موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٠ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٢

الأحد الذي بعد عيد الظهور الإلهي 2022

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
الأحد الذي بعد عيد الظهور الإلهي 2022

الأحد الذي بعد عيد الظهور الإلهي 2022

 

الرِّسَالة

 

لِتَكُن يا ربُّ رحمَتُكَ عَلَينا

ابتهِجوا أيُّها الصدّيقونَ بالربّ

 

فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل أفسس (أفسس 4: 7-13)

 

يا إخوة، لكلِّ واحدٍ منّا أُعطيَتِ النعمةُ على مقدارِ موهبةِ المسيح. فلذلك يقول: لمّا صعد إلى العُلى سبى سبيًا وأعطى الناسَ عطايا. فكونُهُ صعد هل هو إلاّ أنّه نزل أوّلاً إلى أسافل الأرض. فذاك الذي نزل هو الذي صعد أيضًا فوق السماوات كلِّها ليملأ كلّ شيء. وهو قد أعطى أن يكونَ البعضُ رُسُلاً والبعضُ أنبياءَ والبعضُ مبشِّرين والبعضُ رُعاةً ومعلِّمين. لأجلِ تكميل القدّيسين ولعَمَلِ الخدمة وبُنيان جسد المسيح، إلى أن ننتهي جميعُنا إلى وحدة الإيمان ومعرفة ابن الله، إلى إنسانٍ كاملٍ، إلى مقدار قامةِ مِلءِ المسيح.

 

الإنجيل

 

فصل من بشارة القديس متى (متى 4: 12-17)

 

في ذلك الزمان، لمّا سمع يسوع أنّ يوحنا قد أُسلم انصرف إلى الجليل، وترك الناصرة، وجاء فسكن في كفرناحوم التي على شاطئ البحر في تخوم زبولون ونفتاليم، ليتمّ ما قيل بإشعياء النبي القائل: أرض زبولون وأرض نفتاليم، طريق البحر، عَبرُ الأردن، جليلُ الأمم. الشعبُ الجالسُ في الظلمة أبصر نوراً عظيماً، والجالسون في بقعة الموت وظلاله أشرق عليهم نور. ومنذئذ ابتدأ يسوع يكرز ويقول: توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات.

 

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين

 

"الشعب السالك في الظلمة قد أبصر نورًا عظيمًا"

 

هذه الآية مأخوذة من سفر إشعياء، يتحدّث فيها عن النور الذي ظهر للجالسين في ظلال الموت، وكأنّ الإنجيل أراد أن يشير إلى أنّ النور قائم حيث المسيح، وأنّه هو مصدر النور إلى العالم حتّى انقضاء الدهر. كما ونسمع اليوم أيضًا هذه الدّعوة من الرّبّ: "توبوا فقد اقترب ملكوت السَّموات"، إنّها الدّعوة نفسها والصّرخة ذاتها التي ابتدأ يوحنّا المعمدان يهيّئ بها النّاس لقدوم المسيح من قبل أن يسلّم.

 

والآن، بعد أن أُسلم السّابق، يكرز يسوع قائلاً الكلام عينه "توبوا فقدِ اقترب ملكوت السَّموات" يوحنّا مهّد الطّريق لمجيء المسيح عبر الدّعوة إلى التوبة، والآن المسيح (النّور الحقيقيّ الآتي إلى العالَم) يدعو بنفسه إلى التّوبة أي إلى تغيير جذريّ في سلوكنا وفي أفكارنا وأقوالنا وأفعالنا.

 

سميت كنيستنا يوم معمودية المسيح ، أيها الأعزاء ، بـ "يوم الأنوار" لثلاثة أسباب رئيسية:

 

أولا: لأن شمس البر قد أشرقت ، مخلص العالم لذي من خلال تعاليمه وأنار الجنس البشري.

 

ثانيًا: لأن الروح القدس ظهر "على هيئة حمامة".

 

ثالثًا: لأنه في ذلك اليوم استنير الموعوظون بالمعمودية المقدسة.

 

تتحدث مجازات كنيستنا هذه الأيام عن النور. لذلك من الضروري أن نتعامل اليوم أيضًا مع نور المسيح ونكتشف الطريقة التي يمكننا من خلالها الحصول عليه.

 

نور العالم هو يسوع المسيح وبتجسده أشرق في العالم. إنه النور الذي ينقي الوعي، ويدفئ القلب، وينير العقل. بدون المسيح لا توجد حياة روحية، كما أنه بدون الشمس لا توجد حياة جسدية.

 

قبل المسيح كان هناك ظلمة. أظهر المسيح طريق الخلاص والإنسان المستنير. ولادته تنبأ بها النجم الساطع. في معموديته ، انشقت السموات ونزل الروح القدس على رأسه.

 

تؤمن الكنيسة حيث المسيح والله الآب والروح القدس. إنَّ دليل حياة الكنيسة هو النور الذي يبعثه الآب ويبقى في جسد الكنيسة السري. تجسد النور الإلهي هو الرب يسوع المسيح ، الذي يقدم لكل واحد منا نور محبته وحقه.

 

كل شيء في الكنيسة يتحدث إلينا عن النور ويعلمنا هذه الحقيقة التي يؤكدها الرسول بولس: "اسلكوا كأولاد نور". يجب أن تكون حياتنا نقية كالنور، ودافئة ومشرقة كالضوء. تذكرنا هذه الحقيقة بالشمعة التي نضيئها أمام الأيقونات المقدسة. أي أننا مدعوون لأن نصبح نورًا حيث يحترق ويذوب لتدفئنا. يغمر النور حياتنا في الكنيسة. سترة بيضاء ناصعة في المعمودية. ملابس بيضاء ناصعة في حفل الإكليل. كل حدث في الكنيسة مزين بالأبيض والنور، الثريات والشموع والشموع هي عناصر أساسية للعبادة الإلهية التي تذكرنا باستمرار بالحاجة إلى النقاء والروحانية الداخلية والخارجية.

