موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٣ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٤

أطاع أنطونيوس كلمة الإنجيل "اذهب بِع" فصار قدّيسًا ومعلمًا للقداسة

بقلم :
الأب انطونيوس مقار ابراهيم - لبنان
فِي اَلْإِنْجِيلِ سَلَكَ اَلْقَدَاسَةِ

فِي اَلْإِنْجِيلِ سَلَكَ اَلْقَدَاسَةِ

 

اَلْقِدِّيس أَنْطُونْيُوسْ هُوَ اَلنَّمُوذَجُ اَلْأَمْثَلُ اَلَّذِي تَعَلَّمَ قَوَاعِدَ وَأُسُسَ اَلطَّاعَةِ اَلْحَقِيقِيَّةِ مِنْ اَلرَّبِّ يَسُوعْ اَلَّذِي قِيلَ فِيهِ "أَنَّهُ كَانَ مُطِيعًا لِأبَوِيَهْ". هَكَذَا كَانَ أَنْطُونْيُوسْ قَدْ أَطَاعَ قَوْلُ اَلرَّبِّ عِنْدَمَا سَمِعَهُ فِي اَلْكَنِيسَةِ " إِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً. فاذْهَب وبِعْ كُلَّ مَا تَمْلِكُ وَوَزَّعَهُ عَلَى اَلْفُقَرَاءِ".

 

 اَلطَّاعَةُ وَسَمَاعُ كَلِمَةِ اَللَّهِ وَالثِّقَةِ بِهَا سَبِيلٌ لِعَيْشِ حَيَاةِ اَلْكَمَالِ فَقَدْ تَتَدَرَّجَ اَلْقِدِّيسُ فِي اَلْكَمَالِ بِاخْتِبَارٍ رُوحِيٍّ عَمِيقٍ نَمى فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ ، سَعْيًا إِلَى اَلدُّخُولِ أَكْثَرَ فِي اَلتَّعَرُّفِ عَلَى سِرِّ اَلْمَسِيحِ وَالِاتِّحَادِ بِهِ فَهُوَ، أَيْ أَنْطُونْيُوسْ وَمُنْذُ نُعُومَةِ أَظْفَارِهِ بِصُحْبَةِ وَالِدَيْهِ وَهُوَ دَائِمٌ اَلْحُضُورِ وَالْمُشَارَكَةِ وَالْمُوَاظَبَةِ عَلَى اَلصَّلَوَاتِ وَالْقُدَّاسَاتِ ،رَافِعًا ذِهْنَهُ وَقَلبَهُ وَعَيْنَيْهِ نَحْوَ اَلْكَمَالِ " اَلْمَسِيحِ " لِتَكُنْ أَفْكَارُنَا وَقُلُوبُنَا وَعُيُونِنَا مُرْتَفِعَةٌ إِلَى اَلْعَلِيِّ.

 

اِسْتَطَاعَ اَلْقِدِّيسُ أَنْطُونْيُوسْ أَنْ يَسْمَعَ جَيِّدًا كَلَامَ هَذَا اَلْإِنْجِيلِ ، وَيَفْهَمَهُ بأُذُنُ قَلْبِه " إفْتَحَ أَذَانِ قُلُوبِنَا"، لِذَا دَخَلَتْ اَلْكَلِمَةُ أَوْ اَلْوَصِيَّةِ "إذْهَبُ بِعْ" إِلَى أَعْمَاقِ قَلْبِهِ وَضَمِيرِهِ، فَأَخْذًا قَرَارَهُ بِأَنْ يَخْرُجَ مِنْ اَلْعَالَمِ إِلَى حَيْثُ دَعَاهُ اَللَّهُ عَلَى مِثَالِ إِبْرَاهِيمْ أَبُو اَلْآبَاءِ أُتْرُك أَرْضَكَ وَعَشِيرَتَكَ وَاذْهَبْ إِلَى اَلْمَكَانِ اَلَّذِي أُورِيكَ إِيَّاهُ.

