موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ١٤ فبراير / شباط ٢٠٢٠
إرشاد الأمازون: لا ذكر لرسامة رجال متزوجين، إنما تعزيز أكبر لدور العلمانيين
إن كنيسة ذات وجوه أمازونية تتطلّب وجودًا مستقرًا لمسؤولين علمانيين ناضجين، يتمتّعون بسلطة معينة، يعرفون اللغات والثقافات والخبرة الروحية وطريقة العيش في الجماعة بمختلف الأماكن، ويفسحون المجال في الوقت عينه لتعدّد المواهب التي يغرسها الروح القدس
كاهن يقرأ الإرشاد الرسولي الجديد عقب صدوره في دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي (Antoine Mekary | ALETEIA)

كاهن يقرأ الإرشاد الرسولي الجديد عقب صدوره في دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي (Antoine Mekary | ALETEIA)

الفاتيكان - أبونا :

 

رأى البابا فرنسيس في إرشاده الرسولي الجديد، أن معالجة مشكلة نقص الكهنة في الكنيسة اللاتينية بمنطقة الأمازون، لا تتم عبر فتح باب أمام رسامة رجال متزوجين، إنما من خلال تحفيز العلمانيين على الانخراط أكثر، وتحمّل مسؤوليتهم بشكل أكبر في العمل الكنسي.

 

ولفت البابا في إرشاده "الأمازون الحبيب"، الذي صدر الأربعاء 12 شباط 2020، إلى أن "الأنشطة الرعوية في منطقة الأمازون ضئيلة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى سعة الأراضي وصعوبة بلوغها في كثير من الأحيان، وإلى التنوع الثقافي الكبير، والمشاكل الاجتماعية الهامة، وإلى خيار بعض الشعوب ذاتها في العزلة"، مشددًا على أن الكنيسة لا يجب أن تبقى "غير مبالية" لهذا الأمر، إنما عليها أن تقدّم "استجابة خاصة وشجاعة".

 

تأمين الخدمة الكهنوتية

 

وأوضح بأنه في ظروف أدغال الأمازون وأماكنها النائية فـ"يجب إيجاد طريقة لتأمين الخدمة الكهنوتية. باستطاعة العلمانيين أن يعلنوا الكلمة، وأن ينظّموا جماعاتهم، ويحتفلوا ببعض الأسرار، إلا أنهم بحاجة إلى القداس الإلهي... فليس من الممكن إقامة جماعة مسيحية إذا لم يكن القداس هو أصلها ومحوره، مجددًا النداء الذي أطلقه مؤتمر أباريسيدا "لسماع أنين الكثير من الجماعات في الأمازون "المحرومة من قدّاس يوم الأحد لفترات طويلة".

 

وأمام هذه الحاجة الملحّة، حثّ البابا فرنسيس جميع أساقفة العالم، لاسيما أساقفة أمريكا اللاتينية، إلى تعزيز الصلاة من أجل الدعوات الكهنوتية، وإلى "توجيه من يُظهرون الرغبة في تلبية الدعوة إلى حياة إرسالية لاختيار الأمازون". كما دعا إلى مراجعة بنية تنشئة الكهنة، حتى يكتسبوا المواقف والقدرات اللازمة من أجل فتح حوار مع ثقافات الأمازون"، وليتمكنوا أيضًا من "فهم حساسية وثقافات الأمازون من الداخل".

 

دور أكبر للشمامسة والراهبات والعلمانيين

 

وقال: "هناك حاجة إلى كهنة، لكن هذا لا يستبعد أن يقوم الشمامسة الدائمون عادة (الذين ينبغي أن يكونون أكثر عددًا في الأمازون) والراهبات والعلمانيين أنفسهم بتحمل مسؤوليات مهمة"، بالتالي، فإن محور القضية "ليست تسهيل حضور عدد أكبر من الكهنة الذين يمكنهم الاحتفال بالإفخارستيا"، إنما "خلق حياة جديدة في الجماعات... من خلال الخدمات العلمانية المتنوعة، والتي تتطلّب عملية تحضير كتابي وعقائدي وروحي وعملي، ومختلف مسارات التنشئة المستمرة".

 

وأردف "إن كنيسة ذات وجوه أمازونية تتطلّب وجودًا مستقرًا لمسؤولين علمانيين ناضجين، يتمتّعون بسلطة معينة، يعرفون اللغات والثقافات والخبرة الروحية وطريقة العيش في الجماعة بمختلف الأماكن، ويفسحون المجال في الوقت عينه لتعدّد المواهب التي يغرسها الروح القدس"، وهذا يفترض من الكنيسة أن "تثق وتسمح بنموّ ثقافة كنسيّة خاصة مطبوعة بحضور علماني واضح. فتحدّيات منطقة الأمازون تتطلّب من الكنيسة بذل جهد خاصّ لتكون حاضرة على كلّ المستويات، وهذا لا يمكن تحقيقه إلّا من خلال المشاركة الناشطة والواسعة النطاق للعلمانيين".

 

قوة المرأة وموهبتها

 

وأوضح بأن "هناك جماعات في الأمازون، حافظت على نفسها ونقلت الإيمان لفترة طويلة دون مرور أيّ كاهن، حتى لعقود من الزمن. وهذا بفضل وجود نساء أقوياء وسخيّات: اللواتي عمّدن وعلّمن التعليم الديني والصلوات، لقد كنّ حقًا مرسلات"، وهذا "يدعونا إلى توسيع الأفق؛ كي نتجنّب اختزال فهمنا للكنيسة إلى هيكليات وظيفية. هذا النوع من الاختزال يقود إلى الاعتقاد بأنه يمكن منح المرأة مكانة ومشاركة أكبر في الكنيسة فقط إذا مُنحت الحقّ في نوال الدرجات الكهنوتية. لكن هذه النظرة تحدّ من وجهات النظر، وتوجّهنا للنظر إلى المرأة كما إلى الإكليروس، وتقلّل من القيمة الكبيرة لما قد قدّمنه وتسبّب في إفقار مساهمتهنّ التي لا غنى عنها".

 

ويدعو البابا فرنسيس إلى أن وضع منطقة الأمازون الحالي "يتطلّب منا أن نعمل على إنشاء خدمات أخرى ومواهب خاصّة بالنساء، تستجيب لاحتياجات هذه الشعوب"، مشددًا على أن "تكون المرأة، التي تلعب دورًا رئيسيًا في الجماعات الأمازونية، قادرة على القيام بوظائف كنسيّة، وحتى خدمات كنسية لا تتطلّب الدرجة الكهنوتية، وتسمح لها بالتعبير عن مقامها بشكل أفضل"، لافتًا إلى "أن هذه الخدمات تتضمّن الاستقرار، والاعتراف العلني وتفويض الأسقف. وهذا يعني أيضًا أن للنساء تأثير حقيقي وفعّال على التنظيم، وعلى أهمّ القرارات، وعلى توجيه الجماعات".