موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ٢٨ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٠
28 تشرين الثاني: القديس يعقوب من لاماركي الفرنسيسكاني

إعداد الأب وليم عبدالمسيح سعيد الفرنسيسكاني :

 

ولد يعقوب في مقاطعة ماركا دانكونا بإيطاليا عام 1391، من أسرة فقيرة ماديًا ولكنها غنية بالإيمان.

 

فقد والديه في سن مبكرة.

 

بعد الدراسات الأولية التي قضاها في التقوى وممارسة أعمال الرحمة، انتقل إلى الدراسات العليا وأتمها فى زمن قياسي ونال فيها درجة الدكتوراه. لذلك اختاره أحد أعيان المدينة مربيًا لأبنائه، ومنحه منصبًا هامًا. لقد كان ينتظره مستقبل باهر، لكن الرب الذي رأى فيه ما هو اسمى. كشف له مخاطر العالم واحتقار خيراته الزائلة والبحث عن ملجـأ أمين في حياة التكريس، فانضم إلى الرهبان الفرنسيسكان، بعد أن لمس فيهم الحياة المثالية.

 

في 25 تموز عام 1416، كان قد بلغ سن الخامسة والعشرين من عمره، ارتدى الثوب الفرنسيسكاني في كنيسة سيدة الملائكة بأسيزي وقضى سنة الابتداء، حيث أثار دهشة جميع الرهبان لكثرة الفضائل التي كان يمارسها، وقد لمعت في جميع أيام حياته، ولرغبته في بذل الذات لله كان يجلد جسده إلى أن ينزف الدم، وكان يتشح بقميص من الحديد المدبب على جسده وفوقه ثوبًا واحدًا مرقعًا. كان ينام على الأرض ولم يأكل اللحم طوال حياته، كان طعامه الخبز وقليل من الحشائش، يقضى ثلاث ساعات من الليل في النوم وما تبقى كان للتأمل في آلام المخلص التي كان ينهل منها الأنوار العلوية لشد أزره فى أعماله اليومية. أشاد المؤرخون بتواضعه العميق وطاعته وعطفه على الآخرين، ولحبه لمريم العذراء كان يتلو يوميًا صلوات الفرض الخاصة بتكريمها وكذلك المسبحة الوردية.

 

درس اللاهوت، وسيم كاهنًا وهو في التاسعة والعشرين من عمره. اتصف بالقداسة والعلم والغيرة الرسولية لفترة خمسين عامًا. طاف جميع أقاليم إيطاليا وبلاد أوروبا وروسيا حيث أعاد أعدادًا غفيرة من الهراطقة إلى أحضان الكنيسة ورفض أن يكون رئيس أساقفة ميلانو. اختاره سبع من بابوات روما سفيرًا وواعظًا للصليبيين ومدافعًا عن عقائد الكنيسة ضد خمس من أنواع الهرطقات. ولضيق الكنائس كان يعظ في الميادين العامة حيث تمت على يديه حالات شفاء وقيامة موتى. قضى على هراطقة في إيطاليا، وفي المجر أعاد خمسين ألفًا إلى الإيمان، وخمس وخمسين ألفًا من المنشقين. وفي النرويج آمن على يديه مائتان ألف من غير المؤمنين. جذبت عظاته وحياته المثالية مائتين من الشباب الذين انضموا إلى الرهبنة الفرنسيسكانية. كل ذلك كان سببًا في إضرام نار حقد الهراطقة عليه والإصرار على قتله، لذلك قدموا له طعام ممزوجًا بالسم، لكن رفض أن يأكله.

 

صرح له البابا اوجينيوس الرابع بالسفر إلى الشرق للتبشير، لكن عند وصوله إلى قبرص أصيب بمرض أرغمه على العودة إلى إيطاليا. وعند مروره ببلدة لوريتو حيث منزل العذراء منح نعمة الشفاء. لم يكتف بمحاربة الهراطقة والمنشقين، لكن غيرته على خلاص النفوس دفعته أيضًا لمحاربة الزائل والعادات السيئة والسلوكيات الرذيلة. في فترة رئاسته الإقليمية كان يقظًا أشد اليقظة ليعيش الرهبان نقاوة القانون ولقد تعزى تعزية غامرة عندما درج معلمه برناردينوس في مصاف القديسين. كان له الشرف فى تلبيس الثوب الرهباني لجامعي تنبأ له عن مستقبله عندما قال له "اليوم انضم إلى جيش المسيح جندي سيكون فخرًا لرهبنتنا وسيعمل جاهدًا لمجد الرب وخير النفوس وسيهزم جيش الشيطان". كان هذا الجندي هو الطوباوي برناردينوس من فلتري.

 

تمّت على يديه عديد من المعجزات برهانًا على صدق كلامه وأعماله. منحه الرب أيضًا موهبة النبوءة. قضى آخر سني حياته في مملكة نابولي حيث استدعاه الملك للتبشير فحول المدينة من حياة الرذيلة إلى ممارسة الفضيلة. وعندما حان موعد لقائه بربه طلب الصفح من إخوته الرهبان عما يكون قد صدر منه نحوهم من أخطاء، وحثّهم على إتباع روح القانون. وبعد أن تزود من الأسرار المقدسة، رقد في الرب يوم 28 تشرين الثاني عام 1476 عن عمر يناهز 85 عامًا. وفي 10 كانون الأول عام 1726 أعلنه البابا بندكتس الثالث عشر قديسًا في الكنيسة المقدسة. فلتكن صلاته معنا.