موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ١٥ فبراير / شباط ٢٠٢١
المطران بولس ماركوتسو يتأمل في حياة الأب الراحل أنطون عودة عيسى
فيما يلي التأمل الذي أعدّه النائب البطريركي للاتين في القدس المطران بولس ماركوتسو مسطرًا أبرز محطات الأب الراحل أنطون عيسى
الأب القانوني أنطون عيسى (آذار 1934-كانون الأوّل 2020): الراحة الأبدية أعطه يا رب

الأب القانوني أنطون عيسى (آذار 1934-كانون الأوّل 2020): الراحة الأبدية أعطه يا رب

المطران جاتشينتو-بولس ماركوتسو :

 

 

"عزيز في عيني الرب موت اتقيائه" (مزمور116، 15)

 

لقد تركنا الأخ القانوني العزيز، الأب أنطون عودة عيسى، وعاد إلى بيت الآب السماوي، في هذا الزمن الميلادي. بعد أن حقق بشكل حقيقي "يوم الميلاد"، كما كان يدعون المسيحيون الأولون يوم الوفاة.

 

وبالنسبة لطقوس الجنازة، فلم تسمح لنا جائحة (فيروس كورونا كوفيد-19) وقتًا لإلقاء عظة رثاء على هذا الأخ الذي كان كاهنًا نموذجيًا ذا طابع إيجابي كبير. إن الامتنان العميق الذي تدين به البطريركية له، والمحبّة الأخوية التي نحملها له في قلوبنا تدفعنا، على الأقلّ، الى نشر هذا التأمّل، بدلاً من العظة، كمساهمة لتقديم المعلومات الواجبة للمؤمنين ومن أجل استفادتهم الكنسية والاجتماعية.

 

 لقد غادرنا أبونا أنطون، وهو في سنّ 86 عام، في مستشفى "شعاريي تصيدك" في مدينة القدس، حيث تم إدخاله اعتبارًا من 9 ديسمبر الماضي، ومن ثمّ أصيب بفيروس كورونا كوفيد-19 الذي، بالإضافة إلى مضاعفات الشيخوخة الأخرى، أدّى إلى وفاته. ومن 7 نوفمبر الماضي، كان نزيلاً لدى مستشفى القديس لويس لراهبات القديس يوسف في القدس، حيث حصل أيضًا على سرّ مسحة المرضى.

 

كان الأب انطون يعيش، ومنذ عدة سنوات، بالتقاعد في بيت البطريركية، متخلّيًا عن جميع الالتزامات الرسميّة، يرافقه باستمرار تعاطف اخوته الكهنة ومساعدة الراهبات الفاضلات. كانت سنواته القليلة الأخيرة صعبة عانى فيها من أمراض عديدة، لكن لم يسمع أحد أي شكوى من أبونا أنطون. لقد كان منتظمًا في حياته اليومية، الروحية والجماعية. وكان دائمًا سعيدًا وممتنًا لأي خدمة صغيرة تُقدم له. وباختصار، يترك لنا الأب أنطون من خلال شهادته، ليس فقط في السنوات الأخيرة ولكن في حياته كلها، تذكارًا لأحد أفضل كهنة البطريركية وأكثرهم علمًا وثقافة وروحانية وعملا. باختصار، يقدّم لنا مثالاً جميلاً لكاهن الأرض المقدسة. في جوّ من الرجاء الفصحي، يمكننا حقًا أن نترنّم بالصلاة الجنائزية: "إلى الفردوس لتقدك الملائكة. عند حضورك، ليقبلك الشهداء، ويُبلّغوك إلى المدينة المقدسة أورشليم. ليستقبلك جوق الملائكة... فلتكن لك الراحة الأبديّة".

