موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٩ مايو / أيار ٢٠٢١

الأحد الثالث المعروف بأحد المخلع

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
الأحد الثالث المعروف بأحد المخلع

الأحد الثالث المعروف بأحد المخلع

 

الرسالة

 

رتلوا لإلهنا رتلوا

يا جميع الأمم صفقوا بالايادي

 

فصل من أعمال الرسل القديسين الأطهار (أعمال الرسل 9: 32 - 42 )

 

في تلكَ الأيَّامِ، فيما كانَ بُطُرسُ يَطوفُ في جَميع الأماكِنِ، نَزَل أيضًا إلى القدِّيسينَ السَّاكِنينَ في لُدَّة، فوَجَدَ هناكَ إنسانًا اسمهُ أَيْنِيَاسَ مُضَطجِعًا على سريرٍ مِنذُ ثماني سِنينَ وهُوَ مُخلَّع. فقالَ لهُ بطرُسُ: يا أينِياسَ يشفِيكَ يسوعُ المسيحُ. قُمْ وافتَرِشْ لنفسِك. فقام لِلوقت. ورآه جميعُ السَّاكِنين في لُدَّة وسارُونَ فَرَجَعوا إلى الرَّبّ. وكانت في يافا تِلميذَةٌ اسمُها طابيِثا الَّذي تفسيرُهُ ظَبْيَة. وكانت هذه مُمتَلِئةً أعمالاً صَالحةً وصَدقاتٍ كانت تعمَلُها. فحدَثَ في تِلكَ الأيامِ أنَّها مَرِضَتْ وماتَتْ. فَغَسَلُوها ووضَعُوها في العِلِّيَّة. وإذ كانت لُدَّةُ بقُربِ يافا، وسَمعَ التَّلاميذُ أنَّ بطرُسَ فيها، أَرسَلُوا إليهِ رَجُلَيْن يسألانِهِ أنْ لا يُبطِئَ عن القُدُوم إليهم. فقام بطرُسُ وأتى مَعَهُمَا. فَلمَّا وَصَلَ صَعدوا بهِ إلى العِلِّيَّة. ووقَفَ لديِه جميعُ الأرامِلِ يَبْكِينَ ويُرِينَهُ أَقْمِصَةً وثِيابًا كانت تَصنَعُها ظَبيَةُ معَهَنَّ. فأخرَجَ بُطرُسُ الجميعَ خارِجًا، وجَثَا على رُكبَتَيْهِ وصَلَّى. ثمَّ التَفَتَ إلى الجَسَدِ وقالَ: يا طابيثا قُومي. فَفَتَحَتْ عَيْنَيْهَا. ولـمَّا أَبْصَرَتْ بُطرُسَ جَلَسَتْ، فناوَلَهَا يَدَهُ وأنهضَها. ثم دعا القدِّيسيِنَ والأرامِلَ وأقامَها لَديهمِ حيَّةً. فشاعَ هذا الخبرُ في يافا كلِّها. فآمَنَ كَثيرون بالرَّبّ.

 

الإنجيل

 

فصل شريف من بشارة القديس يوحنا (5: 1 -15)

 

في ذلك الزَّمان، صَعِدَ يسوعُ إلى أورشليم. وإنَّ في أورشليم عند باب الغَنَمِ بِرْكَةً تُسَمَّى بالعبرانية بيتَ حِسْدَا لها خمسةُ أَرْوِقَة، كان مُضطجعًا فيها جمهورٌ كثيرٌ من المرضى من عُمْيَانٍ وعُرْجٍ ويابِسِي الأعضاء ينتظرون تحريكَ الماء، لأنَّ ملاكًا كان يَنْـزِلُ أَوَّلاً في البِرْكَة ويحرِّكُ الماء، والَّذي كان ينـزِلُ أوَّلاً من بعد تحريك الماء كان يَبْرَأُ من أَيِّ مرضٍ اعتَرَاه. وكان هناك إنسانٌ به مرض منذ ثمانٍ وثلاثين سنة. هذا إذ رآه يسوع ملقًى وعلم أنَّ له زمانًا كثيرًا قال له: أتريد أن تبرأ؟ فأجابه المريض: يا سيِّدُ ليس لي إنسانٌ متى حُرِّك الماء يُلقِيني في البركة، بل بينما أكون آتِيًا ينـزل قَبْلِي آخَر. فقال له يسوع: قُمِ احْمِلْ سريرَك وامْشِ. فللوقت بَرِئَ الرَجُلُ وحمل سريرَه ومشى. وكان في ذلك اليوم سبتٌ. فقال اليهودُ للَّذي شُفِيَ: إنَّه سبتٌ، فلا يحِلُّ لكَ أن تحمل السَّرير. فأجابهم: إنّ الَّذي أَبْرَأَنِي هو قال لِـيَ: احْمِلْ سريرَك وامشِ. فسـألوه: من هو الإنسان الَّذي قال لكَ احملْ سريرَك وامشِ؟ أمّا الَّذي شُفِيَ فلم يَكُنْ يَعلَمُ مَن هو، لأنَّ يسوعَ اعتزل إذ كان في الموضع جَمْعٌ. وبعد ذلك وَجَدَهُ يسوع في الهيكل فقال له: ها قد عُوفِيتَ فلا تَعُدْ تُخْطِئ لِئَلَّا يُصِيبَكَ شرٌّ أعظم. فذهب ذلك الإنسانُ وأخبرَ اليهودَ أنَّ يسوع هو الَّذي أَبْرَأَهُ.  

