موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٧ يوليو / تموز ٢٠٢٠
4 سنوات على استشهاد الكاهن الفرنسي جاك هاميل؛ رجل الحوار، السلام والأخوّة

فاتيكان نيوز :

 

لأربع سنوات خلت، استشهد في فرنسا الكاهن الكاثوليكي المُسنّ جاك هاميل فيما كان يحتفل بالقداس الإلهي في كنيسة سانت إتين دو روفراي، في منطقة نورماندي، شمال البلاد، حيث قضى ذبحا على يد شابين من مناصري تنظيم الدولة الإسلامية (ما يُعرف إعلاميًا باسم داعش).

 

وبعد أقل من شهرين على استشهاد الأب هاميل، في 26 تموز من العام 2016، أعلن البابا فرنسيس عن نيته في فتح دعوى تطويب الكاهن المغدور، قائلاً إنه قُتل شهيدًا وجميع الشهداء هم مطوبون. جاءت كلمات البابا خلال احتفاله بالقداس في كابلة بيت القديسة مارتا لمناسبة عيد ارتفاع الصليب في 14 أيلول من العام نفسه، بحضور أقرباء الأب هاميل وعدد من الحجاج برفقة أسقف أبرشية روان المطران دومينيك لوبران. قال فرنسيس آنذاك إن الكاهن الراحل "كان رجلاً طيبًا، ومتواضعًا، عمل دومًا في سبيل الأخوّة ومن أجل إرساء أسس السلام، وقُتل كما لو كان مجرمًا. هذا هو النهج الشيطاني للاضطهاد".

 

واختتمت المرحلة الأبرشية من دعوى التطويب في شهر آذار من العام الماضي. واليوم، بعد مضي أربع سنوات على رحيله، بات ملف الدعوى في عهدة مجمع دعاوى القديسين في الفاتيكان، الذي سيتأكد ما إذا كان الأب هاميل شهيدًا فعلاً وقُتل بدافع الكراهية للإيمان. وحملت هذا الملف إلى روما مجموعةٌ من الشبان رافقوا المطران لوبران وعددًا من كهنة أبرشية روان، بمن فيهم طالب دعوى التطويب الكاهن بول فيغورو، وسُلم باليد إلى الكاردينال أنجيلو بيشو، عميد المجمع الفاتيكاني.
 

رجل حوار، سلام وأخوّة

 

ومتحدثًا لموقع فاتيكان نيوز، قال الأب أنجيلو رومانو، المسؤول عن بازيليك القديس برتلماوس في روما التابعة لجماعة سانت إيجيديو، والمكرسة للشهداء الجدد، والتي يُحفظ فيها "كتاب صلاة الساعات" الخاص بالكاهن هاميل، إنّ "الجريمة الهمجية التي ذهب ضحيتها هذا الكاهن تساعدنا على فهم أهمية ما كان يقوم به"، موضحًا بأنّ هذا الرجل استُهدف لأنه كان رجل حوار، رجل سلام ورجل أخوّة مع الجالية المسلمة في بلدته

 

وأضاف: إن حقد الإرهاب يوجّه في المقام الأول إلى الأشخاص الذين يشكلون جسرًا مع الآخرين، تمامًا كما حصل في سورية عندما تعرّض للاختطاف أسقفا حلب للروم الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس بولس يازجي وغريغوريوس إبراهيم. ولفت إلى أن الأسقفين، اللذين لم يُعرف مصيرهما حتى اليوم، كانا من أكثر الأشخاص التزامًا في بناء الجسور بين الجماعات الدينية المحلية، مشيرًا في هذا السياق إلى أن مقتل الأب هاميل يسلط الضوء على أهمية النشاط الذي كان يقوم به.

 

وذكّر الأب رومانو بأن هذه الجريمة الوحشية والمقيتة ولّدت صدمة في أوروبا، لاسيما في فرنسا، وجاء هذا الاستشهاد ليتوج حياة كاهن مثالي لم يتخلى عن الناس إطلاقًا. وأشار إلى أن بازيليك القديس برتلماوس، ولكونها تحتفظ بكتاب صلاة الساعات الخاص بالأب هاميل منذ أيلول 2016، فإنها تشكّل منذ ذلك التاريخ مقصدًا للعديد من الحجاج الفرنسيين. وأوضح أن هذا الكتاب يحتوي بداخله على العديد من صور القديسين، وذكريات تعود لأشخاص رحلوا ولأطفال حصلوا على المناولة الأولى، ولشبان نالوا السيامة الكهنوتية. ومن البديهي أن هاميل صلى كثيرًا في هذا الكتاب نظرًا لحالته المتردية.

 

وتابع الأب رومانو مذكرًا بالمناسبات العديدة التي تحدث فيه البابا فرنسيس عن الشهداء المسيحيين في الزمن الراهن، قائلاً: إن عدد هؤلاء يفوق عدد شهداء القرون الأولى للمسيحية. كما ذكّر بأن البابا الراحل يوحنا بولس الثاني كان له حدس روحي حيال هذا الموضوع لأنه عاش شخصيًا مأساة الشهداء الجدد في بولندا خلال الحرب العالمية الثانية وبعدها، أي في ظل النظام الشيوعي. ولفت أن البابا القديس رافق الكنيسة خلال هذه المرحلة من الوعي الجديد، ولم ندرك هذا الأمر جيدًا آنذاك. وأوضح أنه قبل عام 2000  لم يُكتب الكثير عن موضوع الشهداء الجدد، بيد أن البابا يوحنا بولس الثاني سلط الضوء على هذا الواقع، وهو أن المسيحيين باتوا اليوم عرضة للاضطهاد في العديد من بلدان العالم.