موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢١ سبتمبر / أيلول ٢٠٢١

اقرعوا الجرس لسيدة الحضور

رمزي الغزوي

رمزي الغزوي

رمزي الغزوي :

 

ربما لو أنصتنا قليلاً مساء هذا اليوم، فسنسمع عبر محطات التلفزة قرعات جرس السلام من حديقة الأمم المتحدة في مدينة النيويورك. لكني لا أتوقع أن يلتفت أحد لهذا الرنين البعيد القريب، حتى ولو سمعه، ليس لأن السلام لا يعني بني البشر، بل لأن طبول الحروب والكروب تغطي على كل ما سواها.

 

يعجيني ذلك الجرس، الذي يُقرع مرتين في السنة: في يوم الأرض 21 آذار، ويوم السلام في 21 أيلول. وهو هدية قدمتها اليابان للامم المتحدة، وتم الحصول على المعدن المستخدم في سبكه من صهر عملات تبرع بها مندوبو 60 دولة حضروا المؤتمر العام لجمعيات الأمم المتحدة في باريس 1951.

 

وكان الجرس سيعجبني أكثر وأكثر لو أنه صنع من مصهور سبطانات المدافع، ورصاص البنادق، وخوذ الجنود. فلربما كان ذلك سيعطي رمزية للسلام في عالم مفخخ بمصائد الموت في كل مكان.

 

الذي سيقرع الجرس هو الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو، كما هو متوقع، والذي قال قبل فترة إن الكراهية تجتاح جميع أنحاء العالم في مسيرة زاحفة. وربما أن على الأمين المحترم أن يقلق قليلاً، ليس على تجدد فرص الإرهاب، بل أن يقلق حول استخدامه غير المناسب لكلمة زاحفة. وقد يستبدلها بطائرة.

 

ليس مهما أن أذكركم بأن من مقتضيات يوم السلام أن يتوقف إطلاق النار لمدة ساعة واحد حول العالم. فمن سيسمع هذا النداء. من سيرفع يده عن الزناد ليتابع هذا النداء؟ ولهذا سيكون علي أن أذكركم أن موضوع هذا العام في الاحتفال هو التعافي بشكل أفضل من أجل عالم منصف ومستدام، وأكثر إنصافًا وسلماً.

 

هذه شعارات براقة جميلة وعميقة. ولكن ماذا يمكن أن يفعل عالم بات يعاني نقصاً حاداً ومتفاقماً بأكسيد بالمحبة، ويواجه اختناقاً محكماً بكربونات تلك الحروب والكروب. هذا العالم لا يفعل شيئا سوى أن يختلق يوما عابراً وطارئا على رزنامتنا يسميه يوم السلام العالمي. فعمت صباحا ومساء أيها السلام العالمي.

 

أيها السادة المحتفلون سنذكركم أن الحرب بارعة أكثر منكم، في بث زوامير سيارات الإسعاف، وتشييد بيوت للأيتام، وباهرة أكثر؛ إذ تجعل الفضائيات على قيد العمل طوال الوقت. وسنذكركم أن الحرب وحدها من يلهم القادة الكبار الكبار على إلقاء خطبهم النارية العرمرمية.

 

الحرب أيها السادة باتت سيدة الحضور الإنساني، إذ تثير أسئلة واخزة في نفوس الأولاد الذين اعتادوا أن تأتي التوابيت ملفوفة بالأعلام. فكيف لا يفرح الصغار بهذه الألوان؟!، حقاً لا أحد يربّت على كتف الحرب. الكل يطالبها أن تسقط راءها؛ لتصبح حبّا خالصا. ولهذا اقرعوا الجرس مرارا علَّ وعسى.

 

(الدستور الأردنية)