موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٩ أغسطس / آب ٢٠٢٢
نصب تذكاري تكريمًا للكاردينال الأرمني أغاجانيان

رافي سايغ :

 

لمناسبة مرور 83 عامًا على الوساطة الكبيرة للكاردينال الأرمني أغاجانيان لإعادة ضم منطقة كسب إلى سورية، تمّ في ساحة كنيسة مار ميخائيل للأرمن الكاثوليك في بلدة كسب، بمحافظة اللاذقيّة، شمال غرب البلاد، إزاحة الستار عن نصب تذكاري لمثلث الرحمات الكاردينال البطريرك غريغوريس بطرس الخامس عشر أغاجانيان (1895-1971).

 

وللمناسبة، احتفل النائب البطريركي للأرمن الكاثوليك المطران جورج أسادوريان بالقداس الإلهي الاحتفالي، في الكنيسة، حيث عاونه في خدمة القداس الأب ناريك لويسيان، كاهن كنيسة مار ميخائيل في كسب، وسط حضور شعبيّ ورسميّ.

 

وقال المطران أسادوريان في عظته: "نجتمع اليوم المبارك لنكرّم البطريرك الكاردينال غريغوريوس بطرس الخامس عشر أغاجانيان، بعد أن كرّمه الله وكرّمنا نحن أيضًا بأن أصبح أبًا لكنيستنا الأرمنيّة الكاثوليكيّة، التي مرّت بمحطات عصيبة في هذا الشرق إذ تعرضت ورعاياها للكثير من أنواع الظلم والمجازر، لاسيّما الإبادة الأرمنيّة. ولنا أخوة آخرين في هذه المعاناة، وكم يشبه اليوم الأمس. لكلّ محطة تاريخيّة رجالاتها وعظماءها، فكيف إذا كان الرجل بهذه الصفات في المهام الدينيّة والإنسانيّة لغاية عبوره إلى بيت الآب السماوي! الكاردينال اغاجانيان لا يُختصر ببضعة كلمات ولا ببضعة صفحات، وإذا أردنا اختصار مسيرته وفكره لكتبنا موسوعة".

 

أضاف: "كان للبطريرك دور كبير وهام في إعادة هذه البلدة والقرى المجاورة إلى الحكم السوري، وإلى أصحابها وأهلها، بعد أن سُلخت منهم وضُمّت إلى تركيا عام 1939. كما دافع عن الحقوق السوريّة في قضية لواء إسكندرون. ولم يكتفِ بهذا القدر فقط، بل دافع عن القضيّة الفلسطينيّة والقضايا العربيّة عمومًا، ونستذكر عظته في عيد الفصح عام 1954 التي جاء فيها: أسفي أن الأرض المقدّسة، حيث بشّر الملائكة بالسّلام ذوي النيّة السَّمِحة للمرّة الأولى، وبثّ المسيح رسالته في المحبّة، غدت بؤرة للنّزاع والفساد، وأصبح بضع مئات الألوف من سكّانها الوادعين يرزحون تحت مصيرٍ غير مستقرّ، مصير لاجئين".

 

وختم المطران اسادوريان بالقول: "إخوتي، أتيتم اليوم لنتشارك معًا في تكريم هذا العظيم، الكاردينال أغاجانيان، ولتخليد ذكراه، وهذا أقلّ ما يستحقّه في أوضاعنا الحاليّة لما قدمه في حياته حتى أصبح رمزًا للمحبّة والعطاء والتّسامح والكرامة، والعنفوان والتّلاقي، وما أحوجنا لهذه القيم لنبني مستقبلاً أفضل. واختم بشهادة البابا بولس السادس القائل في خطاب جنازة الكاردينال أغاجانيان: ’إنّ التّاريخ سوف يسجّل ما يدين به الشّعب الأرمنيّ المسيحيّ والرّسالات الكاثوليكيّة والكرسيّ الرّسولي والكنيسة بأسرها للكاردينال أغاجانيان‘. نعم، وحقًّا ندين له الكثير. نأمل أن نكسبه طوباويًا فقديسًا بيننا، ونحن في صدد تحضير دعوى تطويبه، ليبقى ذكراه خالدًا بيننا ومثال لنا لنستمرّ في رسالتنا في خدمة أوطاننا وكنائسنا".

وبعد نهاية القداس، توجّه الجميع إلى باحة الكنيسة لحضور حفل إزاحة الستار عن النصب التذكاري للكاردينال أغاجانيان. وتحدّث الأب ناريك لويسيان في كلمة الافتتاح، وقال: "إننا مجتمعون في صرح هذا الدير المبارك، للتعبير عن مشاعر التقدير والاحترام لهذا الأرمني الكبير، لصاحب الغبطة الكاثوليكوس البطريرك أغاجانيان. إنّ الروحانيّة هي القوة المحركة لكل الشعوب والتي بدونها يحكم على الروح الخلاقة للشعوب بالزوال. تحمل الروحانيّة على أكتافها مهمة تطوير الشعوب وازدهارها، وكنتيجة لنشاط وجهود الكاردينال اغاجانيان ولتفانيه غير المشروط، استحقّ شعبي الأرمني احترام المجتمع الدوليّ".

 

وأضاف: "دورنا الآن يتمثل في تخليد ذكراه عبر تدشين تمثال تذكاري له، وكلنا أمل أن تصبح الأجيال القادمة مستحقة للإرث الذي تركه خلفه، وأن يتقدّموا إلى الأمام؛ فالوطن هو أرض الأجداد والآباء، وهو رمز الانتماء والأصل والهويّة. الوطن حيث يكون التراث الذي تتناقله الأجيال فيعكس الثقافة التي تميّزه عن الأوطان الأخرى". وخلص إلى القول: "واجبنا كمواطنين الحفاظ على الأرث الذي تركه لنا أجدادنا، والذي من أجله ذرفنا العرق والدموع، وهنا أتوجّه بالشكر والامتنان لروح الكاردينال أغاجانيان، باسمي واسم الأهالي في كسب. ليكن ذكراه مؤبدًا، ليحيا الوطن، ولتحيا كسب".

يُذكر أن التحضيرات جاريّة في الفاتيكان وبطريركيّة الأرمن الكاثوليك لفتح دعوى تطويب الكاردينال، ولكي يبصر التطويب النور عمّا قريب، على أمل أن ينعم الله على الكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة بقديس جديد، وهو الكاثوليكوس الكاردينال غريغوريس بطرس الخامس عشر أغاجانيان.