موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٥ ابريل / نيسان ٢٠١٨

القيامة الثانية.. 24 نيسان

بقلم :
رافي سايغ - سورية

إنها ذكرى الإبادة الأرمنية على يد برابرة التاريخ العثمانيين الأتراك أكثر من مئة عام على صلبنا وإبادتنا 24 نيسان إنه اليوم الذي نحيي فيه ذكرى أجدادنا الأبطال الذين استشهدوا إيماناً بالقضية 24 نيسان إنها الذكرى الثالثة بعد المئة على المجزرة الكبيرة التي راح ضحيتها أكثر من ميلون ونصف المليون أرمني وقد يسأل البعض الم يتعب الأرمن من احياء هذه الذكرى في كل عام؟ ببساطة نقول كلا! كيف نتعب من حمل صليب قيامتنا ونحن نشعر أن الإبادة حصلت البارحة هل علينا أن ننسى أركُب الأطفال والنساء والرجال؟ كلا فنحن نحيا لنتذكر ونطالب! نحيا وكل يوم نصنع إرادة أجدادنا بالحياة بكرامةً وعزة نحيا لنعلن للجميع بأننا نحن الأرمن أحفاد الذين فشل العثمانيين الأتراك بإبادتهم نحن أحفاد الشهيد الطوباوي اغناطيوس مالويان رئيس أساقفة ماردين وتوابعها للأرمن الكاثوليك نتذكر في هذا اليوم أرواح من رحلوا عنا بالجسد ولكنهم خالدون نتذكر كيف هُجرنا من بيوتنا وأراضينا وكنائسنا نتذكر كيف أجبرنا على ترك ماردين وصاصون و دياربكر والكثير من المدن والقرى نتذكر آلاف القوافل التي سارت ولا تحمل شيء سوى الإيمان والذكريات نتذكر كيف العالم نام ولم يحرك ساكناً وكأن شيء لم يحصل نحن الأرمن حملنا الصليب برجاء لأننا نعلم بعد كل هذه الآلام هنالك قيامة نعم نحن مثل تلاميذ المسيح الاثني عشر انتشرنا في كل أصقاع الأرض وبشرنا بقضيتنا قضية القيامة بعد الإبادة الفاشلة! نحن النور المشع من آلام المسيح ونحن الملح ونحن حبة القمح التي تموت لتعطي نحن من بنى الحضارة والتقدم لكل بلد أستقبلنا واحتضننا نحن من بعد كل هذه السنوات كنا الشهود على هدم أضرحة شهدائنا ونصبنا التذكارية في سوريا من جديد وعلى يد ورثة الشياطين وكأن الفعل المشين الذي حصل لم يكفهم ولم يشف غليلهم هل يكفيهم احتلال بيوتنا ونهب أرزاقنا بعد تهجيرنا؟ هل يكفيهم الاستمتاع برؤية كنائسنا خالية واجراسها صامتة ولا من احد يقرعها؟ كيف ترتاح الإنسانية وشعبٌ كامل لا يزال يتألم؟ من يعزينا من يبلسم جراحنا؟ من لديه الجواب لمن ينتظر تحقيق العدالة يحق للعالم أن يرتاح في هذا اليوم العظيم ويوقف كل شيء ويتأمل بمأساتنا الكبيرة مأساتنا التي أكدت على ضرورة تحقيق العدالة لتضمن الشعوب عيشها بسلام نعم يا الله فنحن ربما للحظة تعبنا وصلينا عند اقتراب الموت إن شئت اصرف عننا هذه الكأس ولكن لتكن مشيئتك وليتم كل شيء فنحن أبناؤك في هذه الأرض ونحن الشهود لقيامتنا الأرمنية وهي استكمال لقيامتك كما غلبت الموت غلبناهم لأنهم أبناء الظلمة والموت أننا أبناء النور والحياة نحن رسلك وعلى الوعد نبقى ونكون المثال الصالح لبقية الشعوب التي تتوق للحرية لا يهمنا العدد فنحن نفضل ان نسمى قلة ولكن ندعى أرمن ولا نكون كثرة تبيد الشعوب وتقتل وتدمر التاريخ وتراث الشعوب نحن المدرسة التي تُعلم الانسان كيف يصنع المجد وهو لا يمتلك شيء نحن السراج الذي لا ينطفئ لأن زيتنا هو الإيمان والإيمان الذي نمتلئ منه نابع من تضحية أجدادنا وعشقهم للحياة والعشق لا ينتهي نطالب.. نطالب اليوم كل دول العالم وتركيا تحديداً بالاعتراف بالإبادة الأرمنية لا يمكن للعالم ان يتحدث عن حاضر حر ومستقبل واعد وهنالك ملايين يتألمون كل لحظة من هذا الفعل المشين نطالب بالتعويض الكامل عن كل ما سببته هذه الجريمة لنا نطالب عودة حقوقنا المسلوبة كنائسنا أرزاقنا أراضينا كل شيء سُلب مننا نطالب ليس فقط من أجلنا بل لآلاف من السريان والآشوريين والكلدان وغيرهم عانوا نفس مصيرنا نطالب تحقيق العدالة ليعم السلام مشرقنا المتألم "وَيَكُونُ صُنْعُ الْعَدْلِ سَلاَمًا، وَعَمَلُ الْعَدْلِ سُكُونًا وَطُمَأْنِينَةً إِلَى الأَبَدِ" (لوقا ?: ??) اما نحن، فسنحيي ذكرى الإبادة ونضيء قناديلنا ونشعل البخور ونصلي راحةً لأنفس شهدائنا ونتابع حياتنا بفخر ونصنع كل ما هو جميل للعالم سنعطي الموسيقى أجمل الألحان الأرمنية ونمنح الكنيسة خيرة الرهبان والراهبات ستبقى جوقات كنائسنا ترنم وتصدح وتملئ صمت العالم سنغني الفن والثقافة وكل ما يستحق ان يتمتع به الانسان الحر ستبقى شبيبتنا عنوان للعمل والتمييز والأبداع وتحمل الرسالة بأمانه وتسلمها للأجيال القادمة ولأن الحياة انتصار للأقوياء.. لنا نحن الأرمن المجد والخلود لشهدائنا الأبرار أعطهم يا رب الراحة الدائمة ونورك الأبدي فليضيء لهم والسلام لمشرقنا المتألم ولشعوبنا الحرة