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين

 

المسيح قام... حقأ قام

 

كان عيد لليهود، فصعد يسوع إلى أورشليم، وفي أورشليم عند باب الضان بركة، يقال لها بالعبرانية بيت حسدا. إذ حل العيد، فمع إقامة السيد المسيح فى الجليل إلا أنه صعد إلى أورشليم ، لم يرد أن يستثنى نفسه مادام قد قبل أن يصير ابن الإنسان الخاضع للناموس، وهو فى هذا يقدم لنا نفسه مثالا للأهتمام بالعبادة الجماعية، حتى وإن مارسها الكثيرون فى شكلية بلا روح.

 

في هذا المقطع الإنجيلي من بشارة يوحنا البشير نجد لقاء بين السيد المسيح، الطبيب السماوي، ومريض بيت حسدا الذي عانى من الفالج 38 عامًا. وهو طبيب فريد يسعى نحو المريض دون أن يطلبه، وإن كان لا يشفيه قسرًا بل يسأله: "أتريد أن تبرأ". التقي به عند بيت حسدا التي كان لها خمسة أروقة، إشارة إلى كتب موسى الخمسة، أو إلى الناموس. فالناموس يفضح الخطية، ويؤكد لنا المرض، والحاجة إلى طبيب سماوي قادر أن يعالج. أبرز الطبيب ما في المريض من سمات صالحة، فقد اتسم بالوداعة. فعندما سأله السيد: "أتريد أن تبرأ" لم يثر، بل في وداعة عجيبة أجابه. "يا سيد ليس لي إنسان يلقيني في البركة متى تحرك الماء، بل بينما أنا آتٍ ينزل قدامي آخر". من يسقط في مرضٍ مدة طويلة غالبًا ما يُصاب بأتعاب عجيبة، تزداد مع تزايد فترة المرض. أما هنا فنراه وديعًا للغاية. هذا وعندما قال له السيد "قم احمل سريرك وأمشِ"، آمن وللحال قام ومشى وحمل سريره. إنه ملقي عند البركة منذ قبل ميلاد السيد المسيح بالجسد، وربما لم يسمع عنه، فقد كاد أن يصير محرومًا من لقاء الأقارب والأصدقاء بعد كل هذا الزمن من المرض. ومع هذا لم يحاور السيد كيف يقوم، وكيف يقدر أن بمشي دفعة واحدة، ويحمل سريره؟ قد عجزت الذراع البشرية عن شفاء هذا المفلوج المُلقى عند البركة لمدة 38 عامًا. تدخل السيد المسيح سائلاً إياه: أتريد أن تبرأ؟ لقد وهبه حياة جديدة في بيت حسدا التي تعني "بيت الرحمة".

 

لم ترد هذه المعجزة في الأناجيل الثلاثة الأخرى، لأن يوحنا اهتم بالمعجزات التي تمت في أورشليم بينما اهتم الإنجيليون الآخرون بما تم في الجليل. تشير البركة إلى المعمودية حيث يتمتع المؤمنون بالولادة الجديدة والشفاء من الخطية . تحريك الماء يحمل معنى أن مياة البركة أشبه بمياة جارية، كمياة المعمودية، التي يعمل الروح فيها فيولد الأنسان ميلاداً روحياً كما أعلن السيد المسيح لنيقوديموس، وتشير إلى عطية السيد المسيح كقول السيد للسامرية، أن من يشرب من هذا الماء لا يعطش .

