موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٤ يوليو / تموز ٢٠٢٣
انطلاق أعمال المؤتمر القانوني العاشر للمحاكم الكنسيّة اللاتينيّة في البحر الميت
القداس الافتتاحي لمؤتمر القانون الكنسي العاشر (تصوير: منير الهودلي)

القداس الافتتاحي لمؤتمر القانون الكنسي العاشر (تصوير: منير الهودلي)

أبونا :

 

انطلقت في منطقة البحر الميت، مساء أمس الأحد، أعمال المؤتمر الدولي العاشر الذي تعقده المحاكم الكنسيّة اللاتينيّة في الأردن وفلسطين. وتحمل نسخة هذا العام اسم "مؤتمر الراحل البروفيسور الأب أروبا كونده" الذي رحل قبل شهرين في بلده اسبانيا، بوصفه كان المحاضر والمعلم الرئيسي في جميع المؤتمرات التي عقدت منذ عام 2015، إلى جانب كونه أستاذ القانون الكنسي الإجرائي لجميع قضاة محاكم البطريركيّة اللاتينيّة.

 

وترأس الكاردينال المعيّن بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، القداس الافتتاحي للمؤتمر عن روح العلامّة الراحل، بمشاركة النائب البطريركي في الأردن المطران جمال دعيبس، والسفير البابوي المطران جيوفاني دال توسو، ومطران الروم الكاثوليك جوزيف جبارة، ونائب حارس الأراضي المقدسة الأب إبراهيم فلتس، إلى جانب السفير الاسباني لدى الأردن ميغيل دي لوكاس، وأهل الراحل الأب كونده، ولفيف من الكهنة، والمحامين المزاولين والجدد في المحاكم الكنسية الكاثوليكية من الأردن وفلسطين والجليل ومصر ولبنان وسورية والعراق، إضافة إلى مختصيّن قانونيين من الفاتيكان وإيطاليا.

 

عمل مرتبط بعمل الكنيسة

 

وخلال القداس، ألقى البطريرك بيتسابالا كلمة وجّه خلالها الشكر لعمل المحاكم الكنسيّة الدؤوب والمستمرّ طيلة عقد من الزمان في إقامة هذا المؤتمر الدولي. وأوضح بأنّ المؤتمر يأتي ضمن رسالة البطريركيّة اللاتينيّة وعملها لدعم العائلات، سواء قانونيًا، أو رعويًا من خلال إنشاء المكاتب المعنيّة برعويّة سرّ الزواج المقدّس والعائلات في مختلف مناطق الأبرشيّة بالأرض المقدّسة.

 

ووجّه غبطته كلمة للمحامين المشاركين بالقول إنّ عملكم مرتبط بعمل الكنيسة من خلال وصولكم إلى حياة العائلات، مشدّدًا في هذا السياق على ضرورة أن تكون مشوراتهم ومرفعاتهم من أجل الخير العام للأسر، بإيجاد التوازن المطلوب بين قيمتي العدالة والرحمة.

 

حفل تأبين وتكريم

 

وبعد القداس، أقيم حفل تأبين عن روح الراحل كونده ألقيت خلاله العديد من الكلمات التي استذكرت مناقب الفقيد على الصعيد الإنساني واللاهوتي والمهني، وكقامة قانونيّة وأكاديميّة وفكريّة. فقد أشار الأب إميل سلايطة، رئيس المؤتمر، إلى أنّ رحيل العلامّة البروفيسور كونده شكّل خبرًا صادمًا لجميع القضاة والمحاميين المزاولين في المحاكم الكنسيّة، وخسارة فادحة لقامة قانونيّة فذّة لا يمكن تعويضها، ولهذا ارتأت اللجنة التنظيمية للمؤتمر إطلاق اسمه على نسخة هذا العام تقديرًا لإسهاماته العظيمة على صعيد القانون الكنسيّ.

 

وألقى الأب د. جهاد شويحات، مستشار المحاكم الكنسيّة في عمّان والقدس، كلمة أشار فيها إلى أنّ الراحل كان أستاذًا ملهمًا لجميع قضاة المحاكم الكنسيّة اللاتينيّة، وقاضيًا لما يزيد عن ثلاثين عامًا، وإنسانًا متواضعًا ومحبوبًا من قبل الجميع، وأكاديميًا ترك العديد من المؤلفات والأحكام القضائية التي تُعدّ مرجعًا للعديد من المحاكم الكاثوليكيّة حول العالم.

