موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢١ مارس / آذار ٢٠٢٤

الأحد الأول من الصوم 2024

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
الأحد الأول من الصوم، المعروف بأحد الأرثوذكسية

الأحد الأول من الصوم، المعروف بأحد الأرثوذكسية

 

الرسالة

 

فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى العبرانيين (١١: ٢٤-٢٦ و٣٢-٤٠)

 

يا إخوة، بالإيمان موسى لمّا كَبُر أبى أن يُدعى ابنًا لابنة فرعون، مختارًا الشقاء مع شعب الله على التمتّع الوقتيّ بالخطيئة، ومعتبرًا عار المسيح غنى أعظم من كنوز مصر، لأنّه نظر إلى الثواب. وماذا أقول أيضًا؟ إنّه يَضيق بي الوقت إن أََخبرتُ عن جدعون وباراق وشمشون ويفتاح وداود وصموئيل والأنبياء الذين بالإيمان قهروا الممالك، وعمِلوا البِرّ، ونالوا المواعد، وسدّوا أفواه الأسود، وأطفأوا حدّة النار، ونجَوا من حدّ السيف، وتقوّوا من ضعف، وصاروا أشدّاء في الحرب، وكسروا معسكرات الأجانب، وأخذت نساء أمواتهنّ بالقيامة، وعُذّب آخرون بتوتير الأعضاء والضرب، ولم يقبلوا بالنجاة ليحصلوا على قيامة أفضل؛ وآخرون ذاقوا الهُزء والجلد والقيود أيضًا والسجن، ورُجموا ونُشروا وامتُحنوا وماتوا بحدّ السيف، وساحوا في جلود غنم ومعزٍ وهم معوَزون مُضايَقون مجهودون (ولم يكن العالَم مستحقًا لهم)، وكانوا تائهين في البراري والجبال والمغاور وكهوف الأرض. فهؤلاء كلّهم، مشهودًا لهم بالإيمان، لم ينالوا الموعد لأنّ الله سبق فنظر لنا شيئا أفضل: أن لا يَكْمُلوا بدوننا.

 

 

الإنجيل

 

فصل شريف من بشارة القديس يوحنا (1: 43–51)

 

في ذلك الزمان اراد يسوع الخروج الى الجليل فوجد فيلبُّسَ فقال لهُ أتبعني * وكان فيلبُّس من بيتَ صيدا من مدينة اندراوسَ وبطرسَ * فوجد فيلبُّس نَثَنائيلَ فقال لهُ انَّ الذي كتبَ عنهُ موسى في الناموس والانبياِء قد وجدناهُ وهو يسوع بن يوسف الذي من الناصرة * فقال لهُ نَثَنائيل أَمِنَ الناصرة يمكن ان يكون شيءٌ صالح * فقال لهُ فيلبُّس تعال وانظر * فرأَى يسوعُ نَثَنائيلَ مقبلاً اليهِ فقال عنهُ هوذا اسرائيليٌّ حقًّا لا غِشَّ فيهِ * فقال لهُ نَثَنائيلَ من اينَ تعرفني. اجاب يسوع وقال لهُ قبل ان يدعوَك فيلبُّس وانت تحت التينة رأَيتك * اجاب نَثَنائيل وقال لهُ يا معلم انت ابن الله انتَ ملكَ اسرائيل * اجاب يسوع وقال لهُ لانّي قلت لك انّي رأَيتك تحت التينة آمنت . انَّك ستُعاين اعظَمَ من هذا * وقال لهُ الحقَّ الحقَّ اقول لكم إنـكم منَ الآنَ ترونَ السماء مفتوحةً وملائكة الله يصعدون وينزِلون على ابن البشر.

 

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين

 

اليوم أيها الإخوة والأخوات، هو أحد الأرثوذكسية. الأحد الذي يتم فيه الاحتفال بانتصار الأرثوذكسية على كل كذبة، على كل بدعة، على كل إله باطل؛ انتصار الأرثوذكسية على كل تعليم كاذب، على كل فلسفة وعلم وثقافة وأيقونة زائفة. النصر المقدس للأرثوذكسية. وهذا يعني النصر المقدس لكل الحقيقة.

