موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ١٥ يونيو / حزيران ٢٠٢٠
تأمل في سرّ الخيانة وفي سرّ الأمانة على ضوء واقع كنيستنا اليوم
تلميذ خائن، تلميذ طائش وتلميذ أمين: مشهد بستان الزيتون

الشماس فراس عبدربه :

 

احتفلنا اليوم في كنيسة نزاع الرب، في الجسمانية في مدينة القدس، بالرسامة الشماسية لسبعة من الرهبان السالسيين. وقد لفتت نظري من جديد اللوحات الفسيفسائية الثلاثة التي تمثل أحداث هذه الليلة الأخيرة من حياة يسوع البشرية. وقد فكّرت كيف أن هذه الأحداث الحقيقية، تعكس ناحية من واقع كنيستنا اليوم، إذ أضحى تلميذ المسيح اليوم يقف امام ذات النماذج الثلاث للتلمذة للمسيح، وهي: خيانة يهوذا أو طيش بطرس أو ولاء يوحنا الحبيب، الذي بقي اميناً للرب حتى النهاية، لأنه "أحبّ" ومَن يحب لا يلحق بالآخرين شرّاً.

 

يهوذا الاسخريوطي الخائن: هو صاحب القبلة الغاشّة، مَن يضع دائماً مصلحته الشخصية فوق المصلحة العامة. هو من تآمَر مع أشباهه من محبي المال والجاه والسلطة، وخان دعوة الله له، وخان من ائتمنه على كنوز لا تفنى لأجل كنوز سوف تفنى. هو الكاذب وهو السارق وهو المراوغ وهو المتخبط في شهواته، وهو الذي في النهاية اضحى "ابن الهلاك" لأنه يريد أن يخلص نفسه، فأهلكها. قلبه حاقد، نفسه مريضة بالغيرة والجشع والطمع، منغلق على التوبة، لا يقبل الاعتراف بخطيئته، ويفضل في النهاية الانتحار على تواضع التوبة والشهادة التي تعطي الحياة.

 

بطرس الطائش: هو نموذج للتلميذ الصادق، الذي لا يزال مع ذلك متردّداً وخائفاً وشكاكاً. ثقته ليست كاملة بعد. وهو في بعض المواقف سطحي، ساذج، انفعالي، متسرع، بحاجة إلى خبرة أعمق. لكنه يملك قلباً سليماً وكريماً ومستقيماً جعله منفتحاً على التوبة والإعتراف بضعفه للعودة من ثم لتثبيت اخوته، والموت أخيراً من أجل الإسم.

 

يوحنا الحبيب، التلميذ الأمين: هو الذي رغم صغر سنّه، قد امتلك طهارة وشجاعة وحكمة "المحبة". لقد أحب، ولذلك بقي أميناً حتى النهاية، واقفاً بجانب معلّمه المصلوب، مع مريم أمِّه. إنه نموذج التلميذ المثالي، الذي يقبل بتواضع أن يتعلم، وبعفوية أن يسأل، وبشجاعة أن يبقى أميناً، ومن ثم أن يشهد بصدق، أن يقول الحق، وأن يدخل في أعماق السرّ. إنه يوحنا اللاهوتي، الذي يُشَبَّه بالنسر، لأنه حلّق عالياً، وحدق بنظر ثاقب في عمق قلب المعلّم، إذ نراه مائلاً على صدره. إنه مثال لمسيحيي وأساقفة وكهنة وشمامسة ورهبان وراهبات زماننا هذا. وأنا، وفقاً لأيِّ من هذه النماذج أطلب من الرب أن يجعلني؟