 

 

> ابن الأرض المقدسة وكاهن الكنيسة الأورشليمية الأمّ

 

وُلد أبونا أنطون يوم 12 آذار عام 1934 في مدينة يافا لعائلة أصلها من بلدة عابود، من حامولة الفواضلة. أنهى مرحلة الدراسة الإبتدائية في يافا وفي عابود، وفي عام 1949 التحق بالمعهد الإكليريكي البطريركي اللاتيني في بلدة بيت جالا، وقد أرسله آنذاك كاهن رعيّته الأب باسكال أبّوديا Pasquale Appodia)). في شهر تشرين الأول عام 1954 التحق بكلية الفلسفة واللاهوت في الإكليريكيّة الكبرى، وفي شهر تشرين الأول عام 1960 تمّت سيامته شماسًا إنجيليًا، وفي 29 حزيران عام 1961 ارتقى إلى درجة الكهنوت في كنيسة البطريركية بوضع يدي المطران منصور جلاد، الأسقف المساعد لبطريركية اللاتين. بهذا أصبح أوّل كاهن في تاريخ رعية عابود اللاتينية التي تمّ تأسيسها عام 1910.

 

 عابود؟ لربّما لا يعني هذا الاسم شيئًا مميزًا للكثيرين. بالنسبة للبعض الآخر هو اسم قرية صغيرة بعيدة نوعًا ما عن المركز الجغرافي لفلسطين التاريخية (اليوم، تقع على الحدود بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل). غير أن عابود قديمة جدًا، وربما يأتي الاسم من أصل كتابي؛ لقد حافظت المدينة، منذ أقدم العصور، على جماعة مسيحية شيِّدَت في العصور البيزنطية المتأخِّرَة أكثر من سبع كنائس، وهناك نقش على حجر التأسيس باللغة الآرامية الفلسطينية على جدار كنيسة العذراء مريم المسمّاة "العابودية"، وهي كنيسة الرعيّة الأرثوذكسية اليوم في القريّة، كذلك اشتهرَت المخطوطة من القرن الحادي عشر المعروفة بكتاب الأناجيل الأورشليمي والّذي كُتَب بالآراميّة الفلسطينية والعربيّة على يد الراهب الياس العابودي في دير أبو مشعل مقابل عابود، وهي محفوظة اليوم في المكتبة الرسولية الفاتيكانية. إذًا، ينتمي الأب أنطون عودة إلى هذه الجماعة المسيحية العريقة، في تقليدها من الطقس اللاتيني. وهو بالتالي كان تعبيرا بليغا عن حضور وحياة كنيسة أورشليم الأمّ.

 

 

التزامات راعوية وخدمة قضائية ممتازة

 

مارس أبونا أنطون، لعدة سنوات، الخدمة الراعوية كنائب كاهن رعية في الزرقاء الجنوبيّة (1961-1963)، وفي رعية مادبا (1963-1964)، ثم ككاهن رعية في شطنا (1964) وكمساعد في رعية إربد. في عام 1967، خدم كمرشد روحي في "كلية دي لا سال" (لإخوة المدارس المسيحية) المهمّة في عمان، حيث قام بتدريس التعليم المسيحي في الصفوف العليا وكان كاهن رعية لكنيسة في جبل الحسين.

 

السنة 1969 كانت نقطة التحول التي غيرت جذريًا حياته الراعوية. فقد أرسلته البطريركية إلى روما للتخصّص في مجال القانون الكنسي في جامعة اللاتران Latran حيث حصل في شهر حزيران 1971 على الإجازة في القانون الكنسي، وتمّ تعيينه مساعدًا للنائب القضائي في المحكمة الكنسية في القدس، وفي عام 1979 تم تعيينه قاضيًا كامل الصلاحيات. ومنذ ذلك الحين، ولمدة 45 عامًا تقريبًا (حتى 2015)، كانت حياته ستتميّز بخدمة العدالة في مختلف المحاكم الكنسية في القدس، ثم في عمان، وأخيرًا في الناصرة، وعلى مستويات مختلفة، في قضايا الدرجة الأولى، وفي قضايا الاستئناف أيضًا.

