موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٦ يونيو / حزيران ٢٠٢٠
تبعات أزمة كورونا تزيد من تفاقم خطر انهيار المدارس الكاثوليكية في لبنان

فيدس :

 

في بيانٍ نُشر يوم الاثنين 3 حزيران 2020، أمر رئيس أساقفة بيروت الماروني بولس عبدالساتر بإلغاء الدفعة الثالثة من الرسوم المتوجّبة على أولياء طلبة مدارس "الحكمة" التابعة التابعة لمطرانية بيروت في كل فروعها. ورغم أنّ هذه المبادرة تسمح بتنفّس الصعداء مؤقتًا غير أنّها لا تكفي في معالجة الأزمة التي تهدد بإنهيار جزء كبير من نظام المدارس الكاثوليكية المارونية وجميع المؤسسات المرتبطة بالجماعات الكنسية المختلفة.

 

 

ويعود تدهور الوضع الاقتصادي للعديد من المدارس الكاثوليكية في لبنان، وخاصة منذ صيف 2017، بعد قيام الحكومة في ذلك الوقت بتعديل في سلسلة الرواتب وزيادة الدرجات الجديدة للعاملين في القطاع العام، بما في ذلك أيضًا المدارس. ومنذ حينها، بات الوضع غير مستدام بالفعل خاصة للمدارس التي تعمل في المناطق الحضرية والريفية الأقل ازدهارًا في البلد.

 

وقد أدت السنة الدراسية الحالية، التي تأثّرت أولاً بالظروف الاجتماعية والاحتجاجات في الشوارع ضد الحكومة، ثم بالإغلاق التامّ التي فرضتها أزمة الوباء، إلى تفاقم وضع القطاع المدرسي الخاص بشكلٍ خطير حيث لم تتجاوز أسابيع التعليم في بعض المؤسسات التعليمية 15 أسبوعًا فعليًا منذ بداية العام الدراسي. وأعيد الجدل الدائر حول وضع النظام المدرسي اللبناني الطارئ إلى الظهور في النصف الثاني من أيّار الفائت، عندما قام وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب بإعلان نهاية العام الدراسي واستكماله عن بُعد دون استشارة قطاع المدارس غير الحكومية.

 

وتلّقت الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية في لبنان ونقابات معلمي المدارس غير الحكومية، قرار إغلاق العام الدراسي بدهشة وتعجّب، خصوصًا أنّ هذا لا يسمح حتى بجمع الأقساط النهائية للرسوم التي يدفعها الطلاب. ووجّهت الأمانة العامة رسالة مفتوحة إلى الرئيس ميشال عون، ركّزت فيها على الدور الحاسم الذي لعبته المؤسسات الدينية والهيكليات الكنسية في تطوير التعليم في لبنان في ظلّ الغياب التام لدور المؤسسات العامة في إتّخاذ التدابير الكفيلة بمعالجة حالة الطوارئ هذه، خصوصًا أنّ المتضرر بشكلٍ أساسي هي المدارس شبه المجّانية في المناطق الريفية الأكثر هشاشة اقتصاديًا.

 

ينمو عدم الثقة والاستياء بين جميع أعضاء المجتمع المدرسي، وخاصة بين الآباء والمعلمين والطلاب والموظفين الإداريين والمعاونين للمدارس الكاثوليكية، التي تلعب دورًا رائدًا في لبنان، نظرًا لأن المدارس التي تديرها الدولة مباشرة غير قادرة على ضمان مستويات تتجاوز ادعاءات واتهامات اللامسؤولية الموجهة للطبقة السياسية، كما تعلو أيضًا اللهجات ذات النقد الذاتي في المجتمع الكنسي والطلبات لمراجعة الديناميكيات الداخلية للمؤسسات التعليمية الكاثوليكية بأكملها.

 

ومن الواضح بأن العاملين والمديرين في قطاع المدارس الكاثوليكية لم يطوروا لغاية الآن استراتيجية موحدة للتعامل مع الأزمة الحاليّة. فواصلت بعض المدارس، على سبيل المثال، مثل تلك التي يرأسها الأخوة المريميين، دفع أجور موظّفيها بالكامل، في حين أن مدارس كثيرة أخرى خفضت رواتب أعضاء هيئة التدريس وغير التدريس إلى حوالي النصف.

 

وفي الآونة الأخيرة، أكّد الأب شربل باتور اليسوعيّ، رئيس مدرسة سيدّة الجمهور، في مداخلة تلفزيونية، أن كل المعنيين في حالة الطوارئ هذه من أهل ومعلمين وإدارات فشلوا في معالجة هذا الملف "بطريقة إنسانية وحكيمة". وأوضح بأنّ "كل طرف يعتبر نفسه ضحية، والكل يلوم بالآخرين". وكانت مدرسة سيدة الجمهور قد لجأت في الأشهر الأخيرة وفي مواجهة تفاقم الأزمة، إلى إطلاق حملة دعم متوجّهةً فيها إلى تلاميذها السابقين والذين يعيشون حاليًا في أمريكا وأوروبا ودول الخليج بهدف مدّ يد العون للمدرسة.

 

ولكن، يبرز تفاقم الوضع بشكل متزايد أنه حتى المؤسسات التعليمية الكاثوليكية اللبنانية ليست في نفس القارب، والحاجة إلى اعتماد الشفافية في ميزانيات هذا القطاع أمرٌ ملح، وكذلك العمل على شكل من أشكال التعاون بين المدارس التي تتمتع بصحة جيدة من وجهة نظر مالية وأولئك الذين يقومون بعملهم التعليمي حتى بين الفئات الضعيفة اقتصاديًا من السكان.