موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٠ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٤

وحدة المسيحيين مطلب ربّاني

بقلم :
بسام دعيبس - الأردن
وحدة المسيحيين مطلب ربّاني

وحدة المسيحيين مطلب ربّاني

 

في هذا الاسبوع (١٨-٢٥ كانون الثاني لعام ٢٠٢٤) المخصص للصلاة من اجل وحدة المسيحيين، تحت شعار الآية المقدسة "أحب الرب الهك… واحب قريبك مثلما تحب نفسك" (لوقا ٢٨:١٠)، دعونا نتأمل في هذه الاية وعمق معناها، وفي واقع الكنيسة، وفي صلاة الرب في ليلة نزاعة الأخير من اجل ان يكون تلاميذه ونحن من بعدهم واحدا، وفي صلاتنا منذ عدة عقود من اجل وحدة المسيحيين.

 

ماذا تعني الآية: "أحب الرب الهك، واحب قريبك مثلما تحب نفسك". لا يمكن أن يكون الإنسان مسيحيا دون أن ينشر نور الحب الذي وهبنا اياه الرب يسوع، والذي ينير حياتنا، لينير حياة القريب، لا بل حتى الكارهين والمبغضين والمضطهِدين والاعداء.

 

فالله محبة، والحب ليس اختيارا بل هو من صلب حياتنا المسيحية، أوصى يسوع الكنيسة عليه، واوصانا لعيشه بمساعدتنا المتبادلة مع الآخرين، وقد جمع الرب يسوع بين حب الله وحب القريب في وصية واحده فالحب ليس مجرد وصية، إنما جواب لعطاء الحب الذي من خلاله يأتي الله للقائنا، وطالما انتم محبوبون من الله، فانشروا الحب في كل مكان، مبتدئين بالقريب، وبطبيعة الحال هذا يحتم علينا ايضا ككنائس ورعايا ومجموعات وافراد ان نحب بعضنا بعضا كما أحبنا المسيح واحب  كنيسته وصلى من اجلنا لنكون واحدا.

 

واقع الكنيسة منذ البداية

 

لقد دب الفساد في الكنيسة منذ نشاتها، ولا يزال يأخذ اشكالا مختلفة مع الاسف حتى الآن... اذ كتب القديس بولس الى كنيسة اهل قورنتس محذرا: "أناشدكم ايها الاخوة باسم ربنا يسوع المسيح ان تكونوا جميعا على وفاق في الراي... وألا يكون بينكم شقاق... بل كونوا على وئام تام... لكم روح واحد وفكر واحد...". وقد رفض انقسامهم "انا مع بولس وانا مع ابلس وانا مع صخر وانا مع المسيح"، قائلا لهم: "أترى المسيح انقسم؟ ابولس صلب من اجلكم... ام باسم بولس قبلتم المعمودية".

 

"من أراد أن يكون كبيرا فيكم فليكن لكم خادما... ومن أراد أن يكون الاول فيكم فليكن لكم عبدا"

 

ان الانقسامات قديمة حتى ان تلاميذ يسوع تنازعوا فيما بينهم على السلطة وحب المناصب... ناسين رسالة المسيح... فتراهم يسألون يسوع من تراه الاكبر في ملكوت السموات... كما نرى ام ابني زبدى يعقوب ويوحنا تطلب لولديها المناصب... مر ان يجلس ابناي هذان احدهما عن يمينك والآخر عن شمالك في ملكوتك... ولكن السيد المسيح كان واضحا اذا قال... من أراد أن يكون كبيرا فيكم فليكن لكم خادما... ومن أراد أن يكون الاول فيكم فليكن لكم عبدا.

 

واقع الكنيسة الحالي

 

علينا ان نتألم لهذا الواقع المرير من الانقسامات بين المسيحيين وفي الكنيسة... لاننا معنيون بهذه الامر ومعنيون بالكنيسة... لا بل نحن الكنيسة لانها بيتنا... ومن منا لا يتألم لاي انقسام يحدث بين افراد الاسرة الواحدة؟ علينا أن نشعر بوجود خلل ومشكلة في كنيسة المسيح... وان المسؤولين في كنيسة المسيح ومن بعدهم المسيحيين جميعا مطالبون باصلاح هذا الخلل، لانه لا يجوز رؤية خطر الانقسامات تهدد وحدة الكنيسة... ولا يجوز ان نشعر بأننا بعيدون عن رغبة المسيح في وحدة الكنيسة، ونبقى متفرجين منقسمين بدلا من ان نكون متحدين في كنيسة واحدة، محققين رغبة المسيح في وحدتنا ووحدة الكنيسة، وهذا يدعو الى عيش الكتاب المقدس من قبل المسؤولين والمؤمنين في الكنيسة... من حيث المحبة والخدمة والتسامح وتنقية القلوب... وتصفية النفوس... وتكاتف الجهود... وتجنيد الطاقات من اجل الوحدة المسيحية.

 

كما ان المسيح والاب واحد هكذا يريد الرب أتباعه ان يكونوا واحدا. ولكن مع الاسف فهم ليس كذلك، انهم يتنافسون فيما بينهم، ولا سيما زعماء الكنائس والطوائف، والكل يدّعي انه الافضل وكأن كنيسته تمتلك مفاتيح ملكوت السموات.

 

ايها الرؤساء الروحيون، اعملوا كما طلب الرب منكم وصلى من اجلكم ان تكونوا واحدا فالمسيح لم ينقسم وبولس لم ينقسم وما الانقسامات الا من صنع ايديكم والمؤمنين ضحايا لذلك، فمسيحنا واحد وديننا واحد ومعموديتنا واحدة وقانون ايماننا واحد، ومن ينادي بعكس ذلك فهو ليس منا.

 

لنصلي من اجل وحدة المسيحيين والكنيسة قائلين: ايها الرب يسوع، يا من في ليلة إقبالك على الموت من اجلنا، صليتَ ليكون تلاميذك بأجمعهم واحدا كما ان الآب فيك وانت فيه. اجعلنا نشعر بعدم أمانتنا ونتألم لانقسامنا. أعطنا صدقا فنعرف حقيقتنا، وشجاعة فنطرح عنا ما يكمن فينا من لامُبالآة ورباء، ومن عداء متبادل، وامنحنا يا رب ان نجتمع كلنا فيك، فتُصعد قلوبنا وأفواهنا بلا انقطاع صلاتك من أجل وحدة المسيحيين كما تريدها انت وبالسُبل التي تُريد. ولنجد فيك يا ايها المحبة الكاملة الطريق الذي يقود الى الوحدة في الطاعة لمحبتك وحقك. آمين

 

واخيرا لنصلي بشكل خاص لان تتكرم السيدة العذراء التي تدعوها الكنيسة وبحق ام الكنيسة، لان تصلي من اجلنا ومن اجل ان تجمع ابناءها كما جمعتهم يوما في علية صهيون في الصلاة بانتظار الروح القدس، وان نفعل ما قالته يوما للخدم: افعلوا ما يأمركم به يسوع لكي نحقق رغبة المسيح في وحدة المسيحيين وكنيستهم. آمين