 

ولكن من هي الحقيقة المطلقة في هذا العالم؟ من هو الحق في هذا العالم؟ هو الذي قال عن نفسه: أنا الحق! يسوع المسيح. الله في الجسد. نعم هذه هي الحقيقة في عالمنا الأرضي، هذه هي الحقيقة للإنسان. "الله ظهر في الجسد." لقد اتخذ الرب يسوع المسيح جسدًا، حتى يتمكن بجسدنا من أن يخبرنا نحن البشر ما هو الحق، وكيف نعيش في الحق، وكيف نموت من أجله، وكيف نحيا إلى الأبد بسببه.

 

لقد جمع المسيح كل الحقائق وأعطانا كل حقيقة الأرثوذكسية. عندما نزل الله، الرب يسوع المسيح، إلى هذا العالم، أصبح مرئيًا لنا نحن البشر. أصبح الله مرئيا. ونحن إذ نراه نرى الله الحي بالفعل فهو حياة الله في العالم.

 

هل سمعنا في الإنجيل ما قاله فيلبس لنثنائيل؟ "لقد وجدنا المسيح. وهو ابن يوسف الذي من الناصرة". ولما اندهش نثنائيل متسائلاً كيف يعرف المسيح أعماق قلبه، سمع الرب نفسه يؤكد له: "فقط بسبب ما قلته لك تؤمن؟". ومن الآن ترون ملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان، لأن المسيح هو مركز العالم. المسيح هو خالق العالم. المسيح هو إله المجد الذي من أجلنا ومن أجل خلاصنا صار إنسانًا.

 

من خلال الحفاظ على صورة الله الحية في هذا العالم، حافظت الكنيسة الأرثوذكسية على الإنسان، وحفظت المسيح كإنسان. الله نفسه صار إنسانًا، لكي يجد فينا نحن البشر الصورة الإلهية، الصورة الإلهية الحية التي شوهناها بالخطايا والأهواء، وأفسدناها كلها بحياتنا الخاطئة. كما جاء في الترانيم الكنسية الرائعة أن الرب نزل إلى هذا العالم وصار إنسانًا "ليجعل نفسه صورة"، ليجدد صورته في الإنسان. الله الذي نزل إلى هذا العالم كصورة نقية وواضحة، أظهر الله ما هو الإنسان، وما هو الإنسان الكامل، وكيف يجب أن يكون الإنسان في هذا العالم.

 

نحن في هذا العالم نقاتل حقًا، نحن نقاتل باستمرار من أجل هذه الصورة الإلهية الموجودة داخل نفوسنا. ومن يسرقها منا؟ جميع محاربي الأيقونات. أول تحطيم للأيقونات هو الخطيئة. الخطيئة لا تريد الله. وبسبب الخطية فإن الشيطان وملائكته، الشياطين البشعة هم أمراء الحرب الرئيسيون.

 

هم الذين يسرقون نفوسنا، الذين يراكمون الخطايا في نفوسنا ويسترون الصورة الإلهية التي في داخلنا. بقطران الخطية الأسود يمسحون الصورة الإلهية التي في داخل نفوسنا. والإنسان عندما يعيش في الخطية دون توبة، عندما لا يحارب خطاياه، عندما يثبت فيها، عندما لا يعترف بها، فماذا يبقى من نفسه؟ وما بقي هو الأيقونة الإلهية، ملطخة بألم الخطيئة والعاطفة.

 

إذن ماذا يعني أن تكون صورة الله؟ يعني أيها الإخوة ما يلي: نحن لنا عقل، ولكن عقلنا هو صورة فكر الله فينا. لدينا إرادة لكن الإرادة هي صورة إرادة الله فينا. لدينا إحساس، لدينا قلب ولكن هذه صور للمشاعر الإلهية في داخلنا.

 

نحن نعيش في هذا العالم، ولكن هذه صورة لحياة الله. نحن مثل صورة الله الخالدة. لقد جعلنا الله متشبهين به لنعيش من خلاله في هذا العالم، حتى تفكر عقولنا دائمًا: انتبه لمن أنت، أنت من الله، لتفكر بأفكار نقية، أفكار إلهية. عندئذ تكون إرادتنا كاملة وصحية، عندما تتوافق مع إرادة الله. إذن فإن إحساسنا يكون نقيًا وصحيًا وإلهيًا عندما يتوافق مع إحساس الله.

