موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٣٠ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٠
المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن يقدّم رسالة السلام للعام الجديد 2021
بعنوان: ثقافة الرعاية، مسار السلام

أبونا :

 

قدّم المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن رسالة قداسة البابا فرنسيس بمناسبة يوم السلام العالمي الـ54، الذي يُحتفل به في الأول من كانون الثاني،  وقد حملت الرسالة البابويّة للعام الجديد 2021 عنوان: "ثقافة الرعاية كمسيرة للسلام".

 

وقال المدير العام للمركز الكاثوليكي الأب د. رفعت بدر، في بيان صدر اليوم عن المركز الكاثوليكي، إنّ رسالة الحبر الأعظم ليوم السلام العالمي 2021، تُشدّد على أنّ ثقافة الرعاية تُشكّل وسيلة مميزة لبناء السلام. ولا يمكن الوصول إلى هذه الغاية الإنسانيّة النبيلة إلا عندما تكون ثقافة الرعاية التزامًا مشتركًا وتشاركيًا من أجل حماية وتعزيز كرامة الإنسان وخيره، واستعدادًا للاهتمام والتنبّه والتضامن والاحترام والقبول المتبادل، بدلاً من ثقافة اللامبالاة والتهميش والنزاع التي غالبًا ما تسود عقلية عالم اليوم.

 

وترسم الرسالة البابويّة صورة لما عاشته الأسرة البشرية عام 2020، حيث طُبع بالأزمة الصحية لفيروس كورونا، وأدّت إلى تفاقم أزمات مترابطة، كأزمات المناخ والغذاء والأزمات الاقتصادية والهجرة، في وقت وجدت البشرية نفسها، أمام أمواج عاصفة الجائحة المتلاطمة، أنها على متن المركب أو القارب نفسه، تسعى لبلوغ ميناء الهدوء والطمأنينة. كما أدركت أنّ الجميع هو مهم وضروري، وأن علينا التجذيف معًا، لأن لا أحد يستطيع أن يخلص بمفرده، وتحتاج الدولة الواحدة تضامنا مع غيرها من أجل تأمين الخير العام لمواطنيها.

 

وقال الأب بدر إنّ الرسالة توضح بأنه يمكن لدفّة كرامة الشخص البشري وبوصلة المبادئ الإجتماعية الأساسية أن تسمحا لنا بالإبحار في مسار آمن ومشترك؛ فمفهوم الشخص يعني دومًا علاقة لا روحًا فردانية، وهو مخلوق ليعيش ضمن العائلة والجماعة والمجتمع، حيث كل الأفراد متساوون في الكرامة التي تتأتى منها الحقوق الإنسانية. كما أنّ الواجبات تقتضي مسؤولية قبول ومساعدة الفقراء والمرضى والمهمشين. فالتضامن ليس عبارة عن شعور مبهم، إنما محبة ملموسة وإصرار حازم والتزام مثابر لصالح الخير العام. من هنا، يساعدنا التضامن على رؤية الآخرين –أكانوا أشخاصًا أم شعوبًا أم أوطانًا– ليس كمجرد معطيات إحصائية، أو كأداة تُستغل وتُطرح جانبًا عندما تفقد منفعتها، بل كأشخاص قريبين، كرفاق الدرب.

 

وتدعو الرسالة المسؤولين إلى رسم وجهة مشتركة تقود البشرية نحو وجهة إنسانيّة حقّة. ولا يتمّ ذلك إلا من خلال بوصلة مبادىء اجتماعية، تسمح بتثمين قيمة كل شخص وكرامته، وبالتضامن والتعاضد معًا من أجل الخير العام، منتشلين الأشخاص الذين يعانون من الفقر والمرض والعبودية والتمييز والنزاعات، وبالتالي يصبح الجميع، ما أسماه قداسته: "شهودًا لثقافة الرعاية والاعتناء".

 

وتشدد الرسالة الجديدة  على أنّ تعزيز ثقافة العناية تتطلّب عملية تربوية، تولد أولاً في العائلة، حيث يتربى الشخص في النواة الأساسية للمجتمع، أن يعيش في علاقة وفي احترام متبادل. وهنالك أيضًا الفاعلون الآخرون في ميادين التعليم والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. كما يمكن للأديان عامة، وللقادة الدينيين بشكل خاص، أن يلعبوا دورًا لا غنى عنه في نقل قيم التضامن، واحترام الاختلافات، والاستقبال والعناية بالأخوة الأكثر هشاشة.

 

ويذكّر البابا فرنسيس في رسالته أيضًا بأهمية احترام القانون الإنساني، خصوصًا في المناطق حيث تتواصل الصراعات والحروب بدون انقطاع. فرغم أن مسببات الصراع كثيرة، لكن النتيجة واحدة: الدمار والأزمة الإنسانية. من هنا يشير قداسته إلى خطوة شجاعة تتمثل في استخدام الأموال التي تُنفق على الأسلحة من أجل إنشاء "صندوق عالمي" يكون كفيلا لتعزيز الأمن والسلام والتنمية البشرية المتكاملة، ومكافحة الفقر والجوع، وتلبية الاحتياجات الصحية، والتبدلات المناخية.

 

وقال الأب بدر، اننا ونحن على أعتاب السنة الميلاديّة الجديدة 2021 وهي سنة الاحتفال بمئوية الدولة الأردنية العتيدة، لنحيي كل الجهود التي بذلت في وطننا الأردني الحبيب، من أجل التخفيف عن آلام المواطنين في السنة الماضية وأوجاعهم وجروحاتهم. ونحيي أسرتنا الأردنية الواحدة، بقيادة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، وسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، وكل من يعمل معهما من أجل خير البلد ومصلحتنا الوطنية وصحة الانسان وكرامته المقدّسة. ونحيي الجيش والأمن بكافة مرتباتهم، ونصلي من أجل أرواح الضحايا بل الشهداء الذين غادروا هذه الحياة بسبب مرض الكورونا، وبالأخص من الأطباء والممرضين الذين وضعوا نفوسهم في المصاف الأول للدفاع عن حياة المواطنين. ونصلي من أجل العائلات المتألمة والمتضررة، ومن أجل الفقراء والعاطلين عن العمل والمتضررين أكثر من غيرهم في هذه السنة العصيبة. ونصلي من أجل المسنين ومن أجل البيوت الحزينة والكئيبة اذ فقدت عزيزًا من بينها، ولم تتمكن من القاء نظرة الوداع عليه، ونصلي من أجل المصابين ومن يسعفونهم، ومن أجل الخائفين واليائسين والأطفال وكذلك الشباب المقبلين على الزواج وتأسيس بيت كريم.

 

وختم بيان المركز الكاثوليكي بالقول: لقد تعلمنا في خضم هذه الأحداث أهميّة العناية بعضنا ببعض، وأهميّة قيم التضامن والتكاتف والعمل معًا من أجل الخير العام، والتي برزت في جهود مؤسسات الدولة مجتمعة، حكومية وأمنيّة وصحيّة واجتماعية، التي بذلت قصارى جهدها، وما تزال تفعل ذلك بتضحيات عظيمة لدرجة أن بعضهم قد قدّم أرواحهم فداءً من أجل التخفيف من معاناة المرضى أو لإنقاذ حياتهم. وأمل المركز الكاثوليكي أن يحمل العام الجديد بارقة أمل ورجاء في أن تتمكن الأسرة البشرية من تخطي هذه الأزمة العالميّة وقد تقدّمت خطوات على الدرب نحو عالمٍ أكثر أخوّة وعدالة وسلام بين الأفراد والجماعات والشعوب والدول.