موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الجمعة، ٧ أغسطس / آب ٢٠٢٠
الأب ريمون جرجس يكتب: الشركة الزوجيَّة وأهداف الزواج المسيحيّ
(ق. لاتيني 1055؛ ق.ش 776)

الأب ريمون جرجس الفرنسيسكاني :

 

1- طبيعة الزواج المسيحيّ

 

أعلنت الإرادة الإلهيّة عن الدعوة الشاملة لكلِّ إنسان بأن يحيا زواجه كما يريده الله، كفرصة لتجسيد روح التكامل الإنسانيّ في شركة حياة، وأن يجد نفسه في كماليته، من خلال انفتاح وجوديّ متأصّل فيه. وأنّ الإنسان –رجلا وامرأة-هو الكائن الوحيد، بين مخلوقات العالم المنظور "الذي أراده الله الخالق لذاته"، والإنسان، بمشيئة الله، موجود كذكر وأنثى. " فخلق الله الإنسان على صورته على صورة الله خلقه ذكراً وأنثى خلقهم" (سفر التكوين 1: 27). فالزواج لم يؤسَّس لأجل تطوّر الجنس البشريّ بالانجاب وحسب، بل هو السبيل الذي يسلكه الإنسان لتنمية شخصيّته ولتحقيق إنسانيّته. وبالزواج يصير الرجل والمرأة "جسداً واحداً"، إذ يعود الضلع إلى المكان الذي خرج منه، ويكتمل "الإنسان" باتّحاد الذّكر والأنثى. فالرباط الذي خُلِق بينهما في العلاقة الزوجيّة يقوم على أساس اتّحاد شخص-رجل وشخص-إمرأة، ويجد كلٌّ منهما نفسه في كماليته مع الآخر، ومكتملاّ في كماليّة الآخر، من خلال عطاء وقبول وجودي متبادل. فالإنسان لا يمكن أن يكون وحيداً ولا يمكن أن يوجد إلاّ في "وحدة الاثنين" وبالتالي في علاقة بشخص بشريّ آخر". فالرجل والمرأة، يتحدان كشخصين مختلفين بالجنس مع كلّ الغنى الروحيّ الذي يحتويه هذا الاختلاف على الصعيد الإنسانيّ، ليقيما صلة شخصيَّة تهدف على صعيد الصيغة الذكوريَّة أو الأنوثَة إلى تأسيس وجود الشَّخص الإنسانيّ. وما يُشكّل الميل الأساسي للرجل نحو المرأة هو أنّه يجد فيها الضلع الذي انفصل عنه: فنقول إنَّ الرجل والمرأة هما الضلعان المتكاملان لذات الإنسان الكلّي، واتّحادُهما يجب أن يُشكّل من جديد الاتّحاد الأول المنفصل.

 

السيّد يسوع المسيح، من خلال سرّ فصحه، سرّ إتحاده مع الكنيسة، رفع الزواج الذي نظّمه الله في النظام الخلق إلى كرامة السرّ. ويقوم جوهر هذا السرّ على إنشاء الزوجَيْن كأيقونة حيّة لاتّحاد الله الكلمة مع الطبيعة الإنسانيّة وبين المسيح والكنيسة بقوّة الروح القدس المستدعى من الكنيسة. وهذا ما أسماه القديس بولس "سرّ عظيم" إشارةً إلى الاتّحاد الزوجيّ بين المسيح والكنيسة، القائم على أساس "العهد" بين الرجل والمرأة، "صورةً ومثالاً" لعهد الله مع البشر والذي يتحقق بوجه نهائي في يسوع المسيح. فالذي رُفع إلى كرامة السرّ من الربّ يسوع المسيح هو الميثاق الزوجيّ وفقاً لحقيقة النظام الخلق. فالكنيسة لا تتكلّم عن عقد الزواج أنَّه "أصبح" سرّاً، أو أنه "اكتسب" خاصية الأسرار، إنَّما هو سرّ في حدّ ذاته. والكرامة السرّيّة ليست بعنصر المؤسسة الزوجيَّة، لكنَّها جوهر الزواج نفسه، أي هو الزواج نفسه المحتفل به بين المسيحيين؛ أي أن بين المعمّدين ليس هناك زواج صحيح إن لم يكن سرّاً. فالزواج سرّ، يتطلب تدخّل الله المباشر، لأن الله نفسه يترأس الاتّحاد، ويبرم العهد بين الزوجَيْن.

 

لنتذكّر كلمات البابا يوحنَّا بولس الثاني أمام أعضاء المحكمة الروتاليّة بتاريخ 1 شباط 2001 (رقم 5): "تتطلّب شركة الحياة كلّها العطاء المتبادل بين الزوجَيْن (ق. لاتيني 1057 البند 2؛ ق. ش 817 البند 1). ولكن هذا العطاء الشَّخصيّ يحتاج إلى مبدأ خصوصية وأساس دائم. الاعتبار الطبيعي للزواج يبيّن لنا أنَّ الزوجَيْن يتّحدان على وجه التحديد كأشخاص بما في ذلك الاختلاف الجنسي، مع كل ما يتمتّع به هذا الاختلاف من غنى روحي أيضاً على المستوى الإنسانيّ. الزوجان يتحدان باعتبارهما شخص-رجل وشخص-امرأة. الإشارة إلى البعد الطبيعي للذكوريَّة والأنوثَة أمر بالغ الأهمية لفهم جوهر الزواج. ينشىء الرباط الشَّخصيّ للزوج على وجه التحديد في المستوى الطبيعي لنموذج الذكوريّة أو الأنوثّة للكائن الشَّخص الإنسانيّ. نطاق تصرّف (سلوك) الزوجَيْن، وبالتالي، الحقوق والواجبات الزوجيَّة هي نتيجة لكيانهما (أو وجودهما) ويجد في هذا الأخير أساسه الحقيقي. لذلك، وبهذه الطريقة، يُقيم الرجل والمرأة بينهما بحريّة، بفضل فعل الإرادة الفرديّ ألا وهو الرضى (ق. لاتيني 1057 البند 2؛ ق. ش 817 البند 1)، رباطاً يمثّل طبيعتهما، ويشكّل لكليهما مسار دعوة يعيشان من خلاله شخصيّتهما الخاصّة كجواب على مخطط الإلهي. إنَّ التوجّه إلى الأهداف الطبيعية للزواج- خير الزوجَيْن والإنجاب وتربية الأبناء – حاضر جوهريّا في الذكوريّة والأنوثّة. هذه الخاصية الغائية أمر بالغ الأهمية لفهم البعد الطبيعي للإتحاد. بهذا المعنى، يُفهم الطابع الطبيعي للزواج بشكل أفضل عندما لا يُفصل عن العائلة. الزواج والأسرة لا ينفصلان، لأن الذكورية والأنوثة للأشخاص المتزوّجين منفتحة بشكل جوهريّ إلى هبة الأبناء. دون هذا الانفتاح لا يمكن حتى أن يكون هناك خير الزوجَيْن ولن يكون جديراً بحمل هذا الاسم".

 

2-الزواج الكنسيّ في شرع الكنيسة الكاثوليكيّة السابق لسنة 1917

 

أدرك الشرع اللاتيني السابق 1917 أنّ الزواج حقيقة طبيعية تعاقديّة (ق. 1012) مبرم من قبل زوجين بوساطة الرضى (ق. 1081 بند 1). وعلى هذا الأساس تم تحديد تعريف عقد الزواج بشكل واضح وبما فيه الكفاية حسب مضمونه وغايته: الزواج عقد فيه رجل وامرأة يمنحان جسديهما بشكل متبادل بغرض الأفعال التي تؤدي إلى إنجاب البنين. والزواج يُعدّ صحيحاً بقوّة الشرع بين المعمّدين بوجود الأهلية القانونيّة لدى الزوجين وبرضى حرّ متبادل بين الزوجين لا تشوبه أيّة شائبة يُحدّدها القانون، وليس لأية سلطة بشرية أن تأتي بما يقوم مقام الرضى غير الموجود". وكما أقرّ الشرع موضوع الرضى:

 

القانون 1081-بند 2-الرضى الزوجيّ هو فعل إرادة به كل من الفريقين يعطي على جسده ويقبل على جسد الفريق الآخر حقاً دائماً في ما يعود إلى الأفعال الرامية من طبيعتها إلى ولادة البنين، محصوراً بين الزوجين دون سواهما.

 

نستخرج من مضمون القانون أنَّ الرضى عنصر تأسيسيّ للزواج، يعطي كل من الرجل والمرأة بفعل إرادة حقّ على جسده ويقبل على جسد الفريق الآخر حقاً دائماً في ما يعود إلى الأفعال الرامية من طبيعتها إلى ولادة البنين، ومحصوراً بين الزوجين دون سواهما (ق. لاتيني 1081 بند 2). لذا بموجب إعطاء الحقّ traditio iuris، يُشكل الواجب الجنسي المتبادل بين الرجل والمرأة، أي العطاء وقبول حقّ على الجسد، العنصر الضروري والكافي لإتمام مضمون الزواج، أي موضوع الرضى الزوجيّ. فموضوع الرضى يقوم على تبادل العطاء وتقبّل حقّ على الجسد، أي الحقّ الدائم والحصريّ على جسد الزوج الآخر؛ بينما الموضوع الشكلي، أي الجانب والسبب الذي من أجله كان يتم تبادل هذا الحقّ، كان الفعل الزوجيّ الكامل مع الأفعال الأخرى التي يمكنها أن تشير إليه.

