موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ١٤ فبراير / شباط ٢٠٢٢
اكرام مزاهرة تكتب: في يوم المحبّة العالمي

إكرام مزاهرة :

 

عرفت البشرية الحب منذ بداية الخلق فدونتها الميثولوجيا اليونانية من خلال الهة الحب، فها هي افرداويت التي سُميت بآلهة الحب عند اليونان تنثر الحب والود والحنان بين الناس وتبعتها كيوبيد اله الحب عند الرومان ويُقال إن له سهاما ثاقبة على الأشخاص. وكان إذا تكلم مع شخص أصابه بالحب، غير أن النقطة الفاصلة في التأريخ المكتوب لمفهوم الحب برز بشكل واضح عند القديس فالنتاين الذي يحتفل العالم بعيده بتاريخ 14 شباط، ويسمى "عيد الحب" والمتعارف عليه عند الشعوب بعيد الفالنتاين نسبة له.

 

والقديس فالنتاين هو أسقف كان يقوم بزواج المحبين والعُشاق بسر زواج كنسي مقدس، معارضًا بذلك الامبراطورية الرومانية لأنها كانت تُعاقب كل من كان يُمارس أحد أسرار الكنيسة لذلك أُعدم القديس فالنتاين في يوم 14 شباط عام 269، ولهذا السبب في هذا اليوم من كل عام يحتفل المحبون بهذا العيد المُسمى بعيد الحب.. ولكن لم يكن القديس فالنتاين ولا آلهة الحب  هم مصدر المحبة، بل الله هو مصدر الحب الاساسي كما جاء في انجيل يوحنا "الله محبة" (1 يو 4: 16). ولأن الله أحب الإنسان خلقه على صورته ومثاله، "وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا" (تكوين 1: 26)، فعندما منحنا الله ووهبنا حبه اللامحدود واللامتناهي قدم ابنه الوحيد ليفتدينا وليُخلصنا من الخطيئة الأصلية "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يو 3: 16). ولأنه افتدى ابنه الوحيد من أجل خلاص البشرية لم ينتظر الله مقابل غير أن نكون كاملين كما قال السيد المسيح "فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ" (مت 5: 48).

 

ولأن المحبة هي اساس الحياة بين البشر جعلها الله أولى الوصايا وأعظمها "أَحبِبِ الرَّبَّ إِلهَكَ بِكُلِّ قَلبِكَ وكُلِّ نَفْسِكَ وكُلِّ ذِهِنكَ"، ويضيف: "أَحبِبْ قريبَكَ حُبَّكَ لِنَفْسِكَ" (آيات 37. 39).

 

وبما أن التسامح لا يرتبط إلا بالمحبة فلا تسطيع أن تفصل بينهما، فعش التسامح في محبتك لكي يكون أجرك عظيماً في السماء، سامح أعداءك وصل من أجلهم لكي تعيش كلام المسيح في حياتك بقوله "أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ" (متى 5 :44) وهنا نتذكر غفرانه وهو على الصليب لمن قاموا بصلبه وتعذيبه "فَقَالَ يَسُوع: يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ" (لو 23: 34). فضربٌ من المستحيل أن تجد البشرية على مر العصور  أعظم من هذا الحب، فإن تعمقنا بحياة السيد المسيح لوجدناها مفعمة بالمحبة وبالعطاء والرحمانية ولكي نثبت في محبته "اثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي" (يو 15 :9). علينا عيش حياتنا بوصاياه السامية وعلينا أيضًا أن نكون مُحبين لنكون محبوبين، فنحنُ ملح الأرض ونور العالم؛ "أنتم ملح الأرض، أنتم نور العالم" (متى 5: 13-14).

 

خلاصة: لماذا يكون الحب محصورا فقط بيوم أو بأيام من العام؟ ولماذا لا يكون "الحب" أسلوب حياة ونمطا ثابتا نعيشه ونتبعه. فإن أحببنا أبدعنا وأعطينا بسخاء من أعماقنا، ولكي نكون أبناء المسيح وتلاميذه كما قال: "بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي، أن كان لكم حبٌ بعضٌ لبعض" (يو 35: 13). لنجعل قلوبنا تنبض بالعطاء والتسامح في ظل محبة المسيح. ومنها ننطلق الى محبة الانسانية جمعاء.