موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٩ أغسطس / آب ٢٠١٧

قصيدة بعيد انتقال العذراء

بقلم :
الأب منويل بدر - الأردن

عَرَفَ التّاريخُ رجالا ونساءً هُمْ كثيرين لهُمْ أفضالٌ علينا سِمعنا عنهمْ شاكرين على رأسِهمْ امرأةٌ مُلتحفِةٌ بالشّمسِ والقمر هي مريمُ وابنُها يسوعُ بهما الكونُ اعْتمر منذُ أذنبَ آدمُ وحوّاءُ أشركانا في ذنبِهم فجاءَ الوعدُ باختيارِ أمٍّ مِنْ أبناءِ جنسهم ستكونُ أمّاً لمولودٍ سيكونُ مخلِّصَ البشر يُصلِحُ الفسادَ ويبني جِسراً جديداً يا للخبر عليها انتظرتِ الأجيالُ والشُّعوب جيلاً بعدَ جيلٍ لزوالِ شرٍّ مكتوب لمّا حانَ الزّمانُ أرسلَ الله جبريل بخبرٍ مُفرحٍ لنا وللعالَمِ ما له مثيل الإمْرأةُ الموعودةُ كانتْ بِنتا مِنْ بناتِ الناصرة مِنْ سِبطِ داؤودَ همُّها الصّلاةُ ليلَ نهارٍ ساهرة هيَ أيضاً كانتْ بانتظارِ المخلّصِ لشعبها وما خطرَ على بالِها أنْ تُعلِنَ لشابٍّ بحبها كان الله حماها مِنْ كلِّ شائِبةٍ قدْ أصابتنا لا علم لها بالخطَّةِ التي نحن منها استفدنا أبْهرَها سلامُ جبريلِ دخلَ خُلوةً عليها حيّاها باسمِ الله خافِضَ الجَفنِ امامها استغربَتْ مِنْ صوتِ المُرسَلِ وافتكرَتْهُ خيال أمّا هو فأرْبكها بسؤالٍ لا تَردُّدَ فيهِ ولا احتيال ثمَّ أفهمَها بأنّها المختارةُ عند الله لِتلدَ المخلّصَ الموعودَ مِنْ سماه أنتِ مختارةُ الله بينَ نساءِ العالمين لتكوني الأمَّ والملجأَ للبشرِ أجمعين إرادةُ الله هذهِ ما كانتْ لها واضحة فاسْتفسَرَتْ عَنْ سِرّ لِتبقى الصّالحة أنْقذها جبريلُ مِنَ الهمِّ والتَّردُدِ والانزعاج بجوابٍ راكزٍ إذْ فحواهُ نورٌ كنورِ السّراج روحُ الله يحِلُّ عليكِ لذا فابنُكِ هُوَ ابنُ الله ستحبَلي بهِ وتبقي عذراءَ عَطِيّةٌ مِنْ عُلاه بيدهِ كلُّ سلطانٍ سيجلسُ على عرشِ داؤود هُوَ يسودُ على العالَمِ ولَنْ يبقى لِغَيرِهِ وجود لِولادَتِهِ في بيتَ لَحْمَ تدخَّلَتِ السّماء بمرسومٍ مِنَ القيصرِ نَوى الإحصاء عادَ يوسفُ ومريمُ إلى مسقِطِ رأسهما هُما مِنْ نسلِ داؤودَ فما مِنْ مناصٍ لهما هُناكَ في ليلةٍ كالِحَةٍ ما كان أبْردَ منها تمَّ زمانُها بمغارةٍ فولدَتْ بأعجوبةٍ ابنها وضَعَتْهُ في مِذودٍ وكان القَشُّ هُوَ الفِراش عَرَفَتْهُ الحيواناتُ فَرَقصَتْ أمامَهُ كالفَراش ملاكُ الرّبِّ راحَ يُذيعُ خَبَرَ وِلادَتِهِ للبشر ابتداءً بِرُعاةٍ بين أغنامِهِمْ مِنْ فوقِهِمِ القمر هُمُ البُسطاءُ كانوا أوّلَ مَنْ آمَنَ بهِ وبرسالته لذا ابْتَسَمَ لهُمْ في مذودِهِ وذَكَرَهُمْ في كرازته ثمَّ توجّهَ برسالتِهِ العالميَّةِ لِشعوبٍ وأُمَمٍ وثنية ظَهرَ نجمٌ غريبٌ لمًجوسٍ قادَهُمْ لبلادٍ رومانية على جمالهمْ أخذوا له هدايا مِنْ ذَهَبٍ ولُبانٍ ومر رمزاً لمقامِهِ السّامي وتقديراُ لاختيارِهِ لهُمُ الْحر بِهِمْ جَسّمَ رسالتَهُ الّتي ستكونُ لكلِّ الشعوب يحمِلُها قومٌ إلى قومٍ بشهادَةِ الحياةِ لا بحروب لمّا سمعَ هيرودوسَ بميلادِ مَلِكٍ في مملكته قرّرّ قتلَهُ والقضاءَ عليهِ خوفاً على سلطته بإرشادِ ملاكٍ هرَبَ يوسفُ ومريمُ بيسوع إلى مِصْرَ فنجى الطّفْلُ عَنْ طريقٍ مشروع وبعد موتِ هيرودوسَ زالَ عنهُمُ الخطر فأعطاهُمُ الملاكُ أمراً بالرُّجوعِ المنتظر صارتِ الإقامةُ في النّاصرةِ بينَ يدَيْكِ يا مريم اشْعَلْتِ فيها نارَ حُبّكِ لبيتِكِ ولابْنِكِ وباقي الأمم في سِنِّ الثّانيَةِ عَشْرَ أتْمَمتُمْ مطاليب الشريعة زرتُمُ الهيكلَ في أورشليمَ مَعَكُمْ فديةً وضيعة في سنِّ الثّلاثينَ لابنكِ ابتدأتْ حياتُه العلنية شاركْتيه فيها علناً ورافَقْتيهِ بالصّلاة اليومية تبشيرُهُ وتعليمُهُ ما كان يَعلى عليهِما تعليم مبنيٌّ على المَحبّةِ والتَّسامحِ فالأساس سليم كَثُرَتِ المُناوشاتُ والجِدالاتُ مَعَ أهلِ الكتاب فخافوا على صيتهِمْ فوجدوا لقَتْلِهِ عدّةَ أسباب أسْلمهُ أحدُ أتباعِهِ المُقرَّبينَ طَمَعاً في المال وَهْوَ لا يدري أنّهُ بِفِعْلِهِ حقّقَ للبشرِ الآمال كان عذابُ ابنِكِ على الصّليبِ لا يُقاس وأنتِ إلى جانبِهِ مسَّ قلبَكِ سيفٌ مساس نظرْتِ إليهِ تُؤاسيه وتُعزّيهِ بأنظارِكِ فأعطاك لقبا أمَّ يوحنّا وأمَّنا لتتباركي لمْ يبقَ في القبرِ وما مسَّهُ العَفْنُ والفساد بلْ قامَ بعدَ ثلاثةِ أيّامٍ فتجلّتْ فيهِ الأمجاد للتوّ رافَقْتِ يوحنّا الحبيبَ في رِحْلاته فكنتِ لهُ سنداً في تبشيرِهِ وفي صَلاته في آخرِ حياتِكِ سَبَقْتِ يوحنّا إلى أورشليم لتكوني قريبةً مِنْ قبرِ ابْنِكِ وهذا لكِ نعيم آخِرُ الحياةِ هنا هيَ عَودتُنا مِنْ حيثُ أتينا وما مِنْ شواذٍ لنا فكلُّنا ننتظِرُ ساعةَ موتنا بالنِّسبةِ لكِ يا أمَّنا وأمَّ ربِّنا فكانَ لكَ الموت هو انتقالٌ مِنَ الأرضِ إلى السّماءِ بلا صوت منذُ الّلحظةِ الأُولى فاحَ عِطرُكِ مِنْ قبرِكِ المحفور برائِحةِ وَردٍ نادرٍ ليسَ لهُ شبيهٌ بينَ وُرودِ المعمور قالوا يوحنّا وصلَ متأخِّراً مِنْ أفَسُسَ لِيحْضَرَ دفنَك وعندما فَتحوا التّابوتَ شعَّ نورٌ أبهرَ العُيونَ دونَك جاءَتِ الملائِكةُ حَمَلَتْكِ ورافَقَتْكِ إلى بيتِ ابنِك فأنتِ ما كُنتِ ضحيَّةَ الخطيئةِ مِثْلَ أبناءِ جنسِك نقَلَتْكِ الملائكةُ بالنّفسِ والجسدِ لا فسادَ فيهما فَدخْلتِ المجدَ السّماويْ وصِرْتِ الشّفيعةَ الأُمّا هذهِ عقيدةُ إيمانِنا أنتِ ما مسَّكِ داءُ الخطيئة أنتِ المختارةُ لا دَيْنَ عليكِ من الدنسَ بريئة هنيئاً لكِ في مقامِكِ العالي في المجدِ السّماوي فغيرُ ابنِكِ ما حظى سِواكِ بذا النَّصيبِ النّهائي (انتهى تأليفها في ألمانيا يوم الخميس 17/08/2017)