موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٦ أغسطس / آب ٢٠٢٠
سيامة يعقوب أفرام سمعان مطرانًا نائبًا بطريركيًا للسريان الكاثوليك في الأرض المقدسة
المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، وموقع أبونا الإلكتروني، يقدمان أحرّ التهاني للمطران يعقوب أفرام سمعان، مع الدعاء له بخدمة صالحة لما فيه خير كنيسة السريان الكاثوليك في سائر الأراضي المقدسة
جانب من الرسامة الأسقفية للمطران يعقوب أفرام سمعان (تصوير: مكتب إعلام بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكيّة)

جانب من الرسامة الأسقفية للمطران يعقوب أفرام سمعان (تصوير: مكتب إعلام بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكيّة)

أمانة سر البطريركية :

 

احتفل بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي اغناطيوس يوسف الثالث يونان، مساء أمس السبت، بالقداس الإلهي على مذبح كاتدرائية سيّدة البشارة في بيروت، وخلاله قام برسامة الخورأسقف أفرام أنطوان سمعان مطرانًا نائبًا بطريركيًا على القدس والأراضي المقدسة والأردن، باسم "يعقوب أفرام سمعان"، فضلاً عن كونه معيّن مدبرًا بطريركيًا على أبرشية القاهرة والنيابة البطريركية في السودان.

 

وألقى البطريرك يونان عظة تحدّث فيها عن عيد انتقال السيدة مريم العذراء نفسًا وجسدًا إلى السماء، والذي "تحتفل به الكنيسة قاطبةً اليوم وهو أهمّ الأعياد لأمّنا العذراء مريم، والدة الله الكلّية القداسة" مشيرًا إلى أنّ "احتفالنا هذا العام يختلف عن السنوات الماضية! لبناننا الجميل الصغير بمساحته والكبير بحضارته ورسالته، محطّ أنظار القريب والبعيد، يجتاز هذه الأيّام أخطر مراحل تاريخه الحديث. فمن ضائقة اقتصادية لم تُعرَف منذ عقود، إلى الوباء الكوني المخيف، إلى النكبة الإجرامية المروّعة التي سبّبها انفجار مرفأ بيروت يوم الثلاثاء 4 آب! كم وكم من الآلام والدموع: ضحايا بالمئات، جرحى بالآلاف، عشرات الكنائس المتضرّرة ومنازل لا تُحصى أضحى سكّانها على الطرقات...!".
 

وتضرّع "إلى العذراء مريم أمّنا السماوية، المليئة بالمراحم، كما اعتدنا أن ندعوها في التقليد السرياني، كي بشفاعتها المستجابة، يُشفق الرب إلهنا على لبنانِنا المنكوب، فيتعزّى المفجوعون بفقد أعزّائهم، ويشفى الجرحى، وتُبنى البيوتُ المهدّمة... هي "ملجانا ورجانا"، قادرة أن تبلسم القلوب، وتعيد الرجاء حيث لا بصيص من نور، كي يبقى شبابنا، رغم الكوارث والإنقسامات والتحدّيات، صامدين ومتجذّرين في لبنان الوطن الرسالة"، مؤكّداً أنّ "شعبنا في بلدان هذا المشرق المعذَّب، من العراق فسوريا إلى لبنان، هو شعب مؤمنٌ وضع رجاءه بالرب المخلّص الذي وعد كنيسته أن يبقى معها إلى المنتهى، فلا تقوى عليها أبواب الجحيم".

 

ونوّه غبطته إلى أنّنا "اجتمعنا في هذا المساء، كي نحتفل بذبيحة القداس الإلهية، في كاتدرائية سيّدة البشارة التي عرفت الكثير من النكبات إلى يومنا هذا. جئتم لتشاركوا في فرحة سيامة عزيزنا الخوري أفرام سمعان، الذي انتخبه مجمعنا الأسقفي أسقفًا نائبًا بطريركيًا على القدس والأراضي المقدسة والأردن. وقد أعطيناه اسمًا أبويًا هو مار يعقوب أخو الرب، أحد الإثني عشر، والأسقف الأول على أورشليم المدينة المقدسة"، مذكّرًا بالتحدّيات "التي ستجابه المطران الجديد في خدمته الأسقفية، إن في الأراضي المقدسة وإن في المسؤولية الملقاة عليه، كمدبّر بطريركي لأبرشية القاهرة، بعد وفاة راعيها المثلّث الرحمات مار اقليميس يوسف حنّوش، فهو يحتاج إلى صلواتنا وتشجيعنا كي يبدأ ويستمرّ في خدمته الأسقفية الجديدة، بالنعمة والعافية، بالفرح والسلام".