 

هَذَا اَلسَّمَاعِ اَلْمُصْغِي جَيِّدًا لِكَلَامِ اَلْإِنْجِيلِ وَلّدَ فِيهِ اَلدَّعْوَةَ إِلَى حَيَاةِ اَلْكَمَالِ، وَالْبُلُوغِ إِلَيْهَا كَوَصِيَّةٍ مِنْ وَصَايَا اَلرَّبِّ "اَلنُّمُوِّ فِي اَلْكَمَالِ، بِوَاسِطَةَ اَلطَّاعَةِ، مُتَأَمِّلاً فِي طَاعَةِ إِبْرَاهِيمْ وَإِيمَانِهِ بِاَللَّهِ" أَمْنَ إِبْرَاهِيمْ، فَحَسْبَ لَهُ بَرًّا" وَطَاعَةُ إِبْرَاهِيمْ لَمْ تَكُنْ فَقَطْ فِي تَرْكِ أَرْضِهِ إِنَّمَا كَانَتْ فِي تَلْبِيَةِ نِدَاءِ اَللَّهِ لَهُ بِتَقْدِيمِ اِبْنِهِ ذَبِيحَةً وَمِنْ تَأْمُّلِهِ فِي حَيَاةِ إِبْرَاهِيمْ ثَبَّتَ إِيمَانَهُ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ بِعَيْشِ اَلطَّاعَةِ نَاظِرًا إِلَى يَسُوعْ اَلْمَسِيحْ اَلَّذِي أَطَاعَ حَتَّى اَلْمَوْتِ وَمِنْ هُنَا عَمَلَ أَنْطُونْيُوسْ وَعَاشَ حَيَاتَهُ لِأَجْلِ أَنْ يَنَالَ اَلْحَيَاةَ اَلْأَبَدِيَّةَ.

 

يَدْعُونَا اَلرَّبُّ فِي كُلِّ يَوْمِ مِنْ أَيَّامِ حَيَاتِنَا إِلَى عَيْشِ اَلطَّاعَةِ لَا لِأَجَلِ مَصْلَحَةٍ دَيْنَوِيَّة أَوْ خَوْفًا مِنْ أَحَدِ إِنَّمَا لِأَجْلَ أَنْ نَنَالَ مِيرَاثُ اَلْحَيَاةِ اَلْأَبَدِيَّةِ اَلْمُعْطَاةِ لَنَا فِي اَلْمَسِيحْ يَسُوعْ هَكَذَا، قَدَّمَ أَنْطُونْيُوسْ حَيَاتَهُ لِلَّهِ اَلَّتِي لَمْ تَعُدْ مُلْكًا لَهُ مُكْتَفِيًا بِطَاعَةِ وَصَايَا اَلرَّبِّ اَلَّتِي بَقِيَ لَهَا أَمِينًا حَتَّى اَلنَّفْسِ اَلْأَخِيرِ مُنْغَمِسًا فِي حُبِّهَا ومُتَقَدِسَا لَهَا بَتُوَاضَعٍ إِلَى آخِرِ نَسَمَةٍ فِي حَيَاتِهِ اَلَّتِي سَلَّمَهَا كُلُّيا لِلَّهِ.

 

اَلتَّوَاضُع وَالطَّاعَةِ أسمى وأرقى دَرَجَاتِ اَلْحَيَاةِ اَلرُّوحِيَّةِ. اَلتَّوَاضُعُ أَمَامَ اَلْجَمِيعِ وَالطَّاعَةِ لِبَعْضِهِمْ اَلْبَعْضِ وَلَاسِيَّمَا اَلرُّؤَسَاء، أُولَئِكَ اَلَّذِينَ اِخْتَارَهُمْ اَللَّهُ لِيَتَحَمَّلُوا اَلْمَسْؤُولِيَّاتِ. اَلطَّاعَةُ لَهُمْ دُونَ تَرَدَّدَ وَلَا تَحَفُّظ وَلَا نِقَاشَ وَالصَّلَاةِ مِنْ أَجْلِهِمْ بِقَدْرِ مَهَامِّهِمْ وَمَشَاكِلِهِمْ.