 

ونتيجة لذلك، ظهرت الواجبات التعاقديّة التالية: 1)-واجب توفير أفعال جنسية للشريك ترمي إلى ولادة البنين في أحيان كثيرة حسب رغبة الشريك بشكل معقول وجائز أدبياً؛ 2)- واجب الامتناع عن الأفعال الجنسيّة مع الأشخاص الآخرين؛3)- واجب إتمام الواجبات المنصوصة بدون تقييد زمني. أمّا فيما يخص مسار الحياة الزوجيّة ونتائجها، لم تأخذها القوانين بعين الاعتبار، فنتج عن ذلك عقيدة تضع حداً فاصلاً بين صحّة العقد وبين مسار الحياة الزوجيّة، بشكل لا يمكن لأي خلل يصيب الحياة الزوجيّة بعد إبرام العقد، أن يُشكل سبباً لبطلان العقد وبالتالي لبطلان الزواج.

 

3- مفهوم الزواج المسيحي في المجمع الفاتيكاني الثانيّ

 

قدّم المجمع الفاتيكاني الثاني في الدستور الرعويّ حول الكنيسة في العالم اليوم "فرح ورجاء"، مفهوماً لاهوتياً جديداً لسرّ الزواج المسيحي، كجواب للمتغيرات العصرية في ذلك الوقت، وخصوصاً لمفهوم الشَّخص البشريّ، الذي كان ضمن دائرة الأبحاث العلمية النفسيّة والأنتروبولوجيّة، التي أسهمت بتوضيح القوى النفسيّة والانفعالات كجزء مهّم ومؤثر في توازن حياة الإنسان.

 

أراد المجمع الفاتيكاني الثاني توحيد الجانب التقليّدي، القانونيّ-الإجتماعيّ مع الجانب التأسيسيّ والشَّخصانيّ للزواج المسيحيّ. ولم يأخذ بعين الاعتبار المفهوم الماديّ، التعاقديّ أو الإنجابيّ للزواج. فالزواج نتيجة اتّحاد شخصيّ، ثمرة وهب الذات يُعطى بين الزوجَيْن وليس نتيجة لتبادل الأجساد. لذلك، أصبح مفهوم الزواج يقوم على اتحاد "أشخاص". "الشَّخص" أكثر من" جسد"؛ أي فرد يشمل إرادات وحاجات ورغبات واندفاعات وآمال وأحلام، تشكلت خبرة الحياة من خلال البيئة - لدينيّة العائليّة الثقافيّة- التي هو أو هي منها. وهذا بالذات ما يُسمى بعبارة "محيطيّ"، وهو محيط حضاري وثقافي وسياسي واجتماعي وديني وطائفي وزماني ومكاني...، أي المحيط الذي ينشأ فيه الإنسان وينمو ويترعرع.

 

وبهذا الشكل الفكرة التي كانت سائدة حتّى الستينيَّات والتي قالت إنّ موضوع الرضى بشكل حصري هو "حقّ في الجسد"، استبدلت بمبدأ الشخصانيّة المسيحي نقرأ في العدد رقم 24: "إن الإنسان، تلك الخليقة الفريدة التي أرادها الله لذاتها، لا يستطيع أن يجد ذاته تماماً، إلا ببذل ذاته دون مقابل". وكون الإنسان يرمي إلى تحقيق ذاته، هذه الذات لا يمكن أن تكتمل إلاّ من خلال التضحية بالنفس مجّاناً". وأنه يمكننا أن نحقق ذاتنا أو توجيه "الأنا" للكمال فقط بتقديم أنفسنا. هذا هو برنامج الإنجيل-أن نفقد حياتنا لخلاصها-وهذه تتعارض مع البرنامج المقدّم من علم النفس المعاصر: البحث عن الذات، انسجام الذات، الاهتمام بالذات". لذلك، حسب الدستور الرعوي "فرح ورجاء"، الزواج يتشكل من رضى شخصيّ غير قابل للنقض، وهو ثمرة هبة الذات للآخر الذي يعطى بين الزوجين وليس نتيجة تبادل الأجساد.  نقرأ في العدد 48 ما يلي: "إنّ الشركة الحميمة في الحياة والحبّ الزوجيّ... قائمة على رضى شخصيّ غير قابل للنقض والتراجع. وهكذا فالعمل الإنسانيّ الذي يتبادل به الأزواج العطاء والتقبّل هو توافقٌ ترابطي ثبّتته الإرادة الإلهية... والرجل والمرأة اللذان برباط الزواج "ليسا هما اثنين من بعد، بل جسدٌ واحد" (متى 19: 6)، يتعاونان ويساند أحدهما الآخر بما بينهما من اتّحاد حميم في الشَّخص والعمل...وهذا الاتّحاد الحميم، كونه عطاءً متبادلاً بين شخصيّن، وكذلك خير البنين، كلّ ذلك يقتضي أمانةً تامةً عند الزوجَيْن، وارتباط الواحد بالآخر ارتباطاً لا ينفصم".

 

في الحقيقة، لم يقدّم الدستور الرعويّ "فرح ورجاء" في النصّ (رقم 48) مؤسّسة الزواج على أنّها مؤسّسة قائمة بشكل موضوعي وبشكل مسبق عن اللحظة التي يعرب الزوجان فيها عن رضاهما بشكل قانوني فعّال، بل أكّد أنّ مؤسّسة الزواج، المقرّرة بعمل إلهي، تنبثق في الوجود بفعل الإرادة، يتبادل به الزوجان العطاء والتقبّل، أي من العهد الزوجيّ أو من الرضى الشخصي لا رجعة فيه. والنص يقارب تعبير "عهد الزوجيّ" مع تعبير "الرضى الشخصي" لا رجعة فيه، من خلال الوصلة الإعلانيّة  "seu"، حيث تقام بواسطتهما "شراكة حياة وحبّ زوجيّ أسست من الله الخالق بشرائع خاصة"foedere coniugii seu irrevocabili consensu personali instauratur."لذا يفهم عهد الزواج بمعنى الرضى الشخصي الصادر بشكل شرعيّ بين شخصين مؤهلين بشكل قانوني، تنشأ من خلاله شركة حياة وحبّ زوجيّ فيها يتحقق الزواج المؤسس مسبقاً.

 

4- الرؤية الشخصانيَّة للزواج المسيحيّ في الشرع الكنيسة الكاثوليكيّة الحاليّ

 

إنَّ مفهوم الزواج اللاهوتي، له مفاهيم ومعالم قانونيّة تُشكل كيانَه، والمحتفلون يجب أن يلتزموا بها بشكل مطلق، فلا يمكنهم تحديد أو نفي الزواج بوضعه القانوني. وللسلطة التعليميّة الكنسيّة العليّا وحدها مهمّة التفسير الصحيح للوجهات الزواج القانونيّة، كي تتحاشى أي خطأ حول بعض النقاط التي تخصّ الشرع الطبيعي ومعطيات الوحي وخطورة التفسيرات الذاتيّة في تطبيق القانون وحفظ الوحدة الزوجيّة. ويُعتبر الرضى محور المعالجةِ القانونية حول الزواجِ لأنه العنصرُ الخلاّق، العلّة الفاعلة للزواج نفسه؛ شروط آخرى كالأهلية القانونية وصدور الشرعي للرضى، تُشكلان إفتراضات أَو شكليات متزامنة لكي يكون للرضى فاعلية تأسيسيّة.

 

استمد التشريع الكنسيّ الحاليّ، الرؤية الشَّخصانيّة المذكورة في الدستور الرعويّ حول الكنيسة في العالم اليوم، لصياغة قانون الزواج في مجموعة القوانين اللاتينيّة الجديدة عام 1983 ومن ثمّ في مجموعة القوانين الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة 1990، الذي لم يتجاوز حقيقة الزواج كمؤسّسة طبيعية وسريّة. وأنَّ جوهر المؤسّسة الزوجيّة الأساسيّ قائم على العهد الذي يقطعه الزوجان لإقامة شركة في الحياة بينهما تعود لخير الزوجَيْن بالدرجة الأولى والتي تكتمل كلياً بإنجاب الأولاد. من الواضح أنّ مصطلح "مؤسّسة" يشير إلى ما يتولّد عن فعل إنساني بواسطته يتبادل الزوجان العطاء والقبول، وهذا ما حدّده القانون 1057 بند 2 بقوله إن الرضى يقيم الزواج. فقدّم الشرع اللاتيني والشرقيّ الكاثوليكيّ وصفاً بكلمات المجمع الفاتيكاني الثاني، بشأن العلاقة بين السّر وحقيقة الزواج التي نشأت مع خلق الإنسان، موضّحيّن أسراريَّة الزواج في اللحظة التي يتحقق فيها الوثاق أو يتمّ الإعراب عن الرضى الشرعي، مع توضّيح أنه مؤسّسة ذات حقّ طبيعي، وأنه سرّ فقط عندما يتم الاحتفال بالزواج بين معمّدين. نقرأ نصّ القانونين:

 

القانون اللاتيني 1055 - البند 1- إن العـهد الزوجيّ، الذي يقيم به الرجل والمرأة بينهما شركة للحياة كلها، والذي يهدف بطبيعته إلى خير الزوجَيْن وإنجاب البنين وتربيتهم، قد رفعه السيد المسيح إلى مقام سر مقدس بين المعمّدين.

