موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ٢٧ ابريل / نيسان ٢٠٢٠
الحلقة الرابعة من خبرة الإعلامية الأردنيّة لينا مشربش حول إصابتها بفيروس كورونا
كتبت الإعلامية الأردنيّة لينا مشربش مقالات في صحيفة اللويبدة، بعد أن أصيبت بداء الكورونا أثناء زيارتها لابنها الدارس في لندن. وقد طلب رئيس تحرير أبونا منها أن تنشر أيضًا فوق صفحات موقع أبونا، لتعميم الفائدة، والإصغاء لهذه الخبرة الإيمانية والإنسانية.
الإعلامية لينا مشربش تكتب خبرتها الشخصية مع مرض الكورونا

الإعلامية لينا مشربش تكتب خبرتها الشخصية مع مرض الكورونا

لينا مشربش :

 

ويبقى الحديث من لندن وعن لندن حيث مكان إقامتي الحالية بعد أن تقطعت بي سبل العودة إلى بلدي بسبب وباء الكورونا الذي يجتاح العالم، ولا أحد يعلم إلى متى سيستمر، ولكنني أتقبل الوضع بحكم إيجابيتي في التعامل مع الأمور ويبدو أن الكتابة إحداها.

 

لكل مجتمع ثقافة وسلوك إجتماعي يميزه عن غيره، وتصبح لديه مجموعة من المفاهيم والقناعات الخاصة تعتمد على ما يتكون لديه من خبرات مكتسبة أو موروثه. وإليكم هذه المشاهد: حدث اليوم وأنا أنتظر أمام موقف الباص أن سيطرت عليّ نوبة من الضحك لم أعهدها منذ وقت طويل، وذلك عندما قرأت إعلانًا عن ضياع قطة ألصقه شخص على واجهة موقف الحافلة مع صورة القطة التائهة، ما أضحكني هو النص وهذا ما يقوله: "مرحبًا، هل رأيتم هذه القطة، اسمها تشارلي، ولديها إخوة وأخوات يفتقدونها، وقد شوهدت آخر مرة بتاريخ 5 نيسان، رجاء من يجدها الإتصل على الهاتف التالي".

 

لا يمكن أن ترى قطة أو كلبًا هائمًا على وجهه في لندن، فهناك رباط عاطفي قوي بين هذه الحيوانات وأصحابها وتحظى بحمايتهم وتصبح كفرد من أفراد العائلة.

 

يشدُّ انتباهي وأنا أسير في الحي اللندني الذي أسكن فيه وجود بعض الصناديق أمام عدد من المنازل وقد وضعوا ما لا يحتاجونه من مقتنياتهم الشخصية التي تعذر عليهم التبرع بها كما هو معتاد بعد أن أغلقت المتاجر الخيرية أبوابها بسبب الكورونا. تقرأ عبارات please help yourself بمعنى "تفضل ساعد نفسك بنفسك". وبفضول أنظر داخل الصناديق فأرى غالبًا كتب أو ألعاب الفيديو وغير ذلك من مقتنياتهم الشخصية وكلها بحالة جيدة جدًا، وفي إحدى المرات لفت إنتباهي صندوق فيه شتلات بندورة أمامها عبارة الشتلة بجنيه واحد.

 

أما قصةُ القصص فكان بطلها رجل كهل في نهاية عقده التاسع إسمه توم موور، الجندي برتبة نقيب، وهو من المحاربين القدامى في الحرب العالمية الثانية،  ظهر توم في العاشر من شهر نيسان خلال برنامج "بي بي سي" الصباحي معلنًا أنه يريد أن يعبّر عن تقديره للأطباء والممرضين وأن يساهم بشيء يساعدهم في عملهم الشاق مع المصابين في الكورونا، وقال إنه سيمشي حول حديقة منزله مائة مرة قبل أن يبلغ عيده المئة، كان أقصى طموح لدى الكابتن توم أن يجمع تبرعات بحدٍ أقصى هو ألف جنيه إسترليني، لكن المفاجأة كانت بعد ظهوره يمشي ويمشي حول الحديقة متكئًا على ووكر وتدفقت التبرعات على الخدمة الصحية الوطنية حتى من خارج بريطانيا ووصلت إلى 30 مليون جنيه إسترليني، حتى كتابة هذا المقال لصالح "ناشونال هيلت سيرفس" (NHS)، وصار في نظر الناس بطلا وملهما وقدوة للكثيرين.

 

لا تبنى الأوطان وتزدهر إلا بترابط الناس وتعاضدهم وحرصهم على مجتمعهم، وأنا ممن يؤمنون بأن الإنسان كائن إجتماعي وأخلاقي يسعى إلى الخير، وهو الأساس وهو حجر الزاوية في البناء وازدهار الأوطان. نحن لا زلنا لا نرى الضوء في نهاية نفق الكورونا المظلم، ولكن ستنتهي هذه الأزمة وسننهض من جديد وستعود الطيور المهاجرة إلى أوطانها. قولوا إن شاء الله.