موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ١٧ سبتمبر / أيلول ٢٠١٩

من أول الرّواد في تعديل المنهاج الفلسطيني

بقلم :
أشخين ديمرجيان - القدس

سُررتُ جدًا لدى سماعي بانعقاد مؤتمر المنهاج الفلسطيني في فندق النوتردام في القدس عن: "الهوية والانتماء، بين طمس التاريخ والتباس الحاضر وبناء المستقبل" في 20 أيلول القادم، تحت رعاية رئيس الأساقفة "بييرباتيستا بيتسابالا" المدبر الرسولي للبطريركية اللاتينية الأورشليمية، وتنظمها البطريركية بدعم من البعثة البابوية لفسطين وباشتراك مركز السبيل ومؤسسة أفكار للتطوير التربوي الثقافي. ويذكر القائمون بهذا المؤتمر أنّه أجريت مؤخرًا ثلاث دراسات للمنهاج الفلسطيني تناولت جميع كتب المنهاج الفلسطيني حرصًا على أهمية نشر تاريخ فلسطين الكامل ودعم مبادىء العيش المشترك وتنمية الشعور بالانتماء لهذا الوطن الفريد حمى المقدّسات وتعزيز مفاهيم المواطنة والهوية. والهدف تشكيل جسم من المفكّرين والمثقفين للعمل على جسر الهوّة وتوفير مواد كفيلة بنشر هذه المبادىء الإنسانيّة وتعزيزها، وتحديد أفضل السبل لنشرها بين الأجيال القادمة . الأب العلاّمة بيتر مدروس الرائد الأوّل يدعو مؤتمر المنهاج الفلسطيني إلى التفاؤل! كم وكم سمعنا الأب العلاّمة بيتر مدروس وهو ينادي منذ عشرات السنين، في ندواته ومحاضراته الجامعيّة بمراجعة كتب المناهج الدراسية، وإضافة ما غفل عنه المنهاج من تاريخ المسيحيين وسواهم والأحداث الجسيمة. وما توانى عن زيارة المدارس التابعة لبطريركية اللاتين في القدس والضفة الغربية وسواها، كي يفسّر بشكل بسيط وسهل ما يحتاج إليه الطلاّب والطالبات من معلومات وأساسيّات في شتّى الحقبات. وكان يطالب بتعديل ما أفسدَته مناهج التدريس في زمن الانتداب البريطاني، الذي تعمّد، وبإجحاف، التشويه في السرد عن الكنيسة الكاثوليكية من خبر صكوك الغفران وانشقاق مارتن لوثر وسلطة الباباوات والخطأ الشائع في استعمال لفظة "إصلاح" الخ... لأجل الطعن بهتانًا في صورة الكنيسة الكاثوليكيّة وميزاتها، وذلك انطلاقاً من الموقف الانجليزي، في فترة ما تمّ فيها بعد التقارب المسكوني والمودّة المتبادلة بين الكنائس. وأغرب ما في الأمر أنّ المدارس الكاثوليكيّة تدرّس هذه المواضيع الخاطئة في مدارسها الخاصة منذ ذلك العهد، (إذ هذا مطلب التربية) من غير احتجاج ومن غير محاولة لتعديل الافتراءات. وتقوم السلطة الوطنية الفلسطينية مشكورة بإعداد مناهج جديدة للمدارس، بما في ذلك مادّة التعليم المسيحي بإشراف مدرّسين مسيحيين. اعرف جذورك من الجدير بالذكر أنّ "القفزعن ثمانية القرون الأولى على الأقلّ من تاريخ المسيحية في فلسطين والأردن وغيرهما، يترك ثغرة كبيرة عند المسيحيين وأيضًا عند الطلّاب والمواطنين المسلمين، اللذين لا يقدرون بسبب هذا النقص أن يفهموا تطوّرات بلدهم..." (من أقوال الأب مدروس). لستُ هنا في صدد تفسير أهمّيّة الجذور التي إن كانت قويّة تُشبه جذورالشجرة: التي يستحيل اقتلاعها اذا ترسّخت (جذورها) في الأرض، بخلاف العشبة الصغيرة أو الشجيرة التي تُنزع من الأرض بكلّ سهولة. ومن هنا الحكمة :"مَن لا يعرف جذوره من السهل اقتلاعه" (البابا