موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ٢٩ يونيو / حزيران ٢٠٢٠
الأب خالد قموه يكتب من بيت جالا: العمر ليس أرقامًا، بل تجدّد وإتحاد...
هذا هو عمر الكاهن...
الأب خالد قموه، كاهن مُنشّىء في الإكليريكية التابعة للبطريركيّة اللاتينية في مدينة بيت جالا (فلسطين)

الأب خالد قموه، كاهن مُنشّىء في الإكليريكية التابعة للبطريركيّة اللاتينية في مدينة بيت جالا (فلسطين)

الأب خالد قموه :

 

ربما اعتقدنا أن زيادة رقم جديد إلى عُمر الإنسان ما هو إلا عبارة عن أيام وساعات قد سارت بنا وأخذتنا الى حيث تشاء. وربما نكون قد تعلمنا مع مرور هذه الأيام والساعات من حياتنا أن نَعتمد على أنفسنا أكثر فأكثر وأصبح هذا الإعتماد، أو الاكتفاء بالذات، علامة نضوج. أو شعرنا أحيانا بأن الزمن الماضي قد أرهقنا وقد اكتسبنا منه ما يكفينا من خبرات في هذه الحياة.

 

يَنظر البعض أحياناً لحياة الكاهن بالتحديد بنظرة الشَّفقة، لاعتقادهم أنها قد تكون حياة خالية من كُل ما هو جَديد ومُشجّع، وأنها حياة روتينية تَكاد تكون مجبولة بالملل، مُقتصرة على الإحتفال بالقداس الإلهي، ومَنح الأسرار، وتحضير عِظة قداس الأحد، وصلاة السُبحة الوردية، وبعض الإجتماعات التي اعتدنا عليها.

 

لكن في الواقع أن كُل يوم، لا بَل في كُل ساعة ودقيقة يمضيها الكاهن في حياة التَكريس والعمل في حقل الرب، فانه يَكتشف ويَعيش خِبرة جديدة فريدة، لم يَسبق لهُ أن عاشها من ذي قَبل.

 

في كل لحظة من حياة الكاهن يَتذكر نِداء الرب لهُ، ويَشعر بكلمة هاءنذا وكَأنها تخرج الآن من عُمق قلبه وإرادته الحرة، متيّقناً أنّ حياته لا تأخذها الأحداث والظروف كما تَشاء، بل تَقودها نعمة الله وتُحقق الهدف والرسالة التي دُعي مِن أجلها.

 

في كل لحظة من حياة الكاهن، يَتذكر أنهُ قد قَبِلَ أن يَدخل في مغامرة حُب فَريدة، لا تَعرف اليأس والملل، بل عِنوانها العَطاء المجاني المستمر وبذل الذات حتى النهاية.

 

في كل لحظة من حياة الكاهن يَكتشف مِن جديد عَظمة الله، التي تُرافق ضَعفه، يَكتشف عِظم محدوديته التي تتّحد بكمال قُدرة العليّ، وأنّ نُكران الذات والإعتماد على الله، هو لَهُ قوة ودرع في حياته.

 

في كل قداس يحتفل به الكاهن، وكل سّر يمنحه للمؤمنين، هنُاك تَكمن كُل خبرة جديدة، ومُعجزة جبلت بالمحبة والتضحية، مُتحداً مِن خلالها أكثر فأكثر بالمعلم والرب. 

 

هذا هو عمر الكاهن، وليس الأمر أرقامًا تُزاد بل تَجدّد وإتحاد