موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٨ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٤

عمّدنا بالروح القدس والنار‎

بقلم :
بسام دعيبس - الأردن
عمّدنا بالروح القدس والنار‎

عمّدنا بالروح القدس والنار‎

 

نعيش في هذه الايام المباركة اعياد الميلاد المجيد، ورأس السنة المباركة، وعيد الظهور الالهي للمجوس، وعيد الغطاس أي عيد عماد الرب، وكلها تبعث في قلوبنا بشرى الخلاص، ونعمة المحبة، وفائق الرجاء، وحلول الروح القدس.

 

 امام معمودية الرب، دعونا نتوقف ونتأمل في معانيها كثيرا

 

اولا… معمودية يوحنا المعمدان: لقد ظهر يوحنا، ليهيء الطريق لاسرائيل كما للرومان، لكي يقبلوا العضوية في جسد المسيح المقدس، ولكي يهيء الطريق للسيد المسيح ولرسالته ولمعموديته، التي لم تكن لمغفرة الخطايا فحسب، وانما للتمتع بروح البنوة لله، وحلول الروح القدس فينا، حتى ننعم بصداقة مع السيد المسيح على مستوى الاتحاد الحق وشركة امجاده.

 

ان عمل يوحنا المعمدان الذي كان يكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا لم يتحقق بطريقة عشوائية، ولكنه كان كجزء من خطة الله الخلاصية كما ورد في سفر اشعيا النبي: صوت صارخ بالبرية، اعدو طريق الرب، اصنعوا سبله مستقيمة، كل واد يمتلئ وكل جبل وأكمة ينخفض، وتصير المعوجات مستقيمة، والشعاب طرقا سهلة، ويبصر كل بشر خلاص الله.

 

ثانيا… لماذا اعتمدت يا رب، وانت لست بحاجة الى المعمودية والتوبة؟ لانك لم تفعل خطية ولم يكن في فمك مكر، علما ان الانبياء العظام كاشعيا وارميا وحزقيال لزمهم الاعتراف بخطيئتهم وحاجتهم الى التوبة. اعتمدت يا رب لتكمل كل بر، وليعرف الناس انك المسيح الاّتي بعد المعمدان ليؤمنوا بك، ولتبدا رسميا في خدمتك، ولتجعل نفسك واحدا معنا في بشريتنا، وتحمل خطيئتنا، ولتقدم لنا مثالا لنتبعه ونقتضي به، ولتعلن التزامك بارساليتك في تقديم رسالة الخلاص لكل الناس، ولتثبت انك كنت حقا ابن الله، وان الله نفسه ساندك في ارساليتك. 

 

ثالثا… هل كنت في حاجة الى موهبة الروح القدس ليحل عليك في المعمودية؟ كلا لم يكن شيء من ذلك، فالروح القدس هو روحك الذي لا ينفصل عنك، فانت ولدت والروح القدس هو السابق لك، واعتمدت والروح القدس يشهد لك، وانت جُربت والروح القدس قادك، وصنعت المعجزات والروح القدس رافقك، وصعدت الى السماء والروح القدس حل محلك، لانه واحد معك في الجوهر.

 

وبالنسبة لنا يعني حلول الروح القدس من اجل ان تتمتع به الكنيسة وكل عضو فيها... وأنه قد تم ذلك لتعليمنا بان الانسان الذي من ذرية داؤد وهو المتحد بالله الابن عمد وقبل الروح القدس... ليعطيه كمال المسحة المقدسة ، وانه من ملئه نحن جميعا أخذنا ، وليملك الله على البشر مرة أخرى وبتحقيق ملكوت الله على الارض، بداية لتحقيق ملكوت الله السماوي.

 

رابعا… "يعمدكم بالروح القدس والنار" (لوقا ١٦:٣) كيف يعمدنا بالنار! إن كان الروح القدس يعمل فينا، فعلامة ذلك أننا نصير شعلة من نار. وهذه النار تآكل فينا كل شهوة ورغبة ارضية، كما أنها تشعل محبة الله في قلوبنا، الحرارة الإلهية التي من الروح القدس، توقد في القلب نارًا، وتشعله بالحب

 

خامسًا… لنقرب اطفالنا من نعمة العماد الاقدس بكل جرأة وحرارة وايمان ودون تأخير، ليفتح الله الاّب ابواب السماوات ويرسل لهم الروح القدس ليحل عليهم وليقبلهم كابناء له،  فالمعمودية باب الاسرار المقدسة واولها.

 

سادسا… ارسل روحك يا الله وجدد وجه الارض، وجددنا وجدد فينا الايمان، لنجدد بدورنا مواعيد معموديتنا، ولنؤمن بالله وباعماله، ولنكفر بالشيطان واباطيله، ولنذكر نحن المعمدون معموديتنا في الكنيسة وفي كل حين ولنعيشها دعوة وانجيلا لكي ننال جميعا نعمة فوق نعمة.

 

واخيرا… علينا ان نتذكر على الدوام اننا بالعماد اصبحنا هياكل للروح القدس، وهذا يحتم علينا ان نصونها من النجاسة والخطيئة، لكي يضرم الروح القدس فينا محبته ومواهبه الوافرة، وانه بمعموديتنا علينا ان نكرز بالانجيل بين الناس، وان نشهد كما شهد يوحنا: أنا رأيت وشهدت ان هذا هو ابن الله.

 

الاب والابن والروح القدس هذا الثالوث الاقدس الذي تجلى في معمودية الرب يبارككم انتم وعائلاتكم وكل عام وانتم بخير.