 

القانون الشرقيّ 776 - البند 1- إنّ عهد الزواج الذي صنعه الخالق وحصّنه بشرائعه، وبه يقيم الرجل والمرأة، برضهما الشخصي الذي لا رجعة فيه، شركةً بينهما تشمل الحياة بأسرها، مرتب بطبيعة أمره لخير الزوجَيْن وإنجاب البنين وتربيتهم.

 

يؤكّد التشريع الحالي، أنّ الموضوع الشكليّ للرضى الزوجيّ، أو بالأحرى العلّة الشكليّة ratio formalis  والقانونيّة هو العهد foedus الذي لا يمكن إلغاؤه بموجب القانون 1057 بند 2، أي الغاية المحدّدة لأجلها يُعطي الرجل والمرأة "ذواتهما"، بشكل متبادل، و"لتشكيل الزواج"، وليؤسسا سوية "شراكة حياة كلّها، والتي تهدف بطبيعتها لخير الزوجَيْن وإنجاب البنين وتربيتهم (ق. لاتيني 1055 بند 1). لذلك، فإنَّ موضوع الرضى الزوجيّ ليس بمجموعة الحقوق والواجبات الأساسيّة التي يجب الأخذ بها في لحظة الاحتفال بالزواج فحسب، لكن أيضاً الشَّخصان نفساهما، الرجل والمرأة اللذان يتبادلان بوساطة الرضى العطاء والتقبل في حياتهم الزوجيّة، أي كونهما زوجاً وزوجة، ومن هذا العطاء-التقبل يتولد الوثاق القانوني.

 

إنّ تعبير "شركة" "consortium" المذكور في النصّ التشريعيّ في كلا الشرعين- اللاتينيّ والشرقيّ الكاثوليكيّ- الجديدَيْن، يترجم تعليم المجمع الفاتيكاني الثاني بألفاظ قانونيّة حيث استخدم تعبير "شركة الحياة كلّها" ومستبدلا للتعبير " شركة حياة وحبّ زوجيّ" المستخدم في المجمع الفاتيكانيّ الثاني لكي تُفهم الكماليّة وشموليّة شركة الأشخاص (الزوجَيْن) بجانبه الشَّخصانيّ الذي يشير إلى الحقيقة القانونيّة للشركة الزوجيّة التي يضعها الزوجان من خلال عهد الحبّ والعطاء المتبادل وبواسطته لا يكونان اثنين بل جسداً واحداً. إنَّهما في تواصل متبادل فيما بينهما كرجل وإمرأة في كل جوانب من وجودهما، وحتى الجنس أيضاً. فلا يُعطي أحدهما الآخر أو يتقبّل قيمة خاصّة، لكن شخصيَّة الآخر، فالشَّخص هو موضوع الشركة. فالمشاركة في حياة زوجيّة، كاملة، تامّة، كليّة، إجماليّة، مانعة، غير منفصمة، يُلزم الشَّخص بشكل كامل بعناصر الحياة الزوجيّة المشار إليها سابقاً بكلّ وجوهها، لتحقيق مقولة الكتاب المقدّس "جسد واحد" بمعناه الكامل. فقولنا الزواج "جسد واحد"، هذا يعني اتحاد الأشخاص في حياتهم الزوجيّة (نقول حياة "شركة" والزوجان هما"الشريكان")؛ وبهذا الاتحاد الحميم، كونه عطاء متبادلا بين شخصيّن"، كل متعاقد في العهد الزوجيّ يُحدد حريَّته الخاصّة لصالح "خير" أَو قيمة شخصيَّة الآخر الذي يرغب منه السعادة والخير المُطلق. فمن "يهب ذاته" فهو يتقبل الشَّخص الآخر في الزواج كهبة. وكل شخص هو هبة للآخر لأن الزوجَيْن يهبان ذواتيهما بشكل متبادل وبحرية ومجانية. والهبة لا تخصّ فقط الذات، إنّما الشَّخص بحقيقته كلّه؛ فهو بشكل كامل ومتبادل موضوع هبة إلى الطرف الآخر. لذا فإنَّ موضوع العهد الزوجيّ في التشريع الكنسي الكاثوليكي الحالي، يتطابق مع الأشخاص المتعاقدين أنفسهم وليس مع أي جانب "جزئي" من شخصيّتِهم، فهما فاعلان أساسيان في العهد الزوجيّ، وبواسطته يحقق كل منهما ذاته بانتمائه إلى الآخر.

 

ويتضمّن اتّحاد "أشخاص" نتائج معقّدة. فعندما يُعرب الشَّخص عن رضاه الزوجيّ ويتزوّج، يأخذ على عاتقه الواجبات الزوجيّة في لحظة تبادل الرضى، أي أن يلتزم بكل ما ينبغي فعله طوال أيام حياته، وأن يكون قوام خير الزوجَيْن العام متضّمناً في ألفاظ الرضى الزوجيّ وهي: المحبّة، الأمانة، الاحترام، ثبات اتّحادهما حتّى الموت، "جميع أيّام حياتهما". فخيرُهما كلَّيهما هو في الوقت نفسه خير كلّ واحد منهما، يجب أن يصبح في ما بعد خير الأبناء". فالزوجان يشتركان بعمق في ذات جوهر الزواج، من خلال تحقيق تكامليّ متبادل بينهما، على الصعيد النفسيّ والجسديّ والروحيّ في الحياة الزوجيّة. فلا يمكن القول أنّ الزواج المحتفل به في حالة انعدام وجود شركة حياة قائماً ولا يمكن اعتباره صحيحاً بشكل قانونيّ، وهذا يعود إلى سبب استبعاد طوعيّ أو لانعدام القدرة على التحمّل. فالشَّخص الذي يتصوّر أنّه يستطيع أن يتزوّج من دون أن يعطي حياته كلّها لشريكَه في الحياة، يجد نفسه وقد حجب جزءاً من ذاته من هذا الاتّحاد، وهذا في حد ذاته يُعدّ زعزعة لأساس الزواج. فإذا لم يُعطِ كلّ طرف ذاتَه كلَّها للآخر بلا تحفّظ مدى الحياة، فلن يثق كلُّ طرف بالآخر، وبدون هذه الثقة وهذا الشعور بالأمان والاطمئنان، لن يجد أي من الطرفين شجاعة المخاطرة، ولن يكون هناك سلام حقيقيّ يقود إلى الاستقرار والتقدّم في بناء الأسرة الجديدة. هذا هو الطابع الخاصّ بالاتّحاد الزوجيّ، الذي يتميّز بشكل جوهريّ عن أيّ اتّحاد آخر والذي يستطيع ربط شخصيّن في أهداف خاصّة".

 

نلاحظ أنَّ مفهوم "الزواج" في كلا التشريعين (ق. اللاتيني 1055؛ ق. ش776) يتضمّن جانبين مرتبطين وجوهريّين: الأول مؤسساتيّ in fieri، وهو ميثاق الزواج، أي أنّ الزواج وثاق قانوني قائم بين الطرفين بوساطة تبادل رضى زوجيّ، والذي يولّد بينهما مجموعة من الحقوق والواجبات المتبادلة والالتزامات لسلسلة من السلوكيات ليس فقط على صعيد العلاقة بين الأشخاص، إنّما على الصعيد الاجتماعي. والثاني وجوديّ مرتبط بالمسار الملموس للحياة الزوجيّة in facto esse أو شركة الحياة كلّها وهو المتعلق بمحتويات إنسانيّة وشخصيَّة للعلاقة الزوجيّة. فالضابط القانوني للمؤسسة الزوجيَّة يقوم على العلاقة الحتميّة السببيّة بين الرضى الزوجيّ القائم على أساس كلمة "عهد" بين شخصيّن تم تصميمه in fieri لحظة تبادل الرضى بين الزوجَيْن، وموضوع الزواج، الذي يجعل الرضى الزوجيّ في التصميم زوجيّا in facto esse والذي يجب أن يتم تنفيذه في مسار الحياة الزوجيّة.

 

في هذا الإطار نجد أنَّ شريعة الزواج الجديدة أصبحت تشمل، إضافة إلى فعل الرضى الزوجيّ، موضوع الرضى الذّي هو الزوجان نَفسَاهما في مرحلة طور التكوين، وأصبح مسار الحياة الزّوجيّة كمرحلة تنفيذ جزءاً لا يتجزأ من الرضى الزوجيّ المتبادل. فعلى هذا الضوء ينبغي فهم الزواج ليس فقط بالعودة إلى العناصر الأساسية المكوَّنة للعهد الزوجيّ، بل أيضاً بمسار الحياة الزوجيّة، لأنَّها ليست حقيقة معزولة عن حياة الإنسان الشاملة، وكأنّ لها مقاييسها وغاياتها المطلقة، بل هي حقيقة إنسانية تتبع الإنسان. فليس اللحظة التأسيسية للزواج هي التي تعبّر عن تشكيل الاتحاد بين المسيح والكنيسة فقط، لكن أيضاً العلاقة الزوجيّة التي تُظهر استمرارية ذاك الاتّحاد السرّيّ والمقدس.