 

 

أُسْرَتُهُ زَرَعَتْ فِيهِ حُبَّ اَلْكَنِيسَةِ:

 

وُلِدَ أَنْطُونْيُوسْ فِي كَنَفِ أُسْرَةٍ مَسِيحِيَّةٍ مَيْسُورَةٍ وَتَرَبَّى عَلَى إِيمَانِ وَالِدَيْهِ وَتَجَذُّرَ عَمِيقًا فِي عَيْشِ إِيمَانِهِ. لِذَا، لِمَا ذَهَبَ يَوْمًا إِلَى بَيْتِ اَلرَّبِّ كَعَادَتِهِ وَكَانَ وَالِدَاهُ قَدْ تُوُفِّيَا مُخَلِّفَانِ إِيَّاهُ مَعَ شَقِيقِةٍ صَغِيرَةٍ، وَسَمِعَ دَعْوَةَ يَسُوعْ إِلَى اَلشَّابِّ اَلْغَنِيِّ، أَنَّ: "إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبِعْ مَا تَمْلِكُ وَتَصَدّق بِثَمَنِهِ عَلَى اَلْفُقَرَاءِ وَتَعَالَ اِتَّبَعَنِي"، تَلَقَّى اَلدَّعْوَةَ كَمُوَجِّهَةِ إِلَيْهِ وِفقَ شَابِّ اَلْإِنْجِيلِ كَرَمًا وَلَبَّى اَلدَّعْوَةَ بِالتَّمَامِ لِأَنَّهُ، وَبَعْدٌ أَنْ كَانَ اِحْتَفَظَ بِالشَّيْءِ اَلْقَلِيلِ لِأُخْتِهِ، عَادَ وَتَخَلَّى عَنْهُ وَأُودِعَ شَقِيقَتَهُ اَلصَّغِيرَةَ فِي بَيْتِ لِلْعَذَارَى وَأَدَارَ ظَهْرُهُ لِمُمْتَلَكَاتِ اَلْعَالَمِ وَإِغْرَاءَاتِهِ وَحَتَّى مَا فِيهِ مِنْ عَوَاطِفَ عَائِلِيَّةٍ وَيَمَّمَ شَطْرَ اَلْبَرِّيَّةِ غَائِصًا فِيهَا أَكْثَرَ فَأَكْثَر لِيَبْلُغَ قَلْب مُبْدِعِ اَلْكَوْنِ.

 

 

فِي اَلْإِنْجِيلِ سَلَكَ اَلْقَدَاسَةِ:

 

