موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٦ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٧
’مركز سيدة السلام: رسالة وكنيسة‘.. كتاب جديد للمطران سليم الصائغ

عمان – أبونا :

 

أطلق المطران سليم الصائغ، المطران السابق للاتين في الأردن، كتابًا جديدًا بعنوان: ’مركز سيدة السلام: رسالة وكنيسة‘، يتناول فيه تأسيس المركز الذي أنشأه سيادته عام 2004، لخدمة الأشخاص من ذوي الإعاقة، ومن رحمه نشأ حوار إسلامي مسيحي حول هذه الخدمة الإنسانية النبيلة، وهو في الوقت نفسه يعد مركزًا للشبيبة والرياضات الروحية أو الدورات المختلفة.

 

ويتناول الكتاب في قسمه الثاني كنيسة الراعي الصالح، والتي أصبحت تحتضن الاحتفالات الدينية الكبيرة للكنيسة اللاتينية في الأردن، مسطرًا بالكلمة والصورة الأيقونات الجميلة، المنتشرة على جدران الكنيسة، لتضع الشخص أمام العديد من الأحداث الكتابية. كما يفرد مساحة من الصور لزيارة البابا بندكتس السادس عشر إلى المركز عام 2009.

 

وفي مقدمة الكتاب، قال المدبر الرسولي للبطريركية اللاتينية المطران بييرباتيستا بيتسابالا: "عندما نذكر الأرض المقدسة سرعان ما يتوجه فكرنا إلى الأماكن المقدسة التي وراء النهر: بيت لحم والقدس الشريف وأريحا والناصرة وغيرها من المدن والقرى التي قدسها السيد المسيح وألقى بشرى الخلاص فيها. وقلما يخطر على بالنا أن الأردن بلاد مقدسة، كرمها السيد المسيح بكلمته وسيرته، وكرّمها الأنبياء بدعوتهم ورسالتهم".

 

ومستشهدًا من خطاب البابا القديس يوحنا بولس الثاني يوم 20 آذار عام 2000: ’أنا اليوم في الأردن، ومعرفتي بالأردن ترتكز على الكتاب المقدس. فهي أرض باركها السيد المسيح بمكوثه فيها، وباركها الأنبياء: موسى وإيليا ويوحنا المعمدان، كما باركها الشهداء والقديسون في الكنيسة الأولى‘، أضاف المدبر الرسولي: "إن الحقبات التاريخية التي مرّ بها الأردن تضع أمامنا أسماء كثيرة وردت في الكتاب المقدس: آرام، بنو عمون، مؤاب، أدوم، بلاد الأنباط، المدن العشر، وعبر الأردن... فقد انتشرت المسيحية في الأردن منذ عهد الرسل. ومن الثابت تاريخيًا أن المسيحيين في البلاد المقدسة هم استمرار لثقافات العهدين القديم والجديد. فالكتاب المقدس والتاريخ المسيحي والآثار المسيحية كلها تحدثنا عن الأنبياء، وعن يسوع المسيح والقديسين والشهداء. فانتماء المسيحيين إلى بلادهم المقدسة هو حجر الأساس لهويتهم المسيحية والوطنية الفريدة".

 

ويتابع: "ليس المسيحيون في الأردن شعبًا منفصلاً عن إخوانهم المسلمين. إنهم أبناء حضارة واحدة بجميع مقوماتها، وخلفهم تراث من العيش المشترك والمودة. وانتماؤهم إلى الوطن مبنيّ على قاعدة التاريخ والمصير. وبالرغم من اختلاف الدين فإنهم يريدون أن يحافظوا على حضارتهم العربية وتراثهم ومجتمعهم. وانطلاقًا من هذا الانتماء فإنهم يرفضون الانزواء، ويؤمنون بالتعددية ويعملون معًا على تنمية النسيج الوطني لجميع أبناء الوطن. فالدستور والقوانين تحفظ تمثيلهم في البرلمان ومجلس الأعيان، وينعمون بحرية العبادة وبناء الكنائس والمدارس والمؤسسات الكنسية. وللكنائس محاكمها الخاصة لتحكم في الأحوال الشخصية لأبنائها. إنهم يؤمنون بالتعددية والديمقراطية، والاختلاف والمساواة في المجتمع".