 

من خلال العلاقة بين فعل الرضى، الذي يُبنى على أساسه الزواج، والوضع الزوجيّ الذي ينبثق من الفعل، أدى بالضرورة إلى الانتقال من التفكير المؤسّساتي للزّواج إلى التفكير الشَّخصاني دون الفصل بينهما. لأنّه لا يمكن الفصل بين الإرادة في الزواج وموضوع الزواج كما يقول Grocholevski، عميد محكمة التوقيع الرسولي اليوم: "إن من يعقد زواجاً يفترض أنه أراد الزواج، وموضوع الزواج هو أن يريد بفعل إرادة صريح كل ما بدونه لا يمكن أن يقوم زواج". "لذا فعل الإرادة يجب أن يشمل كموضوعها"شركة الحياة كلّها"، وأنَّ إرادة الزوجَيْن تتجّه نحو الحياة المشتركة في جميع جوانبها، كي يكون هناك ثمّة زواج". فالعلاقة بين الفعل، حيث يتخذ الزواج منه جذوره، والحالة الزوجيّة، التي تنجم عن هذا الفعل وتأخذ منه البداية، أصبحت حادّة بالنسبة للعبور المفضّل من قبل السلطة التعليمية الكنسيّة، خصوصاً في الدستور الراعوي "فرح ورجاء"، من المفهوم التعاقديّ للزواج إلى المفهوم الشَّخصانيّ. فإذا أردنا إيجاد تساويّ بين الزواج in fieri (سبب) والزواج in facto esse (تأثير)، الأخير يجب أن يكون متضمّن في الأول.

 

فيجب أن تُفهم العلاقة الضيّقة بين الزواج "in fieri والزواج "in facto esse لدرجة إزالة التمييز الموجود بينهما؛ لأنّه قد يؤدي إلى تشويش خطير بين الصعيد القانوني والصعيد العملي، وبين ما هو جوهريّ في الزواج وما هو متطابق مع تحققه المثالي. فهذه العلاقة يجب أن تُفهم بالإشارة إلى القوّة الكامنة والقصديّة: العناصر التي تشكّل الزواج in facto esse كونه "شركة حياة كلّها" يجب أن تتواجد بطريقة القوّة في اللحظة التأسيسية لنفس الزواج in fieri. "فالرضى الزوجيّ ليس سبب الزواج - عقد وحسب، أي في الزواج in fieri، لكن الزواج في حالة الحياة in facte esse، هذا يعني ببساطة أنّ سبب الزواج، هو شركة حياة كلّها بين رجل وامرأة، تهدف إلى الإنجاب وتربية البنين. لهذا السبب، الزواج – حالة حياة - يجب أن يكون مطلوباً، بعناصره الجوهريّة، كموضوع شكليّ جوهريّ، ضمنياً ومباشرة في الزواج – عقد. والموضوع الشكلي الجوهريّ لهذا الرضى لا يقتصر على الحقّ في الجسد، دائم وحصريّ...لكنّه يتضمّن الحقّ في شركة الحياة كلّها بشكل متساوٍ". وأيضاً يجب أن تُفهم العلاقة بين الزواج "in fieri والزواج "in facto esse بصلتها بالغاية. فالغاية الوحيدة المباشرة للحظة الزواج التأسيسيّة هي بحد ذاتها، قيام وضع عملي في وجود حالة الحياة الزوجيّة، والغايات غير المباشرة تلك التي لها صلة بالزواج in fieri من خلال إقامة العلاقة الزوجيّة. ففعل الإرادة الذي يقوم على أساس الرضى، وبإصداره الطبيعيّ والشرعيّ، يقيم ما يسمّى بالزواج in fieri، ويستمر في صيرورته في الزواج in facto esse الذي يتولّد من الزواج in fieri. فالزواج ينشأ بشكل حصريّ من خلال رضى الطرفين ويُصبح واقعة حياة in facto esse. في الحقيقة، الزواج in facto esse كونه مفعول لحظة الزواج التأسيسيّة، يكشف بشكل كامل عن نفسه بالزواج in fieri.

 

استبعاد الشركة الزوجيَّة

 

نستنتج، أنّ الرضى كفعل إنسانيّ وقانونيّ هو العلّة الفاعلة للزّواج، وموضوعه يتمركز في خير الزوجَيْن كأشخاص، ويُعدّ حقّاً في المشاركة الحياتية، حتّى وإن كانت هذه المشاركة الحياتيّة هي نتيجة الزواج وليس من عناصره الأساسيّة. لذلك، لدى معالجة قضية زواجية، يجب الانطلاق من تحديد جوهر وطبيعة الرضى الزوجيّ، بحيث أن الذّين يتزوجون لا يتبادلون رضاهم حول حقوق وواجبات نظرية وغريبة، تنظّمها الشرائع وتحدّدها القوانين، بل حصراً وتحديداً حول شخصهما، بحيث تتكون بينهما علاقة شخصانية. هذا الواقع الجديد سيؤدي بالضرورة من الوجهة القضائية إلى توسيع الأسباب لصحّة الزَّواج، أكان يتعلق بمؤسسة الزَّواج أو بشخصيَّة الطرفين. في الحقيقة ظهرت أسباب لبطلان الزَّواج بشكل أوسع نذكر منها: بطلان الزَّواج لعدم القدرة على تحمل مسؤوليات الزَّواج لأسباب ذات طبيعة نفسية نسبيّة؛ بطلان الزَّواج لفقدان الحب المؤدي لخير الزوجَيْن؛ بطلان الزَّواج لعدم تضمين الرضى الزوجيّ التأكيد الإيجابي على المشاركة في الحياة كلّها. لذا لم يعد بطلان الزَّواج محصوراً بأسباب تطال صحّة عناصر السرّ ساعة الاحتفال به، بل بأسباب عدم إمكانية تنفيذ هذا السرّ.

 

لذلك، نحن أمام صورة أخرى من التلجئة الكاملة في حال توجّهت إرادة الاستبعاد ليس فقط نحو الجانب المؤسساتيّ للزواج، إنَّما نحو مضمونه الأساسي، وهو شركة الحياة كلّها وبذلك لا يتهرب المتعاقد كلياً مما قد يمثّله الزواج من ناحية الالتزام والوثاق القانوني، لكنّه يفرغ من محتواه ما يميّزه خصوصاً على الصعيد الوجودي، إذ ينوي دمج العلاقات مع الطرف الاخر بطريقة غيرمناسبة لاتّحاد زوجيّ حقيقي. وفي كثير من الحالات، فإنَّ استبعاد شركة الحياة، كمضمون جوهريّ للعلاقة الزوجيّة، يتّخذ الغاية الذاتيّة الحصريّة لدى المتعاقد ضد طبيعة وجوهر الزواج، بفعل إرادة إيجابيّ وهذا يتناقض مع شركة الحياة كلّها ويتعارض مع الغاية الجوهريّة للزواج. فمن يُرد صراحة الزواج، بشكل منطقي يُرد كل ما هو مرتبط بالزواج بشكل موضوعيّ، حتى وإن لم يكن على معرفة بها وأنه في حالة الغلط. وهناك من يقول إنه يريد الزواج، في نفس الوقت، بشكل إيجابيّ، فيحدّد الموضوع المراد ويستبعد من طرفه (صراحة أو ظاهرياً) أحد هذه العناصر الجوهريّة، ففي مثل هذه الحالة يجب التأكّد من أن الموضوع المراد ليس الزواج. إذن، فموضوع التلجئة الكاملة هو الزواج نفسه بموجب القانون 1101 بند 2، أي أن عقد الزواج يُستبعد من قبل أحد الزوجَيْن أو كليهما بنيّة باطنيّة وليدة إرادة إيجابيّة غير معلنة بنيّة استبعاد الزواج نفسه. وهذا يحدث عندما لا تكون لدى الفاعل نيّة عقد زواج. فغياب نيّة العقد لا يشكّل بحدّ ذاته الميزة الخاصّة للتلجئة الكاملة، لأن ذلك يحصل أيضاً في العنف الجسدي. وبالأكثر، فلا يكفي هذا الغياب لتحقيق التلجئة في الرضى. فالرضى يظهر خارجياً بفعل إرادة إيجابيّ لا تلغي إرادة إيجابيّة مخالفة.

 

نصّ التعليم الكنسي القانوني العامّ على أنّ "إذا استبعد المتعاقد في الرضى حقّ الأفعال الزوجيّة (أو الأمانة) ولم ينو تحمّل الواجب أمام الشريك الآخر، يعتبر الزواج باطلا، وذلك بسبب استبعاد عنصر جوهري في الزواج المنصوص في القانون 1101 بند 2؛ بينما إذا نوى المتعاقد عدم ممارسة الحقّ أو رفض إتمام الواجب المتّخذ على عاتقه، فيُعدّ الزواج صحيحاً في حالة الرفض المؤّقت، بينما يفترض باطلاً في حالة الرفض الدائم. كما أنّ الاجتهاد القضائي والتعليم القانوني الكنسيين يستبعدان تطبيق التمييز على تلجئة عدم الانحلال كون خير السرّ هو الذي يجعل الزواج غير قابل للاانحلال، لذلك لا يمكن التمييز فيه بين الحقّ عن ممارسته. لذا يطبّق التمييز على تلجئة خير البنين والأمانة.

 

نصّ الاجتهاد القضائي بنيّة توضيح تطبيق التمييز، على بعض الافتراضات في القانون، منها تؤخذ كتمييز الامتداد المؤقت للنيّة: في حالة نيّة عدم الإتمام المؤقتة يفترض أن يكون الزواج صحيحاً؛ بينما إذا كانت النيّة دائمة فيفترض بأن المتعاقد استبعد الحقّ الجوهري نفسه وهذا ما يحدد بطلان وثاق العقد. إنّ تطبيق التمييز على الزواج in facto يتوافق مع حقيقة المؤسسة الزوجيَّة نفسها، ومع حقيقة الإنسان الذي خلق حرّاً، ومسؤولاً، الذي يستعمل بعض الأحيان بشكل سيئ هذه الحرية. فإذا لم يدخل تطبيق التمييز في الزواج in facto أبداً في المناقشة، تنشأ المشكلة في حال تغييرها في الرضى الزوجيّ؛ وهذا يقتضي إعادة صياغة مضمون التمييز: فهو يشير في حالة الحياة الزوجيّة للحقّ وممارسته، في الزواج   in fieri يشير إلى نيّة المتعاقد: فالمناقشة تتوقف حول إمكانيّة وجود نيّة الالتزام في أعماق المتعاقد وبنفس الوقت نيّة عدم ممارسته أو عدم إتمامه.

