موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأربعاء، ٢٦ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٢
عيد الميلاد.. ودلالة الزيارة للحصن

سلطان الحطاب :

الرأي الأردنية

للزيارة الملكية لمدينة الحصن وهي ثاني اكبر تجمع سكاني بعد اربد المركز في منطقة الشمال حيث يصل عددها الى (77) الف نسمة دلالة خاصة اذ ان الحصن تمثل الاسرة الاردنية في اندماج المسلم مع المسيحي في الشخصية الاردنية التي عرفت التعايش والانسجام والاعتزاز بالهوية الوطنية, والى جانب ذلك المخيم المعروف بمخيم الشهيد عزمي المفتي (مخيم الحصن).

المدينة التي هنأ الملك فيها الاردنيين بعيد الميلاد اجتمعت فيها الطوائف لاستقباله, واستطيع ان اقول ان الحصن كمادبا في تركيبتها وانهما نموذجان على قدرة المواطنة في ان تجعل من التنوع قوة.

الحصن مسيحية بمقدار ما هي اسلامية في تاريخها القديم فهي (ديون) هكذا اسمها القديم وهي احدى مدن الديكابولس العشر التي شكلت حلفاً وتحمل اسم «هيبوس».

عراقة المدينة يمثلها التل الاثري الممتد وهو ذو طبيعة صناعية ورغم الاكتشافات من باطنه وجواره الا انه ما زال غنيا بالاثار التي لم تكتشف والتل الان فيه مقبرة للمسلمين وقد اصبحت الحصن في العهد الايوبي الاسلامي ذات شأن وظلت عائلاتها المسلمة والمسيحية تحافظ على ارتباطاتها وتنهض بالمدينة التي اتصفت بكثرة المدارس والاديرة والكنائس وتميز رجالها وتعلم ابنائها تعليما عاليا مميزا.
وما زلت اذكر دعوة الراحل خليل السالم لي لزيارة بلده الحصن والتي اقيمت فيها مدرسة حملت اسمه وقد تذكرت ذلك وانا استمع لكلمة ابنه الوزير السابق باسم السالم يتحدث عن الحصن واهلها وولاؤهم لوطنهم ونجاحهم في بناء نسيج اجتماعي ووطني مميز.

اختلاط المآذن بالكنائس والاجراس صنع مدينة جميلة زارها الاخطل الكبير شاعر الخليفة الاموي وأم كنائسها قبل ان يبقى في بلاط عبدالملك بن مروان كما ذكرها الشاعر الاموي عدي بن الرقاع العاملي الذي ذكر فيها موضعين هما مقدية والحصن وقد سكنها العرب بشكل كثيف عام 1306 ميلادية وتحصنوا بتلها. وقيل ان اسمها نسبة الى رجل اسمه الحصيني وكان من اصحاب الطرق الصوفية وتوفي عام 1451 وما زال البعض يذكره ويتقرب منه.

وكثيرا ما تحدث شبيب عماري عن الحصن وعن ذكريات البريد فيها حيث عمل والده على ما اذكر وكيف كانت الجدية في التعليم, زارها العديد من الرحالة العرب والاجانب وكتبوا عنها ومنهم بيركهارت السويسري الذي قدم البتراء للعالم واسمى نفسه ابراهيم وقد احصيت عشرة من الرحالة الاجانب ذكروها في كتاباتهم وبينوا اهمية موقعها ودورها.

فالحصن في الأصل هي قلعة اموية وكانت ذات طبيعة عسكرية.

ولعل الحصن من اكثر المدن الاردنية تنوعا للطوائف المسيحية ومن هنا تأتي اهميتها واهمية ان قصدها الملك ليلتقي زعماء طوائفها ففيها اقدم كنيسة ارثوذكسية في الاردن كما ان فيها كنيسة للروم واخرى للاتين وثالثة للكاثوليك وكنيسة معمدانية وكنيسة اسقفية.. وتعتبر اراضيها الممتدة من اخصب الاراضي في الاردن وهي تمتد على مساحات زراعية واسعة.

لقد حضر الى لقاء الملك البطيرك ثيوفيلوس الثالث بطريرك القدس وسائر فلسطين والاردن لتكون الدلالة ويمكن ويقول (يشرفنا ان نقف في حضرة جلالتكم في اجواء عيد الميلاد لننقل اليكم باسم ام الكنائس وكهنتها ورعيتها اسمى التهاني والتبريكات» الملك صاحب رعاية لمقدسات المسلمين والمسيحيين في هذه الديار من الاردن وفلسطين. وتحدث البطريرك المثقف فؤاد الطوال عن المواطنة والحرية.. والاصلاح وتطلعات الاجيال الشابة وعن الوحدة الوطنية وضرورة الحفاظ عليها في هذه الظروف الصعبة.

وكان الوزير السابق باسم السالم قد انتدب لالقاء كلمة باسم الاهالي واتباع الكنيسة الارثوذكسية في الاردن وفلسطين عن شكره للملك لحماية الهوية العربية الاسلامية والمسيحية للقدس الشريف والحفاظ على الحقوق الكنسية الارثوذكسية في المدينة المقدسة.

عشية عيد الميلاد المجيد وفي ظلاله فان الاردنيين يصنعون عاما جديدا من السلام والرخاء والقدرة على العمل لبلوغ اهدافهم في وطن حر ناهض, حاضن لكل ابنائه.