موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٢٦ ابريل / نيسان ٢٠٢٠
الحلقة الثالثة من خبرة الإعلامية الأردنيّة لينا مشربش حول إصابتها بفيروس كورونا
كتبت الإعلامية الأردنيّة لينا مشربش مقالات في صحيفة اللويبدة، بعد أن أصيبت بداء الكورونا أثناء زيارتها لابنها الدارس في لندن. وقد طلب رئيس تحرير أبونا منها أن تنشر أيضًا فوق صفحات موقع أبونا، لتعميم الفائدة، والإصغاء لهذه الخبرة الإيمانية والإنسانية.
الإعلامية لينا مشربش تكتب خبرتها الشخصية مع مرض الكورونا

الإعلامية لينا مشربش تكتب خبرتها الشخصية مع مرض الكورونا

لينا مشربش :

 

السؤال بل الأسئلة التي تُطرح وتشغل بال الناس في كل مكان هل سيكون العالم بعد وباء كوفيد-19 كما كان قبل الوباء؟

 

أعتقد أن الإجابات والتوقعات جاءت ولا تزال تتوالى من عدة جهات سياسية واقتصادية واجتماعية عالمية. ومن جهتي أسرد تجربتي الواقعية من الشارع مباشرة.

 

"إبتعدي" Step Back!

 

كانت عيونها تفترسني من خلف كمامتها، وصوتها الحازم جمد أوصالي، فتسمرت على الرصيف لحظة ثم قفزت بعيدًا عنها إلى الشارع، وأنا أعتذر بسبب عدم انتباهي لقربي منها. الناس في لندن يسيرون متباعدين وينتظرون بعضهم حتى يفسحوا المجال للشخص القادم لمتابعة سيره حفاظًا على مسافة آمنة بينهم.

 

ولعلّ ما يميز لندن أنها خليط من أعراق وهويات ثقافية متعددة، وأجدهم ملتزمين في تطبيق التعليمات الرسمية للحكومة البريطانية، وهم بشكل عام يتحلون بالأدب واللياقة والنظام، ولا يجاملون، ويلتزمون بالمواعيد، وليس بينهم حميمية في سلوكهم الإجتماعي العام، فلا سلام باليد ولا غيره، حتى قبل الكورونا. ولعلّ أكثر ما يمكن أن يقدمه جارك أو المارة إذا ما تلاقت العيون إبتسامة عابرة، وإذا حدثك أحدهم فلا يتعدى ذلك الحديث عن أحوال الطقس.

 

أخرج يوميًا للسير في ظل الحجر الصحي المفروض على الجميع، وامتثل للتعليمات الرسمية للخروج فقط عند الحاجة أو الرياضة، ويعجبني مراقبة حركة الناس وسلوكهم في الشارع وحرصهم على ترك مسافة بينهم وبين غيرهم، وهم ينتظرون في طوابير متباعدة مسافة مترين على الأقل أمام البنوك أو الصيدليات ومتاجر بيع الطعام دون تذمر أو تململ، مهما طال الوقت.

 

يقال أن تأثير وباء كورونا سيكون نفسي بسبب العزلة الإجتماعية، فهناك مخاوف من إرتفاع معدلات العنف والكراهية وهناك شواهد على ازدياد مشاعر الخوف والذعر فقد سمعنا عن إزدياد الاقبال على شراء السلاح في الولايات المتحدة الأمريكية.

 

قد يصبح من الصعب أن تبقى عادات الناس على حالها فتأثير الوباء سيضرب في العمق بعادات الناس المتعارف عليها، فالسلام أصبح بالتلويح من بعيد بدل المصافحة، وصار بالكوع، أو بضم اليدين والانحناء، وحتى في بعض الثقافات استبدل بالأرجل.  

 

أدعو الله القدير ألا تطول الجائحة وتنتهي فترة الإغلاق وتباعد الناس عن بعضها، فالجنة بلا ناس ما تنداس.