موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢١ مارس / آذار ٢٠٢٣

أمي مختلفة.. يا سيدة كوني وحياتي

نيفين عبدالهادي

نيفين عبدالهادي

نيفين عبدالهادي :

 

يوم مختلف بكل تفاصيله، شمسه مختلفة، ورائحته بعطر نادر، وساعاته وردية، هو يوم لا معاني به سوى الحب وللحب، يوم نحتاجه كرمزية للاحتفال بأمهاتنا، مع علمي بأن كل الأيام لهن، وكل الأيام أعياد بهن ولهن، عيد الأم، رمز لاحتفال، لنقول شكرا بكل الحبّ لأمهاتنا ولأسرنا نقول شكرا لمن منحتنا الحياة، ومنحتنا الطاقة الإيجابية في أصعب الأوقات نقول شكرا، لمن منحتنا أنفسنا ونجاحنا ومسيرتنا في حياة لم تكن لتمضي لولا يدها التي لم تبتعد عن الإمساك في أيدينا صغارا حتى لا نقع، كبارا لنسير في درب الصواب.

 

أمي، أنتِ دون غيرك تدركين جيدا من أنا، ربما تعلمين عني ما لا أعرفه عن نفسي، وتعرفين نفسي أكثر منّي، حفظك الله وحماك لنا سندا ومُعينا، على حياة تمضي بنا، ونمضي معها، في درب لو لم تكن يدك بيدي أقسم لم أكن خطوة واحدة نحو غدي، ولا حتى نحو ساعات آخر يومي، فبكِ ولكِ أمضي بساعات يومي لغدٍ أتوسّل لربّي أن تبقي نوره ونبضه ورائحة المِسك والطيب به.

 

مختلفة أمّي، هكذا أراك «سيدة كوني»، لا أرى مثلك أحدا، أعلم أن في قولي مبالغة، لكن أحدا لا يعلم ما أنتِ في قلبي وحياتي، لا أحد يعلم أنكِ سيدة نسيت ذاتها حتى اللحظة لتعيش وتبني ذات أربع فتيات، أنا وشقيقاتي الثلاث، لا أحد يعلم أنكِ عشت ظلا لوالدي رحمه الله وسندا في مرضه، لنحيا حياة لم نشعر يوما أن شيئا ينقصنا، إنما قدمتِ لنا كمالها بكل ما أوتيت من حبّ وعطاء، نعم أمي مختلفة، لا تشبه سوى ذاتها وقلبها الذي يشعر بي وبشقيقاتي دون أن نشكو أو نتحدث بكلمة واحدة، لا يمكن أن أراك يا سيدة كوني وحياتي وسيدة وجودي سوى أنك مختلفة حتى وإن بالغت بوصفي.

 

أعلم أمي كما كل عام لا تحبين هذا الشهر، فهو الذي رحل به «محسن حياتنا» والدي رحمه الله، ورحلت به سندك في هذه الدنيا وبيت سرّك وكما كنتما تقولان «منفش غلنا لبعض» عمتو «هالة فرحنا» الله يرحمها، أعلم أنه شهر انتزع مفاصل الفرح من حياتنا فقد كان قاسيا أكثر مما كل توقعاتنا، فأنت في حبك ووفائك أيضا مختلفة، لكنه يوم أمي وضعته أياد بشرية لنقول لك نحبّك أكثر من الحبّ وندعو الله أن يحميك ويُنعم عليك بالصحة، لتكوني دوما بكل الخير الذي نتمناه لك أنا وشقيقاتي وأزواجهن وأحفادك.

 

يومك أميّ تفوح به رائحة الطِيب، يوم يأتينا في شهر انتزع منّا أغلى من نحبّ ، لكنه منحنا هذا اليوم لنقول لكِ نحبّك، وشكرا على ساعاتك وأيامك وسني عمرك التي قدمتها لنا، لا تريدين مقابلا سوى فرحنا وراحتنا وسعادتنا، وابتسامتنا التي لا تغادر ملامحنا، شكرا لبيت مثالي عشنا به بوجود والد لا يشبه في عظمته سوى نفسه رحمه الله، ووجودك أطال الله في عمرك، ليكون بواقعية بيت مثالي يحيا بسلام وتصالح مع واقعنا وأنفسنا، شكرا لاختلافك أمي بكل شيء.

 

ماما كل عام وأنت الحياة في حياتي أنا وشقيقاتي، كل عام وأنت بكل خير وعطاء وصحة وعافية، أطال الله بعمرك يا سيدة كوني أنا «وناديا وناهدة وسماح»، أبقاكِ الله لنا سندا ونفسا يمنح حياتنا حياة.

 

(الرأي الأردنية)