنا، وانما تسرب كالسم من جيوبنا.. والسر في ضعفنا وتراجعنا الى حضن من صلبنا وشردنا وبعثر شملنا، وتخلينا عن الجهاد والتطويبات وتهنا في فتاوى التكفير والاستسلام ومديح "صباؤوت صهيون".. سامحونا أننا أسأنا اليكم واغفروا لنا خطيئتنا تجاهكم.