موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢ يونيو / حزيران ٢٠٢٢

أحد الآباء القديسين (المجتمعين في نيقية)

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
الأحد السادس المعروف بأحد الآباء القديسين (المجتمعين في نيقية)

الأحد السادس المعروف بأحد الآباء القديسين (المجتمعين في نيقية)

 

الرِّسالَة

 

مُبَارَكٌ أَنْتَ يا رَبُّ إلهَ آبائِنَا

فإنَّكَ عّدْلٌ في كلِّ ما صَنَعْتَ بِنَا

 

فصل من أعمال الرسل القديسين الطهار (أعمال الرسل  20: 16-18، 28-36)

 

في تلكَ الأيَّامِ ارتأَى بولسُ أنْ يتجاوَزَ أَفَسُسَ في البحرِ لِئَلَّا يعرِضَ له أن يُبْطِئَ في آسِيَةَ، لأنَّه كان يَعْجَلُ حتَّى يكون في أورشليمَ يومَ العنصرةِ إِنْ أَمْكَنَهُ. فَمِنْ مِيلِيتُسَ بَعَثَ إلى أَفَسُسَ فاسْتَدْعَى قُسوسَ الكنيسة. فلمَّا وصَلُوا إليه قال لهم: ﭐحْذَرُوا لأنفُسِكُم ولجميعِ الرَّعِيَّةِ الَّتي أقامَكُمُ ﭐلرُّوحُ القُدُسُ فيها أساقِفَةً لِتَرْعَوا كنيسةَ اللهِ الَّتي ﭐقْتَنَاهَا بدمِهِ. فإنِّي أَعْلَمُ هذا: أَنَّهُ سيدخُلُ بينَكم، بعد ذهابي، ذئابٌ خاطِفَةٌ لا تُشْفِقُ على الرَّعِيَّة، ومنكم أنفُسِكُم سيقومُ رجالٌ يتكلَّمُون بأمورٍ مُلْتَوِيَةٍ لِيَجْتَذِبُوا التَّلامِيذَ وراءَهُم. لذلكَ، ﭐسْهَرُوا مُتَذَكِّرِينَ أَنِّي مُدَّةَ ثَلاثِ سنينَ لم أَكْفُفْ ليلًا ونهارًا أنْ أَنْصَحَ كلَّ واحِدٍ بدموع. والآنَ أَسْتَوْدِعُكُم يا إخوتي اللهَ وكلمةَ نعمَتِه القادِرَةَ على أَنْ تبنيَكُم وتَمْنَحَكُم ميراثًا مَعَ جميعِ القدِّيسين. إنِّي لم أَشْتَهِ فِضَّةَ أَحَدٍ أو ذَهَبَ أَحَدٍ أو لِبَاسَه، وأنتم تعلَمُونَ أنَّ حاجاتي وحاجاتِ الَّذين معي خَدَمَتْهَا هاتان اليَدان. في كلِّ شيءٍ بَيَّنْتُ لكم أنَّه هكذا ينبغي أن نتعبَ لنساعِدَ الضُّعَفَاء، وأن نتذكَّرَ كلامَ الرَّبِّ يسوعَ. فإنَّه قال: إنَّ العطاءَ مغبوطٌ أكثرَ من الأَخْذِ. ولـمَّـا قال هذا جَثَا على رُكْبَتَيْهِ مع جميعِهِم وصَلَّى.

 

 

الإنجيل

 

فصل شريف من بشارة القديس يوحنا (يوحنا 17 : 1-13)

 

في ذلكَ الزَّمان رَفَعَ يسوعُ عَيْنَيْهِ إلى السَّماءِ وقالَ: يا أَبَتِ قد أَتَتِ السَّاعَة. مَجِّدِ ٱبْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ٱبنُكَ أيضًا، بما أَعْطَيْتَهُ من سُلطَانٍ على كُلِّ بَشَرٍ ليُعْطِيَ كُلَّ مَن أعطيتَه لهُ حياةً أبديَّة. وهذه هي الحياة الأبديَّةُ: أن يعرِفُوكَ أنتَ الإلهَ الحقيقيَّ وحدَكَ، والَّذي أرسلتَهُ يسوعَ المسيح. أنا قد مجَّدْتُكَ على الأرض. قد أَتْمَمْتُ العملَ الَّذي أعطَيْتَنِي لأعمَلَهُ. والآنَ مَجِّدْني أنتَ يا أَبَتِ عندَكَ بالمجدِ الَّذي كانَ لي عندَك من قَبْلِ كَوْنِ العالَم. قد أَعْلَنْتُ ٱسْمَكَ للنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَهُمْ لي مِنَ العالم. هم كانوا لكَ وأنتَ أعطيتَهُم لي وقد حَفِظُوا كلامَك. والآنَ قد عَلِمُوا أنَّ كُلَّ ما أعطَيْتَهُ لي هو منك، لأنَّ الكلامَ الَّذي أعطَيْتَهُ لي أَعْطَيْتُهُ لهم. وهُم قَبِلُوا وعَلِمُوا حَقًّا أَنِّي مِنْكَ خَرْجْتُ وآمَنُوا أنَّك أَرْسَلْتَنِي. أنا من أجلِهِم أسأَلُ. لا أسأَلُ من أجل العالمِ بل من أجل الَّذينَ أَعْطَيْتَهُم لي، لأنَّهم لك. كلُّ شيءٍ لي هو لكَ وكلُّ شيءٍ لكَ هوَ لي وأنا قد مُجِّدتُ فيهم. ولستُ أنا بعدُ في العالمِ وهؤلاءِ هم في العالم. وأنا آتي إليك. أيُّها الآبُ القدُّوسُ ٱحْفَظْهُمْ بـٱسمِكَ الَّذينَ أعطيتَهُمْ لي ليكُونُوا واحِدًا كما نحنُ. حينَ كُنْتُ معهم في العالم كُنْتُ أَحْفَظُهُم بٱسمِكَ. إِنَّ الَّذينَ أَعْطَيْتَهُم لي قد حَفِظْتُهُمْ ولم يَهْلِكْ منهم أَحَدٌ إلَّا ٱبْنُ الهَلاكِ لِيَتِمَّ الكِتَاب. أمَّا الآنَ فإنِّي آتي إليك. وأنا أتكلَّمُ بهذا في العالَمِ لِيَكُونَ فَرَحِي كَامِلاً فِيهِمْ.