أَقَرَّ اَلْقِدِّيسُ أَنْطُونْيُوسْ مُنْذُ نُعُومَةِ أَظْفَارِهِ مُعْتَرِفًا بِأَنَّهُ إِنْسَانٌ ضَعِيفٌ وَلَهُ مِنْ اَلْجُهْدِ وَالسَّهَرِ اَلشَّيْءِ اَلْقَلِيلِ، وَفِي اَلْوَقْتِ نَفْسِهِ أَدْرَكَ أَنَّ اَلْقَدَاسَةَ هِيَ دَعْوَةُ حُبِّ مِنْ اَللَّهِ مُقَدِّمَةً لِلْإِنْسَانِ. وَهِيَ حُبٌّ بِلَا مُقَابِلِ لَا تَتَوَقَّفُ فَقَطْ عَلَى اَلْأَعْمَالِ اَلْبُطُولِيَّةِ وَإِجْرَاءُ اَلْمُعْجِزَات، أَوْ اَلْقِيَامِ بِأَعْمَالِ جَسَدِيَّةٍ شَاقَّةٍ وَلَا حَتَّى بِسَهَرٍ وَلَا بِدُمُوعٍ وَلَا بِصَلَاةٍ وَلَا بِأَيِّ مَجْهُودٍ بَشَرِيٍّ مَهْمَا كَانَ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا، إِنَّمَا اَلْقَدَاسَةُ مُمْكِنَةً بِالْحُبِّ اَلَّذِي دَفَعَ مِنْ أَحَبَّنَا أَوَّلاً وَقَدَّمَ ذَاتَهُ ذَبِيحَةً عَنَّا، أَنَّ نَكُونَ عَلَى مِثَالِهِ وَنُقَدِّم ذَوَاتِنَا عَلَى مَذْبَحِ اَلرَّبِّ لِأَجَلِ اِكْتِسَابِ حَيَاةٍ حَقِيقِيَّةٍ نَابِعَةٍ مِنْ اَلْقَلْبِ بِصَلَاةٍ وَسَهَرٍ وَدُمُوعٍ وَتَنَهُّدٍ وَإِظْهَارِ حُبِّ اَلْمَسِيحِ اَلْكَامِلِ لَمِنْ وَضَعَهُمْ اَللَّهُ بَيْنَ أَيْدِينَا لِنَخْدُمَهُمْ وَنُقُودَهُمْ إِلَى حَيَاةٍ مُقَدَّسَةٍ فِي اَلْمَسِيحْ يَسُوعْ، مُدْرِكًا أَنَّ اَلتَّقْدِيسَ هُوَ فِعْلٌ يَنْتُجُ عَنْ اَلْمُشَارَكَةِ بَيْنَ اَللَّهِ وَالْإِنْسَانِ؛ اَللَّهِ هُوَ اَلْمُقَدَّسُ وَالْمُقَدَّسُونَ هُمْ اَلْبَشَرُ اَلْمُؤْمِنُونَ (عَبَّ 11: 2)، فَالْإِنْسَانُ، فَهُوَ لَيْسَ قِدِّيسًا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، وَلَكِنَّهُ يَسْتَمِدُّ اَلْقَدَاسَةَ مِنْ اَللَّهِ اَلْقُدُّوسِ وَهَذَا لَا يَتِمُّ بِقُوَّةِ اَلْإِنْسَانِ اَلذَّاتِيَّةِ إِنَّمَا بِفِعْلِ نِعْمَةِ اَلتَّقْدِيسِ اَلْإِلَهِيَّةِ. اَلْقَدَاسَةُ هِيَ سُلُوكٌ بِمُوجَبِ اَلِارْتِبَاطِ بِالْمَسِيحِ فِي تَرْجَمَةِ كَلِمَةِ اَلْإِنْجِيلِ فِي حَيَاتِهِمْ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ. اَلْقِدِّيسُونَ هُمَّ مِنَّا، وَنَحْنُ مِنْهُمْ، تَمَيَّزُوا بِطَاعَةِ اَللَّهِ كَمَرْيَمْ اَلْعَذْرَاء اَلْقَائِلَةِ "هَا أَنَا أُمَّةُ اَلرَّبِّ فَلْيَكُنْ لِي بِحَسَبِ قَوْلِكَ"، وَبِوَدَاعَةِ اَلْمَسِيح اَلْقَائِلِ تَعَلَّمُوا مِنِّي لِأَنِّي وَدِيعْ وَمُتَوَاضِعٍ اَلْقَلْبِ" نَحْنُ جَمِيعُنا، مَشْرُوعُ قَدَاسَةٍ وَمَا يَجِبُ عَلَيْنَا فِعْلُهُ هُوَ أَنْ نَسْلُكَ بِالْمَحَبَّةِ دَرْبَ اَلْقَدَاسَةِ وَنَنْظُرَ إِلَى اَللَّهِ اَلْحَاضِرِ دَائِمًا وَالْمَسْرُورِ بِقِدِّيسِيْهِ وَهُوَ اَلْكَمَالُ وَالْجَمَالُ وَالصَّلَاحُ وَالْحُبُّ وَالْحَقِيقَةُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْخَلَاصُ.

 

اَلْقَاعِدَة اَلذَّهَبِيَّةِ لِفَضِيلَةِ اَلتَّوَاضُعِ وَحَيَاةِ اَلطَّاعَةِ هِيَ: أَنَّ اَلْمُتَوَاضِعَ يُحِبُّ فِي حَيَاتِهِ كُلَّ اَلنَّاسِ وَيُحِبُّ اَلطَّاعَةَ وَلَا يَعْرِفُ اَلْكِبْرِيَاءَ لِأَنَّ اَلطَّاعَةَ تُحِبُّ اَلتَّوَاضُعَ، تُحِبُّ أَنْ تَخْدُمَ لَا أَنْ تُخْدَمَ، تُحِبَّ اَلْعَطَاءَ لَا اَلْأَخْذُ، تَعرِفُ اَلْقَنَاعَةَ لَا اَلطَّمَعَ وَلَا اَلْجَشَعَ. اَلْإِنْسَانُ اَلْمُطِيعُ وَالْمُتَّضِعُ دَائِمًا يَتَحَصَّنُ بِكَلِمَةِ اَللَّهِ وَاضِعًا إِيَّاهُ لَيْلاً وَنَهَارًا نُصْبَ عَيْنَيْهِ، قَلْبُهُ مُمْتَلِئٌ بِالْمَحَبَّةِ فَرَحَا دَائِمًا بِحُضُورِ اَلرَّبِّ فِي حَيَاتِهِ مُتَنَعَماً بِسَلَامِ اَللَّهَ، رَغْبَتُهُ قَوِيَّةٌ فِي عَمَلِ اَلصَّلَاحِ، فَكُنْ مُتَضِعًا وَمُتَوَاضِعًا تَسْمُو دَرَجَاتِ اَلْكَمَالِ مُتَسَرْبِلاً بِالْقَدَاسَةِ وَرَاثَا اَلْحَيَاةِ اَلْأَبَدِيَّةِ.

