موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٣ فبراير / شباط ٢٠٢٤

عيد تقدمة الرّب

بقلم :
بسام دعيبس - الأردن
عيد تقدمة الرّب

عيد تقدمة الرّب

 

"هانذا ارسل ملاكي فيهيء الطريق امامي و ياتي بغتة إلى هيكله السيد الذي تطلبونه و ملاك العهد الذي تسرون به هوذا ياتي قال رب الجنود" (ملاخي 1:3). "ارفعي ايتها الابواب رؤوسك وارتفعي ايتها المداخل الابدية وليدخل ملك المجد . من ذا ملك المجد ؟ الرب العزيز الجبار ، الرب الجبار في القتال" مزمور23.

 

أبى رب الشريعة له المجد الا ان يُتم مع والدته العذراء الشريعة الموسوية، شريعة التطهير والتكفير كما جاء في سفر الاحبار (12/ 6-8). وكما قال القديس لوقا : "ولما تمت ايام تطهيرها بحسب ناموس موسى، صعدا به الى اورشليم ليقرّباه للرب على حسب ما كتب في ناموس الرب". (لوقا 2/ 22-23).

 

تحتفل الكنيسة بعد مرور اربعين يوما من عيد ميلاد الطفل يسوع، اي في الثاني من شهر شباط من كل عام بعيد تقدمة الرب، هذا العيد الذي قربت فيه مريم ويوسف الطفل يسوع الى الهيكل، لا ليؤدي ما تفرضه الشريعة فحسب، بل ليلاقي شعبه المؤمن، وليعلمنا التواضع ونبذ الكبرياء القاتلة ، والخضوع للشريعة الإلهية.

 

 وكان في الهيكل شيخين جليلين، هما سمعان وحنه، جاءا الى الهيكل آنذاك بوحي من الروح القدس، وكان سمعان مؤمنا جدا ويقضي معظم وقته متعبدا بالهيكل، وقد وعده الله انه لن يموت قبل ان يشاهد المخلص بعينيه، وقد كان يعيش في حالة حزن واضطراب وصراع وشكوك هل ان الله سوف يفي بوعده معه ويشاهد بعينيه الرب المخلص قبل ان يموت، وايضا كان خائفا على خلاص شعب اسرائيل، ولكن رغم ذلك كان مسلما امره لله بصبر وثبات.

 

جاءت العائلة المقدسة، لتقدم رب الشريعه، حسب طقوس الشريعة، يسوع الطفل للهيكل، لكي يبارك من قبل الرب، وليفتدى بزوج من الحمام كسائر فقراء الشعب علما ان الاغنياء كانوا يقدمون الثيران، وهذا يعلمنا تواضع يسوع وعائلته التي هي بالاساس ليست بحاجة لكل هذا لانها عائلة مقدسة ولكنها قبلت بذلك لتتحد البشريه مع الله من خلال الطفل المتجسد ولكي يكتمل الناموس.

 

 وعندما دخلت العائله المقدسه الهيكل، ارشد الروح القدس سمعان ليستقبلها ويحمل الطفل، وهنا قال نشيده: الان اطلق عبدك بسلام ايها الرب، لان عيني قد رأت نورك وخلاصك بهذا الطفل، وفرح سمعان كثيرا، وقد تنبأ بأن هذا الطفل سيكون مخلصا لكثير من الساقطين والبعيدين عن الرب أي الذين يرفضونه، وايضا سوف يقيم ويبارك من يؤمن به.

 

وايضا قال لمريم سينفذ سيفا في قلبك، وهنا تعجبا مريم ويوسف من كلامه، كيف عرف ما يعرفانه واذ قال بصوت عالي انه الروح القدس الذي اخبره او ساعده على قول ذلك. وقد تمت هذا النبوءة لما طعن قلبها سيف الآلام والاوجاع، اذ كانت واقفة عند الصليب تشارك ابنها في سر الفداء، لقد اطمأن سمعان بعد ان شاهد الرب وانتهى صراعه الداخلي وادرك ان الخلاص قد تحقق بمجيء الرب وان ارشاد الروح القدس له قد تم.

 

ليتنا في هذه العيد المبارك ندرك ان الله نور يتجلى للامم، ومجد للشعب، وانه محب للجميع ومنقذ ومخلص لهم مهما طال الانتظار، كما حصل مع سمعان الشيخ وحنة النبية، مرددين مع صاحب المزامير: ارفعي ايتها الابواب رؤوسك، وارتفعي ايتها المداخل الابدية، وليدخل ملك المجد.

 

 ليتنا نقدم في الهيكل وفي كل حين، قلوبنا وهمومنا ومتاعبنا، لله ملك المجد الرب العزيز الجبار، بكل تواضع وحب وثقه وثبات، لكي ينعم الله علينا ويباركنا كل يوم ويريحنا، وخاصة عندما نشارك في الذبيحه الالهيه بالقداس الذي يمثل ذبيحة الخلاص. لنصلي مع القديسة مريم والقديس يوسف البار، صلاة الحب والايمان، لكي نرى يسوع كما راّه سمعان الشيخ، نورا لانفسنا ومجدا لحياتنا، ولنردد مع القديس لوقا بايمان قائلين: " رأت عيناي خلاصك الذي اعددته في سبيل الشعوب كلها" (لوقا 2: 30).

 

يا رب: اعطنا طهارة السيدة العذراء التي استحقت أن تحمل السيد المسيح في أحشائها، وتقوى سمعان الشيخ الذي أستحق أن يحمله على ذراعية، ورجاء حنة النبية التي تنبأت بإيمان عن مجيئه.. آمين.

 

هذا وقد اعلن البابا يوحنا بولس الثاني عيد تقدمة الرب للهيكل عيدا لكل المكرّسين.