 

يقولNavarrete  إنّ "الحقّ والواجب لشركة حياة كلّها يتميّزان عن الحقوق والواجبات الجوهريّة لمؤسّسة الزواج. يبدو في الحقيقة، إضافة إلى الحقوق والواجبات المتضمّنة في خير الأمانة وخير البنين، أن هناك ثمّة حقّ وواجب يلزمان الزوجَيْن بشراكة خاصّة وتضامن متبادل لا يتوقّف على البعد الجنسيّ (خير الأمانة) وبعد رسالتهم الإنجابيّة (خير البنين)". ما من أحد في المذهب أو في الاجتهاد القضائيّ استطاع تحديد المحتوى القضائيّ الخاصّ لهذا الحقّ. الحقيقة أنّ هذا الحقّ ius هو مرادف لحقّ عقد الزواج. فالحقّ في إقامة علاقات شخصيَّة، يبدو وكأنه حقّ سلوك الزوج نحو الزوج الآخر الذي بدوره يتجاوب مع أمام أحاسيس الزوج الأوَّل ويحملها كموضوع حقوق الزواج الجوهريّة. وأيّ استبعاد بفعل إرادة إيجابيّ لمثل هذه العلاقات الشَّخصيَّة، يجعل من الحياة الزوجيّة شبه مستحيلة أخلاقيّاً.

 

اقترحت بعض التيارات والاجتهادات الروتاليّة والقانونيّة في سنوات السبعينيّات وحتّى بداية الثمانينيّات ضرورة المطالبة بحقّ شراكة الحياة أو شراكة أشخاص كحقّ للزواج، وطالبوا بشكل صارم ضمّها في مجموعة القوانين اللاتينيّة الحالية سنة 1983 التي كانت في مرحلة إعادة نظر. لكن تمّ استبعاد هذا الطلب من قبل اللجنة الحبّرية المختصّة بإعادة النظر، واعتبرته مساوياً للزواج نفسه. كذلك، لم يدخل حقّ شراكة الحياة في مجموعة قوانين الكنيسة اللاتينيّة لعام 1983 ومجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة لعام 1990، لأنه اعتُبر مشابهاً لحقّ الزواج نفسه.

 

5- أهداف الزواج المسيحيّ

 

أظهر المجمع الفاتيكاني الثاني تحوّل مهمّ من رؤية الزواج المؤسّساتيّة إلى الرؤية الشَّخصانيّة والذي أخذ مكاناً في تعليم السلطة الكنسيّة، مما أدّى إلى التخلّي عن تعبير "تراتبيّة" الأهداف، لكي يُظهر الوحدة الجوهريّة بين جانبي الزواج المؤسّساتيّ والشَّخصانيّ، لذا فإنَّ الحبّ الزوجيّ لم يُعدّ أدنى أهميَّة من الإنجاب، فكلاهما ينبثقان عن مؤسّسة الزواج نفسها. ويعلن في الدستور الراعويّ"فرح ورجاء" الذي يتّفق والتقليد الكنسيّ ويثبّته، لمرتين في (رقم 48، 50) أنَّ الزواج والحبّ الزوجيّ يهدفان بطبيعتهما إلى إنجاب البنين، مع إشارة مختصرة إلى "التعاون المتبادل" ليس كهدف. لذلك، فإنَّ الجوانب التأسيسيّة للزواج (تلك التي تنجم عن المؤسّسة نفسها) يمكن أن تكون في الوقت نفسه مؤسّساتيّة وشخصانيّة. فليس هناك أيّ اعتراض بين الهدف المؤسّساتيّ والهدف الشَّخصانيّ، أيْ بين هدف إنجاب البنين وتربيتهم وبين خير البنين، لأنّ هذا كلّه ينتمي بشكل كامل إلى المؤسّسة الزوجيّة، ولأنّ الخيور التقليديّة هي أكثر من واجبات شرعيّة إنّها قيم حقيقيّة. إنّ حكمة رواية سفر التكوين بخصوص خلق الجنس تبيّن أنّ أهداف الزواج المؤسّساتيّة هي في الوقت نفسه إنجابيّة وشخصيَّة. لذلك فمن الخطأ اعتقاد خيور أوغسطينس الثلاثة أنَّها تنتمي فقط إلى الجانب الزواج المؤسّساتيّ وتتعارض والرؤية الشَّخصانيّة. فالشَّخصانيّة الحقيقيّة تنشب من المؤسّسة الزوجيّة نفسها وستعود وتكتشف القيمة الشَّخصانيّة لدى الخيور الأوغسطينيّة.

 

ألغى الشرع الكاثوليكيّ مصطلح "غايات الزواج"، ونصّ بدقّة -كما يتوافق مع تعليم القديس توما الأكويني- أنّ الزواج يهدف بطبيعته إلى خير الزوجَيْن وإنجاب البنين وتربيتهم (ق. لاتيني 1055) لكي يشير إلى أنّ خير الزوجَيْن والإنجاب وتربية البنين ليسوا بأهداف نُسبت إلى الزواج من الإنسان من الخارج بل هي حقائق تنتمي إلى عمق الزواج، وهي أهداف موضوعيّة وجوهريّة في الزواج؛ كونها تشكّل عناصر أساسيّة في مؤسّسة الزواج. لذلك، فإنَّ ما كان يُميّز بشكل واضح كأهداف أوليّة وثانويّة للزواج ضمن نظام الشرع اللاتيني السابق 1917 أُعلن عنه الآن كأهداف جوهريّة للزواج دون أيّة محاولة في تفضيل أماكنها، فهي بالتأكيد متساويَّة بالقيمة وبعلاقتها مع جوهر الزواج. فوضع خير الزوجَيْن "في مستوى إنجاب وتربية البنين، يعطي إلى كمال الزوجَيْن الشَّخصيّ أهمّيّته المستحقّة". وهما حليّات ليستا في حالة تكامل إنَّما بالأحرى في طريق الكمال تتحقّق من خلال علاقة العطاء والقبول الشَّخصيّ المتبادل بين الزوجَيْن. في الحقيقة، الزوجان هما أوّلاً زوج وزوجة وبعد ذلك أب وأمّ. كتب القاضي بينتو في عام 1984: "حتى إذا كان هدف الشيء خارج عن جوهره، فإن "التوجّه نحو" خير البنين هو أمر ضروري للزواج، لكن في هذا التوجّه يتضمّن خير الزوجَيْن أيضاً".

 

الدلالة التي قدّمها المشرّع الكنسيّ للهدفين المذكورين، له معنى كبير لحل مشكلة جوهر الزواج الكنسيّ. وكي نتحدّث عن جوهر الزواج الكنسيّ ينبغي الإشارة إلى عنصرين أساسيّين جوهريّين: الاستعداد للتصرّف الحسن مع الشريك والبعد الجنسيّ والإنجابي. فالعلاقة الزوجيّة، وهي جوهر الزواج نفسه، يجب أن تكون في كماليّتها مؤسّسة ومهيأة بشكل طبيعي لبلوغ خير الزوجَيْن وإنجاب البنين، ويكون الزوجان قادرين بحريّة على إغناء بعضهما البعض من خلال هبة نفسيهما. فالزواج هو شركة زوجيّة، ليس العقد جذورها، لكن البنيّة الأنطولوجية للشركة الزوجيّة، باعتبارها حقيقة ضمنيّة لوجود الشَّخصيّن نفسيهما من خلال علاقتهما. فالعلاقة الزوجيّة، يجب أن تتّجه بالضرورة نحو الهدف (finis operis)، وتكون قادرة على بلوغ خير الزوجَيْن وإنجاب البنين. هذا التوجّه لا ينطوي على عناصر إضافية، لكن بالعكس هو طريقة لوجود الجوهر نفسه في كماليته.

 

الهدف بعبارة أخرى، هو جوهر الشركة الزوجيَّة، ببعده الديناميكي: هو الزواج بذاته بقوّة الحركة والتطور. هذا هو السبب في أن الهدف لا يمكن أن يكون عنصراً أساسيًّا أو خاصّة أساسيَّة لموضوع الزواج (الرضى)، بالعكس كما فكّر به بعض الكتّاب والقانونيّين، حيث قالوا: "من هو غير قادر على تحقيق هدف، هو غير قادر على عقد الزواج والأعراب عن رضاه الصحيح". فكي نرفض هذه النظريّة، يكفي أن نتذكّر القانون اللاتيني 1084 البند 3: العقم لا يمنع الزواج ولا يُبطله". فما يمكن إثباته لهدف أساسي للزواج، يمكن تطبيقه على بقيّة الأهداف". في الواقع، فإنَّ موضوع الرضى ليس في تبادل حالات قانونية شخصيَّة فردية، ولكن في اتحاد شخصيّن، بينما تنشأ الحقوق والواجبات الزوجية نتيجة لبداية علاقة الانتماء المتبادل بين الزوجَيْن. ففي جذور صحة الرضى زوجيّ، ليس هناك قبول أو رفض لبعض المزايا، وإنما القدرة والارادة على التحمّل، أو عدم استبعاد الالتزام بأنه يريد خير الزوج كخيره هو. فالزوجان ملزمان على التحمّل في المرحلة التنفيذية للزواج matrimonium in facto esse الوثاق المتبادل والسعي إلى تنفيذه. وهذا الاستعداد في تحقيق الاتحاد هو ذو خير متبادل ويشكّل ratio agendi للإلتزام الزوجيّ، وقواعد الحياة ويكوّن مواقف وسلوكيات الزوجَيْن أثناء التعايش الزوجيّ.

