موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ٥ أغسطس / آب ٢٠٢٣
عيد التجلّي: المسيحيّ مرآةُ المسيح

الأب الياس كرم :

 

يعيّد المسيحيون في السادس من شهر آب لعيد التجلّي، والمعروف شعبيًّا بعيد الرب. هذا الحدث ورد في كل من إنجيل متّى (١٣: ١-١٧)، وإنجيل مرقس (٩: ٢- ١٣)، وإنجيل لوقا ( ٩: ٢٨-٣٦). أمّا إنجيل يوحنا فيذكر حادثة التجلّي كأنّها عمل فريد أو آية فريدة في حياة المسيح، لأنّه رأى في أعمال المسيح كلّها تجلّيًا، وإظهار مجده وإعلان نوره.

 

حدث التجلّي يأخذنا إلى عمق معرفة يسوع المسيح، الذي أظهر مجده لتلاميذه "حسب ما استطاعوا"، لذلك يُعد هذا العيد كشفًا للمجد الذي يتمتّع به يسوع أساسًا ولكن هذه المرّة يكشُفُه لنا على الارض، وسنعاين مجده كاملاً عند مجيئه آتيًا في ملكوته.

 

لا شك أنّ الهدف من تجلّي المسيح، كان لكي يفهم تلاميذه "المقرّبون" مَن هو يسوع بصورة أفضل. لقد تغيّرت هيئة المسيح بصورة تدريجيّة حتّى يتمكًن تلاميذه من رؤيته في مجده. فالتلاميذ الذين كانوا قد عرفوه فقط في جسده البشري أدركوا الآن ألوهيته، رغم أنهم لم يفهموها بالكامل.

 

عندما تجلّى الرب يسوع المسيح كشف عن عمقه، عن طبيعته، عن حقيقته بالكامل. على هذا المنوال عندما يطلب منا بولس الرسول أن نتغيّر، يطلب منّا أن نتغير بالكامل، من الداخل قبل الخارج. هذا ا التغيير هو تغيير كامل في الذهنيّة والاهتمامات والتصرّفات وعدم إدانة الآخرين والسعيّ الدائم نحو التوبة من خلال جهادٍ حقيقيّ مكلّل بالصلاة والصوم دون تعبٍ أو كلل، ومن خلال التسامح والتواضع والعطاء المغبوط.

 

هكذا يتجلّى الله فينا ونحن نتجلّى في العالم، ونعكس نور المسيح في قلوب وعقول الآخرين. نور ثابور هو "النور من الرّب يسوع: ثياب المسيح هي ثياب القيامة، انفجار الألوهة، انبعاث الحياة، والحياة هي يسوع: "فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس، والنور يضيء في الظلمة، والظلمة لم تدركه (يوحنّا ١: ٤)".

 

هذا الحدث رسالة علينا أن ندركها، فلا يعود العيد مهرجانًا واحتفالات شعبية وسهرات قرويّة. عيد التجلّي دعوة لنا لنعود إلى عمقنا الذي هو المسيح، إلى الملكوت الموجود في داخلنا، فنتجلّى ويتجلّى العالم من حولنا. المسيحيّ هو مرآة يعكس نور المسيح في العالم. متى أدرك المسيحيّ هذا اللاهوت، عندها لا يعود اسمًا على الهوية، إنما أيقونة تتمشى بين الناس، وتنشر سلام المسيح ونوره في العالم.