موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ٦ ابريل / نيسان ٢٠٢٠
الأنبا باخوم يكتب: هل سنعود الى المعتاد ام سيتغير المعتاد؟
الأنبا باخوم، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة الكاثوليكية بمصر

الأنبا باخوم، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة الكاثوليكية بمصر

الأنبا باخوم :

 

هناك العديد من المقالات والدراسات الاجتماعية التى تؤكد على صعوبة أن نعود إلى المعتاد بعد الانتهاء من أزمة وباء كورونا، ومنها مجلة (Mit Technology Review)، التي تؤكد أنه من المستحيل أن نعود إلى المعتاد لأن المعتاد نفسه سيتغير. 

 

من المهم ذكر أنه لكي نوقف العدوى يجب إحداث تغيير جذري لسلوكياتنا وطريقة حياتنا وتصرفاتنا: كيف نعمل، كيف نمارس الرياضة، العلاقات الاجتماعية، رعاية الأقارب، وهذا الأمر ليس فقط حتى 15 نيسان ابريل. أعتقد أكثر بكثير، في رأيي ومن المحتمل الخطأ، حتى نجد علاج أو وقاية من هذا الفيروس، والأمر لن يتم بوقت قصير.

 

الحل الوحيد الآن هو البعد أو التباعد في المسافات بين الأشخاص، عدم الخروج إلا في الضرورة، وهذه ليس خاصية إضافية بل أصبح فرض. بالتالي الحجر المنزلي سيعودنا على طرق جديدة، كطريقة عمل، تواصل، حتى الصلاة، مع الوقت العديد من هذه الطرق ستصبح اعتيادية.

 

بالتأكيد هناك بعض الأشياء التي ستعود إلى المعتاد، من الممكن بعد بضعة أسابيع أو أشهر، لكن البعض لن يعود أبدًا. سنبدأ في وسائل حماية اجتماعية جديدة، مثلما حدث بعد أحداث 11 سبتمبر، تغيرت العديد من الإجراءات الأمنية بالمطارات والسفر والعلاقات مع الدول.

 

بعد وباء كورونا سيكون بالمثل: قد يصبح دخول المطار مرهونًا بكشف عن طريقة جهاز تتبعي يوضح عدم المرض للمسافر، وأيضًا عدم تقاربه من شخص مريض منذ فترة (وهو يحدث بالفعل الآن في الصين). بعض الأماكن ستمنع الدخول إلا بالكمامة الطبية. أشياء كثيرة ستتغير وتصبح المعتاد.

 

سنخرج بالتأكيد من هذه الأزمة، ولكن ليس بلا جروح: عدد الوفيات هو ليس رقم فقط يخيفنا حتى الآن، هم أشخاص، هم عائلين لأسر، هم أبناء وبنات، هم علاقة، وآخر بقي بدون هذه العلاقة. هناك من مات ودفن دون أقاربه، وهناك من انتزع منه ابنه أو والده قصرًا للحجر الصحي. هناك مآسٍ عديدة. هناك من حرقت جثمانهم كي لا ينقلوا العدوى، هناك وهناك...

 

سنخرج بالتأكيد من هذه الأزمة، ولكن من المهم بعد الخروج: هل سنعود إلى المعتاد من حياتنا، أم سيكون شيء قد تغير بنا؟ أتمنى ذلك لي ولك، إعادة نظر في حياتنا الداخلية، في علاقتنا مع الآخرين، ومع الله. إعادة ترتيب الأولويات. لأنها لم تصمد أمام هذه الأزمة.