 

كما نعلم أنَّ الجوهر نواة أي حقيقة لا يمكن إلغاؤه وبدونه لا يمكن أن يكون ثمّة حقيقة. وجوهر الشيء يجب أن يكون حاضراً، على الأقل في اللحظة التأسيسيّة؛ وإلا فإنَّ الشيء لا يمكن أن يأتي إلى حيز الوجود. وهذا يساعدنا على رؤية العلاقة بين الجوهر والهدف. فكي يكون الجوهر متناسباً مع الأهداف، يجب أن يحتويها في حد ذاته، أن تكون متأصلة في لحظة تأسيسه، وأن تكون بالضرورة ثابتة من أجل إمكانية تحقيق غاياته. وكسر هذه العلاقة المزدوجة بين الجوهر والهدف ماهو إلاّ جعل نظام الزواج الكنسي، الذي أُسّس عليه، غير مفهوم، وغير منطقي. فإن كان بلوغ الأهداف يتمّ لاحقاً في لحظة تشكيل الزواج، فيجب أن تكون حاضرة في تلك اللحظة كمطلب موضوعيّ وذاتيّ بقدر ما يكون الزوجان قادرين ولا يمكنهما استبعادها بقصد. فإذا عقد شخصٌ زواجه بقصد مصلحته الشَّخصيَّة فقط، مستبعدًا في الوقت نفسه مصلحة الطرف المقابل، لا يضع رضًى زوجيّاً حقيقيّاً ولا يتمّم حياةً زوجيّة حقيقيّة.

 

ومن منطلق الجوهر ينبغي الحفاظ على التمييز بينه وبين الخصائص، والتي لا تشكل جوهر الأشياء، فهي مرتبطة بالضرورة مع الجوهر، بدون أن تشكّل ما هو عليه، لكن تحدّده لما هو عليه في حد ذاته. في الواقع، الجوهر لا يُعبر عن الخصائص، ولكن يطالب بها. فإذا كانت هذه هي العلاقة بين الجوهر والخصائص، فإنَّ النتائج تظهر في غاية الأهمية في ما يتعلق بالمكوّن الإراديّ كما المعرفيّ للفعل الإنسانيّ، بمعنى أن إرادة شيئ في جوهره يقتضي في حد ذاته، كنتيجة لا مفر منها، إرادة الخصائص، لأنَّ رفض الخصائص يعني ضمنا، بسبب الصلة التي لا تنفصم مع الجوهر، رفض الجوهر. والخصائص الأساسية أو عناصر الكائن هي التي تؤهل جوهره بطريقة أساسية (تأسيسيّة). فإذا فُقدت أي من هذه العناصر الأساسيَّة، فالكائن لا يمكن أن يكون في حيز الوجود. ويترتب على ذلك، في حين أنَّ كلّ حقيقة تتجه نحو هدف، فإن وجودها لا يعتمد على الهدف. هذا هو السبب أن الهدف هو عنصر خارجي عن الجوهر، في حين أن الخصائص الأساسية هي ضمنيّة. وفي الوقت نفسه، توجّه الحقيقة لأهدافها يعني أنه على الرغم من أن الغايات ليست ضمن الجوهر، فالجوهر لا يمكن أن يوجد دون "التوجّه إلى" أهدافه. يقول في هذا الصدد Burke: "يتميز المعدن بالصلابة، لكنه لا يهدف إلى الصلابة. بل إلى وظيفة الطرق، على سبيل المثال، أو قطع؛ وصلابته تجعله مناسباً لهذه الغاية. بطريقة مماثلة، خصائص الزواج تمكّن الزواج من تحقيق أهدافه: خير الزوجَيْن والإنجاب / تربية البنين".

 

فالخصائص الجوهريّة للزواج، يجب أن تكون متلازمة مع خير الزوجَيْن. فإذا نوى شخص الزواج لهدف جعل الطرف الآخر يتألم بسبب الغيرة، وذلك انتقاماً منه أو تقليلاً من حبّه، لكن عنده حسّ جيد بالملاحظات الأساسيّة الخاصّة بالوثاق، أو بالأحرى، بعدم الانحلال، الأمانة، إنجاب البنين، زواجه بالتأكيد لن يكون زواجاً صحيحاً لأنّه خالٍ من خير الزوجَيْن، الغاية الأساسيّة، الحاضرة في نيّة المتعاقدين في لحظة الرضى. بهذا المعنى، من الواضح الانحلال (bonum sacramenti) والأمانة (bonum fidei) – مرتبطان ارتباطا وثيقا بخير الزوجَيْن. وحقيقة هدف خير الزوجَيْن تتطلب هذا الارتباط؛ فاستبعادهما يمثّل هجوماً جوهريّاً ضد هذا الهدف. وهذا الحديث أيضاً يطبّق على خير البنين  bonum prolis. لذلك وعلى سبيل المثال من الواضح أن استبعاد الأفعال الزوجية يؤثر أيضاً على هدف خير الزوجَيْن.

 

"فلكي نبرهن على وجود الإرادة المستبعدة من المفيد جداً التحقق، في حالة فردية، من وجود الارتباط بين الأهداف الذاتية finis operantis التي لاحقت الملتجىء المفترض والأهداف المؤسّساتيّة للزواج finis operis. كما هو واضح، الزواج الصحيح يقبل أنّ يريد المتعاقد، بالإضافة إلى الأهداف المؤسّساتيّة، أهدافه خاصّة أثناء عقد زواجه. هذا الوضع متكرّر جداً، في هذه الحالة، يمكن قصد زواج بسبب هدف غريب عن تلك الأهداف المؤسّساتيّة، دون أن يستبعد الزواج بحد ذاته. فعندما تكون الأهداف الخاصة بالمتعاقد في حدّ ذاتها غير متوافقة لا بل ومتناقضة مع أهداف مؤسّسة الزواج، يمكن الافتراض بوجود إرادة مستبعدة. من المستحسن الأخذ بالاعتبار بقرينة التلجئة عندما تكون هذه الأهداف الذاتية، متوافقة كمبدأ، مع تلك الأهداف المؤسّساتيّة، مرادة من المتعاقد بشكل وحيد وحصريّ، لأن هذا الاستبعاد المطلق، لسبب منطقي، يستبعد أي هدف آخر ولذا، أيضاً الأهداف المؤسّساتيّة: على سبيل المثال، عندما تكون الرغبة بالغنى، هي حصريّاً الهدف الوحيد للمتعاقد. إذا في توصيف الحالة اُستخدمت هذه رؤية من المقارنة بين الأهداف الذاتية والأهداف المؤسّساتيّة، البيّنة يجب أن تتمحوّر حول التعارض بين الأهداف أو حول حصريّة الأهداف الخاصة".

 

أ- هدف خير الزوجَيْن

 

يربط القانون 1055 خير الزوجَيْن مع حقيقة الزواج نفسه "شركة حياة كلّها". "فشركة الحياة" هي تحقيق هدف "خير الزوجَيْن"، كعنصر جوهريّ من الموضوع الأساسي للميثاق الزوجيّ. لذلك كون خير الزوجَيْن، هدفاً وعنصراً أساسياً للعهد الزوجيّ، قد يترجم بحقّ شركة الحياة. فشركة الحياة كلّها، التي تشكّل الزواج، أقيمت من خلال هبة الذات والقبول المتبادل بين رجل وامرأة، والشركة بطبيعتها تهدف لخير الزوجَيْن وخير البنين. هذان الهدفان أساسيّان في الزواج. لذلك، فإنَّ خير الزوجَيْن، من جهة يبدو مميّزاً عن الحليّات الأخرى وعن خصائص الزواج؛ ومن جهة أخرى هو جوهريّ في الزواج نفسه، حيث إنه لا يمكن إلا وأن يكون مراداً بوساطة موضوع يقوم عليه ميثاق الزواج، حيث ينتمي هذان الخيران كمبدأ فيه، أي كهدف للعلاقة الشَّخصيَّة الزوجيّة لبلوغ تلك العناصر الجوهريّة المرادة بالرضى الزوجيّ. فمن الواضح، أنّ "خير الزوجَيْن" ليس له موضع في الخصائص، بل هو هدف.

