موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الجمعة، ٤ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٥
كيف تتعاطى المنظمات الدينيّة المتطرّفة مع وسائل الإعلام؟

الأب عبده أبوكسم :

رأى مدير المركز الكاثوليكي للإعلام في لبنان، الأب عبده أبو كسم، أنه من الملّح جداً معالجة موضوع وسائل الإعلام ودورها في نقل الحقيقة، خاصةً وأنها فرضت نفسها بقوة بفضل التطوّر التكنولوجي والتقني المذهل، ولقربه من الشخص وارتباطه بإحتياجات الإنسان الأساسيّة من تعليم وتواصل وترفيه ودعاية، لكن في المقابل فإن بإمكان وسائل الإعلام أيضاً نشر مفاهيم وقيم الحقوق والحريات والإعتدال والوسطيّة من جهة، أو الإرهاب والتطرّف والغلّو والإستبعاد والإقصاء، وتظهير العنف والقتل بغية ترهيب الرأي العام من جهةٍ أخرى. الأمر الذي جعل من هذا الإعلام وأدواته، ووسائل التواصل الإجتماعي سلاح ذو حدّين.

وأضاف: "كيف تتعاطى المنظمات الدينيّة المتطرّفة مع وسائل الإعلام؟ بمعنى آخر، كيف يستّغل التطرّف الديني وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي، لتسويق أهدافه؟"، مشيراً الى انه "إذا ما نظرنا إلى الواقع، يبدو لنا أنه مخيف، لأن المنظمات الدينيّة المتطرّفة لها طرقها المؤثرة بمعنى أنها تؤثر على الرأي العام وأكثر من ذلك تفعل فعلها فيه. (مثلاً ظاهرة داعش والنصرة كيف عبأت النفوس عبر وسائل الإعلام، فاستعملت التلفزيون لتنشر أفلاماً حماسيّة، وتعرض تدريبات على استخدام السلاح، بهدف استقطاب المتطوعين في صفوفهم، مع أختيار المؤثرات الضوئيّة والصوتيّة والموسيقى، التي تدفع إلى الحماسة كي ينضوي في صفوف هذه المنظمات المقاتلون، ناهيك عن تسويق فكرة جهاد النكاح)".

وتابع في مؤتمر "مكافحة التطرّف الديني، ونشر قيم التسامح والإعتدال والوسطية عبر وسائل الإعلام" بالجامعة اللبنانية: "أما مشهديّة الإعدامات المصوّرة، عبر وسائل التواصل الإجتماعي التلفزيون، الفضائيات، واليوتيوب، كان الهدف منها إثارة الخوف والرعب في نفوس الخصوم أولاً وفي نفوس العالم، وهكذا تكون وسائل الإعلام بقصدٍ أو عن غير قصد قامت بمساعدة هذه المنظمات في تسويق إستراتجيتها الحربيّة لتكسب الحرب أولاً عبر وسائل الإعلام، تحت عنوان ما يسمّى الحرب النفسيّة".

وقال الأب عبده أبوكسم: "إن الخطر في إستعمال وسائل التواصل هذه يكمن في إفتتاح فروع الإرهاب في الخارج، تساهم في ضرب السلم وخلق الفوضى في البلدان التي تستهدفها هذه المنظمات، وقد يسخرّون وسائل التواصل هذه، في تواصل أعضاء هذه المنظمات مع بعضهم بسرعةٍ وسهولةٍ كبيرتين".

وعن دور وسائل الإعلام في نشر قيم التسامح والإعتدال والوسطيّة بين الناس وفي المجتمعات، في مواجهة ومكافحة التطوّر الديني، قال: "إن الكنيسة الكاثوليكيّة التي أمثّلها في مجال الإعلام، (كما باقي الأديان تؤكد على أهمية دور وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي في نشر ثقافة التسامح والإعتدال والوسطيّة). إن الكنيسة تعتبر وسائل الإعلام خطرٌ وثروة في آن على المجتمع ولا بدّ من تنشئة الثقافات والضمائر على استخدام وسائل الإعلام بغية الإفادة منها كثروة للمجتمع تكون في خدمة الإنسان وبنيانه وتسعى إلى تعزيز كرامة الشخص البشري، وأن تكون هذه الوسائل أبواب حقيقة وإيمان في حياة العائلة والمجتمع، وأن تكون أيضاً في خدمة العدالة والسلام الحقيقي في ضوء سلام الأرض".

وأضاف: "من هذا المنطلق، فإنها تدعو القيّمين على وسائل الإعلام إلى نشر ثقافة المحبّة في مواجهة ثقافة القتل والعنف والتعصب وهي تصرّ على مواجهة الشرّ بالخير. وبهذا المعنى فهي تعتبر نفسها ملتزمة في نشر قيم التسامح والإعتدال والوسطيّة وهذه القيم الإنسانيّة، هي من أبرز القيم التي تسهم في استدامة المجتمعات البشريّة وإزدهارها، أضف إليها في ما يخصّنا في لبنان إعلاء قيم العيش المشترك، ومواجهة المصير الواحد على مستوى الجغرافيا والثقافة، بحيث يعمل الجميع لتحقيق الأهداف الإنسانيّة المشتركة في ظل تعددية تبني ولا تهدم".

وقال الأب أبوكسم: "بناءً على ما تقدم ومن أجل مكافحة التطرّف الديني، ونشر قيم التسامح والإعتدال والوسطية عبر وسائل الإعلام أقترح العمل على المبادرات التالية: إطلاق قنوات ومؤسسات صحفيّة والكترونيّة متخصّصة في بناء ثقافة التسامح ومكافحة الفكر الإرهابي المتطرّف، إطلاق برامج تأهيل وتدريب إعلامي فكري للإعلاميين لتمكينهم من التفاعل الناجح مع قضايا الفكر المتطرف، وإطلاق برامج استقطاب للصحافيين والمؤثرين العالميين للحضور إلى عالمنا العربي بغية الإطلاع على واقع التسامح والتعايش المشترك.

وختم مدير المركز الكاثوليكي للإعلام في لبنان: "إن عملية نشر قيم التسامح والإعتدال والوسطية، ليست عملية شعارات، إنما هي عملية لها أهداف ومحاور يجب أن تتبناها كل وسائل الإعلام، ومن أهم هذه الأهداف: الإعتراف بالآخر وقبوله والتعايش معه، تعزيز الحوار والتسامح الديني العمل على تجديد الخطاب الديني، نشر ثقافة الإعتدال ونبذ كل أشكال التعصّب والتطرّف".