موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٣ يناير / كانون الثاني ٢٠٢١

الديموقراطية الأميركية.. إلى أين؟

الأستاذ الدكتور خالد البقاعين، رئيس كلية الكويت للعلوم والتكنولوجيا

الأستاذ الدكتور خالد البقاعين، رئيس كلية الكويت للعلوم والتكنولوجيا

أ. د. خالد البقاعين :

 

في خضم الكثير من الأحداث التي تعصف بالعالم هذه الأيام، والتي تجعل المرء يطرح الكثير من التساؤلات ومنها: هل سينتهي وباء «كورونا» مع التطعيم؟ ومتى؟ هل ستعود الحياة إلى ما كانت عليه من قبل أم ستتغير من غير رجعة؟ هل سيعود التعليم إلى الأساليب التقليدية أم سيبقى التعليم عن بعد الأساس للتعليم في المستقبل؟ وهل سيعود الناس إلى السفر بحرية وكثافة أم أن عاداتنا تغيرت بشكل دائم؟

 

ولعل كلاً من هذه الأسئلة يستحق مقالة بحد ذاته، إلا أن السؤال الأكثر إلحاحاً وإثارة في الوقت الحالي لا يتعلق بوباء «كورونا» بشكل مباشر وإنما بما يحدث في البلد الذي ينظر إليه العالم على أنه النموذج الأمثل للديموقراطية في العالم الحديث ألا وهو الولايات المتحدة الأميركية.

 

فمنذ ظهور النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني الماضي، بدأ التشكيك في نزاهة ومصداقية هذه الانتخابات، وهذا أمر مألوف ومعتاد في الكثير من الانتخابات في العالم، وإن كان أقل حدوثاً في الدول المتقدمة سياسياً، التي بنت نظامها السياسي على أسس وثقافة شعبية ديموقراطية ثابتة وراسخة.

 

ومن الأسئلة المطروحة هنا: ما هي الأسباب التي جعلت ما يزيد على سبعين مليون شخص يصوتون لترامب على الرغم مما يمثله من انقلاب على الأسس التقليدية للحكم في أميركا والاستمرار في دعمه في التشكيك ورفض نتائج الانتخابات على الرغم من تأكيد صحتها من قبل جميع المحاكم والجهات المختصة؟! وهل ستؤدي الأحداث العنيفة الأخيرة في مبنى الكابيتول إلى انتشار العنف وزعزعة النظام الديموقراطي؟

 

وإن كنت لا أدعي معرفة الأجوبة المطلقة لهذه الأسئلة، إلا أن رأيي الشخصي، وبناء على متابعة الأحداث وقراءات كثيرة، إن السبب الأساسي لما يحدث الآن والدعم الذي يقدمه الكثير من الأميركيين لترامب هو غياب إحدى الركائز المهمة للديموقراطية، وهي العدالة الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع الأميركي بشكل كبير. وما لم تتم معالجة هذه المعضلة الأساسية فإن النظام السياسي الأميركي سيبقى معرضاً لظهور شخصيات أخرى شبيهة بترامب تشكل ملاذاً ووسيلة للاعتراض على الوضع القائم.

 

أما في ما يتعلق بالسؤال الثاني، فإنني واثق بأن المؤسسة السياسية الأميركية، بغض النظر عن الانتماءات الحزبية، ستتحد للمحافظة على النظام ومرجعية الدستور، وهذا مصدر قوة النظام السياسي الأميركي. فالأحداث الأخيرة سوف توحد النخبة السياسية ولكنها ستعمق الانشقاق في المجتمع الأميركي.

 

(القبس الكويتية)