 

ب- هدف إنجاب البنين

 

 عبّر المجمع الفاتيكاني الثاني في الدستور العقائدي "فرح ورجاء" (رقم 48 و50)، عن التوجّه الطبيعي للزواج نحو الإنجاب: والغاية من تأسيس الزواج والحبّ الزوجيّ، في طبيعتهما، إنجاب البنين وتربيتهم. وهذان يتوّجان الحبّ والزواج كما تتوّج القمة الجبل. مما ينجم عن ذلك أنّ الرضى الزوجيّ يجب أن ينطوي على عطاء الحياة الجنسيّة المتبادل بين المتعاقدين أيضاً من الجانب الجسدي. وشدّد المجمع الفاتيكاني الثاني على أنّ المكان اللائق لإنجاب حياة إنسانيّة جديدة هو الفعل الزوجيّ. فكل شكل من أشكال الإنجاب لا يأتي من ثمرة العلاقة الزوجية لا يمكن تبريره من الناحية الأخلاقيّة. لذلك، يجب أن لا نتحدّث عن الفعل الزوجيّ خارج شراكة الحياة الزوجيّة كونه حقّاً وهب بكل تأكيد للشخص ويمكن ممارسته مع شخص آخر، لأنّ الأفعال الزوجيّة بحسب تعاليم المجمع الفاتيكاني الثاني، اتّحاديّة إنجابيّة.

 

لا يرى الشرع الكنسي الكاثوليكيّ رضى الزواج ضمن تبادل حقّ في الجسد من منظور الأفعال الزوجيّة، لكن ضمن هبة الزوجَيْن المتبادلة وشركة الحياة كلّها التي تتشكّل بين الرجل والمرأة بفضل الميثاق الزوجيّ. وشركة الحياة هذه، في بعدها الانطولوجي تتّصف بتوجّهها نحو إنجاب البنين (ق. 1055 بند 1) مع الحقوق والواجبات الجوهريّة، التي لاتؤثر في حالة الحياة الزوجيّة (زواج in facto esse) وحسب، لكنّها حاضرة في تشكيل الزواج  (زواج in fieri).

 

لم ينصّ القانون اللاتيني 1055 على أنَّ الزواج يهدف إلى خير البنين أو لخير أو قيمة البنين؛ لكن يقول: "يهدف إلى الإنجاب وتربية الأبناء". وبالتالي فإن مصطلح "bonum prolis" استخدم بشكل صحيح لوصف خاصيّة الزواج؛ بينما يفتقر إلى الدقة عند استخدام وصف هدف الزواج وهو الإنجاب. وهذا يعني أن الدقة في المصطلحات تتطلب التمييز بين البنين كهدف والبنين كخاصية؛ أو من الأفضل تمييز إنجاب البنين (كهدف) والقدرة على الانجاب كخاصيّة. فخير البنبن الذي يمنحه كلٌّ من الزوجَيْن للآخر، يكمن في القوّة الأبوية أو الأمومة، والإنجاب الفعلي. فالقدرة على الإنجاب procreatività - "نية البنين"، أو على الأقل "الانفتاح نحو البنين" - لا يمكن أبدا أن تكون غائبة عن الرضى زوجيّ، لأنَّ الزواج لا يمكن أن يوجد بدون خصائصه الأساسية. والإنجاب الفعلي، على الرغم من أنه هدف الزواج، ليس جوهريّاً له، لأنه ليس من الضروري أن يبلغ الزواج دائما لأهدافه. فهناك بالتالي حقّ القدرة على الإنجاب ius ad procreativitatem  أي ما يمكن للطرف الآخر أن يعطيه، لأن لاستعداد على الإنجاب يقع تحت سيطرة إرادة الطرف الآخر. وليس هناك حقّ للبنين "ius ad prolem" لأن الإنجاب الفعلي لا يقع تحت سيطرة إرادته؛ يبقى دائما هبة من الله.

 

وهنا تنشأ مسألة حول التقييم القانونيّ لمعنى الإنجاب في الزواج والفاعليّة المبطلة الرضى الناجم عن النيّة ضدّ إنجاب البنين. فينبغي التوضيح أنّ الزواج هو الموجّه إلى إنجاب البنين، فولادة الأبناء ليست بعنصر جوهريّ للزواج، ولا تشكّل عنصراً لا يمكن تجاوزه. فإنَّ ولادة الأبناء هي عطيّة الله وفقدانهم لا يشكّل سبباً لطلب بطلان الزواج، فالزواج لا يمنح الزوجَيْن أي حقّ ليكون لديهم أبناء لكن فقط لإقامة تلك الأفعال الجنسيّة الطبيعية التي في حدّ ذاتها تهدف للإنجاب. فكون خير البنين لا مفر منه لأهداف الزواج الموضوعيّة، فإذا عقد أحد أو كلا الزوجَيْن زواجاً بنيّة صارمة باستبعاد حقّ الطرف الآخر للعمل الزوجيّ حتّى وإن كان مؤقتاً، يعقد زواجه بشكل غير صحيح. والتعاليم القانونيّة في الكنيسة الكاثوليكيّة والاجتهاد القضائي أكّدوا الفرضّية القائلة: إذا نوى طرف أن يؤجّل فقط (لأسباب مختلفة: أخلاقية أو غير أخلاقية) إنجاب البنين من خلال حرم الاتّصال الزوجيّ من تأثيره لفترة من الوقت، فهو أو هي وهب الحقّ للطرف الآخر. لكن، إذا أحد الطرفين أو كلاهما نوى أن لايكون أبداً عنده اتّصال زوجيّ بالطريقة التي قد تؤدّي إلى إمكانيّة الإنجاب، فمن المفترض أنّه قد استبعد الحقّ نفسه.

 

إنَّ نتيجة تشخيص الحقوق والواجبات الجوهريّة المتعلّقة بهدف إنجاب البنين تُشير إلى ما يجب أن يكون عليه موضوع الاستبعاد المبطل للرضى الزوجيّ، على أن لا يقبل بالرأي القائل إنّ البطلان يصبح فاعلاً مسبقاً بسبب استبعاد "هدف الإنجاب" نفسه أي التوجّه إلى الإنجاب، لأنّ هدف الإنجاب بمبدئه في القوّة لايمكن افتقاره في اللحظة التأسيسية للزواج حين يتبادل الزوجان العطاء. لذا يمكن دعم الفكرة القائلة إن الاستبعاد المُبطل للرضى والذي يخص الهدف إلى خير البنين يعمل بخصوص ius-officium لجعل الأفعال الزوجيّة تهدف بحدّ ذاتها إلى الإنجاب، حتّى إلى الإنجاب بالقوّة نفسه. وفي ما يخصّ استبعاد حقّ –واجب للفعل الزوجيّ الطبيعيّ، هذا يتمّ بشكل سائد مع التحفظ على السلوك الذي يفصل بشكل إراديّ الرباط غير القابل للانحلال بين المعنى الاتّحاديّ والإنجابيّ الخاصّ بالفعل الجنسيّ نفسه بوسائل ومناهج contraccettivi لتحديد الحقّ-الواجب في لحظة وجود الغريزة الجنسيّة للاتصال أو عندما يرفض أو يقيّد الحقّ الزوجيّ.

 

في حين أنَّ الحقّ-الواجب للإنجاب بالقوّة يمكن إنجازه سواء بالتحفّظ بسلوك ضد الإنجاب، وهو موجّه لعدم اكتمال المسار الإنجابيّ من خلال عرقلة حياة جديدة بوسائل تقنيّة إجهاضيّة، إمّا بالتحفّظ على سلوك يقبل بالإنجاب المستقلّ، مستقل عن الفعل الزوجيّ. هذا التحفّظ الأخير يتضمّن وقائع حقّ إنجاب فيها تمّ تقييده، على سبيل المثال، التلقيح الاصطناعي. إنّ فعل منع الإنجاب يعني "كلّ عمل يهدف قبل الفعل الزوجيّ أو في أثنائه أو بعده حالاً، إلى منع الحمل القادر أن ينجزه الفعل الجنسيّ نفسه". فإذا كانت الأهداف، تتجه نحو واقعة مُعينة، يجب أن تكون هذه الواقعة بالضرورة دائماً خارجة عنها، وأن تتضمّن في نفسها القوّة كي تكون قادرة على بلوغ هذه الأهداف. وبما أن مؤسّسة الزواج تتجّه نحو أهداف معيّنة، فعلى الأزواج أن يقبلوا بالعناصر التأسيسيّة التي تتجّه نحو هذه الأهداف أيضاً، ولا يوجد أيّ داع بأنهم يجب أن يمتلكوا القدرة لبلوغ الأهداف. لذا لا وجود لواجب مطلق أو قانوني للإنجاب، فمن يشترط استبعاد البنبن لنجاح الزواج هو مهيأ لاستبعاد البنين إلى الأبد إذا لم يحصل الزواج على النتيجة الجيدة. لذلك ينبغي أن نقول إنّ الإنجاب ليس هدفاً، لكن موجّهاً نحو الهدف، لكي تكون هذه الواقعة جوهريّة في الزواج.

 

ينبغي التمييز بين نتيجة الهدف والتوجّه إلى الهدف: نتيجة الهدف هو العقد الظاهريّ؛ التوجّه إلى الهدف هو العقد الباطنيّ والجوهريّ. لهذا السبب فإنَّ الوصول إلى هدف الزواج ألا وهو إنجاب البنين، لا ينظر إليه كموضوع حقّ وواجب جوهريّ؛ ولا حتّى عدم الوصول إليه قد يكون مبّرراً لسبب البطلان. فالعقم –عدم القدرة على الإنجاب- لا يبطل الزواج. لذا لا يمكن التكلّم عن حقّ للبنين  ius ad prolem، فيوجد حقّ للإنجاب ius ad procreativitatem الشيء الذي يمكن للطرف الآخر أن يعطيه، لأن الاستعداد للإنجاب يقع تحت سلطة إرادة الطرف الآخر. في الحقيقة، تمّ التأكيد عاى أنّ الرضى الزوجيّ لا يقتضي تبادل الحقّ والواجب للأفعال الزوجيّة المنفتحة على الحياة (بهدف الإنجاب)، بل على قبول البنين. هنا ينبغي القول، أنَّه ثمّة حقّ لخير البنين، أيّ حقّ لهبة الإنجاب؛ لكن لا يوجد حقّ للبنين، وقد تنبه الاجتهاد القضائي قليلاً لهذا الأمر: "عقد الزواج لا يعطي هذا الحقّ (للبنين)، لأنّ موضوعه ليس "البنين"، إنَّما أفعال طبيعيّة قادرة على خلق حياة جديدة وموجّهة إليها".