يوحنّا بولس الثاني). وأعني بالاقتلاع هجرة الإنسان إلى بلاد الغرب والغربة والسبب أنّه لا يعرف تاريخ جذوره في الوطن لأنّ المنهاج الدراسي يغفل وجوده . استوحيتُ الفكرة واحتضنتُها كباحثة بناءً على محاضرات الأب البروفسور بيتر مدروس استوحيتُ الفكرة بضرورة البحث عن تاريخ المسيح والمسيحية في القرون السبعة الأولى غير المذكورة في المناهج الدراسية. وقمت بتحرير كتيّب، بإشراف الأب مدروس ودعم الأب الراحل مدير المدارس البطريركية وأمين المدارس المسيحية، الراحل الأب فيصل حجازين، وما كان هدفي الربح المادي، بل لوجه الله ولخير النفوس، بدليل أنّ الإدارة المدرسيّة هي التي موّلت المشروع وتولّت الأمر. وطلب منّي الأب الدكتور المرحوم فيصل حجازين رحمه الله،طبعة مشوّقة مصوّرة مبسّطة للكتيّب، وعمّم الكتاب على المدارس، كي يكون ملحقًا لكتاب التعليم المسيحي أو التاريخ. وحينما اقترح الأب بيتر مدروس على الحضور في إحدى المحاضرات بضرورة إجراء دراسات للمنهاج الفلسطيني، تلقّفتُ الفكرة وقمتُ بدراسات تناولَت كتب التاريخ والتربية الوطنية والتعليم المسيحي. وكان قدس الأب المعلّم الراحل د. فيصل حجازين رحمه الله قد وزّع على إدارات المدارس المسيحية ومعلّمي التاريخ كتيّبًا كان لي الشرف أن أؤلّفه وأعدّل فيه الأخطاء الكثيرة في كتب التاريخ المدرسية. وعنوان الكتيّب "التّاريخ معلّم الحياة" . دور الإكليروس في عصر التكنولوجيا آن الأوان أن يتنشّط الإكليروس، ويتبنّى مشروع التنوير للعقول. بناء على أقوال المؤمنين يفضّل الطالب أن يكون مدرّس التعليم المسيحي كاهنًا أو راهبة، كما أنّ استمراريّة نشر تعاليم المسيح أهمّ من سائر المناصب التي يتقلّدها الكاهن. ولا نتعلّم في كتب التعليم المسيحي أو الكتب المدرسية أنّ أعظم المخترعين والمكتشفين في جميع المجالات هم من الكهنة. وأقوم الآن بأبحاث عن بعض علماء الإكليروس أَدرجهم التاريخ في قائمة أبرز العلماء ، منهم على سبيل المثال: الأب باسيل ?النتاين (القرن 15): أوّل كيميائي، الأب أثناسيوس كيرتشير اليسوعي (القرن 17): تمكّن من فكّ الرموز الهيروغليفية ويُعدّ أبو علم المصريات، وأوّل من أكّد نظرية الجرثومة ونظر إليها بالمجهر، وذكر أن الطاعون سببه مخلوق مجهري، ومن الأوائل في اتخاذ خطوات فعّالة لمنع انتقال المرض. الأب شارل مشيل دي ليپيه (القرن 18): أوّل مبتكر للغة الاشارة للصمّ والبكم، بالفرنسية. ثمّ استفاد غيره من لغته هذه لابتكار الاشارة بلغات أخرى. الأب خوسيه ألجيه (القرن 19): مخترع "الباروسيكلونومتر" barocyclonometer، وهو شكل من أشكال البارومتر المستخدمة لتحديد موقع وحركة الإعصار المداري. الأب جان باتيست كارنوي (القرن 19): مؤسس علم (تطوير الخلايا) cytology . الأب فرانشيسكو دى ?يكو (القرن 19): اكتشف ستّة مذنبات... خاتمة تشكيل "مؤتمر المنهاج الفلسطيني" للجان من أهل العلم والمعرفة، في كشف الحقائق وتفسيرها وخلق أجيال جديدة تعتزّ بانتمائها الوطني والاجتماعي، بمفاهيم إيجابيّة وصادقة، هو أملنا للصمود في السراء والضراء والعيش المشترك بسلام وأمان بقواعد متينة مبنيّة على الاحترام والمساواة والثقة المتبادلة .