وتحدّث البروفيسور أنطونيو ياكارينو، المحاضر بالقانون الكنسي في جامعة اللاتران البابوية في روما ، عن مواقفه مع الراحل الأب كونده، لافتًا إلى أنّه كرّس حياته من أجل العدالة من خلال التعليم. وقال بأنّه لم يحتكر المعرفة بل سعى لتأسيس حالة فكريّة من خلال تسليح ألوف الطلبة في كليات القانون التي درّس فيها، ناهيك عن مشاركاته في العديد في الندوات، ومنها مؤتمرات القانون الكنسيّ في الأردن والتي تميّزت كما وصفها الراحل بجودة استمراريتها وغنى طروحاتها ونوعية مداخلات المشاركين فيها.

 

أما السفير الفاتيكاني فقال بأنّه لا يمكن إنكار فضل كونده على الكنيسة في إيطاليا وعلى أبرشيّة روما، ليس فقط في إعداد القانونيين للعمل في الأبرشيات والمحاكم فحسب، إنما أيضًا عمله في العديد من الدوائر الفاتيكانيّة. وقال إنّ القانون ينظم عمل الأفراد والمجتمعات، أما في الكنيسة الكاثوليكيّة فإنه، بالإضافة إلى ذلك، يشكّل عامل وحدة.

كما ألقى السفير الاسباني كلمة أعرب فيها عن سروره للمشاركة في مؤتمر القانون الكنسيّ، أولاً لكونه يحمل خلفيّة قانونيّة قبل دخوله السلك الدبلوماسي، وثانيًا لأنّه كرّس حياته لموضوع العيش المشترك بين أتباع مختلف الأديان، مشيدًا بجهود المملكة الأردنيّة الهاشميّة التي جعلت من الوئام والأخوّة وثقافة اللقاء من إحدى ركائزها المشاد بها في العالم أجمع.

 

هذا وألقى عدد من المحامين كلمات تناولت خبراتهم الشخصيّة مع الراحل كونده في المؤتمرات القانونيّة التي شارك بها في الأردن منذ العام 2015. وقالوا بأنّه تميّز بالأناقة في الطرح وإعطاء المعلومة المفيدة، كما وفي تعامله مع الآخرين. وقدّموا لعائلة الفقيد درعًا تكريميًا باسم المشاركين في المؤتمر، ولوحة فنيّة بريشة المحامية ندى الور عكست فيها القيم والمعاني التي سعى إليها الفقيد في حياته الأرضيّة، ألا وهي العدالة والحق والرحمة.

ومنح البطريرك بيتسابالا أهل الفقيد وسام البطريركيّة اللاتينيّة الذهبي، وهو أعلى وسام تمنحه البطريركيّة، داعيًا القضاة والمحامين إلى الاستمرار في نهج العمل على مثال العلامّة الراحل أروبا. فيما ألقى الأب صامويل، من رهبنة الكلاريتان التي ينتمي إليه كونده، كلمة باسم أهل الفقيد شكر فيها البطريركيّة اللاتينيّة واللجنة التنظيميّة لمؤتمرات القانون الكنسيّ، ولجميع الحضور من قضاة ومحامين، من مختلف الدول، على لفتتهم الإنسانيّة تجاه إرث الراحل.

 

وصباح اليوم الاثنين، انطلقت أعمال المؤتمر، بقداس ترأسه المطران جمال دعيبس، وشارك به الكهنة القادمون من الأردن وفلسطين ومصر وسوريا ولبنان. ويُشار إلى أنّ أعمال المؤتمر تنقسم إلى قسمين: الأوّل من الأحد للأربعاء، بمشاركة القضاة والمحامين، وتعقد فيه 12 جلسة حواريّة. أما الثاني فسيأتي بمشاركة الأساقفة والقضاة وكهنة الرعايا، من الأربعاء ليوم الأحد المقبل، وتنعقد فيها 7 جلسات. ويشارك بالمؤتمر أكثر من 70 محاميًا مزاولاً في بلدان الشرق الأوسط، وعدد كبير من قضاة المحاكم الكنسيّة من أساقفة وكهنة واساتذة جامعات في مجال قانون الكنيسة أو الحق القانوني الذي يعتبر من أهم التخصصات والدراسات اللاهوتية في الجامعات الكاثوليكيّة.