موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١ يوليو / تموز ٢٠٢٠

الأحد الرابع بعد العنصرة

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
شفاء خادم قائد المئة

شفاء خادم قائد المئة

 

الرِّسَالَة

 

رَتِّلُوا لِإِلَهِنَا رَتِّلُوا

يَا جَمِيعَ الأُمَمِ صَفِّقُوا بِالَأَيادِي

 

فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل رومية (6: 18-23)

 

يا إخوةُ، بعدَ أنْ اُعْتِقْتُم من الخطيئَةِ أصبحتُم عبيدًا للبِرِّ. أقولُ كلامًا بشريًّا من أجل ضُعفِ أجسادِكُم. فإنَّكُم كما جَعَلْتُم أعضاءَكُم عبيدًا للنَّجَاسَةِ والإثمِ للإثم، كذلك الآنَ اجْعَلُوا أعضاءَكم عبيدًا للبِرِّ للقَدَاسَة. لأنَّكُم حينَ كُنْتُم عبيدًا للخطيئةِ كُنْتُم أحرارًا منَ البِرّ. فَأَيُّ ثَمَرٍ حَصَلَ لَكُم من الأُمُورِ الَّتِي تَسْتَحْيُونَ مِنْهَا الآن. فإنَّمَا عَاقِبَتُهَا الموت. وأمَّا الآن، فإذ قد أُعْتِقْتُم من الخطيئةِ واسْتُعْبِدْتُم لله، فإنَّ لكم ثَمَرَكُم للقَدَاسَة. والعَاقِبَةُ هي الحياةُ الأبديَّة، لأنَّ أُجْرَةَ الخطيئةِ موتٌ وموهِبَةُ اللهِ حياةٌ أبديَّةٌ في المسيحِ يسوعَ ربِّنَا.

 

الإنجيل

 

فصل شريف من بشارة القديس متى (8: 5–13)

 

فـي ذلـكَ الـزَّمانِ، دخـلَ يـسوعُ كـفرنـاحـومَ، فَـدَنَـا إلـيـهِ قـائِـدُ مئةٍ وطَلَبَ إليهِ قائلًا: يا ربُّ، إنَّ فَتَايَ مُلقًى في الـبـيتِ مُخَـلَّـعٌ يُعَذَّبُ بعذابٍ شديد. فقالَ لهُ يسوع: أنا آتي وأَشْفِيه. فأجابَ قائدُ المئةِ قائلًا: يا ربُّ، لستُ مُسْتَحِقًّا أن تدخُلَ تحتَ سقفي، ولكنْ قُلْ كلمةً لا غيرَ فيبرأَ فَتَايَ، فإنِّي أنا إنسانٌ تحتَ سُلْطَانٍ ولي جُنْدٌ  تحتَ يدِي، أقولُ لهذا اذْهَبْ فيذهَبُ وللآخِرِ ائْتِ فيأَتي ولعَبْدي اعْمَلْ هذا فيَعْمَلُ. فلمَّا سَمِعَ يسوعُ تَعَجَّبَ وقالَ للَّذينَ يتبعونَهُ: الحقَّ أقولُ لكم، إنّي لم أَجِدْ إيمانًا بمقدارِ هذا ولا في إسرائيل. أقولُ لكم إنَّ كثيرينَ سَيَأْتُونَ مِنَ المَشَارِقِ والمَغَارِبِ ويَتَّكِئُونَ معَ إبراهيمَ واسحقَ ويعقوبَ في ملكوتِ السَّماوات، وأمَّا بَنُو الملكوتِ فيُلْقَوْنَ في الظُّلْمَةٍ البَرَّانِيَّةِ. هناكَ يكونُ البُكَاءُ وصَرِيفُ الأسنان، ثُمَّ قالَ يسوعُ لقائدِ المِئَةِ: اذْهَبْ ولْيَكُنْ لكَ كما آمَنْتَ. فَشُفِيَ فَتَاهُ في تلكَ السَّاعَة.