وتأمّل غبطته بالإرشادات والكلمات المؤثّرة التي وجّهها مار بولس في رسالته إلى تلميذه طيموتاوس: "لا يستهن أحدٌ بحداثتك، بل كن مثالاً للمؤمنين بالكلام، والسيرة والمحبّة والإيمان والعفاف.. لا تُهمِل الموهبة التي فيك"، وقد سمّى بولس تلميذه "ابني الحبيب والأمين في الرب، كي يذكّره بسموّ الدعوة التي إليها دعاه الربّ المخلّص، ليتابع رسالة الكرازة بإنجيل الخلاص، ويبذل ذاته كالراعي الصالح لخدمة النفوس الموكلة إليه". وتطرّق إلى "حقيقة الراعي الصالح والصفات التي عليه أن يتحلّى بها"، مشيرًا إلى أنّ المطران الجديد "دُعي ليمارس خدمته الأسقفية متمثّلاً بمعلّمه الإلهي راعي الرعاة الحقيقي، وهي خدمة مجانية قبل أن تكون ترقية إلى الكرامة، خدمة تتجلّى: بالمحبّة الفائقة حتّى بذل الذات ومثاله يسوع الفادي، بوداعة قلب الرب وتواضعه، وبالحكمة المستنيرة بمواهب الروح القدس"، مشدّدًا أنّ على الأسقف "أن يعيش دعوته للخدمة بروح الحق، مجسّدًا كلامه وموعظته وتعليمه، بأفعال تثبتُ مصداقيته ونزاهته، ليضحي قدوةً لكهنته والمؤمنين في أبرشيته. واليوم أكثر من أيّ وقت مضى، يحوز الأسقف على تقدير المؤمنين ورضاهم، متى اختبروا فيه صورة الأب الحقيقي، الذي يشهد لدعوته بقناعة وصدق، يخدم ويتفانى ويبذل ذاته بسخاء، ساعيًا لتقديس ذاته والنفوس المؤتمَن عليها، دون شروط أو تمييز".

 

وتناول "ما جاء في الرسالة المنسوبة إلى يعقوب الرسول أخي الرب: على الإيمان أن يُترجَم وأن يحيا بأعمال المحبّة والرحمة والعدالة"، منوّهًا بأنّ على المطران الجديد "أن يمارس سلطته الكنسية بروح الوداعة والتواضع، كأبٍ يتفهّم ويُرشد ويوجّه مَن أُوكِلوا إلى رعايته، إكليروسًا ومؤمنين، متذكّرًا بأنّه وحده الروح يُحيي، وليس الحرف. ولم يعد خفيًّا أنّ عصرنا الذي يتبجّح بأولوية الحرّيات الفردية التي تنشرها وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، يميل إلى رفض مفهوم السلطة عامّةً، والروحية بشكلٍ أخصّ"، مذكّراً بما كتبه القديس اغناطيوس الأنطاكي، متوجّهًا إلى الأسقف وكهنته وجماعته المؤمنة، أن: كونوا في وحدة متناغمة، "على انسجامِ الأوتار والقيثارة، وهكذا، باتّفاق الشعور وتناغُم المحبّة، تُنشدون يسوع المسيح".

وتحدّث غبطته عن دعوة الأسقف "أن يقوم برعاية الموكَلين إلى خدمته، متّكلاً دومًا على النعمة الإلهية التي سينالها في سيامته وخدمته، ومستلهمًا مواهب الروح القدس، لا سيّما الحكمة والمشورة. إذ كلّنا نعلم كم أضحت الخدمة الأسقفية مليئة بالصعوبات، وكم عليها أن تجابه التحدّيات المتنوّعة، إن من داخل الكنيسة وإن من خارجها"، موجِّهًا الأسقف الجديد كي "يتعامل مع الآخرين بحكمةٍ أبويةٍ وبفطنةٍ وصبرٍ وتفهُّم. فعليه أن يتقيّد بالقوانين الكنسيّة ويلجأ إلى الاستشارة قبل أن يتّخذ القرارات الهامّة المتعلّقة بخدمة الكهنة ورسالتهم، وفي حقل الرعاية ومعالجة الأمور الاجتماعية. وهو مدعوّ ليكون حكيمًا ومنفتحًا في الحوار المسكوني، وفي بناء العلاقات الإيجابية مع المسؤولين الروحيين والمدنيين، في نيابةٍ بطريركيةٍ ممتدّةٍ على مساحةٍ واسعة".

