موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٩ أغسطس / آب ٢٠٢٠
ناح أرز الربّ معنا على بيروت!.. لبنان في الكتاب المقدس

أشخين ديمرجيان :

 

لقد أدمى الانفجار قلوبنا قبل عيوننا، وأبكى حتّى الحجر الذي تناثر ركامًا بعضه فوق بعض في بيروت. ويبدو مشهد الضحايا والجرحى والحطام حزينًا كأنه كابوس مروع... وصفه دونالد ترامب بأنّه "يبدو كأنه هجوم رهيب"!

 

نتقدّم بأصدق مشاعر التعزية لجميع إخوتنا اللبنانيين الأعزاء، سائلين الباري تعالى أن يتغمّد ضحايا انفجار مرفأ بيروت بواسع رحمته، وأن يتعطف ويمّن على المصابين بالشفاء العاجل، ويشمل لبنان وشعبه الشقيق بعونه القدير ويحفظه من كافة المصائب، بشفاعة العذراء مريم وجميع قديسي لبنان. 

 

وأطلق البطريرك الماروني في لبنان الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، نداء إلى  دول العالم الشقيقة والصديقة وإلى الدول الكبرى والأمم المتحدة بتقديم مساعدات فورية لإنقاذ بيروت من محنتها، "بمنأى عن أي اعتبار سياسي، لأن ما جرى يتعدى السياسة والصراعات". وأضاف: "اتوجه إليكم لأني على ثقة بأنكم تحبون لبنان وستلبون النداء. اتوجه إليكم لأني أعرف مدى رغبتكم في أن يعود لبنان إلى دوره التاريخي في خدمة الإنسان والديمقراطية والسلام في الشرق الأوسط والعالم".

 

وأوضح راثيًا: "بيروت مدينة منكوبة. بيروت عروس الشرق وقبلة الغرب جريحة. كأنها ساحة حرب من دون حرب. دمار وخراب في كلّ شوارعها وأحيائها وبيوتها". وأضاف قائلا: "لبنان الذي قدم للعالم الحرف يستأهل (يستحق) أن يكون أشقاؤه وأصدقاؤه إلى جانبه بما يسعفه، لإعادة ترميم عاصمته من خلال إنشاء صندوق سريع بإشراف أممي لتوزيع هذه المساعدات".

 

لبنان في الكتاب المقدس

 

ذُكر اسم لبنان 71 مرّة في الكتاب المقدّس، والأرْز 75 مرة، ومدينة صور 59 مرة، وصيدا 50 مرة، إضافة إلى 35 قريةً ومدينةً وعشرِ مناطق كلّها في لبنان. وتَرد في أَسفار الكتاب المقدس حقائق عن عظمة مدينة صور واتساعِ نشاطها التجاري، وأهمية صيدون وشعبها، ونشاط الفينيقيين التجاري والبحري، وزيارة السيّد المسيح إلى جنوب لبنان في صيدا وصور.

 

وفي سِفر أخبار الأيام الثاني نقرأ: "وأَرسِل لي خشبَ أرز وسرْو وصندل من لبنان، فأنا أعرف أنّ رجالك ماهرون في قطع خشب الأرز". وفي سِفْر عزرا: "أَعطوا فضة للنحاتين والنجارين، ومأكلاً ومشربًا وزيتًا للصيدونيين والصوريين كي يأتوا بخشب الأرز من لبنان إلى بحر يافا حسب إذن قورش ملك فارس". ممّا يؤكّد عراقة لبنان وأصالته ومقامه الرفيع.

 

يرجع أصل لفظة لبنان -وفقًا للكتاب المقدس- إلى "اللبان، أي الأبيض في العبرية. وقد ألهمتها جبال لبنان الدائمة البياض". والمقصود بذلك أيضًا رائحة البخور الطيبة المنبعثة من أشجار الصنوبر والأرز، وأيضًا رائحة الزهور، بما يدل إلى وجود مياه وخصب في لبنان". إن لبنان حمل هذا الاسم: "لأنه يبيّض الخطيئة. وبالتالي له ارتباط بالهيكل، بالخلاص". كان لبنان إذًا ساحرًا في عيون اليهود وغيرهم من الشعوب. ولقد تغنّى بلبنان الأنبياء اليهود وقدّموه مثالاً لشعبهم، في الجمال والخصب والغنى والوفرة والعبرة، وكرمز للهيكل المقدس.

 

جاء في المزمور 72/16: "وفرت الحنطة في البلاد وتموجت على رؤوس الجبال كلبنان إذ أخرج ثماره وازهاره واذ اخرجت الأرض عشبها". ويربط أيضًا النبي أشعيا الشهير (35/2) الفرح والازهار والابتهاج بـ"مجد لبنان"، "لتفرح البرية والقفر ولتبتهج البادية وتزهر كالنرجس… قد اوتيت مجد لبنان".

 

عند النبي هوشع، يبرز أيضًا لبنان في أبهى حلة: "يزهر كالسوسن ويغرز جذوره كلبنان. وتنتشر فروعه ويكون بهاؤه كالزيتون ورائحته كلبنان. فيرجعون ليجلسوا في ظلّي ويحيون الحنطة ويزهرون كالكرمة في لبنان" (14/6-8).

 

وجاء في نحوم (1/ 4): "يزجر (الرّب) البحر فيجففه وينضب جميع الأنهار… وقد ذبل زهر لبنان"، أي يذبل زهر لبنان رمز الرائحة والخصب والجمال. ويحذّر نحوم الشعب اليهودي من عظمة غضب الله التي تتجاوز عظمة لبنان، وإلى أن الله هو المطلق، ولا شيء يوازيه، حتى لبنان العظيم". وفي المزمور (29/5-6) "صوت الرب يحطّم ارز لبنان يجعل لبنان يقفز قفز العجل"، و"هذا يعني أن لبنان، رغم عظمته، يرتعد أمام صوت الرب".

 

خاتمة

 

يزيد الانفجار من أوجاع لبنان الذي يعاني من أزمة اقتصادية قاسية واستقطاب سياسي حاد، في مشهد تتداخل فيه أطراف إقليمية ودولية... ترى ماذا سيحدث في لبنان بعد هذه الكارثة؟ وبعد أن قدّر محافظ بيروت مروان عبود قيمة أضرار الانفجار المبدئية بين 10 إلى 15 مليار دولار؟!

 

تذكّرني المأساة رغمًا عني بالمطرب العملاق وديع الصافي وبعض الكلمات من أغنيته حين يصدح: "ناح أرز الربّ** لبنان مش لبنان** لبنان يا قطعة سما عالأرض ثاني ما الها ** لوحات الله راسمها شطحات أحلى من الحلى ** لبنان يا قطعة سما اسمك على شفافي صلاة...".

 

أضرع إليه تعالى أن يجد برحمته الحلّ المناسب لجميع النكبات التي حلّت في لبنان خاصة والعالم أجمع عامة ، إنّه السميع المجيب!