 

لقد تميّز أبونا أنطون بتقيّده الصارم بالقانون الكنسي، وبحسّ النزاهة والعدالة بشكل عام. أثارت هذه الصفات الجميلة، المصحوبة بحسّ راعوي قوي، إعجاب الجميع، بمن فيهم رؤساء الكنائس الكاثوليكية الأخرى في القدس. تمّ تفويضه من قبل الكنائس الكاثوليكية الأخرى في القدس بمتابعة قضايا جماعاتهم: كنيسة الروم الكاثوليك الملكيين، وكنيسة الموارنة، وكنيسة الأرمن وكنيسة السريان. في الناصرة، تمّ تكليفه أيضًا من قبل أبرشية الروم الكاثوليك في حيفا بمتابعة قضايا الاستئناف لتلك الكنيسة في الجليل.

 

في العام 1979 تم تعيينه نائبًا قضائيًا للمحكمة الكنسية خلفًا للمونسنيور سليم الصايغ، الّذي تمّ تعيينه، آنذاك، رئيسًا للمعهد الإكليريكي ومن ثم أسقفًا ونائبًا بطريركيًا في مدينة عمان. وفي عام 1988 ولمدة سنوات، كان أبونا أنطون يتنقل في جولات مكوكية أسبوعية تقريبًا بين القدس وعمان، حيث تمّ تكليفه بالأمور القضائية في الأردن. وفي عام 1995 قام بالتنقل بانتظام بين القدس والناصرة لخدمة المحكمة البطريركية في إسرائيل. أولئك الذين يعرفون كنائس الشرق الأوسط، وخاصة كنائس الأرض المقدسة، يتذكّرون أن عمل المحكمة الكنسية التزام شاقّ، يتعامل بشكل عام مع مهمة مزدوجة: المشاكل الزوجيّة وقضايا الميراث، حسب قوانين وتقاليد فلسطين والأردن وإسرائيل وقبرص وباحترام قوانين الكنائس المختلفة.

 

يُجمع الكهنة والمؤمنون على أن أبونا أنطون سار في عمله على مثال السمعة التقليدية الممتازة للمحكمة البطريركية اللاتينية في القدس، والتي جسّدها شخصيات لا يمكن نسيانها: المونسنيور جورج الباتح والمطران حنا كلداني والمطران سليم الصايغ. وأضفى عليها الأب انطون تألّقًا وتقديرًا. يمكننا أن نطبّق، مجازًا، على أبونا أنطون العبارة الشهيرة من المزمور التاسع الموجهة إلى الرب: "أقمت حقّي ودعواي. جلست على الكرسي قاضيًا عادلاً... فهو يقضي للدنيا بالبرّ وبالاستقامة يدين الأمم" (9، 8).

 

 

مسؤول عن خدمة الشباب وعن التزامات مختلفة أخرى

 

في السبعينيات والثمانينيات قبل أبونا أنطون عدّة التزامات راعوية أخرى. فكان مسؤولاً عن الخدمة الراعوية للشبيبة، أي JEC (الشبيبة الطالبة المسيحية) وJOC (الشبيبة العاملة المسيحية والبراعم)، JUC  (الشبيبة العاملة المسيحية) لمدة 17 سنة. في تلك السنوات أيضًا بدأ بتدريس التعليم المسيحي في المدارس الثانوية، في "كلية شميدت للبنات" (لمدة 25 عامًا)، على عهد المديرة هيلين خشرم التي كانت المسئولة السابقة للشبيبة الطالبة المسيحية. ومن عام 1975 كان المرشد الروحي لمزار دير رافات المريمي وللمدرسة الداخلية فيها، وكان يخدم، من وقت إلى آخر، مساعدًا لكنيسة الأرمن الكاثوليك في القدس. وطلب منه البطريرك أن يكون أيضًا عضوًا في "لجنة الحجّ".

 

في غضون ذلك، عمل على إعداد أطروحة الدكتوراه، التي دافع عنها بتقدير "جيّد جدًا" يوم 20 حزيران 1975، تحت عنوان "الأقّليات المسيحية في الأرض المقدسة". وبالتعاون مع رئيس القضاء الجديد في مدينة عمان، الأب غالب بدر، قام بترجمة النصّ الجديد للحقّ القانوني لعام 1983 إلى اللغة العربية. وعمل أيضًا على تجديد كتاب "الأحوال الشخصية للمسيحيين في الأرض المقدسة"، وتعاون في إعادة صياغة بعض الإجراءات الراعوية حول "الخطوط الإرشادية في حالات إساءة التعامل".

