موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ٣٠ مايو / أيار ٢٠٢٠
الأب سيمون حجازين يكتب: العلاقات الواعية في الحياة الزوجية

الأب سيمون حجازين :

 

نسمع دائمًا عن حالات كثيرة تتحدث بها عائلاتنا عن مشاكل بينها، ما هو السبب بعد زواج طال أو يطول سنوات وسنوات؟ هل أصبح الحب بين الأزواج "كذبًا" أو غير موجود؟ هل انتهى؟ ألا يوجد مكان لترميم الحب بينهم؟ كل هذه الاسئلة تطرح بشكل عفوي بعض الأحيان.

 

نبدأ مقارنة مع الرجال: يوجد تفكير لدينا نحن الرجال، أن المرأة لديها واجب بيتي: أن تقوم بواجبات البيت، من تدريس الابناء، والعمل في المطبخ، وإضافة إلى ذلك اصبحت المرأة تعمل في ميدان الحياة لتساعد زوجها في أمور البيت، يأتي الرجل من العمل يجب أن يأكل بعد تعب النهار، ينظر إلى زوجته أنها تدير أمور البيت، انتهى دور المرأة في ذهن الرجل، لا بل هي -كما في التقليد- ضعيفة.

 

مقارنة المرأة: تفكر عكس ما قاله الرجل تمامًا، تنظر إلى حياتها أنها انسانة يجب أن تعمل وتقدم دورها في تقدم المجتمع، وتنظر الى الرجل لكي يمد لها يد العون، لكن الرجل لا يعمل شيئًا، معتقدًا أن لا دور له مع المرأة في هذه التربية.

 

تأتي هنا كلمة كبيرة جدًا، ولها مكانه عميقة، بدورها تقتل الحياة الزوجية واستمراها، حيث تكون هي شبيهة بكلمة كبت الحوار، ألا وهي اللامبالاة. فهي مثل الخطئية التي تسهم في كسر العلاقة، بيد أن الرجل له خصائصه من الناحية الفكريه المختلفة تمامًا عن المرأة، فالرجل لا يستطيع أن يفكر في أمر ينفي نفس الوقت، لكن المرأة هي من تجيد ذلك بكل حرفة واتقان، فنلاحظ هنا أن الرجل يعاني من كثرة الأسئلة والتوتر والقلق في علاقته من زوجته، في حين أنه يفكر أيضًا في أمور بيته.

 

مقابل ذلك المرأة، نجدها تفكر وتهتم في شؤون بيتها، لكن بطريقة مختلفة، بالرغم أنّ كل شخص يفكر في شؤون بيته لكن كل واحد بطريقته، فالقلق في داخل البيت الزوجي ينمي اللامبالاة والكبرياء التي بدورها تخفي كثيرًا من المشاعر والتعبير عن ذواتهم بعضهم لبعض.

 

ماذا لو كان الحوار، الذي يدفن كلمة اللامبالاة بعيدًا عن أمورهم، فالحوار بين أفراد العائلة يعطي مفاهيم جيّدة تساعدهم على النقاش والتفاهم بالرغم من حدة الاختلافات، وتعبير عن المشاعر التي تدفن في نفس كل منهم، حيث نجد الحوار هو من يصنع الالفة والوئام، وجذور الثقة والاحترام المتبادل، لانه يكشف الذات للآخر.

 

الوعي الجمعي بمعناه الثقافي هو الأفكار المغلوطة التي أخذت مكانه كبيرة في عقول البعض منا، بهذا الوعي يفهم كل فرد في العائلة دوره الفريد والواجبات التي يقدمها، وتصبح الحياة بين أبناء البيت الواحد أكثر وئامًا وترابطًا وتحابًا، فيكون متعاونًا هذا الكلام مع مبدأ الإزاحة، الذي يؤشر إلى إلقاء اللوم على الآخر متنكرًا لأخطائه واسقاطها على الآخرين، حيث يقول بولس الرسول: "المحبة تخدم تصبر وتخدم"، كذلك الأمر يعطينا سفر أشعيا النبي عندما قال: "تلعب البقرة والدب معًا، ويضع الطفل يده في جحر الارقم"، لنعرف كيف كانت حياة الإنسان ما قبل الخطيئة، فالعلاقة الواعية بين الزوجين هي التي تصنع السلام، كذلك حب الذات، الذي يشير إلى النظر داخل كل شخص منهم، أريد من الآخر والآخر يريد مني، ليجعل لهذه العلاقة الواعية اكثر وضوحًا.

 

فالعلاقات الواعية في داخل الحياة الزوجية، تعطي المعنى العميق لجوهر الزواج، فكيف نحقق فيه إرادة الله؟ ذلك أنّ الرجل والمرأة هما الصورة والمرآة التي تعكس خليقة الله على الارض، متممّين ملكوته منذ الآن. وعندما يعي الزوجان حياتهما بالحب والمشاركة والتعاون، تصبح حياتهما نعيمًا، محققّين كلمة الله "ما جمعه الله لا يفرقنه إنسان".

 

وهنا علينا أن نتذكر أنّ دور الصلاة الشخصية كبير ومهم، فهي التي تقود الى طريق النعمة والقداسة. وعندما تكون لها  المكانة في البيت، الذي يصبح كنيسة مصغرة، نجد صورة الله محققة في حياة أبناء البيت الواحد.