 

أيها الأحباء، يرى البعض أن هذا الملاك لم يكن ينزل في البركة يوميًا، وإنما في مواسم معينة، خاصة في الأعياد الثلاثة الكبرى، وأن هذا العمل من قبل الله ليؤكد للشعب أنهم وإن كانوا قد حرموا من الأنبياء وعمل المعجزات فإن الله لن ينساهم، وهو مهتم بهم، يرى البعض أن هذا الأمر قد توقف بموت السيد المسيح. عندما علم الرجل المصاب بالشلل أن يسوع هو من شفاه، أخبر اليهود، وانتقامًا منهم، طلبوا قتل المسيح لأنه من المفترض أنه أنهى يوم السبت. قال لهم أشياء كثيرة، موضحًا أنه شرف عمل الخير يوم السبت، وأنه هو الذي أعطى وصية السبت، وهو مساوٍ للآب، وكما يعمل، فهو يعمل.

 

السيد المسيح كان بإمكانه أن يشفى جميع مرضى بيت حسدا، ولكن ما يشغله بالأكثر الشفاء الأبدي، حيث تتمجد النفوس ومعها الأجساد... إن شفاء هذا المريض يفتح عيون الكل لينظروا شخص المسيا  ويتمتع الكل بالإيمان لكي يتمجدوا أبديا.

 

عاش هذا المريض 38 سنة ولم يشفى لأن كمال البر في الــ40، والسيد المسيح صام عنا أربعون يومًا، وصام إيليا وموسى أربعين يومًا، لذا أستحقا أن يظهرا مع المسيح على الجبل.

 

إذ جاء السيد المسيح إلى أورشليم لم يزر قصور الأغنياء بل المستشفيات، ليقدم حبًا وحنوًا نحو المرضى، فقد جاء إلى العالم من أجل المحتاجين والمرضى، ولعلّ السيد ركز عينيه على ذلك المريض، لأنه كان أقدمهم، عانى أكثر من غيره من المرض والحرمان.

 

لم يأت الرب لعمل المعجزة. كانت كل واحدة من معجزاته بمثابة إعلان عن الواقع الجديد الذي أتى به، مما يعني أن الرب صنع المعجزات ليقود الإنسان إلى حيث يجب أن يكون متحداً معه في ملكوته الأبدي. فالمسيح إذن هو أبو النفوس  والأجساد، عندما يعمل شفاءه دائمًا ويعمل دائمًا نفسياً. لكن لأن الطموح العقلي هو السؤال الرئيسي، بما أن المستقبل الأبدي للإنسان يعتمد عليه، فإنه يترك أحيانًا، قليلاً أو كثيرًا، المرض الجسدي الموجود في العالم، حتى يكون أفضل.

 

خلاصة القول: المسيح هو الله والإنسان هو إلهنا الحي. إنه يقف أمامنا في كل لحظة من حياتنا، في مزيج من الحب المطلق، مستعدًا لتزويدنا بشفاء أرواحنا وإذا كان ذلك في مصلحتنا وجسدنا بطريقة سرية، يقوينا ذلك للتغلب على أي من شللنا الأخلاقي والروحي.

 

الطروباريات
 

طرروبارية القيامة على اللحن الثالث

لتفرح السماويّات، ولتبتهج الأرضيّات، لأنّ الربّ صنع عزّاً بساعده، ووطيء الموت بالموت، وصار بكر الأموات، وأنقذنا من جوف الجحيم، ومنح العالم الرحمة العظمى.


المجد للآب والابن والروح القدس، الآن وكلّ أوانٍ وإلى دهر الداهرين، آمين.

 

إياك أيتها المتوسّطة لخلاص جنسنا، نسبّح يا والدة الإله العذراء. لأنّ ابنك وإلهنا، بالجسد الذي اتّخذه منك، قبل الآلام بالصليب، وأعتقنا من الفساد، بما أنّه محبٌّ للبشر.

 

قنداق المخلع

لنفسي، المخلّعة جداً بأنواع الخطايا والأعمال القبيحة، أنهض يا رب بعنايتك الإلهية، كما أقمت المخلَّع قديماً. حتى إذا تخلّصت ناجياً أصرخ: أيها المسيح، المجد لعزَّتك.

 

قنداق الفصح باللّحن الثامن

ولئن كنتَ نزلتَ إلى قبر يا مَن لا يموت، إلا أنَّك درستَ قوَة الجحيم، وقمتَ غالباً أيُّها المسيحُ الاله، وللنسوةِ حاملاتِ الطيب قلتَ افرحنَ، ولِرسلِكَ وَهبتَ السلام، يا مانحَ الواقعينَ القيام.