موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ٢٦ مارس / آذار ٢٠١٣
البابا المنتخب.. نصير الفقراء وضد اللامساواة الاجتماعية

البيادر السياسي :

عندما استقال البابا بندكت السادس عشر يوم 11 شباط 2013، شرعت وسائل الاعلام المعادية للكنيسة الكاثوليكية في بث تقارير وروايات مفبركة خبيثة حول اسباب الاستقالة، مع أن البابا السابق بندكت السادس عشر كان واضحاً في تبيان اسباب استقالته، وأهم ذلك كبر سنه وعدم استطاعته تحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقه، اضافة الى أنه اراد احداث تغيير في قوانين وأنظمة الكنيسة الكاثوليكية.

مهما كانت الأسباب، ومهما كانت الروايات فقد وعد البابا بندكت ووفى واستقال وها هي الكنيسة الكاثوليكية تنتخب البابا الجديد وهو فرنسيس الأول، الأرجنتيني المولد، الذي يبلغ من العمر 76 عاماً. وعادت وسائل الاعلام، وخاصة المعادية، تلقي بأتهاماتها الفارغة والكاذبة، وهذه الاتهامات ليس لها أي اساس أو اعتبار، وهي مجرد تقارير وسائل اعلام صفراء تعادي الكنيسة، وتود نشر "الفضائح" عنها ولو كانت هذه الفضائح مختلقة وكاذبة ولا يصدقها عاقل.

لقد تم انتخاب البابا الجديد وهو الكاردينال خورخي ماريو بيرغوليو مساء يوم الثلاثاء 12 آذار 2013 عندما انبعث الدخان الأبيض من مدخنة كنيسة القديس سبستين في الفاتيكان، وليكون البابا رقم 266 في تاريخ الكنيسة التي يقدر عدد أبنائها المؤمنين الكاثوليك بحوالي 1,2 مليار نسمة. وكانت نتيجة الانتخاب مفاجئة للجميع إذ تمت بعد 36 ساعة فقط من بدء مداولات الكرادلة الـ 115 اضافة الى 15 راهبا، مما يعني أنه كان هناك اجماع على انتخاب هذا البابا فرنسيس الأول.

من هو البابا الجديد

ولد في الأرجنتين عام 1936 لعائلة متوسطة الدخل، وتعتبر من الطبقة الوسطى. وهو راهب يسوعي، من الرهبنة اليسوعية التي تعمل على توفير الغذاء والتعليم للفقراء. كان اسقف بيونس ايريس، عاصمة الأرجنتين، وفي العام 2001 تم رفع درحته الى رتبة كاردينال. ويعرف عن البابا بأنه متواضع جداً، تقي إلى أبعد الحدود.

صحيفة التايمز البريطانية نقلت عن فرانسيسكا امبروغيتي التي شاركت في كتابة سيرة لحياة بيرغليو: "نمط حياته رصين ومتقشف وهذه هي طريقته في العيش، يتنقل مستخدماً قطار الأنفاق والحافلات العامة. وعندما يزور روما، يسافر في مقاعد الدرجة الاقتصادية. وعندما رقي المدافع عن الفقراء الى درجة كاردينال عام 2001، نصح أنصاره بعدم السفر الى روما للاحتفال معه، واقترح عليهم التبرع بتكاليف الرحلة لحملة التخفيف من الفقر في الأرجنتين. واستأثر باهتمام واسع في الأرجنتين حين زار عام 2001 مصحاً للمصابين بأمراض مستعصية قام خلالها بغسل أقدام 12 مصاباً بمرض الايدز وتقبيلها".

وقالت امبروغيتي: انه شديد الاهتمام بقضية اللامساواة الاجتماعية في العالم ويحمل وجهة نظر تقول أن على الكنيسة أن تضطلع بدور تبشيري، وان تكون كنيسة تخرج الى الناس، كنيسة نشيطة لا تضبط العقيدة بقدر ما تشجع عليها وتسهلها.

وقال كاتب سيرته الرسمي سيرجيو روبن: "ان الكاردينال بيرغليو متخصص منذ زمن طويل بالعمل الرعوي الذي يرى كثيرون أنه مهارة لا بدّ منها لدور البابا. ويبدو أنه انتخب بسبب مؤهلاته الرعوية الكبيرة، ولبقائه بعيداً عن الصراعات التي شهدتها أروقة صنع القرار في الكنيسة الكاثوليكية. لقد كان رجلاً بسيطاً له عادات الناسك المتعبد، وكان يقضي عطلة نهاية الأسبوع في صومعة الابتهال، وهو لا يحب الأضواء الاعلامية.

