موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٦ مارس / آذار ٢٠٢٤

الكحول - 1

بقلم :
الأب منويل بدر - الأردن
الكحول

الكحول

 

هي مخدّر الشعب رقم 1 وبالرغم من أنّ لها مضارّاً كثيرة وسيئة للصحة، لكنّ الكثيرين يتعاطون  شربها يوميّا. قال غيرهم مازحين هل يا تُرى هو الشيطان الذي كان يملك أول مصنع تقطيرللكحول؟ بالطبع لا، إذ الكحول هي مادة كيماوية عضوية نَبْتَتُه التي يُعصر منها تنمو في الطبيعة، تُنتج مادة تلتحم بسوائل الجسم بل تختلط بها حال دخولها فيه بغير ذنب منها. فمن تعوّد على شربها يعود من الصعب عليه أن يتخلى عنها كالتدخين.

 

الكحول التي كثيرا ما نتكلم عنها، نجدها بين المشروبات الكثيرة التي تجلب الانبساط، تُروي عطشنا بسائلها المضر وتجعلنا نفيق صباحا برأس ثقيل، وذلك من مُركب فيها اسمه إيتانول ethanol، وهي مادة لا لون لها، تشتعل وذوقها حار في الحلق. نجدها في كثير من النباتات كالشعير والعنب حين تقطيرها.

 

شرب الكحول محلّل ومسموح في أوروبا والدول المسيحية، ولا يمكن التصور أنها لا تُقدم في الحفلات، الخاصة والعامة، مثل حفلات عيد ميلاد، عرس، افتتاح متجر أو بناء بيت، حتى الكنيسة تقدمها عند الاحتفال بعيد ديني. يقدّمونها في كؤوس وأحجام مختلفة، وما عاد الغير شارب يُستهزأ به، لذا صارت العادة أن الخَدَمَ يحملون صواني عليها جميع أنواع المشروب، والكحول هي واحد منها.

 

وهنا يهمنا مفعول كأس الكحول على الصحة العامة، سواء عند الرجال أو النساء.

 

جسم الإنسان هو مصنع كيماوي سريع الفعالية. فالكحول تنتشر فيه بسرعة الهواء. 20% منها يجد طريقه رأسا إلى المعدة وال 80% الباقية تتدفق بالغشاء المخاطي إلى المصران الرفيع. فينتشر الإيتانول مع الكحول في كل أجزاء الجسم، ويصل تدريجيا إلى الكبد. ففي مصنع الجسم تتفاعل المواد السامة وغير السامة في نفس المخزن، منها ما يرميها هذا المصنع ومنها ما تتخزّن فيه. وهنا أيضا تتم معالجتها وتفعيلها كالأدوية والمواد السامة والمخدرات والأطعمة.  يدخل منها في الكبد ما نسميه بالبروتينات كالمغذيات الكبيرة والكربوهيدرات، وبروتين الدم والدهنيات. أما مهمة الكبد العادية فهي شفاء بعض الجروح الداخلية والنزيف، كذلك عمل المرارة فهي تُنتج الحموضة التي تقضي على الدهنيات. كذلك الكبد يُجمّع فيتامين الحديد والنحاس والزنك كفي خزّان يخرجها حين الضرورة، لمقاومة سموم الكحول مثلا. وبتخفيض مفعول الكحول في الجسم طبعا يخف خطر ظهور السرطان الوراثي. فرغم أن شرب الكحول هو شيء طبيعي، إلا أن له مضاره، فما ينزل في المعدة حتى يظهر مفعوله المضر، ولو أن شاربه لا يشعر به حالا.

 

ويبدأ لون جلد الوجه يتغير، إذ كثيرون يلاحظون باحمرار شرايين لون الجلدة. فالنبيذ الأحمر يحتوي من طبيعته على مادة فعالة في الأوعية الدموية اسمها تيرامين، من مسبباتها مع اختلاطها وسيرها في الجسم، وجع الرأس واحمرار البشرة. كما ويوقف التيرامين مفعول مادة الهستامين، التي من عملها أنها تُحدث عند بعض الناس التنفّخ في الوجه وسيلان الأنف، ووجع في المعدة والقولون. ولا ننسى أن نذكر أن الكحول الكثيرة تضعف القوة الجنسية عند الرجال. ويخسر الجسم فقدان كمية الماء ممّا يسبب في جفاف البشرة وتقليل رطوبتها، إذ من سيئات الكحول أنها مُدرّة للبول وتجبر الجسم على إفراز البول الكثير، يخرج معها سوائل ومعادن الرطوبة الضرورية في الجسم، ولا يُضاف عليه جديد. فمن لا يشرب الماء مع أو بين الكحول يُصاب بالجفاف. لأن الكحول وحدها تعيق العامل المضاد لإدرار البول في الغدة النخامية. ففقدان السيولة والمغنيزيوم والبوتاسيوم يظهر صباحا في تجاعيد الوجه وسواد الجفون تحت العيون ووجع الرأس والإسراع بضربات القلب.

 

إن المزمن على شرب الكحول يَفقُد معدل التستوستيرون testestoron أي تشخيص العقم عند النساء والرجال، وانخفاض الدافع الجنسي. ونمو في الأثداء عند الرجل. كما وإن الكحول الكثيرة تضر بالأعصاب التي تتحكم في بشرة الوجه، كما ويحدث اضطرابات في الدورة الدموية التي لا تَعُد تتحكم بحرارة أو برودة الجسم، ولا بتحمل الضغط أو الانفعال. ومن عنده مرض جلدي، يصبح جلده حساسا تظهر عليه بقع حمراء كحب الشباب المزعجة وانتفاخ الأنف، الملقّب بأنف السكران. وتخف المقاومة ضد الأمراض والالتهابات والفيروسات العادية. فمن يُصاب بالرشح لا يزداد إلا ضعفا بشرب الكحول. هذا والكحول المزمنة تمنع الاستفادة من الأغذية الدقيقة الموجودة في الجسم، خاصة الزنك والفيتامين والحوامض، التي يقود نقصانها إلى التهاب خلايا البشرة فتشيخ وتظهر فيها التهابات ويتأخر شفاء الجروح فيها.

 

خطر الكحول على أنواعها للجسم، بيرة، نبيذ، فوتكا vodka الروسية، العرق، ليكير وتوابعها، يمكن محاشاته، وذلك بشرب الماء الكثير وتناول طعام دهني وبعض المعادن مثل البطاطا المالحة أو الشاورما، فذلك يؤخر توغّل الكحول في الجسم ويحمي من جفاف البشرة.

 

(للمقال تكملة)