 

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين

 

في الأحد السادس من بعد الفصح، أي الأحد الذي يقع بين خميس الصعود وأحد العنصرة، تُقيم الكنيسة الأرثوذكسية تذكار آباء المجمع المسكوني الأول المجتمعين في نيقية عام 325 م. القراءة الإنجيلية هي من إنجيل يوحنا ( 17: 1- 13) أو ما يُعرف بصلاة يسوع الكهنوتية الأخيرة قبل آلآمه وموته على الصليب. لقد رتّبت الكنيسة أن تُقيم تذكار هؤلاء الآباء بعد خميس الصعود للتأكيد على تعليمهم من أن الربّ يسوع الصاعد بالجسد هوإله حقيقي وهو أيضاً إنسان تام بحسب الجسد.

 

قررت كنيستنا، أيها الأحباء أن يكرس هذا الأحد لذكرى ثلاثمائة وثمانين (318) من الآباء القديسين للمجمع المسكوني الأول. وقد دان هذا المجمع بدعة أريوس. المقطع الرسولي، الذي يُقرأ اليوم، مأخوذ من الفصل العشرين من أعمال الرسل. إنه الجزء الأخير من الخطاب الذي وجهه الرسول بولس إلى شيوخ كنيسة أفسس. أُلقي هذا الخطاب في ميليتس، حيث كان يتمركز رسول الأمم، خلال رحلة عودته إلى القدس للاحتفال بعيد العنصرة. من خلال هذا الخطاب، نرى أنه يمتلك حس المسؤولية الرعوية. إنه يظهر معاناته من أجل الحفاظ على وحدة الكنيسة وإيمانها الحقيقي، التي صنعها الله بنفسه بدمه. يتوافق محتوى القراءة الرسولية اليوم مع معنى عيد اليوم. تمامًا كما امتلك الرسول بولس إحساس بالمسؤولية الرعوية تجاه الكنائس التي أسسها في أماكن، كذلك أرسل الآباء القديسون، بوحي من هذا  الروح، أرواحهم إلى القطيع من أجل القطيع.  من العناصر المهمة التي يمكن القول بأنها الأساس الذي يقوم عليه العمل الرعوي للراعي هو اهتمامه. في حديثه إلى الشيوخ، حثهم الرسول بولس على الاعتناء بأنفسهم، لأنه يعرف كيف يؤثر كل سلوك الراعي على حياة قطيعه. يجب على كل إنسان أن ينتبه إلى الطريقة التي يحكم بها فيما يتعلق بإرادة الله.

 

في حديثه إلى الشيوخ، حثهم الرسول بولس على الاعتناء بأنفسهم، لأنه يعرف كيف يؤثر كل سلوك الراعي على حياة قطيعه. يجب على كل إنسان أن ينتبه إلى الطريقة التي يحكم بها فيما يتعلق بإرادة الله ، ولكن بالأحرى الراعي الذي يتحمل مهمة الأهتمام بالمؤمنين بعبارة أخرى يقول إنه يجب على المرء أولاً أن ينير نفسه، لكي يكون قادرًا على تنوير الآخرين، ثم يجب على المرء أولاً أن يطهر نفسه حتى يتمكن بعد ذلك من تنقية الآخرين. لقد وضع آباء كنيستنا هذا في الاعتبار، ودائمًا ما بدأوا برعاية أنفسهم أولاً ثم اتخاذ مكان إقامة القطيع المخصص لهم. الرسول بولس بهذا الاستبصار عند رؤية الحرب والزلازل. "بعد الدموع" يوجه القساوسة إلى الاهتمام بقطيعهم وكل القطيع لرعاية الكنيسة المسيح، "إذا كان جسده يعتني به"، للحفاظ على الكنيسة المقدسة، والإسراع، ومراقبة كل خطوة على الطريق. والحفاظ على وحدة الروح "في رباط السلام "(أفسس 4: 3) وسلكوا في طريق جميل. يقول الروح، من خلال الأنبياء، بوضوح أنه في نهاية الزمان سوف يبتعد البعض عن الإيمان ويتشبثون بالأرواح الوهمية والتعاليم الشيطانية. سوف يغويهم المنافقون الذين طعنوا ضميرهم. لسوء الحظ، فإن هذه الظواهر تميز عصرنا أيضًا. كانت "الذئاب الثقيلة" خائفة وتغزو المجتمع بكل الطرق. إنهم يقدمون أنفسهم كواعظ حقيقيين للمسيح، بينما هم في الواقع يهدفون إلى مصالح اقتصادية وسياسية.

