موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٣ يونيو / حزيران ٢٠٢٥

التغيير وأهميته

بقلم :
الأب عماد الطوال - الأردن
الأب عماد الطوال - الفحيص

الأب عماد الطوال - الفحيص

 

في حياة كل إنسان لحظات يقف فيها مع نفسه، يتأمّل طريقه ويتساءل بصوت داخلي خافت هل هذا هو المكان الذي أريد أن أكون فيه؟ هل ما أعيشه اليوم يُشبه ما كنت أطمح له منذ سنوات؟ أسئلة كهذه لا تأتي عبثًا إنها إشارات من الداخل تُنبهنا أن الوقت قد حان لنُعيد النظر ولنراجع وربما لنغيّر، فالتغيير ليس ضعفًا بل وعي وليس ترفًا بل ضرورة.

 

يُقال "التغيير هو القانون الأساسي للحياة" لكن ما الذي يمنعنا من التغيير؟ غالبًا ما يكون الخوف هو العائق الأول نخاف من الفشل من نظرة الآخرين ومن أن نخسر شيئًا نعرفه في سبيل شيء لا نعرفه، لكن الحقيقة أن التردد في ذاته قد يكون خسارة فكل لحظة نقضيها في مكان لا نرتاح فيه أو في نمط لا يخدمنا هي لحظة ضائعة من عمرنا.

 

التعوّد كذلك يُعتبر من الأعداء الصامتين للتغيير، نتمسك بما نعرفه حتى لو كان مرهقًا فقط لأنه مريح لكن التغيير لا يعني أن نقفز إلى المجهول دفعة واحدة بل أحيانًا يبدأ بخطوة صغيرة تحدث فرقًا كبيرًا، البداية لا تحتاج إلى خطة معقّدة بل تحتاج فقط إلى قرار داخلي صادق أن نقول لأنفسنا لقد اكتفيت من الدوران في نفس المكان وحان وقت التغيير.

 

حين يتغيّر الإنسان يشعر وكأنه عاد إلى الحياة من جديد، يدرك أن لديه خيارات وأنه ليس مجبرًا على البقاء في نفس الوضع لمجرد أنه اعتاده، التغيير يمنحنا شعورًا بالتحرر ويفتح أمامنا أبوابًا جديدة كنّا نظنها مغلقة كما أنه يجعلنا أكثر مرونة، فكل تجربة تغيير حتى لو لم تكتمل كما نريد تمنحنا دروسًا وتُعلّمنا كيف نتعامل مع الحياة بشجاعة أكبر ونظرة أوسع، وكما يُقال "لا أحد يستطيع أن يعود للبداية ويبدأ من جديد، لكن يمكن للجميع أن يبدأ الآن ويصنع نهاية جديدة" وهنا تكمن قوة التغيير أن نختار إعادة توجيه حياتنا بدلًا من الاستسلام لها.

 

ولا ننسى أن التغيير ليس دائمًا خارجيًا أحيانًا يبدأ من الداخل، تغيير في طريقة التفكير، في أسلوب التعامل مع الذات وفي نظرتنا للأشياء.

 

يقول روبن شارما "التغيير صعب في البداية، فوضوي في الوسط، ورائع في النهاية" والأيام لا تعود والحياة لا تنتظر، فإذا شعرنا في داخلنا برغبة في التغيير فلنُصغِ لهذا الإحساس ولا نُطفئه بالتردد، فلنبدأ ولو بخطوة واحدة، فكل طريق طويل بدأ بشخص قرّر أن يتحرّك بدل أن ينتظر، التغيير لا يحتاج معجزة بل يحتاج صدقًا وشجاعة وإيمانًا عميقًا بأننا نستحق الأفضل، فلنمنح أنفسنا فرصة لحياة تُشبهنا أكثر.