موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٤ ابريل / نيسان ٢٠١٥

في الذكرى المئوية لإبادة الأرمن

بقلم :
ستيفان شاني - أربيل

وارتان كان اسم جد والدي ووالدتي، هو أحد الناجين من مجازر الأرمن على أيدي العثمانيين في عام ????، جدي الكبير الذي لم ألتقي به لأنه كان قد فارق الحياة بسنوات قبل ولادتي لكن ما تركه من ذكريات التي يرويها دائماً جدي يوسف وترويها جدتي بربارة لنا لا يمكن لعين إلا أن تبكي لمجرد سماع قصصهم وخصوصاً القصص التي يرويها شخص عاش تلك الأحداث المأساوية. باختصار يحكي جدي من أن والده خرج مع والدته وأخ يكبره بسنوات وأخوات، دون معرفة مصير اخوته الأكبر منه سناً، وما كان مصير أقاربهم وذلك لصغر سنه انذاك، أخذوا يسيرون على الأقدام من الأراضي التركية الحالية في حين كان عمره ستة أعوام أو أقل هرباً من ظلم العثمانين. هربهم هذا لم يكن نهاية المأساة بالنسبة لهم، بل قمة المأساة هو عدم مقدرتهم على إطعام أختهم التي كانت رضيعة مما حدا بوالدتهم أن تقوم بدفنها حية وأمام أعين أخوتها! وسار بهم الطريق رغم كل الصعاب إلى أن وصلوا عنكاوا وكما يذكر لنا جدي انهم تعرفوا على وجود قرية مسيحية قريبة من خلال سماع صوت أجراس كنيسة مار كوركيس. وحين قصدوا عنكاوا أخذ اهالي عنكاوا يتعاملون معهم كأبناء عنكاوا ومن خوفهم عليهم لئلا يتعرف عليهم الجندرمه لأن الشخص الذي اسمه وارتان يعني أن هذا الشخص أرمني تم تبديل اسمه من وارتان إلى عطو وقد واصل حياته في عنكاوا بعد أن تزوج بعنكاوية. ويذكر أن أهالي عنكاوا كانو يحبونه كثيراً ببساطته وطيبته. اليوم وبعد مائة عام نستذكر هذا الإنسان العظيم مع ملايين آخرين بين شهيد ومشرد دون ذنب سوى أنهم مسيحيين ومن قومية مختلفة، دفنوا بدون قبور تشهد لهم، وتوزعوا في كل بقاع الأرض دون معرفة من هم أقاربهم، تاركين أرضهم لآخرين من دون أي حق. اليوم وبعد مائة عام من التطور التكنولوجي وحقوق الانسان نتعرض نحن المسيحيين لنفس الإبادة على أيدي الإرهابيين والمجرمين، وآخرهم داعش الذي أفرغ قرانا وبلداتنا من سكانها الأصليين، كما حدث قبل مائة عام، لكننا هذه المرة مهما تزداد قوة الظلم والقتل، فمسيحيتنا باقية في الشرق، كلنا إيمان بأنه لن يأتي يوم ويفرغ الشرق من أصله المسيحي. هكذا كانت بدايتنا شهادة من أجل البشرية بدأها ربنا يسوع المسيح من على الصليب، من أجل خلاصنا، واليوم نحن مستعدين لهذه الشهادة من أجل إيماننا الذي نستذكر أجمل شهاداته اليوم: إبادة الأرمن والكلدان والسريان والاشوريين قبل مائة عام.