موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٥ يناير / كانون الثاني ٢٠٢١

رسالة الإعلام 2021: أن نذهب لملاقاة الناس كيفما وأينما كانوا

البطريرك بيتسابالا متوسطًا أسرة المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، كانون الثاني 2021

البطريرك بيتسابالا متوسطًا أسرة المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، كانون الثاني 2021

الأب رفعت بدر :

 

الرسالة الإعلامية التي يوقعها البابا فرنسيس سنويًا في الرابع والعشرين من كانون الثاني (عيد القديس فرنسيس السالسي (اسقف جنيف من القرن الـ17) وكان بارعًا بتوجيه رسائل إلى مختلف اطياف المجتمع الأوروبي في عصره، جديرة بالتوقف عندها، فهي تحمل عنوانًا عريضًا: «هلُمَّ فانْظُرْ»، وعنوانًا فرعيًا: التواصل من خلال لقاء الأشخاص أينما هم وكيفما هم.

 

ونجد اليوم رابطًا بين رسالة الاعلام مع رسالة السلام مع مطلع هذا العام وحملت عنوان «ثقافة الرعاية والاعتناء». فالشخص البشري هو محور العملية السلمية، كما أنه محور العمل الاعلامي، وبدونه لا يستقيم عمل نبيل في هذه الحياة. أما الإعلام، فينبه صاحب الرسالة إلى الدعوة «هلُمَّ فانظُر»، كاقتراح لأي تعبير تواصلي يريد أن يكون واضحًا وصادقًا: في تحرير صحيفة ما كما في عالم النشر الإلكتروني، في الوعظ العادي في بيوت العبادة كما في التواصل السياسي أو الاجتماعي. فيقول أن هنالك فرقًا بين أن تجلس في مكتبك أو في بيتك لكي تكتب عن الناس، وتبتدع الأخبار كما يروق لك، أو أن تخرج لملاقاتهم في ظروف ومنعطفات حياتهم اليومية. ويستخدم هنا مصطلحًا رائجًا، وهو ضرورة «استهلاك نعال الأحذية»، أي في النهوض والخروج والسير نحو الإنسان والوقوف حقيقة على حياته الواقعية، وليست الحياة التي نظنه يعيشها.

 

ويشكر قداسة البابا شجاعة العديد من الصحفيين وأهل الإعلام الذين عرضوا في هذه الفترة حياتهم للمخاطر الجسيمة، ومنهم من غطوا الأحداث المتعلقة باضطهاد الأقليات الدينية في كثير من أطراف العالم. وكذلك يتحدث عن شجاعة التغطية الإعلامية وسط جائحة كورونا، وقد عرّض أهل الصحافة والإعلام نفوسهم لمخاطر الإصابة، إلاّ أنّه يحذر من التكلم عن اللقاحات المقدمة في الوقت الحاضر، كأمر يخص الدول الغنية على حساب حقوق الفقراء. وتدعو الرسالة الإعلاميين الى أن يكونوا شهودًا للحقيقة، وأن يتحققوا من كل أمر لدى النشر حوله، في وجه الأكاذ?ب والأخبار المزيفة والمغرضة. فإن «مخاطر التواصل الاجتماعي دون التحقق أصبحت الآن واضحة للجميع. لقد تعلمنا منذ فترة طويلة كيف يمكن التلاعب بسهولة بالأخبار وحتى بالصور، لآلاف الأسباب، وأحيانًا حتى لمجرد نرجسية مبتذلة. هذا الوعي النقدي لا يدفعنا إلى اعتبار هذه الأداة شرّيرة، وإنما إلى قدرة أكبر على التمييز وحسٍّ أكثر نضجاً بالمسؤوليّة، سواء عند انتشار المحتويات أو عند تلقيها».

 

في النهاية، دعونا نصلي مع الإعلاميين، في عيدهم السنوي، لكي يكونوا فعلاً رسلاً للحقيقة والخير والجمال، ولنقل معهم: علمنا يا ربّ أن نخرج من أنفسنا، وأن ننطلق في البحث عن الحقيقة. علمنا أن نذهب ونرى، علمنا أن نصغي، وألا نعزز الأحكام المسبقة، وألا نستخلص استنتاجات متسرعة. علمنا أن نذهب إلى حيث لا يريد أحد أن يذهب، وأن نأخذ الوقت الكافي لنفهم، وأن نولي الاهتمام للجوهري، وألا نسمح للفائض بأن يلهينا، وأن نميِّز المظهر المخادع عن الحقيقة. امنحنا النعمة لكي نتعرّف على مساكنك في العالم والصدق لنخبر بما رأيناه.