 

من أجل الحصول على النور الإلهي نحتاج إلى التطهير الداخلي. وحيث توجد أعمال مظلمة يحجب نور الله أشعتها. لا يمكن أن يتعايش النور والظلام والإيمان والكفر والحب والكراهية. يعتبر المسيح، "النور الحقيقي"، التوبة شرطًا ضروريًا لاكتساب النور. بدون توبة يعيش الإنسان في ظلمة الألم. الدموع تطهر الروح وتهيئ الطريق لمجيء الروح القدس. بالتوبة نستنير. النعمة الإلهية تلقي بظلالها علينا والروح القدس ينيرنا.

 

قديسي كنيستنا، الذين عاشوا حياة التوبة، نقلوا نور الله المقدس ورافقهم نور الثالوث الأقدس. مصدر الضوء بالنسبة لنا اليوم هو الليتورجيا الإلهية. بشركة جسد المسيح ودمه الصادقين ننال النور. في نهاية القداس الإلهي نمجد المسيح المعطي بهذه الكلمات: مستنيرين ومتجددين بنور القيامة، ندخل بعد ذلك إلى ساحة الحياة اليومية، لننقل النور لإخوتنا أيضًا.

 

مُلك الله آتٍ إلى العالَم. لأنّ النّور الأزليّ سيشرق على الشعب الجالس في الظّلمة، وسيملك على النّاس، وبخاصّة الجالسين في بقعة الموت وظلاله، البائسين والمظلومين والمتروكين والمحرومين والمتألّمين...


كيف سيملك؟ سيملك بالمحبّة لأنّه ملك المحبّة والسّلام، إذ إنّه "أحبّنا أوّلاً"... سيملك عبر بذل ذاته لأجل جميع البشر لأنّه رحيم ومحبّ للبشر...

 

كيف نعلم بقدومه؟ لا يمكننا أن نعرف أنّه آتٍ إن لم نتغيّر ونَتُب؛ لذلك التّوبة هي الطّريق الوحيدة التي تؤهّلنا لاستقباله في قلوبنا النقيّة لكي يملك عليها وندخل معه في هذا الملك.

 

لذلك، فالدعوة هي هي عند يوحنّا كما عند المسيح كما عند الرّسل والمبشّرين وعند الآباء في ما بعد... "توبوا"، لأنّ المدخل إلى ملكوت الله هو من باب، وهذا الباب هو القلب التائب. "ملكوت الله في داخلكم"، "يا ابني أعطني قلبك". إنَّ سُكنى الرّبّ يسوع المسيح فينا، وسُكنى روحه القدّوس ونوره فينا، هو الملكوت السماويّ الذي يبدأ هنا على الأرض ويكتمل في الحياة الأبديّة، كما علًمنا عبر الصلاة االربّانيّة :"ليأتِ ملكوتك".

 

فمن استطاع أن يقتني هذا الملكوت على الأرض، أن يحقّقه فعلاً في حياته الأرضيّة، حتمًا سيكتمل معه في الحياة الأبديّة. من عاين نور المسيح أصبح من أبناء النّور، "نور المسيح مضيءٌ للجميع: ومَن لم يعاين هذا النّور، أعمى عينيه عن معاينة الرّبِّ يسوع، وكأنّ الطّفلَ يسوع لم يولد بالنسبة إليه، وما يزال قابعًا في ظلام خطاياه ...

 

فإذا تاب كلٌّ مِنّا فإنّ الرّبَّ يفرح بعودتنا إليه، ويَضُمُّنا إلى صدره كما فعل والدُ الاِبنِ الشّاطر عندما عاد ابنُهُ الضّالُّ إليه. فهل نحن نعود بالتّوبة؟ هل نعود لكي يفرحَ الله بنا، ويجعلَنا من أبناء الملكوت السّماويّ الذي لا يزول، فنُثبتَ أنّنا حقًّا مِن أبناء الرّبِّ يسوع الذي احتَفَلْنا بأعياده الخلاصيّةِ المباركة؟ له المجد إلى الأبد، آمين.

 

 

الطروباريات

 

طروباريَّة القيامة باللَّحن السَّادِس

إنَّ القوَّاتِ الملائكيَّة ظَهَرُوا على قبرِكَ الـمُوَقَّر، والحرَّاسَ صاروا كالأموات، ومريمَ وَقَفَتْ عندَ القبر طالِبَةً جسدَكَ الطَّاهِر، فَسَبَيْتَ الجحيمَ ولم تُجرَّبْ منها، وصادَفْتَ البتولَ مانِحًا الحياة، فيا مَنْ قامَ من بين الأمواتِ، يا ربُّ المجدُ لك.

 

طروباريّة الظّهور باللّحن الأول

باعتمادك يا ربّ في نهرِ الأردن ظهرت السجدةُ للثالوث، لأنّ صوتَ الآب تقدّمَ لكَ بالشهادة، مسميّاً إياكَ ابناً محبوباً، والروح بهيئة حمامة يؤيّدُ حقيقةَ الكلمة. فيا مَن ظهرتَ وأنرتَ العالم، أيّها المسيح الإله المجد لك.

 

قنداق الظّهور باللّحن الرّابع

اليومَ ظهرتَ للمسكونة يا ربّ، ونورُكَ قد ارتسمَ علينا نحن الذين نسبِّحُكَ بمعرفةٍ قائلين: لقد أتيتَ وظهرتَ أيُّها النورُ الذي لا يُدنى منه.