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين

 

عندما دخل المسيح كفرناحوم ، اقترب منه قائد المئة ، وأخبره أن خادمه كان مشلولًا ويعاني بشدة. فقال له يسوع أنا قادم لشفائه. أنا لا أستحق أن تأتي إلى بيتي. بل قل كلمة واحدة فقط، وسيتم شفاء فتاي. لأني أنا رجل قوة ، ولدي جنود تحت امرتي، وأقول لواحد يذهب، ويذهب، وآخر يأتي ويأتي. ولعبدى يفعل ذلك، وهو يفعل ذلك. أعجب يسوع بإيمان قائد المئة وقال: "حقا ، لم أجد الكثير من الإيمان بأي إنسان أخر في إسرائيل.

 

وانا اقول لكم انه سوف يأتي كثيرون من الشرق ومن الغرب ويجلسون بجانب ابراهيم واسحق ويعقوب في ملكوت السموات. التفت أخيرًا إلى قائد المئة وقال: "اذهب، فليكن كما آمنت".

 

هذه الحادثة أراد منها متَّى الإنجيليّ تعليمًا، وهو أنَّ اليهود لا يحتكِرون الخلاص ولو جاء الخلاص ممّا كشفه الله لأنبيائهم قديمًا. وهكذا، لا يكفي أن نعتزّ بانتمائنا إلى الإيمان المستقيم الرأي ونحن لا نعمل شيئًا. لأنّ الإيمان  ليس فقط ثقةً وتصديقًا. "أنا أؤمن إذًا أنا  أترجم إيماني بأعمالي".

 

أظهرَ هذا القائدُ إيمانًا مبنيًّا على الطّاعة لكلمة الله، ربّما لأنّه يأمر جنودَه وبالوقت نفسه يتلقّى أوامر رؤسائه فيعرف معنى الطّاعة، فكان إيمانه قويًّا بقدرة الرَّبِّ يسوع على فِعْلِ المعجزة بمجرد قول كلمة فقط.

 

فعندما نوجّه التماسنا إلى الرّبّ يسوع، يجب أن نعي بأن نضع أنفسنا في الحال تحت سلطته وبين يديه. لذا، يجب عليّ أن اكون إنسانًا يضع كلّ حياته تحت إشراف الرّبّ يسوع. عندها، بسبب هذه الطّاعة وهذه الثّقة، أجدُ في كلّ لحظة هذا الأمان وهذا اليقين لأنّ الرّبّ يسوع أصبح قانونًا لحياتي. وتكون الطّاعة، عندئذ، وجهًا من أوجُهِ الأعمالِ الّتي أسعى للقيام بها ترجمةً لإيماني.

 

كان لدى قائد المئة الإيمان واليقين الثابت بأن كلمة واحدة فقط من الرب كافية، وسوف يكون خادمه بخير. وهو يبرر ذلك، بطريقة بسيطة ولا جدال فيها: إذا كان الجنود في عجلة من أمرهم لإطاعة أوامر الضابط ، فكم بالحري سوف تطيع الطبيعة نفسها إرادة الاستبداد وخالقها. غالبًا ما يكون هذا الإذلال وهذا الإيمان غائبين عن الأشخاص الأقرب نظريًا إلى الله. ربما لأنهم يعتبرون أنفسهم "شعب الله الأغنياء".

 

حقيقة أننا في الكنيسة لا نعني بالضرورة أننا مخلصون . غالبًا ما نترك نعمة الله ، في حين أن أولئك البعيدين عن الكنيسة يحافظون على تقديس وحرمة سر الكنيسة. وبما أن هناك نقصًا في التواضع، هناك أيضًا نقص في الإيمان. لأنه من دون التواضع ، فإن كل طلب منا إلى الله ليس نداءً، بل طلبًا لا يعتمد على محبة الله بل على احترامنا لذاتنا وكبريائنا. ثم حتى الصلاة تصبح نفاق وسبب إدانة، مثل صلاة الفريسي. لذلك، يؤكد المسيح لنا جميعًا اليوم أنه لا يكفي أن تكون ابن إبراهيم وإسحاق ويعقوب، أي أنه لا يكفي أن تكون عضوًا في الكنيسة، أن تجلس بين المجد في ملكوت الله. مطلوب الإيمان. الإيمان البسيط، غير المغشوش، المتواضع، مثل قائد المئة في حادثة شفاء اليوم  كما رواها لنا الإنجيلي البشير متى.