 

ويضيف: "إن الأردنيين المسيحيين فخورون بثقافتهم وانتمائهم الوطني، شأنهم في ذلك شأن المواطنين المسلمين، إلا أنه بدأت تطفو على السطح دلائل كثيرة تعكّر صفاء العيش بين المسيحيين والمسلمين على المستوى الشعبي. السبب الرئيسي لذلك هو أن كتب التاريخ والثقافة العامة تتجاهل التاريخ العربي المسيحي. والتربية الوطنية في المدارس والجامعات تتجاهل وجود المواطن المسيحي. والتيارات الإسلامية المتزمتة ترفض للمواطنين المسيحيين أن يكونوا مواطنين بكامل الحقوق. المغرضون يجهلون أو يتجاهلون التاريخ، يشككون في عروبة المسيحي الأردني لغرض في نفوسهم. وفي الجامعات، في مادة التربية الوطنية، يزرع البعض منهم في عقول الشباب ما يخالف الحقائق التاريخية، ويمزقون اللحمة الاجتماعية الأردنية التي نعتزّ بها".

 

ويتابع في هذا السياق: "من حيث المبدأ، لا نستغرب أن يواجه الأردنيون مختلف المصاعب والمشاكل والهموم، شأنهم في ذلك شأن جميع شعوب العالم، حيث يختلف المواطنون في أمور كثيرة، تحت شعارات كثيرة: سياسية واقتصادية وإنسانية ودينية... وبالتالي لا يعيبنا أن يكون لدينا نحن أيضًا من الهموم ما لدينا. وإنما نقول بأنه لا بدّ لنا من المصارحة الأخوية البناءة، التي يلجأ إليها الذين يتميزون بالحكمة والعقلانية، والتي تؤدي إلى الاعتراف بواقع الاختلاف الديني وبالحق على الاختلاف، والتي تتحاشى أن تحول التنوع إلى مصدر خلاف وصراع. فالتدين الأصيل، يقرّب الإنسان من ربه، ويقرّب الإنسان من الإنسان الآخر، فيحترم خصوصياته ومشاعره ومقدساته".

 

ويقول: "إن الأردن، ملكًا وحكومة وشعبًا، يحمل رسالة، قد لا تبدو واضحة للكثيرين، وهي أنه الدولة العربية الوحيدة التي لديها ’البنية التحتية‘ التاريخية والاجتماعية والدستورية، التي تمكنه من أن يبني عليها، ويرسم خطًا واضحًا للمواطنة الكاملة لجميع المواطنين، مبنيًا على العروبة المخلصة الصامدة والمشتركة بين المسيحيين والمسلمين. الأردن بلدٌ مقدس يحمل رسالة الأخوة الشاملة، والعيش الودي، والاحترام المتبادل بين أهله أجمعين".

 

وختم المطران بيتسابالا مقدمته بالقول: "تقدّم شكرنا لكل من ساهم في بناء مركز سيدة السلام، وفي رسم الإيقونات التي تملأ الكنيسة، سواء من المواطنين أو غير المواطنين، من المؤسسات الخيرية، المحلية أو العالمية، كما نشكر كل من يواصل دعمه للمركز بصلواته وسخائه وخدماته. جازاهم الله كل خير وبركة. ففي مركز سيدة السلام، تحتضن الكنيسة جميع المواطنين، مسيحيين ومسلمين، باهتمامها واحترمها، بحبها وحنانها، وتوفّر للجميع إمكانية القيام بما هو جميل وبنّاء، ومنير وخلاّق، وذلك بالتطوع المجاني في سبيل إخوتهم ذوي الاحتياجات الخاصة".