موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٧ فبراير / شباط ٢٠٢١

المثقف العضوي

القس سامر عازر

القس سامر عازر

القس سامر عازر :

 

الثقافة من أهم ضرورات الحياة للتفاعل مع واقع الحياة ومعطياتها والتغلب على الكثير من التحديات وتحويلها إلى فرص للنجاح. فهي - أي الثقافة- اشتباك حقيقي مع واقع الحال والعمل على مواجهة التحديات للخروج بأفضل النتائج وأفضل الحلول. هذه المواجهة مطلوبة وضرورية لأنه بخلافها يكون هناك انهزام وتقهقر وهروب من الواقع، ونحن لم نتعلم في حياتنا الهروب من واقعنا لأنّ في ذلك ضعفاً وجبناً وانهزاماً، بل علينا أن نتقوى ونتسلح بقوة السماء لمواجهة واقعنا بكل جرأة وموضوعية وواقعية.

 

ولعل مفهوم «المثقف العضوي» كما بمفهوم المفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي تلقي بالضوء على معنى وأهمية أن يكون كل إنسان «مثقفاً عضوياً»، ومعنى ذلك كما جاء بمفهوم ذلك المفكر الكبير هو أن يُجسِّدَ الإنسانُ مبادءه من خلال ممارساته. فما الفائدة من كلّ المبادئ والقناعات إن لم تجد طريقها إلى واقع الممارسة العملية. وهنا حقاً نقدِرُ أن نميز بين الإنسان النظري والإنسان الواقعي، بين الإنسان المنظر وبين الإنسان الذي يجعل رؤأه وتطلعاته تنزل إلى أرض الواقع، ويكون سبَّاقاً قبل بأن يحمِلَ أفكاره وقناعاته لتتجسّد في كافة جوانب حياته.

 

لربما هنا نجد المفارقة في عالم اليوم، فأقوال الناس غير أفعالهم، ووعودهم لا تنسجم مع سياساتهم، إذ يقولون شيئاً ويفعلون شيئاً آخر. وصدق في أمثال هؤلاء قول المسيح «يكرمونني بأفواههم وقلوبهم بعيدة عني».

 

وللنهوض ببلادنا المشرقية اليوم نحتاج إلى وقفة حق مع أنفسنا وتناغم مبادئنا وقناعاتنا وأقوالنا مع أعمال أيدينا. فمناصبنا يجب أن تزهو بنا لتحمّل المسؤولية وإنفاذ ما نؤمن به ومن قيم ومبادئ وقناعات. ولنعرف أنه إن لم تلاحظنا عيون الناس فلن نختفي من ملاحقة عين الله عزّ وجل.

 

(جريدة الرأي الأردنية)