 

كما أتيحت له الفرصة السعيدة للاهتمام، فيما يتعلق بالإجراءات الأبرشية والجوانب التي تهم المحكمة الكنسية، بقضية تطويب الأخت الكرمليّة الفلسطينية مريم بواردي، والأخت ماري ألفونسين غطاس، مؤسسة راهبات الوردية المقدسة، واللتين كان سيتمّ اعلان قداستهم في عام 2015؛ وأيضًا الأخ المساعد سمعان سروجي، السالزياني من مدينة الناصرة، الذي كان أصبح بالفعل مُكرمًا، والذي لا زلنا ننتظر معجزة لتطويبه.

 

لقد بذل أبونا أنطون جهدًا كبيرًا في مشروع اخر كان أحد توجّهات السينودس الراعوي للكنائس الكاثوليكية في الأرض المقدسة، مشروع مهمّ بقدر ما كان مثيرا للجدل: توحيد المحاكم الكنسية الكاثوليكية في إسرائيل، والذي أعدّ له أيضًا نصًا تنظيميًّا. ولأسباب خارجة عن إرادته، فإن هذا النصّ وتلك المبادرة، يا للأسف، لم تتمّ الموافقة عليهما وتبنيهما بعد.

 

أتذكّر أن الكثيرين، في ذلك الوقت، كانوا ينتقدون هذا التعدّد الكبير في الالتزامات الراعوية للأب انطون. ومع ذلك، بغضّ النظر عن بعض التفاصيل الجانبية، يمكنني ان اصرّح، بصفتي شاهدًا مباشرًا لتلك الفترة ولتلك الالتزامات، بانّ أبونا أنطون حقّق جوهر مهامه الراعوية بأكملها بطريقة مرضية وناجحة. في ذاكرة الشبيبة المسيحية، على سبيل المثال، اعتُبرت سنوات مسؤولية الأب انطون من بين أكثر السنوات التي لا تُنسى في JEC-JUC-JOC.

 

 

قانوني القبر المقدس وكاهن مثالي

 

في العام 1992 عيّنه البطريرك يعقوب بلتريتي قانونيا للقبر المقدس، ومنذ ذلك الحين كان يرافق البطريرك في مناسبات رسمية مختلفة. في عام 1993 تم تعيينه، من قبل السفارة الرسولية في القدس، كعضو في اللجنة الثنائية لتطبيق "الاتفاقية الأساسية بين الكرسي الرسولي ودولة إسرائيل".

 

في العام 2009، ولدواعي صحية، قدم أبونا أنطون استقالته من المحكمة الكنسية للدرجة الأولى، وفي العام 1915 من محكمة الاستئناف أيضًا.

 

نستنتج الخلاصة التالية من هذه النظرة الشاملة من سيرته: كان الأب أنطون كاهنًا عمل كثيرًا وبشكل جيد، في مختلف جوانب الخدمة الكهنوتية، ولكن قبل كل شيء في إدارة المحاكم الكنسية. لقد عمل كثيرًا وبشكل منظّم، وبكثير من التواضع والبساطة، دون السعي وراء المصالح الشخصية، ودون التطلع إلى المناصب العليا، وبدون التفاخر، وفي كل الأحوال، دون أدنى ظل سلبي في شهادته ككاهن. لقد حافظ على علاقات جيدة مع الجميع، لا سيما مع اخوته الكهنة، الذين لم يجدوا أبدًا سببًا للنزاع أو الخلافات مع أخٍ بمثل طيبته وجدّيته وقلة كلامه وتعاونه وجهوزيته لأي خدمة راعوية.

 

يجب أن تفتخر البطريركية بهذا الكاهن. لقد كان مثاله وسيبقى في المستقبل حافزًا وتشجيعًا للكهنة والإكليريكيين والمؤمنين في تاريخ الجماعة المحليّة. تدين له البطريركية اللاتينية على وجه الخصوص والجماعة المسيحية في الأرض المقدسة عمومًا بالكثير من الامتنان الصادق، لذلك نقول له معًا: "شكرًا جزيلاً لك، عزيزنا أبونا أنطون، على كل ما فعلته، وكيف فعلته، وعلى ما كنت عليه من شهادة كهنوتية رائعة"!