لماذا اختار الاسم فرنسيس

اختيار الاسم جاء تكريماً للقديس فرنسيس الاسيزي، المصلح الديني الذي عاش في القرن الثالث عشر، ويعتبر من أبرز القيادات والشخصيات الدينية في تاريخ المسيحية. وكان القديس فرنسيس فقيراً سمع صوتاً يحثه على اعادة بناء الكنيسة. وبصفته يسوعياً، فإن اختيار البابا الجديد لهذا الاسم قد يكون أيضاً اشارة الى فرنسيس خافيير الذي شارك في تأسيس الجماعة اليسوعية في القرن السادس عشر، الجماعة المعنية بتوفير الغذاء الروحي والتعليم للفقراء.

أول بابا من القارة الاميركية

البابا فرنسيس الاول هو الأول في البابوات الذي يأتي من القارة الاميركية اللاتينية، واختياره جاء أيضاً تقديراً لأبناء الكنيسة في هذه القارة والذين يشكلون حوالي 45 بالمائة من أبناء الكنيسة في العالم.

وهو أول بابا بعد مرور 13 قرناً أو أكثر من خارج القارة الاوروبية إذ كان البابا غريغوري الثالث في الفترة الواقعة بين 731 – 741 ميلادي سورياً، أي من خارج اوروبا، أي من الشرق.

الاحتفال بتنصيبه

تم الاحتفال بتنصيبه يوم الثلاثاء الواقع 19 آذار 2013، أي خمسة أيام قبل حلول أحد الشعانين. وشارك في حضور الحفل رؤساء من العالم، وخاصة رئيسة الأرجنتين اضافة إلى قادة الكنائس من مختلف أنحاء العالم.

كبير في السن

لم يكن الكاردينال بورغليو على قائمة الكرادلة المتوقع انتخابهم لهذا المنصب، وقد حصل على ثاني الأصوات بعد انتخاب البابا بندكت الـ 16 في العام 2005. وقد كانت التوقعات أن يكون البابا الجديد حوالي السبعين في العمر.. ولكن البابا الجديد المنتخب يبلغ من العمر 76 عاماً أو أكثر قليلاً إذ أنه من مواليد عام 1936. ويقال أن من أسباب ودوافع انتخابه لهذا المنصب اضافة الى تقشفه وايمانه وبساطته وتقواه تكمن في:

· أنه رجل اصلاحي، ومهتم كثيراً بالتبشير ووصول الكنيسة إلى المؤمننين جميعاً، والا تكون متقوقعة.

· أنه صاحب أفكار جيدة، ومنفتح لكنه متمسك بالثوابت وخاصة أنه ضد مثلي الجنس.

· كبر سنه جاء حتى لا يبقى البابا في الكرسي لسنوات طوال، ولربما هذا البابا سيتقاعد بعد 8 سنوات كما قرر سلفه ذلك.

· تقديراً له لأنه لم يسع الى هذه البابوية، ولأنه كان من المرشحين البارزين لتولي المنصب في العام 2005، وخسر المعركة لصالح البابا بندكت السادس عشر، ويبدو أنه كان مرتاحاً لعدم انتخابه، وكان مخلصاً للكنيسة، مطيعاً للبابا الجديد ومناصراً له.

· يتمتع بشعبية كبيرة في اميركا اللاتينية لتخليه عن حياة الترف، إذ كان يعيش في شقة بسيطة، وكان يرفض ركوب السيارات الفارهة، وكان همه محاربة الفقر، والقضاء عليه، أو التخفيف من آلامه.

· تقديراً لمؤمني اميركا اللاتينية الذين يشكلون العمود الفقري للكنيسة، وتمسكهم بالدين والايمان أكثر من مناطق أخرى في العالم.

مهام صعبة وجمة

أمام البابا الجديد مهام صعبة وجمة، وعليه أن ينجزها خلال فترة ولايته، ومن أهم هذه المهام مواجهة الهجمة الشرسة اللعينة القاسية من وسائل الاعلام على الكنيسة التي تحاول التشهير بها والنيل منها لمواقفها الدينية الثابتة الرافضة لتشريع "الشذود" في العالم، والرافضة لكل ما هو مناف ومخالف لتعاليم الديانة المسيحية.