 

ليطهرنا من كل خطيئة ومن كل هوى ومن كل موت. ليحررنا من كل شيطان حتى نكون حقًا صورًا حية لله، ويكون الإنسان جلالًا إلهيًا على الأرض. لا تنس أبدًا أنك إله صغير. في طين جسدك لديك صورة الله الحية. شاهد كيف تعيش. كن حذراً فيما تفعله بصورة الله التي في داخلك. انتبه أيها الإنسان لأن حياتك تبدأ على الأرض وتنتهي أمام وجه الله المشرق، لنقدم اعتذارًا هناك عما فعلناه بصورة الله أثناء وجودنا في هذا العالم.

 

لأن كنيستنا إذ تضع في اعتبارها كيف خلقنا الله، نحن خليقة الله، الذي جعل "الداخل" و"الخارج"، مرتبطين ارتباطًا مطلقًا ووثيقًا، للمحبة والعبادة والشكر والشكر للمسيح الله، أمر مخلصنا وفادينا بتكريم الأيقونات المقدسة. ولهذا السبب نرنم اليوم: "الفرح الذي قد أكمل كل شيء، مخلصنا المولود في العالم، لكي تخلص العالم". فرح بتمام كل شيء، يا مخلصنا، عندما نرى صورتك المقدسة الطاهرة، وعندما نكرمها!

 

أتمنى من الرب الصالح أن يمنح قلب كل واحد منا كل المواهب السماوية، كل الفضائل الإنجيلية: الإيمان والمحبة والرجاء والصلاة والصوم والصبر والوداعة والتواضع. النضال من أجل الحفاظ على الشكل الإلهي في نفوسنا والانتقال من هذا العالم إلى الرب القائم في ذلك العالم. ولكن إلى ذلك الحين، ليقودنا الصوم المقدس إلى الفصح المقدس، إلى قيامة المسيح المقدسة، لكي نعبد ونحن لا نزال في أجسادنا، الرب القائم من بين الأموات، منتصرعلى الخطية والموت والشيطان. الذي أمّن الحياة الأبدية لجسدنا ولنفسنا.

 

ولكي نحبه ونكرمه ونضعه في أعماق قلوبنا، علينا أن نبحث عنه أكثر فأكثر بنظرات أجسادنا.

 

 

الطروباريات

 

طروباريَّة القيامة باللَّحن الأوَّل

إنَّ الحجرَ لمَّا خُتِمَ من اليهود، وجسدَكَ الطَّاهِرَ حُفِظَ من الجُنْد، قُمْتَ في اليوم الثَّالِثِ أيُّهَا المُخَلِّص، مانِحًا العالمَ الحياة. لذلك، قُوَّاتُ السَّمَاوَات هَتَفُوا إليكَ يا واهِبَ الحياة: المجدُ لقيامَتِكَ أيُّها المسيح، المجدُ لمُلْكِكَ، المجدُ لِتَدْبِيرِكَ يا مُحِبَّ البشرِ وحدَك.

 

طروبارية باللحن الثاني

لصورتك الطاهرة نسجد أيها الصالح طالبين مغفرة ذنوبنا أيها المسيح الإله لأنك أرتضيت أن ترتفع بالجسد على الصليب طوعاً لتنجي من عبودية العدوّ الذين جبلتهم. فلذلك نهتف إليك بارتياح لقد ملأتَ كل الخلائق فرحاً يا مخلصنا بمجيئك لخلاص العالم.

 

القنداق

إنّي أنا مدينتُكِ يا والدةَ الإله،

أكتبُ لكِ راياتِ الغَلَبة، يا جنديةً مُحامية،

وأقدِّمُ لكِ الشُّكرَ كمُنقِذةٍ من الشَّدائد. 

لكنْ بما أنَّ لكِ العِزَّةَ التي لا تحارَب.

أعتِقيني من صُنوفِ الشَّدائد

حتّى أَصرُخَ إليكِ: إفرحي يا عروسةً لا عروسَ لها.