 

كانت السنوات الأخيرة، لاسيما آخر خمس منها، فترة تقاعد وراحة مُستحقّة وقد قضاها أبونا أنطون في دار البطريركية في الصلاة، والقراءة، وفي مشاركة الحياة الجماعية البسيطة، معطيًا دائمًا مثالًا رائعًا على الصفاء الداخلي والطيبة. حتى في وقت تقاعده ومرضه لم يكن يفتقر إلى بعض الاهتمامات البسيطة والمفيدة. فقد عمل، على سبيل المثال، في بحث عن كل ما يمكن أن يكون له علاقة ببلدته الحبيبة عابود (التاريخ المسيحي، كنائسها القديمة). لقد ظل مرتبطًا جدًا ببلدته الأصليّة، التي كان يسعد بزيارتها بين حين وآخر وبالزيارات المتبادلة مع الأصدقاء ودون التسبب في إزعاج أي كان.

 

 

مُشارك في آلام المسيح

 

يؤكّد التقليد المسيحي أن "الكاهن هو مسيح آخر"، وفي آلامه المحتملة، هو مشارك أيضًا في آلام المسيح، مثله مثل جميع المسيحيين. في الأسابيع الأخيرة، وكنزيل في مستشفى سان لويس في القدس، يمكننا القول إن أبونا أنطون شارك، مع تضاعف الأمراض المختلفة، في آلام يسوع المسيح، وتحمّل الآلام بصبر وهدوء، مع انتظامه في الصلاة، معطيًا الجميع دائمًا شهادة عميقة ومؤثرة عن طيبة قلبه وروح الدعابة، وعن رجل قوي وعن خضوع كهنوتي لمشيئة الرب.

 

يمكننا تطبيق على الأب انطون عبارات بولس الرسول إلى تلميذه تيموتاوس: "هاءنذا أقدّم قربانا للرب، فقد اقترب وقت رحيلي. جاهدت جهادا حسنا وأتممت شوطي وحافظت على الإيمان، وقد أعدّ لي إكليل البرّ الذي يجزيني به الرب الديّان العادل في ذلك اليوم، لا وحدي، بل جميع الذين اشتاقوا ظهوره" (2 تيموثاوس 4، 6-8).

 

 

واجب المحافظة على إرثه الإنساني والكهنوتي والمهني

 

لم يتمكّن الكثير من المؤمنين، وخاصة سكّان بلدته، من الوصول إلى القدس اليوم للوداع الختامي للأب أنطون، كما كانوا يودّون. لم يتمكنّ من الحصول على تصريح الحضور للصلاة عليه هنا في القدس سوى عدد قليل من أبناء العمّ والأقارب المقرّبين.

 

في الأيام والأسابيع القادمة، من المؤكد أنه سوف تتمّ الصلوات والاحتفال بالقداديس الإلهية لراحة نفسه في بلدته وفي الرعايا التي خدم أبونا أنطون فيها. ولكن، في المستقبل، وعندما تنتهي فترة الوباء، في جميع مناطق البطريركية، سيكون من قبيل الواجب تنظيم حفلات تأبين تذكارية لإحياء ذكرى الفقيد العزيز، وتسلّم الإرث الإنساني والمسيحي والكهنوتي والمهني الثمين والوافر الذي تركه لنا الأب القانوني أنطون، كي نعيشه من جديد وننقله الى المستقبل.

 

والآن، نكرّر بامتنان المزمور 112 الذي يمكن تطبيقه حقًا على رجل كرّس حياته كلها تقريبًا من أجل العدالة: "طوبى للرجل الذي يتقي الرب ويهوى وصاياه جدًا. جيل المستقيمين مبارك وبره يدوم للأبد... يدبّر بالحقّ أموره، لأنه لن يتزعزع للأبد وذكر البارّ يكون للأبد.. وقوته تزداد مجدًا" (112. 1 و5-6 و9).