ومن المهام الأخرى والكبيرة العمل على تحسين وضع الكنيسة واجراء اصلاحات فيها، وخاصة تحديد سن تقاعد البابا، إذ أن السن المفضل لذلك هو الـ 85 عاماً، تماما كما أن الكاردينال يحال على التقاعد بعد سن الثمانين ولا يستطيع المشاركة في انتخاب البابا الجديد.

وسيحافظ البابا على انجازات البابوين السابقين يوحنا بولس الثاني، وبندكت السادس عشر، وخاصة في مواضيع الحوار بين الاديان السماوية الثلاث، وكذلك الحوار مع كل الكنائس المسيحية الاخرى لتوحيد المواقف، ومواجهة الهجمة على المسيحيين، وعلى كنائسهم، وتهجيرهم من الشرق، ومعاداتهم ومعاناتهم في افريقيا، وخاصة في نيجيريا.

قد تكون هناك ملاحظة على أن صحة البابا وهو في سن الـ 76 عاما لن تكون قوية جداً، علماً أن جزءاً من احدى رئتيه تم استئصالها قبل سنوات طوال، إلا أن هناك آمالاً وثقة كبيرة في أن البابا الجديد من خلال حكمته وتقواه، وبساطته واخلاصه وايمانه قادر ومن خلال تشكيل طاقم حيوي الى جانبه يساعده في كل المهام على أداء مسؤولياته بصورة مميزة وجيدة، وقد يكون هذا البابا هو من يبدأ بالاصلاح الفعلي لرفع شأن الكنيسة، وتعزيز مكانتها في العالم أجمع.

لا بُدّ من الاشارة إلى أن البابا فرنسيس الأول قبل تحمل المسؤولية الكبيرة التي القاها عليه اخوانه الكرادلة، ولكنه في جلسة عشاء بعد انتخابه قال لهم مازحاً: "الله يسامحكم على انتخابي لهذا المنصب" أي أنه يدرك كبر وعظم المسؤولية. وهو من اللحظة الأولى بدأ بتحملها وبابتسامة كبيرة. وايمان بالله.. طالباً من الجميع الصلاة معه من أجل نجاحه في أداء رسالته ومسؤولياته.

تسعة بابوات عرب في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية

البابا الجديد المنتخب والذي تولى دفة قيادة الكنيسة الكاثوليكية (البابا فرنسيس الاول) هو البابا رقم 266 في تاريخ الكنيسة وتحتوي قائمة الفاتيكان على 265 فترة بابوية تعاقب خلال 265 بابا على الكرسي الرسولي. وكان آخرهم البابا بندكت السادس عشر المستقيل، وضمت القائمة تسعة من البابوات العرب وهم:-

البابا الأول هو القديس بطرس الرسول من سنة 33 الى 67 و(34 عاماً) وهو من بيت صيدا، (اليوم تقع في الجولان)، ولاية فلسطين/ الامبراطوية الرومانية.

حسب إنجيل متى فقد قلد المسيح بطرس مفاتيح الأرض والسماء، واعطاه سلطة مطلقة، يحتفل بعيده في 29 حزيران، وقد سماه المسيح "بطرس" اي الصخرة، اسمه السابق سمعان بن يونا.

البابا الثاني هو القديس إفاريستوس من سنة 98م الى 106م (8 سنوات) وهو من فلسطين ايضا من بيت لحم.

البابا الثالث هو القديس انكيتوس من سنة 154م الى سنة 167م (13 عاماً) وهو سوري من مدينة حمص.

البابا الرابع هو القديس فيكتور الأول من سنة 189م الى سنة 199م (10 سنوات) وهو من تونس.

البابا الخامس هو ثيودور الأول من سنة 642م الى سنة 649م (7 سنوات) وهو فلسطيني.

البابا السادس هو يوحنا الخامس من سنة 685م الى سنة 686م (سنة واحدة فقط) وهو سوري.

البابا السابع هو سيسينيوس خدم 21 يوماً فقط وذلك سنة 708 وهو من سوريا.

البابا الثامن: هو قسطنطين من سنة 708م إلى سنة 715 (7 سنوات) وهو من سوريا.

البابا التاسع هو غريغوري الثالث من سنة 731 الى سنة 741 (10 سنوات) وهو من سوريا أيضاً.