موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأربعاء، ٦ مايو / أيار ٢٠٢٠
إليكِ الورد يا مريم... عربون حبّنا!
شخص العذراء سيدة فاطيما في كنيسة العذراء الناصرية بعمّان (عدسة أبونا)

شخص العذراء سيدة فاطيما في كنيسة العذراء الناصرية بعمّان (عدسة أبونا)

أشخين ديمرجيان :

 

 

اختارت الكنيسة شهر أيار شهر الزهور والورود وأجمل أشهر الربيع لإكرام أمّنا الطاهرة مريم العذراء، أمّ النور، منها السلام. يكثر في هذا الشهر أيضًا زهور الياسمين والزنبق والأقحوان... وهكذا تُذكّرنا الطبيعة بجمال سلطانتنا العذراء مريم وطهرها. ذاك الطهر الذي يُعطّر العالم بعبق رائحته الزكيّة، كي يوجّهنا جميعًا بلا استثناء الى العزّة الإلهية ميناء الآمان.

 

ينسب بعض المؤرّخين نشأة الشهر المريمي إلى الطوباوي هنري عام  1365للحساب الميلادي. وفي عام 1683 أعلن قداسة البابا "اينوشنسيوس الحادي عشر" في رسالة حبريّة  تخصيص شهر أيّار لإكرام أمّنا وسيّدتنا مريم العذراء. ومنذ ذلك العام اتّخذت الكنيسة الكاثوليكية هذا الشهر عيدًا للسيّدة مريم البتول الطوباويّة والمملوءة من النِّعَم. وفيما بعد انتشرت ممارسة الشهر المريمي في كلّ دول أوروبا وأمريكا والعالم اجمع، إلى أن وصلت الممارسة التقوية إلى هذه البلاد المشرقيّة العزيزة في منتصف القرن التاسع عشر.

 

يتخلّل الاحتفال اليومي في الكنيسة رفع التضرّعات والأدعية والصلوات والتراتيل إلى الله العليّ القدير وشكره تعالى على جميع النعم، بشفاعة سيّدتنا العذراء مريم ووجاهتها. وتعداد فضائل والدة السيّد المسيح دائمة البتوليّة أمّنا الروحانيّة سامية القداسة التي اصطفاها الرب فوق النساء أجمعين. مع استمطار رحمته تعالى كي يهدينا إلى السراط المستقيم ويباركنا ويحفظنا من كلّ سوء. لا نقدر أن نحصل  على السلام الحقيقي إلاّ من الله عزّ وجلّ وعن طريق الاتحاد به والاستسلام لمشيئته تعالى، تمامًا كما فعلت مريم أمّ النور التي قالت للمَلَك (للملاك) جبرائيل حين بشّرها بمولد المخلّص "هأنذا أمة الرب فليكن لي بحسب قولك".

 

ويشترك أحيانًا مؤمنو الكنائس غير الكاثوليكية وعن طيب خاطر في الصلوات المريمية في هذا الشهر الأغرّ. وتكثر في طقوسهم الليتورجية الصيغ في إكرام أمّ النور، وهكذا يحقّق جميع المؤمنين من مختلف الفئات النبوءة الإنجيلية المريمية: "ها منذ الآن تطوّبني جميع الأجيال" (لوقا 47:1 وتابع).

 

ويتجلّى الهدف من إكرام مريم العذراء لا عبادتها بتذكّر فضائلها السامية وتمجيد تلك الفضائل التي جعلتها جديرة بأن تكون أمّاً لسيّدنا المسيح، ولذلك ملأها الرب بنعمه وبركاته اللامحدودة. أمّا اجتماع المؤمنين في الكنيسة فهو للتعبير عن إيمان المؤمن ومحبّته للسيدة مريم العذراء وتعلّقه البنوي بالأمّ الحنون، أمّ النور وأمّ البشريّة وملكة السماء والأرض، التي تتشفّع لنا أمام العرش الالهي ليمنحنا التوبة والصفح عن زلاّتنا ويتغاضى عن نقائصنا الصادرة من ضعفنا البشري. "ورائحة الأمّ تلمّ" كما يقول المثل العامّي.

 

خاتمة

 

"حروبٌ تملأُ الأرضَ،

وضيقٌ عنه لا نَرضى غدَونا كلّنا مرضى،

وليس فينا سواكِ مَن يداوينا،

سواكِ مَن يداوينا" (ترنيمة للأب منصور لبكي)

 

نتضرّع اليك "أيتها الملتحفة بالشمس" في هذا الزمن الصعب أن تتشفعي فينا كي تحمينا من الأمراض المعدية ومكائد الأشرار. وأن تنجينا من جميع المخاطر غير المنظورة على الدوام. على أمل أن نحظى يومًا بميناء الخلاص وحياة الخلود حيث السلام الحقيقي.