موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٩ ابريل / نيسان ٢٠٢٢
الأكاديمية البابوية للعلوم تصدر وثيقة حول الوقاية من الحروب النووية

فاتيكان نيوز :

 

نشرت الأكاديمية البابوية للعلوم وثيقة تناولت فيها سبل الوقاية من حرب نووية تلوح في الأفق، وتطرقت إلى المخاطر التي قد تتعرض لها البشرية برمتها في حال نشوب صراع من هذا النوع. وتضمنت الوثيقة نداءات إلى القادة السياسيين والدينيين والعلماء وجميع الأشخاص، مطالبة العلم بمساعدة البشر على العيش بسلام.

 

وُجه نداء الأكاديمية البابوية للعلوم إلى قادة الدول، في المقام الأول، حاثا إياهم على اتخاذ مبادرات كفيلة بوضع حد فوراً للحرب في أوكرانيا، والبحث عن حلول سلمية للصراع المسلح، مع الأخذ في عين الاعتبار المخاوف الراهنة. وتوجهت الأكاديمية أيضا إلى العلماء طالبة منهم الابتكار في تطوير وسائل عملية لمراقبة الأسلحة، ومن القادة الدينيين طلبت الوثيقة أن يتناولوا بإلحاح القضايا الإنسانية الكبيرة التي باتت اليوم على المحك. كما دعت الأكاديمية جميع الرجال والنساء حول العالم إلى المشاركة في نضال واحد ضد القناعة بأن الحروب لا يمكن تفاديها. وعبرت المؤسسة البابوية عن قلقها البالغ حيال الأوضاع الرهيبة التي يشهدها العالم في أوكرانيا منذ أكثر من أربعين يوماً.

 

نددت الأكاديمية البابوية للعلوم بانعدام المساواة بين الأمم وداخلها، فضلا عن الطموحات القومية القصيرة النظر والأحادية الجانب، والرغبة في السلطة، معتبرة أن هذه الأمور تشكل بحد ذاتها بذور هذا الصراع الذي يمكن أن يؤدي إلى حرب شاملة ونووية. وعبرت عن قلقها أيضا حيال التهديدات باللجوء إلى السلاح النووي، كما فعلت روسيا، وكتبت أن ثمة خطراً متنامياً وهو أن العديد من الدول الأخرى أو المنظمات الإرهابية يمكن أن تستحوذ على الأسلحة النووية، أو أن تطور القدرة على تصنيعها. هذا فضلا عن الخطر الذي يترتب على التدمير – المتعمد أو غير المتعمد – للمحطات النووية، الذي تنتج عنه تبعات كارثية، بالإضافة إلى خطر تسرب الرواسب النووية، التي يمكن استخدامها من أجل تصنيع ما يُسمى بالقنابل القذرة. وهناك أيضا خطر أن تُستخدم الأسلحة النووية وغيرها على النطاق الدولي، أي أبعد من الحدود الأوكرانية، في حال استمر الوضع في التصعيد.

 

الأكاديمية البابوية للعلوم سبق أن تطرقت إلى موضوع "الوقاية من الحرب النووية" في وثيقة أصدرها في العام ١٩٨٢ العلماء ورؤساء الأكاديميات حول العالم. وثمة نقاط كثيرة وردت في تلك الوثيقة ما تزال آنية جدا في زماننا هذا، خصوصا إزاء التوتر الذي يشهده عالم اليوم، بدءا من تنامي الريبة وانعدام الثقة بين الشرق والغرب، كما بين الشمال والجنوب، وبين القوى العظمى شأن الولايات المتحدة الأمريكية، الصين، الاتحاد الأوروبي وروسيا. وما يزيد الطين بلة انتشار الفقر والجوع الذي بات يشكل بحذ ذاته تهديداً كبيراً للسلام، هذا فضلا عن توقف الإنتاج الزراعي في أوكرانيا، وتوقف استيراد المواد الغذائية من أوكرانيا وروسيا، ما يؤدي إلى تفاقم الأزمة الغذائية العالمية.

 

لم تخلُ وثيقة الأكاديمية البابوية للعلوم من الإشارة إلى الحق الطبيعي للكائنات البشرية في الحياة وفي العيش بكرامة والتنعم بالسعادة، ومن هذا المنطلق لا بد أن تُستخدم العلوم من أجل مساعدة البشرية على السير باتجاه حياة مطبوعة بالازدهار والنجاح والسلام. لكن ما نراه اليوم – تابعت الأكاديمية الحبرية – هو العمل على تطوير قدرات الأسلحة النووية، والبيولوجية، والصواريخ المتطورة التي تتخطى سرعة الصوت. وهذا السيناريو الجديد ينال من الإنسانية والحرية، ويعرض للخطر حياة السكان العزل، شأن الأطفال والنساء والمسنين والمرضى الذين يُرغمون على النزوح.

 

وشددت الوثيقة على أن الضمير لا يستطيع أن يبرر استخدام هذه الأسلحة المدمرة التي تزرع الموت في كل مكان، ولا بد أن يسعى العلم اليوم إلى إرساء أسس السلام، الذي ليس فقط غياب الحرب. كما تترتب على قادة الدول والحكومات مسؤولية تفادي كارثة الحرب النووية، وتصعيد الحروب التقليدية، التي لا توفّر المدنيين العزل. وينبغي أن تدرك البشرية كلها أنها مدعوة إلى الحفاظ على وجودها من خلال تعزيز الحوار والقانون الدولي والتفاوض واستخدام كل الوسائل السلمية من أجل بلوغ هذا الهدف.