 

لقد دحض الآباء القديسون بدعة آريوس وشهدوا للإيمان المستقيم، فاعترفوا بأن المسيح هو إله حقيقي وتام مساوٍ للآب في الجوهر وهو وحده يستطيع أن يفتح للإنسان طريق الإتحاد به أي ” التأله “. إن الرب يسوع الكلّي المعرفة والحكمة، صلى قائلاً: "هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك والذي أرسلته يسوع المسيح".

 

إن الحياة الأبدية تتطلب معرفة حقيقية ومستقيمة عن الإله الآب والإبن يسوع المسيح. إن أيَّ مَسٍّ في العقيدة المسيحية هو سيؤدي لا محال لضياع الحياة الأبدية، أي خلاصنا في الرب يسوع. فإذا لم يكن الربّ يسوع مساوي للآب في الجوهر لاستحال عليه أن يخلص العالم وتالياً أن يوصله إلى غاية تدبير الله الآب أي التأله.

 

لقد صلى الربّ يسوع في صلاته الأخيرة من أجل تلاميذه وأيضاً من أجل الذين يؤمنون به من خلالهم قائلاً: "أنا من أجلهم أسأل، لا أسأل من أجل العالم بل من أجل الذين أعطيتهم لي لأنهم لك، كل شيء لي هو لك وكل شيء لك هو لي وأنا قد مُجِّدت فيهم ". إن صلاة المسيح هي مبدئياً للتلاميذ الذين قَبِلوه ولكن الأمر يمتد ليشمل كل الذين يقبلونه عبر الأجيال ويسمعون كلماته ويحفظونها ويحيونها.

 

إخوتي الأحباء في المسيح ، إلى متى سنحتمل مشوهي الحق ومستغلي أرواحنا؟ لقد حان الوقت لنا جميعًا أن نفهم أن ضمان تقدم كنيستنا وخلاص مجتمعنا لا يتم توفيره إلا من خلال التعاليم الأرثوذكسية المقدسة.

 

 

الطروباريات

 

طروباريَّة القيامة   باللَّحن السَّادِس

إنَّ القوَّاتِ الملائكيَّة ظَهَرُوا على قبرِكَ الـمُوَقَّر، والحرَّاسَ صاروا كالأموات، ومريمَ وَقَفَتْ عندَ القبر طالِبَةً جسدَكَ الطَّاهِر، فَسَبَيْتَ الجحيمَ ولم تُجرَّبْ منها، وصادَفْتَ البتولَ مانِحًا الحياة، فيا مَنْ قامَ من بين الأمواتِ، يا ربُّ المجدُ لك.

 

طروباريَّة الآباء   باللَّحن الثَّامِن

أنتَ أيُّها المسيحَ إلهُنا الفائِقُ التَّسبيح، يا مَنْ أَسَّسْتَ آباءَنا القدِّيسينَ على الأرضِ كواكِبَ لامِعَة، وبهم هَدَيْتَنَا جميعًا إلى الإيمانِ الحقيقي، يا جزيلَ الرَّحمةِ المجدُ لك.

 

طروباريَّة الصُّعود باللَّحن الرَّابِع

صَعِدْتَ بمَجْدٍ أيُّها المسيحُ إلهُنا، وفرَّحْتَ تلاميذَك بموعِدِ الرُّوح القُدُس، إذ أيقَنُوا بالبَرَكَة أنَّكَ أَنْتَ ٱبنُ اللهِ المنْقِذُ العالَم.

 

القنداق  باللَّحن السَّادِس

لـمَّا أَتْمَمْت َالتَّدبيرَ الَّذي من أجلِنا، وجعلتَ الَّذين على الأرض مُتَّحِدِينَ بالسَّمَاوِيِّين، صَعِدْتَ بمجدٍ أَيُّهَا المسيحُ إلهُنا غيرَ مُنْفَصِلٍ من مكانٍ بل ثابتًا بغيرِ ٱفتِرَاق وهاتِفًا: أنا معكم وليسَ أحدٌ عليكم.