 

وقد ميّز التقليد القانوني الكنسي بين الحقّ-والواجب الجوهريّ لحقّ القيام بفعل زوجيّ بشكل طبيعي وحقّ الإنجاب المنبثق عنه ius-officium ad prolem. فلا وجود لأيّ حقّ للبنين، لأنّ الإنجاب لا يقع تحت سلطة إرادته؛ يبقى دائما هبة من الله "الابن ليس بشّيء مستوجب، لكنّ هو بالأحرى هبة، هبة نبيلة جداً.  إنّما ثمّة حقّ لخير البنين: أي حقّ الانضمام إلى سلطة الإنجاب للطرف الآخر بوساطة الفعل الزوجيّ. فهناك ارتباط وثيق بين عنصر الرضى التأسيسيّ –هبة الإنجاب- ومنه تنبثق الحقوق والواجبات الجوهريّة، والنتيجة الممكنة لكن غير الجوهريّة بهذه الهبة: الإنجاب. 

 

لذلك، عندما يكون فقدان البنين مقصوداً في لحظة الرضى، هذا لا يعني بالضرورة البطلان، إلاّ إذا إقتضى بشكل مباشر أو غير مباشر استبعاد حقّ- واجب جوهريّ. نفترض، في تفكيرنا أنّ رجلاً وامرأة متّحدين في زواج صحيح، لديهما الحقّ والواجب، في إنجاب إنسان بشريّ جديد؛ لصحّة الرضى الزوجيّ لا يطلب أن يأخذ المتعاقد على عاتقه بفعل إرادة إيجابيّ واجب ولادة البنين، كونه يكفي أن لا يستبعد بفعل إرادة إيجابيّ هذا الواجب. فصحّة الزواج محميّة من التنظيم الكنسي من افتراضيتين: الإنعام في القانون بموجب القانون 779 الشرقيّ الكاثوليكيّ والقانون 1060؛ وافتراض التطابق بين ما هو معلن وما هو مراد بموجب القانون 824 بند 1 الشرقيّ الكاثوليكيّ والقانون 1101 بند اللاتيني. ولتجاوز هذا الافتراض وللبرهان على وجود فعل إرادة إيجابيّ في لحظة الاحتفال بالزواج مبطل الرضى، من الضروريّ أن يكون استبعاد البنين مراداً بطريقة مطلقة ودائمة. في حال افتراض وجود عطاء وقبول الحقّ للقيام بأفعال زوجيّة وهما مناسبان لإنجاب، أو لخير البنين، صحّة الزواج في لحظة الرضى الزوجيّ أو الزواج in fieri غير مؤكّدة؛ إذا على سبيل المثال حدّد أحد الزوجَيْن في الزواج في in facto esse استعمال الحقّ للقيام بأفعال زوجيّة لتفادي بنين آخرين، طبقاً لمبادئ الإنجاب المسؤول، سنجد أنفسنا أمام تحديد الحقّ نفسه فقط. فبحسب الاجتهاد القضائي، فإنَّ افتراض الاستبعاد الدائم للبنين يقتضي استبعاد الحقّ نفسه وليس فقط استعمال الحقّ وحسب.

 

ج- حقّ في تربية البنين

 

نصّ المجمع الفاتيكاني الثاني على ما يلي: "بقوّة سر الزواج الذي يؤهلهم ليرمزوا إلى سر الوحدة والحبّ الخصب المتبادل بين المسيح والكنيسة ويشتركون فيه (أفسس 5: 32)، يتعاون الأزواج المسيحيون على تقديس الحياة الزوجيّة بتقبلهم الأولاد وتربيتهم. ولهم في حالتهم هذه وعلى مستواهم، المواهب الخاصة في شعب الله (كور 7: 7). وعن اتّحادهم تنبثق العائلة حيث يولد اعضاء المجتمع البشري الجدد الذين يصبحون بالعماد وبنعمة الروح القدس ابناء الله، وهكذا يدوم شعب الله إلى مدى الدهور. ففي هذا البيت الذي هو شبه كنيسة، على الوالدين أن يكونوا لأولادهم بالقول والمثل مبشري الإيمان الأولين، وذلك خدمةً لدعوة كلً واحد منهم الخاصّة، وبنوع أخصّ للدعوة المقدسة" (نور الأمم رقم 50).

 

صنّف المجمع الفاتيكاني الثاني ضمن بيان في "التربية المسيحية" (رقم 3) الدور التربوي الأوّليّ لدى الزوجَيْن نحو أبنائهم: "لمّا كان الوالدون قد أعطوا الحياة لأولادهم كان عليهم الواجب الثقيل بأن يربّوهم. فهم، من هذا القبيل، المربّون الأولون والرئيسيّون لأولادهم...ذلك بأنّ من وظيفة الوالدين أن يخلقوا مناخاً عيليّاً تنعشه المحبّة والتقوى تجاه الله والناس، ويؤاتي تربية أولادهم الكاملة، الشَّخصيَّة والمجتمعية". نستنتج من هذه النصوص المجمعيّة أنّ هناك اتّحاداً عميقاً بين رؤية الإتّحاد الزوجيّ الشَّخصانيّة ومهمّة الزوجَيْن في مجال الخلق والتربية. والتربية لايمكن أن تكون –لاينبغي أن تكون-  نشاطاً لطرف واحد من الزوجَيْن. يجب أن يتكفّل كلا الطرفين بتربية البنين بروح المشاركة. هذا التعاون هو بالفعل تعبير عن شراكة حياة متمثّلة بالتزام عامّ وعائليّ.

 

أكّد التعليم القانونيّ الكنسيّ أنّ تربية البنين، الذي يهدف إليه الزواج، لا يمكن اتّخاذه عنصراً أساسيّاً في فئة الحقوق والواجبات الجوهريّة. بل يمكن إعتباره مرتبطة بجوهر الزواج فقط عندما ترتبط بالإنجاب، كامتداد طبيعيّ ومتكامل له. يمكن أن تتّخذ مفهوماً إجمالياً، كبداية للحياة في شموليّتها ولا يمكن أن تكون موسّعة لتضمّ اختيارات تربويّة، كتلك الموحاة لمعتقد دينيّ معيّن أو مبادىء فكريّة معيّنة. لذلك، تربية البنين هدفٌ من طبيعة الوثاق الزوجيّ (ق.ش 776 بند 1)، لا يتحدّد للتربية الجسديّة وحسب، بل لتلك الدينيّة أيضاً. لذا، فإنَّ كلا الطرفين يجب أن لا يستبعدا أهداف الزواج (ق.ش 814 رقم 3). وينتج عن هذا أنه إذا استبعد أحد الطرفين أو كلاهما بفعل إرادي إيجابيّ هذا الحق وواجب التربية، خصوصاً الدينيّة للأبناء، يحتفلون بزواج بشكل باطل. فحقّ خير البنين لا يتضمّن فقط الإنجاب وحسب بل تربيتهم.

 

يقول Stankiewicz: "يصنّف الحقّ-الواجب التربويّ الخاصّ بالأبناء بشكل قانونيّ أساسيّ كونه مرتبطاً بحقّ-واجب انتقال الحياة الإنسانيّة ويشارك في الطابع الطبيعيّ لهدف الزواج نفسه نحو الإنجاب وتربية البنين (ق.لاتيني 1055 بند 1). وقد صّنّف هذا في مجموعة القوانين اللاتينيّة، من بين مفاعيل الزواج (فصل 8، ق. 1136)، وليس بين الواجبات، حيث وجوده غير محدّد في القانون 1095 وفي القانون 1101 بند 2". الحق-الواجب التربويّ الخاصّ بالزوجَيْن يصنّف بشكل قانونيّ رئيسيّ كونه مرتبطاً بحقّ وواجب نقل الحياة الإنسانيّة ويشترك في الطابع الطبيعي لذات هدف الزواج للإنجاب وتربية البنين.

 

حسب رأي Tomko وثائق السلطة التعليميّة تعدّ التربية الكاثوليكيّة للبنين واجباً تقع جذوره مباشرة في متطلبات الإيمان الكاثوليكيّ والذي ينجم عن الشرع الإلهي “ex lege divina”. يؤكّد Bertrams: "الضمان القانونيّ، المطلوب من الكنيسة للزواج المختلط، لكي يحصل البنون على التربية الكاثوليكيّة، ليس بمطلب، كضمانة قانونيّة، من شرع الله، لكنه مرسوم كنسيّ، الذي، في المادة، تحدّد شريعة الله وتحددها في الواقع... هو واجب مفروض على الوالدين من شريعة الله لتربية البنين في إيمان الكنيسة الكاثوليكيّة، كون الكنيسة حافظة وديعة نعم الخلاص. فنحن أمام حالة ضمير ضد ضمير الآخر، وفي هذا المعنى شريعة الله ضد شريعة الله، مما ينتج عن ذلك أنّ هذا الزواج هو ضد شريعة الله وبالتالي هو غير جائز.