 

وأشار إلى أنّه على المطران الجديد "أن يقدّر النعمة التي وُهِبت له، إذ أنه بسيامته، سيُضحي عضوًا في مجمع الأساقفة، أي سينودس كنيستنا السريانية. فيدرّب نفسه على الحوار البنّاء، ويشارك في دراسة المواضيع الكنسية والليترجية والرعوية، إن في الأصقاع البطريركية وإن في كنيسة الانتشار. ويتذكّر بأنّ كنيسته الشاهدة والشهيدة من أجل الرب يسوع فادينا، تحتاج إلى طاقاته الشابّة الأمينة والملتزمة". وختم غبطته عظته بنشيد سرياني موجَّه للروح القدس، يتلوه البطريرك في رتبة السيامة الأسقفية قبل وضع اليد على الأسقف الجديد، مجدِّدًا التهنئة للمطران الجديد مار يعقوب أفرام سمعان ووالده وإخوته وأهله وذويه ومحبّيه الكثر وأبناء أبرشية النيابة البطريركية في القدس والأراضي المقدسة والأردن.

الرسامة الأسقفيّة

 

وقبل المناولة، ذهب المطرانان المعاونان إلى وراء المذبح حيث يعتكف المطران المنتخب منذ بداية القداس، وهو مغطّى الرأس بخمارٍ أبيض، وأحضراه إلى وسط الخورس، ليسأله البطريرك أن يقرأ صيغة إيمانه. عندئذٍ قرأها، ثمّ وقّعها وسلّمها إلى غبطته، الذي بدأ برتبة الرسامة بصلاة البدء والأناشيد السريانية الخاصة.

 

ثمّ كلّف البطريرك مطرانًا لإعلان الكرازة. وتلا غبطته صلاة وضع اليد واستدعاء الروح القدس، إذ صعد إلى المذبح وبسط يديه على الأسرار المقدّسة مرفرفًا فوقها، ثمّ وضع يده اليمنى على رأس المنتخَب، وغطّاه ببدلته الحبرية، فيما حمل المطرانان المعاونان كتاب الإنجيل مفتوحًا فوق رأس المنتخَب.

وبعد إعلان رسامة المطران الجديد، منحه البطريرك الاسم الأبوي "مار يعقوب أفرام" تيمّنًا بالقديس يعقوب أخي الرب أسقف أورشليم، ووضع غبطته على رأس المرتسم المصنفة، وألبسه الغفّارة والأمفوريوم أي البطرشيل الكبير، وسلّمه صليب اليد، وألبسه التاج. وبعدها أجلس المطرانَ الجديدَ على كرسي، فحمله كهنةٌ رافعينه ثلاث مرّات، وفي كلّ مرّة يعلن غبطته: "أكسيوس" أي مستحقّ، ويجيبه الإكليروس والشعب: "إنه أهلٌ لذلك ومستحقّ"، وسط تصفيق الحضور وأهازيج الفرح والسرور.

 

وقرأ المطران الجديد إنجيل الراعي الصالح وهو محمول على كرسي بحسب العادة القديمة المتّبعة في الكنيسة السريانية. ثمّ، وبحركةٍ ليتورجيةٍ رائعةٍ يتميّز بها الطقس السرياني، أمسك غبطتُه العكّازَ من الأعلى، ووضع كلٌّ من أصحاب السيادة المطارنة آباء السينودس المقدّس يده تحت يد غبطته بالتدرّج بحسب أقدمية الرسامة الأسقفية لكلٍّ منهم، ووضع المطران الجديد بدوره يده تحت أياديهم. ثمّ رفع كلٌّ من غبطته والمطارنة يده عن العكّاز، فبقي العكّاز في يد المطران الجديد الذي بارك به المؤمنين.

وبعد المناولة، أكمل المطران الجديد القداس الإلهي، وألقى كلمة شكر بالمناسبة، أعلن فيها شعاره الأسقفي "لا تقل إني صغير، حيثما أرسلك تذهب" (إرميا 1: 7)، وشكر العزّةَ الإلهية، وقداسة البابا فرنسيس، والبطريرك يونان، والأساقفة، والكهنة، ووالده وأهلَه وذويه وأصدقاءَه، وجميعَ الذين عمل معهم في خدمته الكهنوتية، والحضورَ جميعًا، وأبناء أبرشية النيابة البطريركية في القدس والأراضي المقدسة والأردن، وأبرشية القاهرة والنيابة البطريركية في السودان، طالبًا منهم أن يصلّوا من أجله كي يوفّقه الرب في خدمته الجديدة.