موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٤ فبراير / شباط ٢٠٢١

"فالنتاين" هذا العام: ابعد تحلى!

الزوجان مارغريت وديريك فيرث من بريطانيا

الزوجان مارغريت وديريك فيرث من بريطانيا

الأب رفعت بدر :

 

وفالنتاين هذا العام ليس حفلات وورود حمراء، إنّما هو عيد الحب الحقيقي المتجلي في الأوطان والبيوت والمستشفيات، جرّاء مرض الكورونا. وهو لهفات الناس بعضهم على بعض جرّاء الاشتباه بالإصابة، أو الإصابة أو الدخول في مراحل حرجة، فترتفع الصلوات وتذرف الدموع، وتنهال على الإنسان –وليس على الرقم– المصاب مئات الرسائل واللهفات والأدعية بالشفاء العاجل والعودة إلى الحياة الطبيعية.

 

والحب هذا العام بالتباعد –لا بالتقارب الجسدي- وهو تباعد جسماني ولا يعني تباعدًا وجدانيًا. وبطاقات التهنئة تقول بهذا اليوم: «إذا كنت تحبّني، ابقَ بعيدًا عنّي». أو «بعيد عنّك حياتي شفاء» أو «ابعد تحلى». وعلى مقاعد الكنيسة يجلس الناس ومنهم أفراد العائلة الواحدة، متباعدين، بحسب اجراءات السلامة، لكنّ القلب يخفق بالحب والدعاء من أجل أبناء العائلة الصغيرة والعائلة الكبيرة وهذه ما دأبنا على تسميتها «بالاسرة البشرية».

 

والفالنتاين هذا العام، صورة اجتاحت الاسبوع الماضي وسائل الإعلام للزوجين مارغريت وديريك فيرث من بريطانيا، متجاورين بسريريهما في إحدى غرف العناية الحثيثة في مستشفى ترافورد، بعدما ارتبطا بالزواج المقدّس منذ 70 عامًا. وكانت آخر صورة لهما في المستشفى بعد اصابتهما معا بالكورونا، وهما يمسكان بألم بادٍ ايديهما، وكلاهما يبلغ 91 عامًا، إلا أن ديريك توفي أولاً ولحقته مارغريت بعد ثلاثة أيام فقط.

 

والفالنتاين في (السوشال ميديا) كذلك خطيب يطلب من خطيبته أن تغمض عينيها ليفاجئها بهدية الموسم، وما إن تفتح عينيها حتى تبصر لقاح الفايزر مغلّفًا بهدية الفالنتاين، وتصرخ من الفرح والاندهاش. وعلى سيرة اللقاح، من مظاهر الحب والتضامن هذا العام، أن يكون هنالك توزيع عادل بين الشعوب، فلا استئثار به لمجرّد كون دولة غنية وبيدها مقاليد السيطرة على الدول الضعيفة والفقيرة. ومن مظاهره كذلك ما جرى في بلدنا الحبيب، بأنّ الاشقاء الوافدين –أو اللاجئين بتسمية الأمم المتحدة- قد نالوا حظهم من اللقاح، شأنهم شأن مواطنينا الاعزاء، وقد كان لذلك صدى ايجابياً واسعاً في العالم اجمع.

 

هي الأيام غيّرتنا كثيرًا، وغيّر الفيروس مقاييس عديدة، ومنع احتفالات تقليدية وموسمية كانت تجلب سرورًا للنفوس وتملأ جيوب التجار بالفلوس. لكنّ فالنتاين القديس –وهو أصل الحكاية من القرن الثالث– مسرور هذا العام بأنّ الناس قد وضع الله العلي في نفوسهم وعقولهم المقدرة على الإبداع بعيش طقوس «عيد الحب» المرتبط بعيد القديس الشهيد بإبداعات متجدّدة، تراعي ظروف عالم اليوم، الناظر بأمل نحو الشفاء.

 

هذا العام فالنتاين.. أونلاين، فليكن! المهم أن للحب تجليات وتعابير جديدة وان كانت الانسانية ما زالت جدّ جريحة. سلّمكم الله جميعاً، وكل فالنتاين وأنتم بخير!