 

هناك نقص في سلوكنا وإيماننا لسوء الحظ، ولكن مسألة مسارنا الروحي تتطلب المعجزة في حياتنا، ولا ننسى أنها تتم وفق مقياس إيماننا. بدلاً من أن نيأس عندما نشعر أن الله لا يستجيب لصلواتنا، فلنعمل على جعل إنفسنا أكثر تواضعاً.

 

لقد كان السيد يعلم علم اليقين أن اليهود يريدون أن يمسكوا عليه كلمة. هم أصحاب مناوشات وقد وضعوه في أمر سياسي لأن قائد المئة روماني فمن يتعامل معه يُوصف بالخيانة لذلك تخيلوا أنه قد وُضع في مأزق.

 

يسوع في حياتنا يفوق عقولنا وتصديقنا.. أُطلب شفاء وسترى يمينه. العجيب أن ربنا يسوع يسمع لليهود ويلبي طلباتهم ويذهب للأممي ويشفي إبنه وكأنه يقول أنا المسيح للكل ولنرى عمل ربنا يسوع مع الإنسان واستجابته السريعة.. قادر أن يفعل المعجزات.

 

 لقد استجاب المسيح لإيمان الرجل، فشفى العبد في الحال، لكن السيد حولنا إلى صورة أعظم وأجل وأبهج وأمجد. إذ طوى الزمن بأكمله، وغير الصورة أمام اليهود، إلى صورة لم يكونوا يتصورونها قط، كان التقليد اليهودي يقول بإن المسيا عندما يجيء إلى العالم سيجلس اليهود في موكب حافل عظيم في وليمة سيحرم منها الأمم ولن يكون لهم نصيب فيها، غير أن الصورة التي كشف عنها السيد كانت شيئًا آخر، إذ أن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب ليكونوا في هذه الوليمة، في الوقت الذي سيحرم فيه كثيرون من أبناء الملكوت منها، ومن الثابت أن السيد يريد أن يقول إن مفتاح الملكوت والوجود في حضرة الله لا يمكن أن يحصروا في جنس معين أو في قومية واحدة، وإن الشعب المختار لا يمكن أن يكون أفراده بمولد جسدي بشري، لأنه: "إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله" (يوحنا 1 : 11 -13).

 

طروباريَّة القيامة باللَّحن الثَّالِث

لِتَفْرَحِ السَّمَاوِيَّات، وَلْتَبْتَهِجِ الأَرْضِيَّات، لِأَنَّ الرَّبَّ صَنَعَ عِزًّا بِسَاعِدِهِ، وَوَطِئَ الْمَوْتَ بِالْمَوْتِ، وَصَارَ بِكْرَ الأَمْوَاتِ، وَأَنْقَذَنَا مِنْ جَوْفِ الجَحِيمِ، وَمَنَحَ الْعَاَلَمَ الرَّحْمَةَ العُظْمَى.

 

القنداق  باللَّحن الثَّاني

يا شفيعَةَ المَسيحيِّينَ غَيْرَ الخازِيَة، الوَسِيطَةَ لدى الخالِقِ غيْرَ المَرْدُودَة، لا تُعْرِضِي عَنْ أَصْوَاتِ طَلِبَاتِنَا نَحْنُ الخَطَأَة، بَلْ تَدَارَكِينَا بالمَعُونَةِ بِمَا أَنَّكِ صَالِحَة، نَحْنُ الصَّارِخِينَ إِلَيْكِ بإيمانٍ: بَادِرِي إلى الشَّفَاعَةِ، وأَسْرِعِي في الطَّلِبَةِ يا والِدَةَ الإِلهِ، المُتَشَفِّعَةَ دائمًا بِمُكَرِّمِيكِ.