 

 

خُلَاصَة اَلْقَوْلِ:

 

عَلَيْنَا أَنْ نَعِيَ وَنَفْهَمَ مُدْرِكِينَ أَنَّ اَلْقِدِّيسُونَ هُمْ مِنْ سَلَكُوا طَرِيقَ اَلتَّقْدِيسِ، وَأَصْغَوْا بِطَاعَةٍ وَتَوَاضُعٍ لِدَعْوَةِ اَلرَّبِّ فَصَارُوا لَنَا قُدْوَةً. صَحِيح وَإِنْ كَانَ اَلْبَعْضُ مِنْهُمْ كَالْقِدِّيسِ أَنْطُونْيُوسْ أَبِي اَلرَّبُّ كَانَ رَاهِبًا وَنَاسِكًا، وَإِلَّا إِنَّهُ عَاشَ حَيَاةَ اَلشَّرِكَةِ مَعَ إِخْوَتِهِ اَلرُّهْبَانِ وَمَعَ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَمُشَارِكًا إِيَّاهُمْ اَلِاضْطِهَادَاتِ وَالْضِيِّقَات وَالْأَحْزَان وَالْأَفْرَاحِ بِالرَّبِّ، مُدَافِعًا عَنْ اَلْإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ فِي وَجْهِ اَلْبِدَعِ وَالْهَرْطَقَاتِ وَفِي كُلِّ هَذِهِ اَلْخِبْرَةِ اَلَّتِي عَاشَهَا نَسْتَطِيعُ نَحْنُ أَنْ نَتَعَلَّمَ مِنْهُ بِأَنَّ حَيَاتَنَا وَمَوْتَنَا هُمَا عَلَاقَتُنَا اَلْحَيَّةِ مَعَ اَللَّهِ وَفِي تَضَامُنِنا مَعَ بَعْضِنَا أَيْ فِي مَحَبَّةِ اَللَّهِ وَمَحَبَّةِ وَالْقَرِيبِ، فَإِنَّ أَحْبَبْنَا، وَغَفَرَنا، وَسَامَحْنَا، وَاعْتَذَرْنَا وَسَانَدْنَا وَرَبِحْنَا قَرِيبَنَا، فَبِدُونِ شَكِّ إنَّنَا نَرْبَحُ اَللَّهَ، لِأَنَّهُ قَالَ "كُلُّ مَا فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ هَؤُلَاءِ إِخْوَتِي اَلصِّغَارِ فَلِي فَعَلْتُمُوهُ" فَيَكُون اَلْجَوَابُ "تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا مْبَارْكِي أَبِي رَثَوْا اَلْمُلكَ اَلْمُعَدُّ لَكُمْ ". أَمَّا إِنَّ أَعثَرْنَا قَرِيبَنَا وَكُنَّا سَبَبَ شَكِّ لَهُ وَلَمْ نَقْدِرْ عَلَى مُسَامَحَتِهِ فَإِنَّمَا نُخْطِئ وَنَتَجَاهَلُ، وَنَرْفُضُ فَيَكُون اَلْجَوَابُ اَلَّذِي نَسْمَعُهُ مِنْهُ "اِذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعَلِي اَلْإثِمَ إِلَى اَلنَّارِ اَلْمُعَدَّةِ لِإِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ. حَيَاتُنَا اَلْمَسِيحِيَّةُ تُبنِى عَلَى مِقْدَارِ جِهَادِنَا اَلرُّوحِيِّ اَلْمُسْتَمِرِّ بِالْمَزِيدِ مِنْ اَلصَّلَوَاتِ وَالْأَصُوَامْ وَعَمَلِ اَلْخَيْرِ، بِعَيْشِ فَضِيلَةِ اَلتَّوَاضُعِ، بِخِدْمَةِ اَلْإِنْسَانِ اَلْمُحْتَاجِ بِالسُّلُوكِ اَلْحَسَنْ فِي وَصَايَا اَلرَّبَّ وَتَعْلِيمِ اَلْكَنِيسَةِ بِالْحِفَاظِ عَلَى حَيَاةِ اَلْمَحَبَّةِ.